أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليم النجار - رواية فارس وبيسان















المزيد.....

رواية فارس وبيسان


سليم النجار

الحوار المتمدن-العدد: 7746 - 2023 / 9 / 26 - 13:57
المحور: الادب والفن
    


رواية
فارس وبيسان
للأسير ثائر كايد حماد
معارج الصعود في زمن الرواية الفلسطينية الأسيرة
سليم النجار
لا بد من التطرّق إلى بعض النقاط الهامة التي تحيط بفن الرواية، ذلك الفن الشائق الذي يعتمد على أكثر من حدث في زمكانات مختلفة، فالرواية التقليدية تعتمد على الطابع السياسي والتجريبي، أما الرواية الأيديولوجية الفكرية ذات الطابع المتنامي مع الحدث في الزمان والمكان نفسه، فإنها تخلق من رحم الرواية مخاضًا بيوجرافيًا يجعلنا نقرأ الاتجاه الفكري للروائي لنتعرف إلى صناعته الفكرية المشغولة من ذهنه.
غير أن رواية فارس وبيسان للأسير ثائر كايد حماد تقدّم نصًا سرديًا يتجاوز الحالتين اللتين تم ذكرهما قبل قليل، حيث يعتمد الكاتب على رصد الحالات الإنسانية للأسرى القابعين في المعتقلات الإسرائيلية، كأنه معني بالبحث عن النقاط الفارقة في الحياة الاجتماعية للفلسطينيين داخل السجون، لذلك يشعر القارئ أنه أمام رؤية خاصة لرواية فارس وبيسان، حيث تقدّم صورًا تمثيلية تكشف معاناة الأسير الفلسطيني.
يبدأ الراوي بإثارة إشكال مهم قائلًا: هكذا سمع فارس تلك العجوز تحكي قائلة: كنّا جيران فلان، والحيط على الحيط، والباب على الباب، كانت الحياة في ذلك الزمن تسود فيها المحبة والوئام في أرض الديانات والرسالات، مهد المسيح ومسرى الرسول صلى الله عليه وسلم، في أرض فلسطين كانت حياتنا كلّها تعاون ومحبة
يحاول الروائي إثارة سؤال في المشهد التمثيلي، هل هناك فعلًا هوية فلسطينية صرفة من خلال سرد حكايات بلا حدود باتجاه رواية مختلفة؟ لذا يبقى الإشكال سؤال مؤجل الإجابة..
تعددت الصيغ التي وظّفها الكاتب في النص،
حيث لجأ إلى تصوير السّجان وممارسته في رسم حياة الأسير الفلسطيني ضمن منظومته الفكرية التي يعتبرها رمزاً للحفاظ على أمنه، فالسجن هو المدماك الأول في طريقة التعاطي مع الأسرى.
"تأمل فارس السّاحة، فرآها تشبه الصندوق، وسقفها محكم بالشبك الحديدي، لا يدخل منه عصفور"
هذا الوصف الإخباري والتقريري لجأ له ثائر لتمرير فكرة محددة للمتلقي وهي أن الإسرائيلي لا يعيش إلّا على حجز حرية الفلسطيني واغتيال آدميته، وهذه الفكرة المقصودة تتجلى صورها بتأويل للمرسل -اعتماد ما هو مقصود-
لذا يتعلق الأمر بالمعنى الذي يتبادر إلى ذهن المرسَل إليه لمجرد تلقي الخطاب مباشرة، وإن كان المقصود لدى الراوي مناقشة هذا الخطاب، لا تقديمه على أنه مسلّم به.
إنّ المعنى في هذا المستوى يكون مطابقًا لحرفية الملفوظ -الخطاب- ،  ويتحاور مع الجملة الروائية كلفظ تمثيلي..
"دخل فارس المرحلة الأهم في حياته وحياة السجن، بعد أن أدرك البعد الوطني والتاريخي لقضيته"
وهنا يلزم بعض التوضيح، إذ علينا التفريق بين معنى الجملة ومعنى المفلوظ ومعنى التلفّظ، فهذه ثلاثة مستويات، والمقصود منها هنا بالمعنى المباشر، هو المستوى الثاني، حيث يتعلق المعنى بالملفوظ، ويتعلق بالاستعمال المباشر، على خلاف تعلّق المعنى بالتلفظ، وهو المستوى الثالث، أما المستوى الأول فيتعلق المعنى بالجملة الروائية. ولتوضيح هذه الفكرة، وظّف ثائر بالسرد ملفوظين: الوطني والتاريخي
