أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - خالد عيسى طه - عندما يكون القضاء في العراق مسيسا: محاكمة صدام حسين ورفاقه نموذجا















المزيد.....

عندما يكون القضاء في العراق مسيسا: محاكمة صدام حسين ورفاقه نموذجا


خالد عيسى طه

الحوار المتمدن-العدد: 1731 - 2006 / 11 / 11 - 08:50
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


لعبت المتغيرات السياسية في العراق دورا بارزا في التأسيس لنمط متميز ومختلف من المحاكم الاستثنائية في تاريخ القضاء العراقي والعربي والدولي حتى. وتكتسي هذه المحاكم التي تتصل بتصفية خلافات سياسية مع خصوم سياسيين طابعا خاصا لأنها تجري في ظروف استثنائية في الغالب الأعم. ويلعب هذا النوع من المحاكم دورا بالغ الأهمية في التأسيس لثأر سياسي ويعرثل مساعي التأسيس لنظم ديمقراطية لا يكون فيها الحاكم خصما وحكما في الوقت نفسه.
وإذا كان من الصعب الحديث عن قضاء مستقل في العالم، على اعتبار أن استقلالية القضاء تظل نسبية بحكم ملابسات كل قضية، خصوصا مع دخول الحرب العالمية على الإرهاب مرحلة متقدمة في إعادة رسم خارطة العالم على أنقاض دول غدت بحكم التحولات من التاريخ. أذكر هذه المقدمة وأنا أتابع كغيري من المنشغلين بواقع ومستقبل العراق، ما انتهت إليه فصول محاكمة الرئيس العراقي السابق صدام حسين ورفاقه في قضية الدجيل التي راح ضحيتها 148 شخصا قال النظام السابق إنهم كانوا متهمين في قيادة محاولة اغتيال للرئيس السابق أثناء زيارته لمدينة الدجيل عام 1982.

محاكمتان تاريخيتان

شهد العراق تأسيس نمطين من المحاكم ذات الطبيعة الاستثنائية المختصة كلا منهما في تصفية حسابات سياسية: الأولى كانت في زمن الزعيم الوطني الراحل عبد الكريم قاسم الذي شكل محكمة لمقاضاة رجال العهد الملكي ونظامه فأصدر قانونا لتشكيل محكمة عسكرية خاصة وعين العقيد محمد فاضل المهداوي رئيسا لها.
وتشاء أقدار العراق أن يعيد التاريخ نفسه ولكن في شاكلة مختلفة، فعقب سقوط النظام العراقي السابق وتشكيل مجلس الحكم وفق قانون إدارة الدولة الذي تقدم به الحاكم الأمريكي الأول للعراق بعد سقوط نظام صدام حسين بول بريمر. ووفق هذا القانون تأسست المحكمة الجنائية العراقية العليا بموجب القانون رقم (1) لعام 2003 الصادر عن مجلس الحكم العراقي قبل أن يتم استبداله بالقانون رقم (10) لسنة 2005 الصادر عن الجمعية الوطنية العراقية. وكانت مهمة المحكمة مقاضاة الرئيس العراقي السابق صدام حسين ورموز حكمه على عدد من الانتهاكات التي ارتكبت في عهده ما بين العام 1968 حتى العام 2003 تاريخ سقوط النظام. وقد بذلت جهود كبيرة من أجل ملاءمة قوانين المحكمة مع القوانين الدولية ذات الصلة بمثل هذه القضايا.
المحكمتان الأولى والثانية مع الإختلاف بينهما من حيث نوعية التأسيس وطبيعته، حيث نشأت الأولى بقرار عسكري بينما نشأت الثانية بقرار مدني، مع ذلك فقد حظيتا باهتمام سياسي عراقي وعربي ودولي كبير. وفي المحكمتين رغم التباعد الزمني بينهما برزت للعيان رغبة الثأر السياسي من الخصم على نحو يحمل الكثير من البشاعة ويعكس فعلا طبيعة الخلاف السياسي حين لا يتفق المختلفون على ميكانيزمات ديمقراطية لحل أي خلاف سياسي بينهم. وعلى الرغم من أن المراقب لا يعدم أوجه التشابه بين المحكمتين فكلاهما يختص في مقاضاة مرحلة سياسية بكاملها، إلا أن فروقا كبيرة وجوهرية تميز الثانية عن الأولى. أولها شكلي ويتصل بالمتهمين، ففيما كان رجال العهد الملكي يقفون في قفص الاتهام كالأرانب المذعورة، فإن صدام حسين ورفاقه لم يقفوا إلا بموقف الرجال المقتنعين بما قاموا به غير نادمين على طريقتهم في الحكم حتى وهم يحاكمون بالإعدام شنقا حتى الموت. بل إن الرئيس العراقي السابق صدام حسين قد حول المحاكمة في كثير من جلساتها إلى منبر يسرب من خلاله رسائله لتعبئة العراقيين وتحريضهم ضد الاحتلال وضد الطائفية التي ابتلى الله بها العراق بعد سقوطه تحت الاحتلال.

