أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليم النجار - يتيم أسرة تشاو














المزيد.....

يتيم أسرة تشاو


سليم النجار

الحوار المتمدن-العدد: 7722 - 2023 / 9 / 2 - 18:52
المحور: الادب والفن
    


جي جو نشيانغ
إعداد: وانغ غووتشِن
ترجمة: فادي أبو ديب
إصدار دار فضاءات للنشر والتوزيع-عمان-٢٠٢١
حكايات الظلم
قراءة سليم النجار

لا يكتفي الكاتب الصيني جي نشيانغ بتفاعل الأنواع الأدبية في حكايته "يتيم أسرة تشاو"، بل يُدخِل أنواعًا من الفنون الجميلة والفنون القولية، يُدخِل فنون المشاهدة، والسماع، والقراءات المختلفة، والأداء الراقص، وتسريع الإيقاع الذي يتّبعه المختلفون بميلاد الثورة على الظلم، والحوارات عبر الجغرافية الاجتماعية الصينية، كل ذلك يسرّع من إيقاع الحكاية الرئيسية، واستخدام الطبيعة التي اخترقت البناء السردي، وتحريك الكتلة الاجتماعية في الفراغ، واستخدام حكايا الفلّاحين في انسجامها أو تنافرها، وهي من سمات الفن التشكيلي، لا يتركنا الكاتب نبحث في هذه الحكايات محمكة الصنع، بل يمد لنا يد المساعدة بفصول كتابه التي تمثّل علامات إرشادية.
حدود النوع الأدبي لعبة لا يجيدها إلّا من يعشق المغامرة الإبداعية، فهو يراهن على حكايته المتنوعة، وعلى قرّائِه، وجي جو نشيانغ وسرده عن التحوّلات، والتي ظهرت على النوع السردي الذي لا يعتد بثنائية الكلام المنظوم/ المنثور، حيث أخذ سرده من الموسيقى الهارموني، ومن السينما الاسترجاع والمونتاج، ومن الفنون التشكيلية الرسم والتجسيد والتبقيع والكولاج، وكما يقول رينيه وإرين أوستين: "صلة الأدب بالفنون الجميلة والموسيقى متعددة الأشكال، شديدة التعقيد"، فالشعر يستمد الوحي أحيانًا من الرسم أو النحت أو الموسيقى.
ويرى جي نشيانغ أن الحكايات لا تقوم على عبارات، أو جمل تعطي معنى ما، إنّما هو سجال بين المفاهيم والأجناس المختلفة، "خلال الدويلات المتناحرة اعتلى الدوق عرش دولة جن في سن الطفولة، وحين بلغ سن الرجولة نهب الناس بلا رحمة واعتبر حياتهم بلا أي قيمة"، فالنص عند جي يتألف من تشعّب وتداخل ثقافات مختلفة، تُنظّم داخل سرد، تتفق فيما بينها أو تختلف بحسب رؤية الكاتب، "وفي يوم ربيعيّ جميل، قاد تشاو دن كعادته مجموعة من مرؤوسيه إلى خارج المدينة لتشجيع المزارعين خلال عملهم في حراثة الأرض".
نادى جي صراحة في حكاياته بإلغاء الحدود الموجودة بين الأجناس الأدبية، وتعويض الأثر الأدبي بالكتابة، فالنص يتحكم فيه مبدأ التناص واستنساخ الأقوال وإعادة الأفكار، "فصاحت وهي تدفع رفيقها عنها محاولةً الوصول إلى ضفّة البركة: أكاد أموت من هذا الزمهير! ، وحالما وضعت يديها على الممرّ الحجري الذي يحيط ببركة الماء تغيّر مزاج الدوق لينغ وتحوّل إلى مزاج بذيء، فقد سحب سكّينه وقطع يديها مجبرًا إيّاها على الانزلاق نحو مياه أخرى وهي تصارع الغرق بكل ما تستطيع من قوة فيما كانت بقعة مشؤومة تحوّل المياه الصافية إلى الأحمر القاتم"
إنّ تعدّد المشاهد السردية الإحالية التي رسمها الكاتب جي، تُظهِر بشاعة الظلم، وبالتالي لا داع للحديث عن الجنس الأدبي ونقائه وصفاته، الكتابة هي خلخلة لمعيار التجنيس وترتيب أنواع السرد وتصنيف الأنماط القولية، فسعي الكاتب لتكريس مشهد سينمائي قاسٍ تخلّله مونتاج يُظهر بشاعة الظلم.
لعلّي أميل إلى القول أن الرواية تتخذ لنفسها ألف وجه، وترتدي في هيئتها الفريدة، وتتشكّل أمام القارئ تحت ألف شكل، مما يعسّر تعريفها تعريفًا جامعًا مانعًا، وكذلك تشترك الرواية مع الأجناس الأخرى، وفي ظنّي، إنّ الرواية هي عمل حر، و "يتيم أسرة تشاو" ليست بعيدة عن هذه المفاهيم، خاصة أنّها من التراث السردي الصيني القديم، بما فيه من رحلات، وحكايات عجائبية، "نظر غونغسُن تشوجيو إلى القمر الذي تضاءل ليصير محاقاً، وحين كان واقفًا غارقًا في أفكاره، غاب القمر وأَفلَت النجوم، وتجمّع ندى الصباح على ملابسه، عندما فقط استدار وسار متثاقلًا ووحيدًا في طريق العودة إلى كوخه".
كما أنّ رواية "يتيم أسرة تشاو" لجأت لتقنية الأحاجي، والأخبار، والأمثال، والسيولة الزمنية، متمثلّةً في التأرجح بين الماضي البعيد والآني، "أمّا الصورة الأخيرة، فقد أظهرت عدة مئات من الجثث لرجالٍ ونساء، شيبًا وشابات، وهم يضطجعون في بركٍ من الدماء في فناء قصرٍ كبير، ويبدو أنّهم جميعًا قد قُتِلوا في الوقت عينه"
في رواية "يتيم أسرة تشاو" يقتحمك الكاتب من البداية، ليزعزع إيمانك بأن ما يكتبه ليس رواية، إنّما هي فرحة شعبية، وفن حكواتي، واحتفالات شعبية، "في ذلك المتنزّه كانت تترقرق الجداول الصافية كالبلّور وتنتشر المرّات الظليلة حول القاعات والشرفات والمظلات الباذخة، جُلبت النباتات الغريبة والنادرة من كل أنحاء جِن وزُرِعت في المتنزّه بحيث كانت الأشجار البديعة تبقى مزهرةً طيلة العام لتتنسّم المروج الغنّاء عطرها الساحر".
هذه الرواية تستحضر المكان، حين يتهيّأ للقارئ الظرف والمكان المرجو له، ويستشعر أنّه بين حكايات ومشاهدات وأزمنة متداخلة، مخاتلة للوعي البسيط، قادرة على هز كل ما هو ثابت، عن الحقيقة، متوسلًا في ذلك حكاية "يتيم أسرة تشاو"، فالبحث عن الحقيقة يسلّمنا إلى أن الحقيقة نسبية ومراوغة، وعلينا إعادة القراءة ثانية، كي نكشف مخبوء هذه الحكايات القائمة على النبش في ذاكرة الأمة الصينية، وما استقر في ضميرها.



