|
مجموعة قصصية / الجمل الإنجليزي
سليم النجار
الحوار المتمدن-العدد: 7753 - 2023 / 10 / 3 - 20:02
المحور:
الادب والفن
الجمل الإنجليزيّ مجموعة قصصية للقاص نبيل عبد الكريم عزلة القص سليم النجار بين العزلة والقص، بين الأدب والنقد، بين المقال وأطياف السيرة الذاتية، يسافر قلم القاص نبيل عبد الكريم في مجموعته القصصية "الجمل الإنجليزيّ" الصادرة عن الأهلية ٢٠٢٠ - عمان، هذه المجموعة التي لا تخلو من طرافة، ولا تنقصها المرجعية الاجتماعية اللغوية الموثّقة، تنقلك أحيانًا إلى أجواء عالم قد تتعرّف عليه لأول مرّة.
يكتب عبدالكريم قصته بناء قواعد السرد التقليد، من اعتناء منتظم في عناصر الحبكة السردية، وقلة المفارقات الزمنية مع إثارة موضوعات تتعلّق بالقيم، حيث نلمس هذه القواعد بجلاء في قصة "الجمل الإنجليزي"، "إنْ صحّ أنّ النفس البشرية تشبه البحر في اتساعه وعمقه، فلا بدّ من أن تدفع أشياء مما في أعماقها لتطفو على السطح وفقًا لقوانيها الطبيعية الغامضة".
نبيل عبد الكريم في قصته "أسماء حركية" يقص: "غريب! ما كنت معكم في الفترة اللي فيها كان مشعل منتمي، بس بعرف إنه كان قيادي في الحزب، ومناضل شرس، مش هيك؟ شو رأيك فيه؟ أنتي عرفتيه فترة طويلة"، رغم تجنّب عبد الكريم الثرثرة في قصته، غير أنّ فن القص ليس كالدراما التلفزيونيَّة والسينمائيَّة التي تسعى لترويج الأفكار والقيم والمفاهيم الي تُسطِّح الوعي وتستخرف المتفرجين، فالقصة في جميع حالاتها تميل للعزلة والوحدة والهامشية لتلتقط اللحظة الفارقة، وتكتب نفسها بنفسها، فهي تأتي للكاتب وهو ماشٍ أو نائم أو صاحٍ، وتنزل عليه كالإلهام، فيجد نفسه عندئذ يدندن بها على غير علم منه، وما عليه إلّا أن يسجّلها بسرعة على الورق قبل أن تتبخّر وتضيع، وهناك قول لإحسان عباس أبدى بعض الشكوك فيه فيما يخص هذه النقطة واعتبرها إحدى المبالغات.
ولعل قصة "عائلة" خير نموذج على السرد الطويل الذي يتجاوز أربع عشرة صفحة، حيث جاءت خاتمتها على الشكل الآتي: "حذاء أبيه ملمّع، وقمصانه مكويّة، المطبخ نظيف، والسجادة خالية من البقع وكتل الشعر وفتات الطعام، والحمام خالٍ من الأوساخ ورائحته معطّرة، والسرير في حجرة النوم مرتب، وكذلك أدوات الزينة في خزانة الأم، الجنديّان المطيعان يقفان منهكين أمام عاصم وينتظران الأمر -بشوفكم الأسبوع الجاي، قال وهو يهزّ مقود البلاي ستيشن". إنّ مفهوم القصر هذا، قد شكّل موضوعًا للبحث والمناقشة، وقد لوحظ قبل النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي، خلو المعجم السردي من أي تعريف محدّد لفن القصة القصيرة، حتى أعلن موباسان في النصف الثاني من نفس القرن عن اكتشافه بأن الحياة لحظات عابرة قصيرة ومنفصلة لا يصلح لها سوى القصة القصيرة، فكانت بالفعل لونًا من ألوان الأدب الحديث، باتت تسميتها متعدّدة، حيث نجد أن عددًا كبيرًا من الدارسين لا يزال يتذبذب بين مصطلحي الأقصوصة والقصة القصيرة.
