|
مئوية ميلاد د . شريف حتاتة
منى نوال حلمى
الحوار المتمدن-العدد: 7734 - 2023 / 9 / 14 - 00:35
المحور:
سيرة ذاتية
الذكرى المئوية لميلاد د. شريف حتاتة أبى ولست من دمه 13 سبتمبر 1923 - 22 مايو 2017 -------------------------------------------------------------------------- فى مثل اليوم منذ مائة عام ، فى انجلترا فى برايتون ، وضعت " دوريس " ابنها الأول وأسمته شريف ، الذى كبر ليصبح أبى غير البيولوجى ، وعشت معه كل عمرى . وعندما ذهبت أمى نوال ، الى أمريكا للحصول على الماجيستير فى أمريكا ، عشت معه بمفردنا فى البيت لمدى عام ونصف . منحنى الحب غير المشروط ، والاهتمام بكل تفاصيل حياتى ، وكان يعطينى منذ صغرى دروسا فى اللغة الانجليزية ، وكان ينظم وقت مذاكرتى ، ووقت راحتى ووقت اللعب . علمنى الدقة والنظام ( الانجليزى " وكل ميزات الانجليز . ولهذا السبب تعودت على التفوق فى كل مراحل حياتى . كما شجعنى على لعب الرياضة بانتظام وجعلها جزءا من الروتين اليومى . تفوقت فى التنس والسباحة على وجه الخصوص ، بفضل اهتمامه . وكنا نناديه فى البيت كلنا " أمى نوال وأخى عاطف " باسم " شرف " . كنت أتناقش معه فى السياسة والفن والحب ، وكل شئ أحتاج الى التعمق فيه . وحكى لى عن أمه دوريس ، وأبيه يوسف فتح الله حتاتة ، وكيف التقى بالأم وهو يدرس الاقتصاد فى انجلترا . كان الأب المثالى فى حنانه وحبه والاهتمام . كان حقا جنتلمان . وكل منْ عرفوه أحبوه ، حتى الذين يختلفون معه فى الرؤية السياسية والفكرية والثقافية والأدبية . كان شرف رجلا رومانسيا جدا ، يحلم بالمستحيل ، وتغيير العالم المستغل القاهر الفاسد . ونتيجة لعواطفه التى تنشد العدل والحرية ، تم اعتقاله لمدة 13 سنة . وخرج من المعتقل مرفوع الرأس ، قوى الارادة ، مصرا على الحلم المستحيل . وعندما تفكك الاتحاد السوفيتى فى 26 ديسمبر 1991 ، وانفصال اتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية ، لم يحيد عن ايمانه بالاشتراكية ولم يكفر بالشيوعية ، كما فعل غيره المنتمون الى الأفكار نفسها . وكانوا يكتبون عن عدم صلاحية الحلم الاشتراكى ، وفشل الشيوعية . بل رأى أن تفكك الاتحاد السوفيتى ، لا يعنى فساد الحلم . بل تكمن المشكلة فى الحزب الشيوعى ، وقياداته الفاسدة والفاشية . كما رأى أن نظرية ماركس ولينين ، فيها قصور فى بعض القضايا ، يجب معالجتها حتى يصبح تطبيقها . وعبر عن ذلك فى أحد كتبه وهو " تجديد الفكر الماركسى " . وهذا الكتاب لم يعجب اليسار المصرى ، والذين يقدسون ماركس ولينين . شرف له 25 مؤلفا ، منهم 20 رواية أدبية . وكان الفنان نور الشريف ، يريد تحويل روايته " الشبكة " الى فيلم سينمائى ، ولكنه رحل قبل أن يتحقق المشروع . ظل شرف حتى آخر أيامه ، له نشاطه السياسى والأدبى . وكان شرف مخلصا فى مبادئه ، فلم يصبح من هؤلاء الذين تحولوا ،لترضى عنه الأنظمة المتعاقبة . فبقى نظيفا حرا حتى رحل ، مرتاح الضمير ، لأنه لم يقدم التنازلات الرخيصة لكى يعين فى مواقع هامة فى البلد . ما كان يميز شرف ، أنه كان يحول قناعاته السياسية والفكرية ، الى واقع يعيشه . لم يعرف الازداوجية البشعة التى تصف ما يسمون بالمثقفين ، وأهل التنوير والحداثة والأدب والثقافة . لم يحترم أحد ، بسبب نفوذه أو سلطته ، أو ثرائه . ولكنه يحترم الانسان بسبب انسانيته ، وأحلامه النبيلة ، وايمانه بالعدل وتشبثه بالحرية . " النوافذ المفتوحة " هو اسم سيرته الذاتية فى أجزائها الثلاثة . وهى من أروع