إن الخاصية الأساسية للتوظيف في هذا المستوى، هي للدلالة على أهمية التاريخ في الصورة الروائية بمضمونها، وذلك للكشف عن تفاصيل الموقف الاستعماري الإحلالي، وهذا المنحى الوصفي الطاغي في الرواية، هو خاصية أسلوبية تجد حضورها في السرد ما بعد الاستعماري المعني في تجريده من أي بعد تنويري للأحداث التاريخية والتعاطي مع الأحداث بشكل انتقائي، وهذا الاستهداف للتاريخ العربي مطروق من قِبل أدباء عرب، وذلك كما فعل الشاعر والكاتب الكبير أدونيس في كتابة الموسوم "كتاب"، عندما رثى الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان بهذه الكلمات:
"ابن مروان
يسلم أنفاسه للهباء،
كم زها كم تفنّى
شربت الدماء"
فهذا الاقتران من الانتقائية لحدث تاريخي محدد بعينه جاء لخدمة فكرة الكاتب، والتي مفادها أن التاريخ العربي عبارة عن أحداث دموية، وهذه الإحالة للفظ "التاريخ" في النص الأدبي لا يمكن قراءتها إلّا على أنها خطاب فئوي ومذهبي، وإن كان خطابًا عاديًا عند بعض الشرائح الاجتماعية العربية، ففي مثل ظروف التخلف التي تعيش فيها شعوبنا، فإنه خطاب لافت، بل ومستنكَر من أديب عربي عمل أستاذًا للأدب العربي في جامعات فرنسا وبلجيكيا وسويسرا.
وهنا لا أسعى للمقارنة بين نصين، بل أقصد توضيح فكرة توظيف لفظ "التاريخ" وتمثيله في النص الأدبي، وتقديم الأحداث التاريخية على أنها استمرار للماضي حسب كاتب النص، وامتداد لما نعيشه حاضرًا، والتاريخ الذي تستعيده رواية فارس وبيسان قائم على شكل تعبيري يستند إلى الواقع العربي في سرد الوقائع ونسجها على شكل صورة مشهد تمثيلي روائي، على عكس المؤرخ الذي يقوم برحلة استكشاف، فهو ليس ببريء، حيث أنه يمثّل فضاء لرحلة استكشافية حسب رؤيته!كما استطاع ثائر حماد ربط التاريخ بالزمن الحاضر
"مرَّ على اعتقال فارس تسع سنوات، وقد تم نقله إلى سجن آخر يطلق عليه اسم سجن هداريم، وفي ذلك السجن استطاع التواصل الهاتفي عبر المحمول المهرب مع العالم الخارجي"
وبهذا المعنى، تكون رواية فارس وبيسان أداة إدارك لدى المتلقي لمشاهدة الحياة الإنسانية التي يعيشها الأسرى "كان فارس قد تعرّف على بعض الأسرى المعزولين أثناء عملية التنقل بين السجون السبع وعسقلان، واستمع بانتباه لأحاديثهم عن ظروفهم، واكتشف بأن هناك أسرى معزولين لهم أكثر من عشرة أعوام لأسباب مختلفة، حسب ادعاءات الاحتلال"
وهكذا، وعلى إثر ما عفا من القول، سارت تجربة الكاتب ثائر كايد حماد في روايته فارس وبيسان محاولةً البحث عن صور روائية لمعاناة الأسير الفلسطيني في المعتقلات الإسرائيلية.
وأخيرًا، لا يمكن أن تبقى رواية في تراث الأمة إن لم تحمل هذه الرواية روح الأمة وصبواتها وأحلامها وآمالها في التحرر والتقدم، وهكذا كانت رواية فارس وبيسان.
الهوامش:
١ رواية فارس وبيسان/دار الفنيق للنشر والتوزيع عمان ٢٠٢١
٢ ثائر حماد، أسير فلسطيني، محكوم ب١١ مؤبد، عندما حُكم عليه كان في حدود العشرين من عمره، حصل على الشهادة الثانوية العامة والجامعية في المعتقل.
٣ مصدر سبق ذكره في "١" ص١١
-٤ مصدر سبق ذكره في "١" ص٦٦
-٥ مجلة الفكر العربي المعاصر، تصدر عن مركز الإنماء القومي في بيروت/ باريس، خريف/ ٢٠٠٩، السنة التاسعة والعشرون، في تداوليات التأويل، عبدالسلام اسماعيلي علوي ص١١٧
٦ مصدر سبق ذكره في "٥" ص١٠٦
٧ مصدر سبق ذكره في "١" ص١٢١
٨ مصدر سبق ذكره في "١" ص١٢١
٩ إبداع، مجلة الأدب والفن، القاهرة، العدد السابع ١٩٩٦  جهاد فاضل، كتاب/ أدونيس ص٣٦
١٠ مصدر سبق ذكره في "٩" ص٤٢
١١ قضايا الرواية العربية الجديدة الوجود والحدود، سلسلة السرد العربي دار رؤية القاهرة  ٢٠١٠ ص٢١٣
١٢ بول ريكور الذات عينها كآخر، وتقديم وتعليق جورج زيناتي، المنظمة العربية للترجمة بيروت ٢٠٠٥
١٣ مصدر سبق ذكره في "١" ص٩٨
١٤ مصدر سبق ذكره في "١" ص٩٨