أخطاء قاتلة

وعلى الرغم من أن كفاءات قانونية عراقية وأجنبية كبيرة قد بذلت جهودا كبيرة للتأسيس لهذه المحكمة، فإن المحاكمة قد صاحبتها أخطاء قاتلة أوجزها في النقاط التالية:
1 ـ الخطأ الأول يتصل بعد شرعية القانون الصادر في زمن الاحتلال ومخالفته لاتفاقية جنيف الرابعة للعام 1949، والاتفاقيات الأخرى المتعلقة بوضع البلدان التي هي تحت الاحتلال والصلاحيات المتاحة للمحتل وللوطني، ولذلك فهي بحكم القانون غير شرعية، وما بني على باطل فهو باطل.
2 ـ لقد انكشفت أهداف المحاكمة منذ البداية واتضحت للعيان كالشمس في وضح النهار، حين عمدت إلى إثارة النعرات الطائفية والعنصرية بجدولة قضستين رئيسيتين هما:
ـ قضية الدجيل، وهي قضية تخص الشيعة لأن أهالي الدجيل من الشيعة.
ـ وجدولت قضية الأنفال وحلبجة إرضاء للأكراد في المرتبة الثانية.
وقد تبين من خلال جولات المحاكمة وما رافقها من قرارات سياسية وممارسات أمنية في مناطق متفرقة من العراق، وطبيعة المادة الإعلامية التي تم الترويج لها في الصحف العراقية وفي عدد من وسائل الإعلام العراقية المرئية الرسمية، أن الهدف من تلك المحاكمة تأجيج الخلافات المذهبية والطائفية والنفخ في شعارات الإنفصال الكردي الذي انتهى إلى إقرار قانون الفيدراليات الذي لا يهدف إلا إلى تقسيم العراق.

مفارقات عجيبة
ومن المفارقات العجيبة التي تبعث حقا على الحسرة والألم في زمن الرداءة والبؤس أن المحكمة التي استمرت لأشهر طويلة في محاكمة صدام حسين ورفاقه والحكم عليه وعلى عدد من رفاقه بالإعدام شنقا حتى الموت لأنه تسبب في موت 148 شخصا، فإن منطقة الدجيل نفسها شهدت خلال هذه المحاكمة وحدها موت أضعاف هذا العدد على يد القوات الأمريكية والقوات المتحالفة معها، هذا فضلا عن الصور المريعة التي نتابعها في مناطق كثيرة من العراق بطرق وأساليب لم يعرف لها التاريخ العراقي لا القديم ولا الحديث مثيلا.
وقد كان لافتا للإنتباه أن السلطة العراقية الحالية قد عمدت عن سابق إصرار وترصد إلى خرق القانون يوم أعلن رئيس الحكومة نوري المالكي الأحكام العرفية وطلب ممارسة الأفراح والأهازيج بقرار تنفيذي قبل أن تصدر المحكمة حكمها، وهو بحكم الأعراف القانونية خرق للدستور والقوانين الدولية.
وقد أكد هذه التجاوزات رئيس المحكمة السابق المستقيل محمد رازكار الذي اشتكى كثيرا من تدخل السلطات التنفيذية في إجراءات المحكمة بشكل سافر أخل بقواعد العدالة، وأشار إلى أن الضغوط كانت تأتي بالأساس من وزارة العدل وأعضاء المحكمة العليا التمييزية.
ومن المضحكات المبكيات أن عددا ممن حكم عليهم بالإعدام لم ترد أسماؤهم في شهادات الشهود، وهذا مأخذ قانوني جدير بالملاحظة.
وبالعودة إلى المقارنة بين محكمة المهداوي ومحكمة الاحتلال، نجد أن محكمة المهداوي كانت أكثر رحابة صدر واتسعت زمنيا أكثر لردود المتهمين على الرغم من الطبيعة التهريجية التي صبغت المحكمة في عمومها، فمازلت أذكر أنني ووالدي دافعنا عن الرئيس السابق محمد فاضل الجمالي وكنا نستقبل في قاعة المحكمة باحترام كامل، حيث منحتنا المحكمة الحرية كاملة ومكنتنا من الإضطلاع بشرف الدفاع عن المتهم بشرف وبجدارة، في حين أن كثيرا من محاميي صدام حسين ورفاقه قتلوا رميا بالرصاص أمام بيوتهم على مرأى ومسمع من عائلاتهم.
ومع أنه لا يبدو أن تغيير حكم الإعدام الصادر بحق الرئيس العراقي السابق صدام حسين ورفاقه ممكنا، فإنني مع رأي الأستاذ الدليمي رئيس هيئة الدفاع بوجوب الاستئناف والتمييز لتأكيد عدم قانونية الحكم وعدم شرعية المحكمة. لكنني أعتقد من موقعي كرئيس لمنظمة محامون بلا حدود أنه لا يمكنني أن أتوقع إعداما للرئيس العراقي صدام حسين ليس فقط بسبب مناداة كثير من الدول الأروبية وعلى راسها إيطاليا وفرنسا بتجريم حكم الإعدام ولكن ليس من مصلحة الحكم العراقي والاحتلال صب الزيت على الأرض العراقية الملتهبة في الوقت الحاضر خصوصا وأن المحكمة بدأت مجددا استئناف قضية الأنفال.