السير الذاتية التى كتبت . وعندما سألته عن مغزى العنوان ، قال لى : " يا نونا ، مهما كانت الظروف قاسية ومحبطة ودافعة لليأس ، تقتل فينا الشغف و الاصرار على الحلم ، لابد أن نستمر فى فتح النوافذ ، حتى لوكانت نافذة صغيرة ، فانها مفيدة وضرورية .. المهم ألا نقف فى مكاننا ، وأن نظل نبحث عن فتح أفق جديد ، يمنحنا الشعور بذواتنا ". هذا درس عظيم من دروس شرف ، أحاول أن أتشبث به . وفعلا ، كان شرف النموذج الواقعى المثالى لهذا الدأب الذى لا ينال شئ منه . وقد ورث الدأب من أمه الانجليزية " دوريس " . فالانجليز معروفون بالدأب ، وطولة البال ، ولا يتعجلون قطف الثمار Slowly But Surely . فى ذكرى ميلاده المئوية ، أقدم لشرف باقة ورد ، لن يذبل عبيرها ، فى القلب . وعلى جدران الكون ، حفر اسمه ، وبصمته النبيلة . وحشتنى يا شروفا ، وأتذكرك كل يوم ، فأشعر بالألم ، وكم هى قاسية وعبثية الحياة . لكننى لن أتوقف عن " فتح النوافذ ".
#منى_نوال_حلمى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القطة وأنا .. 8 قصائد
-
كل المنتجين قالوا لى : - آسفين نوال السعداوى جريئة والرقابة
...
-
سنغزو أوروبا بأرحام النساء
-
قضيتى .. وبيت القصيد الذى أتوق الى كتابته
-
أمى وأنا نتنافس على حب رجل واحد
-
عزيزى الرجل : - اقعد فى البيت اذا لم توفق بين بيتك وشغلك -
-
ما أهمية الفحولة الجنسية ؟
-
22 مايو 2023 الرحيل السادس لأبى شريف حتاتة عشت عمرى معه ولم
...
-
رد شرف الراقصة
-
التنميط والبرمجة لافتعال الفرح فى الأعياد
-
لا أحد يحب الفقراء الا أمهاتهم
-
حتى - فساتينى التى أهملتها - فرحت بى وأنا أكتب لذكرى ميلاده
...
-
كانت أمى .. قصيدة فى يوم ذكرى الرحيل الثانية
-
الصفقة .. أخيرا قررت قصيدتان
-
رجل أحبه اسمه - عادل خيرى - النجم اللامع رغم الجحود والنسيان
-
8 مارس والبيعة الفاسدة
-
رائحة العُهر المرخص ... خمس قصائد
-
الكهنوت الذى يمشى مختالا فى طرقات الدولة المدنية
-
رجل .... أربع قصائد
-
يا منْ تتسلق الجبال .. لك الاختيار ....... قصيدتان
المزيد.....
-
شاهد عيان: نيران الغارة الإسرائيلية على غزة -التهمت الناس قب
...
-
قاآني ومن قبله.. سر الاختراقات الاستخباراتية -المزمنة- في إي
...
-
عقوبات أوروبية على إيران على خلفية تزويد روسيا بصواريخ بالست
...
-
برلين تطالب إسرائيل بتوضيح ملابسات قصف قوات يونيفيل بلبنان
-
غارة إسرائيلية جديدة تدمر منزلاً في شمال لبنان
-
الإعلام العبري يسلط الضوء على القوات الجوية المصرية
-
الأولى منذ 23 عاما.. الرئيس الجزائري يستقبل رئيسة الهند في ز
...
-
إسرائيل تعلن موعد نشر منظومة -ثاد- الأمريكية
-
وزير الدفاع الروسي: التعاون العسكري بين روسيا والصين عامل ها
...
-
بكين لن تتسامح أبدا مع محاولات تايوان عزل المضيق
المزيد.....
-
سيرة القيد والقلم
/ نبهان خريشة
-
سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن
/ خطاب عمران الضامن
-
على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم
/ سعيد العليمى
-
الجاسوسية بنكهة مغربية
/ جدو جبريل
-
رواية سيدي قنصل بابل
/ نبيل نوري لگزار موحان
-
الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة
/ أيمن زهري
-
يوميات الحرب والحب والخوف
/ حسين علي الحمداني
-
ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية
/ جورج كتن
-
بصراحة.. لا غير..
/ وديع العبيدي
-
تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|