|
العراق والكرد والنفط وكركوك، أزمات أم أوراق تفاوض؟
زيد شحاثة
الحوار المتمدن-العدد: 7740 - 2023 / 9 / 20 - 11:23
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لم يتشكل إقليم كردستان العراق، بطريقة اعتيادية، بإستفتاء للشعب الكردي مثلا، أو قرار برلماني أو تعديل دستوري، وإنما كان أمرا واقعا فرض على النظام الصدامي بعد إنتهاء حرب الخليج والإنتفاضة الشعبانية، وما حصل من تحديد مناطق محمية بعد خطي العرض "23 و37" ثم أقر الدستور العراقي الجديد واقع الحال هذا! بعد سقوط النظام وتشكيل الحكومات المتعاقبة، كانت أحزاب الإقليم تتعامل مع المركز كوحدة واحدة، فرغم اختلافاتها السياسية وعدم توافقها بشكل كامل، إلا أنها حافظت على وحدة التوجه والمطالب في التعامل مع المركز، خصوصا بما يتعلق بمطالب حصة الميزانية، وتمويل قوات البيشمركة، والمناطق المتنازع عليها، ونفط الإقليم، لتضاف لها ورقة ضغط جديدة.. إستقلال الإقليم. كانت تلك الملفات أوراق ضغط متبادلة بين الإقليم والمركز، ووسيلة للمناورة والابتزاز السياسي بين الطرفين، وفي غالبها كانت لأغراض حزبية، وخصوصا خلال إقرار القوانين المهمة، أو تمرير الميزانية أو تشكيل الحكومة، والحق يقال أن أحزاب الإقليم لعبت أوراقها بكل إحتراف، فكانت تعرف كيف تحقق مطالبها، بالإستفادة من حاجة الأحزاب لإستخدام الكرد كورقة ترجيح ضد بعضها، أو إكمال نصاب مطلوب أو تمرير التشكيلة الحكومية. رغم كل الإتفاقات التي كان بعضها يحوي جوانب غير معلنة، أو شفوية لم تطبق على أرض الواقع فعلا، إلا أن الكرد أستمروا بعملهم وبكل هدوء في بناء منظومة نفطية شبه متكاملة، أتاحت لهم مختلف الخيارات في التعامل حول هذا الملف مع المركز أو بعيدا عنه، وبالتنسيق ومن خلال عقود "رسمية أو غير معلنة" مع تركيا وجهات أخرى.. ملف النفط والثروات في الإقليم كما في العراق كان ملغما، برغبة سياسية "محلية ودولية" أن يبقى هكذا، لعدم وجود إرادة حقيقية لحسمه، ربما ليبقى أداة ضغط وابتزاز بيد الطرفين وضدهما.. فالإقليم يفسر الدستور من وجهة نظره، ويرى أن تصديره للنفط وبيعه حق ضمنه له الدستور، وأنه فعل ذلك بعلم الحكومة المركزية، وكانت الحكومة ترد بأن الإجراء هو أقرب للسرقة، وأنه مخالف للدستور وخطوة من الإقليم نحو الاستقلال.. ثم جاء التحكيم الدولي ليغير كل قواعد اللعبة، ولتدخل تركيا على الخط! الحسابات الواقعية تقول أن الدولة الكردية حاليا "الحلم" لا تملك مقومات الوجود والإستمرار، عسكريا أو اقتصاديا أو إقليميا، على الأقل خلال السنوات العشرة القادمة، وأن الغرب وأمريكا لن يدعموا وجود هكذا كيان حاليا، لتعارض ذلك مع مصالحهم ومخططاتهم.. وهذا يدفعنا لنتساءل عن أسباب التصريحات الاستفزازية والمتحدية، التي يطلقها بعض الساسة الكرد مؤخرا؟ وهل هي فعلا حقيقية أم ماذا؟ كلنا مقتنع أن الإقليم لا يمنعه من الانفصال عن العراق فعليا، إلا مصالحه وتيقنه أن العيش ضمنه بشروطه أفضل له حاليا، ناهيك عن عدم توفر المتطلبات الإقليمية للقبول بدولة كردية مستقلة حاليا، خصوصا بعد ما رافق عملية الإستفتاء من تداعيات، أضرت بالإقليم.. كما تعلم الحكومة أن نفط كردستان لن يكون تحت سيطرة المركز عمليا إلا باتفاقات ترضي الأكراد، وهو أمر يصعب تحقيقه واقعيا، لمطالب غير ممكنة التنفيذ وظروف تتعلق بطريقة الحكم في المركز والإقليم.. الدولة الكردية "حلم" ولا مانع من أن يحلم أي شخص ولا ضرر، هكذا وصفها