#خالد_عيسى_طه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فُرض التخطيط السياسي والاقتصادي الامريكي على الشعب العراقي
- الدستور العراقي : العيوب القاتلة !!
- المظاهرات الاحتجاجية هي الوسيلة الناجعة لطرد الاحتلال
- تيسير علوني : استقاء الخبر وحرية الصحافة !!
- احتمالات نفوذ الغير في الاعلام العربي
- لماذا...... وما سبب الزيارة المفاجئة لوزيرة الخارجية الامريك ...
- المغزى الحقيقي لجعل صدام حسين أسير حرب
- الديمقراطية سلعة نسوقها لمصلحتنا .. فقط
- الارهاب : بين قوة التحدي وقوة الاحتجاج
- الفوضى الامريكية الخلاقة
- العراق يواجه سياسة الارض المحروقة
- الشعب العراقي تحت مطرقة القوات الامريكية والمليشيات
- غرقنا جميعاً في داء الطائفية !!
- المغتربون لماذا يترددون في الرجوع ؟
- يومنا مثل أمسنا...والعراق واحد
- ابطال العراق بين الوهم والحقيقة
- عراق بدون بعث .... أو بعث بدون دولة العراق
- هل وضع العراق ... الامني .. والاجتماعي يتحمل المزيد من اللعب ...
- حان الوقت على التعريف المحدد للإرهاب
- هربت بجلدي.. من العراق الوطن الغالي لان أسمي عمر...!!


المزيد.....




- -أدلة- على -انتهاك- وحدات من الجيش الإسرائيلي حقوق الإنسان
- مغني راب إيراني يواجه حكماً بالإعدام وسط إدانات واسعة
- -حماس- تعلن تسلمها ردا رسميا إسرائيليا حول مقترحات الحركة لص ...
- تحتاج 14 عاماً لإزالتها.. الأمم المتحدة: حجم الأنقاض في غزة ...
- اليمنيون يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة
- عائلات الأسرى تتظاهر أمام منزل غانتس ونتنياهو متهم بعرقلة صف ...
- منظمة العفو الدولية تدعو للإفراج عن معارض مسجون في تونس بدأ ...
- ما حدود تغير موقف الدول المانحة بعد تقرير حول الأونروا ؟
- الاحتلال يشن حملة اعتقالات بالضفة ويحمي اقتحامات المستوطنين ...
- المفوض الأممي لحقوق الإنسان يعرب عن قلقه إزاء تصاعد العنف فى ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - خالد عيسى طه - عندما يكون القضاء في العراق مسيسا: محاكمة صدام حسين ورفاقه نموذجا