أمّا قصة "القرينة"، اتّخذت في جزء منها منحى قائمًا على التأمل ونابعًا من التجربة الحياتية للقاص، إنْ جاز لنا وصف "التجربة الحياتية"، "تموء بصوت منخفض، فيفتح أحمد عينيه ويعانقها، فتنزل بقائمتيها الأماميتين فوق صدره، وتلعق رقبته، وتسترخي في حضنه، اهرب، تصيح سميرة، يسمعها أحمد لكنه يحمل قطته ويطير" هذه القصة لا تحمل أي شكل مخادع أو مرواغ من أشكال الفن، بل هي قصة تحمل في طياتها سرد طويل لا يدفع المتلقي إلى التأويل، خاصة إذا ما قلنا أن عنصر القصر هو حقيقة فهم القاص للحياة المتسارعة التي يعيشها في العصر الحديث، كما يحدث في الأزمات، حيث طبيعة الحياة وطبيعة المشاكل الحياتية نفسها لا تجيء إلّا على صورتها المتسارعة، والتي تبدأ صاعدة ثم محلّقة، وسرعان ما تنحدر متهاوية نحو النهاية، ولهذا يأتي تعبير القاص عن هذا الفهم بسرد يتميّز بحركة الحبكة القصصية، لتبلغ بداية تجمُّع العاصفة، ويتلو ذلك اشتداد وطأتها وتأزّمها حتى تبلغ الذروة، ثم تنحدر قاطعة الطريق في سرعة متناقصة، لتصل بعد ذلك إلى مستقرّها. إنّ كل ما ذكرته عن هذه المجموعة القصصية لا يعني أنّ قص نبيل عبد الكريم عمل فارغ هلامي لا يحمل مضمونًا أو همًا، على العكس تمامًا، بل هو عمل يحمل همًّا إنسانيًا، يستلهم من الحدث وشخصياته القصصية بُعدًا نقديًا للمجتمع التقليدي، ويَقُص أظافره الطويلة ليخرج من الأفكار الضيقة المحدودة، ويقدم قصًّا سِمته الصبر على الحال الذي وصلنا له، لهذا جاءت مجموعته القصصية بعنوان "الجمل الإنجليزيّ"، عنوان متسق مع روح القصة، ليشكِّل لدينا السؤال الجدلي الذي يمكن صياغته على الشكل الآتي: هل نحن أمام قصص قصيرة أم رواية غير مكتملة؟
#سليم_النجار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رواية فارس وبيسان
-
حياة أخرى للنساء وروايتان قصيرتان
-
رواية شجرة العروس
-
يتيم أسرة تشاو
-
رواية همسات من خلف الأسوار
-
جريدة الطبل الفلسطينية كابوش في جوف الهاوية
-
معبد الغريب
-
حكايات لياوتشاي
-
الطبل أول مجلة ساخرة في فلسطين
-
رواية أين أنت يا أبي
-
أوراق اقتصادية على طريق الحرير
-
مجموعة قصصية النساء لا يفعلن ذلك
-
أنا لدي حلم
-
سيرة الشعب أساس الطموحات
-
قراءة في كتاب فيروز
-
في وداع محمد أبو حلتم
-
رواية المرافعة للأسير حسام الديك
-
حماس في فلسطين
-
صورة حماس_الإخوان في غزة _
-
نافذة هروب
المزيد.....
-
-يلا غزة-.. فيلم يروي صمود وأحلام الفلسطينيين رغم الحصار وا
...
-
القاص سعيد عبد الموجود فى رحاب نادى أدب قصر ثقافة كفر الزيات
...
-
مهاتير: طوفان الأقصى نسف الرواية الإسرائيلية وجدد وعي الأمة
...
-
باللغة العربية.. تعليق -هزلي- من جيرونا على تصدي حارسه لثلاث
...
-
ميكروفون في وجه مأساة.. فيلم يوثق التحول الصوتي في غزة
-
عبد اللطيف الواصل: تجربة الزائر أساس نجاح معرض الرياض للكتاب
...
-
أرقام قياسية في أول معرض دولي للكتاب في الموصل
-
” أفلام كارتون لا مثيل لها” استقبل تردد قناة MBC 3 على الناي
...
-
جواهر بنت عبدالله القاسمي: -الشارقة السينمائي- مساحة تعليمية
...
-
لم تحضر ولم تعتذر.. منة شلبي تربك مهرجان الإسكندرية السينمائ
...
المزيد.....
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال
...
/ مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
-
المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر
...
/ أحمد محمد الشريف
-
مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية
/ أكد الجبوري
-
هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ
/ آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
-
توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ
/ وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
-
مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي
...
/ د. ياسر جابر الجمال
-
الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال
...
/ إيـــمـــان جــبــــــارى
-
ظروف استثنائية
/ عبد الباقي يوسف
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل
...
/ رانيا سحنون - بسمة زريق
المزيد.....
|