#سليم_النجار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حياة أخرى للنساء وروايتان قصيرتان
- رواية شجرة العروس
- يتيم أسرة تشاو
- رواية همسات من خلف الأسوار
- جريدة الطبل الفلسطينية كابوش في جوف الهاوية
- معبد الغريب
- حكايات لياوتشاي
- الطبل أول مجلة ساخرة في فلسطين
- رواية أين أنت يا أبي
- أوراق اقتصادية على طريق الحرير
- مجموعة قصصية النساء لا يفعلن ذلك
- أنا لدي حلم
- سيرة الشعب أساس الطموحات
- قراءة في كتاب فيروز
- في وداع محمد أبو حلتم
- رواية المرافعة للأسير حسام الديك
- حماس في فلسطين
- صورة حماس_الإخوان في غزة _
- نافذة هروب
- الكتابة ضد النسيان


المزيد.....




- فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي ...
- ما حقيقة اعتماد اللغة العربية في السنغال كلغة رسمية؟ ترندينغ ...
- بعد مسرحية -مذكرات- صدام.. من الذي يحرك إبنة الطاغية؟
- -أربعة الآف عام من التربية والتعليم-.. فلسطين إرث تربوي وتعل ...
- طنجة تستضيف الاحتفال العالمي باليوم الدولي لموسيقى الجاز 20 ...
- -لم أقتل زوجي-.. مسرحية مستوحاة من الأساطير الصينية تعرض في ...
- المؤسس عثمان الموسم 5.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 158 باللغة ...
- تردد قناة تنة ورنة الجديد 2024 على النايل سات وتابع أفلام ال ...
- وفاة الكاتب والمخرج الأميركي بول أوستر صاحب -ثلاثية نيويورك- ...
- “عيد الرّعاة” بجبل سمامة: الثقافة آليّة فعّالة في مواجهة الإ ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليم النجار - رواية فارس وبيسان