الرئيس الراحل الطالباني، في واحدة من كلماته الصريحة، وكما يبدوا فان الكرد أقتنعوا وإن لم يصرحوا، أن هذا الحلم اليوم وفي الظروف الحالية، هو أبعد ما يكون عن التحقق، وبالتالي لم تعد ورقة الإستقلال نافعة في التفاوض السياسي مع المركز، خصوصا مع قرب إجراء الإنتخابات المحلية، فما هو البديل! يبدوا أن قضية كركوك وعودة الأحزاب الكردية لها، بشكل أكبر مما هو عليه الأن، وتعالي التصريحات المتشنجة والإنفعالية، من جانب شخصيات محسوبة على الحزب الديمقراطي بزعامة السيد البارزاني، هي الورقة الأفضل خصوصا لحملة إنتخابية محلية.. مع ملاحظة أن المحافظة تهم الإتحاد الوطني بزعامة السيد بافل طالباني! السنوات العشرون التي مضت، أثبتت للجميع أن كركوك لن تتبع للإقليم، ولن تكون تابعة للمركز بشكل كامل، وسيكون لها وضع خاص بها، حتى لو عنى هذا أن تبقى "معلقة".. لكن هذا لا يعني ألا تحاول كل الجهات دون إستثناء، أن تحقق نقاط ومواطئ قدم في المحافظة، خلال الإنتخابات المحلية القادمة..
#زيد_شحاثة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النظام العالمي الجديد..قواعده وإستثناءاته
-
الإنتخابات التركية..إنطباعات ورؤى
-
كيف يمكن ان تتطور وتصبح..حمارا!
-
العراقيون..هوية ام هويات
-
عندما يموت الرجال.. وقوفا
-
أكذوبة أسمها الإعلام الحر
-
عندما يصبح الدين فنا
-
قادتنا .. بين التكفير والتقصير
-
الأحزاب العراقية ولعبة الشارع
-
النجاح..انه مجرد حظ!
-
قواعد الإشتباك في الزمن الأغبر
-
مهرجون للإيجار في سوق الهرج
-
الحرب الأوكرانية..وخبزتنا في هذه القصة
-
الإنتخابات العراقية.. وما بعدها
-
المعارضة..من سيجرؤ عليها!
-
قطر.. من المجهر حتى طاولة الكبار
-
العراق.. وإنتخاباته القادمة
-
العراق.. ودم المجاتيل
-
ماذا بعد مواقع التواصل الإجتماعي!
-
توزانات ما بعد حرب غزة
المزيد.....
-
أطعمة تساعد على تقوية منظومة المناعة
-
بنصف دماغ فقط.. فتاة أمريكية تعلمت المشي والكلام
-
حرب غزة.. بلينكن يجري محادثات مع رئيس الوزراء القطري حول -ال
...
-
الدفاع الروسية: الدرونات الجوية لعبت دورا حاسما في تحرير أرت
...
-
سياسي ألماني: شولتس يشكل تهديدا لدعم أوكرانيا
-
حماس ترد على تهديد الشاباك لقادتها في لبنان وتركيا وقطر
-
جهاز قد يعيد هواوي للصدارة في مبيعات الهواتف
-
طبيبة تكشف العوامل المسببة لرعشة اليدين
-
ناسا تكتشف -بحيرة مخفية- وأسرار أخرى في أكبر نهر جليدي في أم
...
-
كيف يغير الابتكار عمليات زراعة القلب؟
المزيد.....
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو جبريل
-
كتاب مصر بين الأصولية والعلمانية
/ عبدالجواد سيد
-
العدد 55 من «كراسات ملف»: « المسألة اليهودية ونشوء الصهيونية
...
/ الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
-
الموسيقى والسياسة: لغة الموسيقى - بين التعبير الموضوعي والوا
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
العدد السادس من مجلة التحالف
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
السودان .. أبعاد الأزمة الراهنة وجذورها العميقة
/ فيصل علوش
-
القومية العربية من التكوين إلى الثورة
/ حسن خليل غريب
-
سيمون دو بوفوار - ديبرا بيرجوفن وميجان بيرك
/ ليزا سعيد أبوزيد
-
: رؤية مستقبلية :: حول واقع وأفاق تطور المجتمع والاقتصاد الو
...
/ نجم الدليمي
-
یومیات وأحداث 31 آب 1996 في اربيل
/ دلشاد خدر
المزيد.....
|