#سليم_النجار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية همسات من خلف الأسوار
- جريدة الطبل الفلسطينية كابوش في جوف الهاوية
- معبد الغريب
- حكايات لياوتشاي
- الطبل أول مجلة ساخرة في فلسطين
- رواية أين أنت يا أبي
- أوراق اقتصادية على طريق الحرير
- مجموعة قصصية النساء لا يفعلن ذلك
- أنا لدي حلم
- سيرة الشعب أساس الطموحات
- قراءة في كتاب فيروز
- في وداع محمد أبو حلتم
- رواية المرافعة للأسير حسام الديك
- حماس في فلسطين
- صورة حماس_الإخوان في غزة _
- نافذة هروب
- الكتابة ضد النسيان
- رواية نساء بطعم الرماد
- رواية عندما تبتسم الشمس
- رواية حياة بعد الموت


المزيد.....




- طنجة تستضيف الاحتفال العالمي باليوم الدولي لموسيقى الجاز 20 ...
- -لم أقتل زوجي-.. مسرحية مستوحاة من الأساطير الصينية تعرض في ...
- المؤسس عثمان الموسم 5.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 158 باللغة ...
- تردد قناة تنة ورنة الجديد 2024 على النايل سات وتابع أفلام ال ...
- وفاة الكاتب والمخرج الأميركي بول أوستر صاحب -ثلاثية نيويورك- ...
- “عيد الرّعاة” بجبل سمامة: الثقافة آليّة فعّالة في مواجهة الإ ...
- مراكش.. المدينة الحمراء تجمع شعراء العالم وتعبر بهم إلى عالم ...
- حرمان مغني الراب الإيراني المحكوم عليه بالإعدام من الهاتف
- فيلم -العار- يفوز بالجائزة الكبرى في مهرجان موسكو السينمائي ...
- محكمة استئناف تؤيد أمرا للكشف عن نفقات مشاهدة الأفلام وتناول ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليم النجار - يتيم أسرة تشاو