|
8 مارس والبيعة الفاسدة
منى نوال حلمى
الحوار المتمدن-العدد: 7547 - 2023 / 3 / 11 - 20:40
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
8 مارس يوم المرأة العالمى ، حيث تحتفل الحضارة الذكورية فى العالم كله . وفى بلادنا خاصة ، أشك أن المرأة تتفرج على الاحتفالات بها ، وهى سعيدة ، ممتنة . " المرأة " ، منذ بدء الخليقة ، تحمل آثام البشر ، ولعنات الطبيعة . يُزج بها ، فى الصراعات السياسية ، المحلية والدولية ، وفى المعارك الانتخابية ، وفى ترويج الشامبوهات ، والزيوت ، وكروت الشحن ، وكريمات الكولاجين ، والصابون ، وأحمر الشفاه الثابت ، وزبادى السحور فى رمضان . " المرأة " ، كبش الفداء ، للعُقد النفسية ، والتعصبات الدينية ، والاختلالات العقلية والهوس الجنسى للذكور . " المرأة " ، كائن تُحار فيه المجتمعات على مر الأزمنة ..هل تغطيه ، أم تعريه ؟. تعامله كانسان كامل الانسانية والأهلية والولاية ، أم كائن ناقص ، معوج الفضيلة ؟. " المرأة " ، أرض تتقاتل فوقها ، بطولات الذكور الوهمية ، والفحولة الموروثة ، والاحباطات فى أنظمة ديكتاتورية مستبدة . نتسائل هل " المرأة " ، قادرة على التمييز ، بين الصواب ، والخطأ ؟. هل تؤهلها قواها العقلية ، وهرموناتها الأنثوية ، لاتخاذ قرارات مصيرية ؟ . مسكينة " المرأة " . ُأبتليت بختان الجسد ، وختان العقل ، وسن البلوغ ، وسن النكاح ، وسن اليأس ، واكتئاب ما بعد الحَمل ْ. " المرأة " ، سلسلة من المخاوف . تخاف التحرش ، اذا خرجت من البيت . وتخاف نظرة البواب وعنف ذكر البيت ، اذا تأخرت . واذا ضحكت ، ومرحت ، تخاف اثارة الشكوك . تخاف من العنوسة اذا تأخر زواجها ، أو فاتها قطار العرسان . واذا تزوجت تخاف ألا ينزف غشاء البكارة . تخاف ألا تطيع الزوج ، فيضربها ، أو يقطع المصروف عنها ، أو يذهب الى عشيقة خفية ، غير موثقة غير شرعية ، أو الى مثنى وثلاث ورباع معلنات موثقات شرعيات . تخاف أن تصبح مهجورة فى المضاجع ، حنى لو كانت خلوة المضجع ، تسبب لها الألم ، والاشمئزاز ، والمهانة . تخاف استنكار الناس ، انها لم تنجب بعد أول سنة زواج ، أو أنها أنجبت الأنثى ، لا الذكر حامل النسب الأبوى المقدس . واذا استحالت العشرة مع الزوج ، لا تلجأ الى الطلاق خوفا من كلام الناس ، والنظرة الأخلاقية المتدنية للمطلقات . وهى فى جميع الأحوال ، تخاف ألا تكون محجبة ، أو منقبة ، حتى لا تثير حفيظة ، أب له ميول اخوانية ، أو زوج له وجدان سلفى ، أو أخ له ميول داعشية ، أو جيران يتعاطفون مع اقامة الخلافة الاسلامية . و ماذا عن خوف المرأة ، ألا تكون " جميلة " . بالمقاييس السائدة فى المجتمعات الذكورية .؟ خوف يشعرها بالضآلة ، وعدم الاستحقاق ، وأنها لا تملك البضاعة الوحيدة المفروض أن تعرضها النساء وتروج لها وتستثمر فيها وتحافظ عليها حتى تنزل القبر . ولنتأمل على الأخص الاعلام المرئى ، فى بلادنا ، كيف يعطى برامج الموضة ، والأزياء ، وعمل الماكياج ، والحفاظ على الجلد ، وعلى الجسم ، وعلى الحواجب ، وعلى الشَعر ، وعلى الأظافر ، وعلى الرموش ، وعلى البشرة ، مساحات زمنية ، طويلة ، لا يُعطى ربعها للبرامج الثقافية . وفى مجال الفن ، مثلا فى الغِناء ، لا يتغزل الرجل ، الا فى الشكل الخارجى للمرأة ، " العيون " التى تسحر . وفى " الشفايف " التى تُسكر . وفى " الخصر " الذى يفتن ، وفى " الرمش " الذى يجرح . هذا المجتمع نفسه ، لايطالب الرجال ، بأى " عبء " جمالى . فالرجل لا يعيبه الا " جيبه " ، حتى لوكان له " كرش " . هذه هى " البيعة " التاريخية الخبيثة الفاسدة المتكررة عبر الأزمنة ، والتى تجعل تحرير النساء ، كلاما منمقا فارغا من مضمونه وجوهره . يدخل الرجل ، بفلوسه . والمرأة ، تدخل بجمالها . انها " البيعة " الفاسدة التى تبقى النساء دائما ، فى وضعهن الأدنى المتشيئ ، حيث يتحوان من بشر ومواطنات الى " سلع " مرخصة ، و " ممتلكات " شرعية ، للذكور ، بحكم عقد النكاح - الزواج - . عشرات السنوات مرت ، ونحن نحتفل ب 8 مارس ، يوم المرأة العالمى ، دون أن نمس هذه " البيعة " الفاسدة ، أصل عبودية النساء . نقول المرأة تعلمت ، واشتغلت فى مناصب هامة وقيادية . لكننا مازلنا نؤمن أن دورها الأهم ، ووظيفتها الأساسية فى البيت مع زوجها وأطفالها . ونقول اذا اشتغلت ، لابد أن توفق بين بيتها وعملها . ونقول اذا رفض الزوج عمل زوجته ، فعليها السمع والطاعة . والمرأة نفسها التى تعلمت واشتغلت ، مقتنعة بهذا الهراء ، الذي يعاملها كخادمة ومربية وغسالة وطباخة ومستعدة للنكاح أى لحظة . مع الرجل الوضع مختلف تماما . فهو رب البيت ، والقوام ، ومصدر الأوامر والنواهى والشروط . كم من النساء يشترط عليهن الزوج ، ترك عملهن والتفرغ للبيت . وكم من النساء يشترط عليهن الزوج التحجب والنقاب . لم نسمع عن امرأة اشترطت على زوجها ترك العمل أو لبس زى دينى محدد . هذا لا يحدث بسبب " البيعة " الفاسدة ، قانون الأحوال الشخصية ، الذى يقول أول بنوده ، على الزوج الانفاق ، وعلى الزوجة الطاعة . الانفاق مقابل الطاعة . هذا هو جوهر عبودية المرأة ، الذى لا أحد يناقشه ، فى يوم المرأة العالمى ، أو فى أى يوم آخر . أعرف نساء كثيرات عضوات فى جمعيات ومراكز ومجالس لحقوق المرأة ، ولا ينطقن أى كلمة عن مبدأ ، الانفاق مقابل الطاعة . والمرأة اذا حدث شئ فى عقلها ، وقررت عدم الطاعة ، يحق عليها كل أنواع ودرجات العقاب فى الدنيا وفى الآخرة . بدون النسف النهائى لهذه " البيعة " الانفاق مقابل الطاعة ، لن تتحرر النساء فى بلادنا . دون انهاء كلمة " الطاعة " المفروضة على النساء ، ستظل المرأة فى عرف الجوارى ، لا البشر . فالطاعة لا تصلح الا لعصر فيه أسياد وعبيد .
#منى_نوال_حلمى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رائحة العُهر المرخص ... خمس قصائد
-
الكهنوت الذى يمشى مختالا فى طرقات الدولة المدنية
-
رجل .... أربع قصائد
-
يا منْ تتسلق الجبال .. لك الاختيار ....... قصيدتان
-
ليلة فالنتين ... قصيدة
-
- مى - أختى لم تنجبها أمى وشبيهتى الى حد الأسى والمرارة
-
اعادة فهم العاطفة .. أرقى ما نملك
-
يا أنت .. ماذا أريد منك .. امرأة البحر ...... ثلاث قصائد
-
لست امرأة الأبد .... خمس قصائد
-
30 يناير اغتيال - غاندى - : الحقيقة تبقى حقيقة حتى لو لم يؤم
...
-
هو لا يتكلم وأنا لا أعود ... قصة قصيرة
-
امنحينى قليلا من الوقت ... قصيدة
-
الشخصيات المبدعة - محميات طبيعية -
-
تنقصنى الشجاعة الكافية .... قصيدة
-
العشق أحلى حين افترقنا ... أربع قصائد
-
اعلان مصر دولة هادئة عام 2023
-
2023 ... عام جديد يؤكد القسم لأمى بألا أتزوج الا - القلم -
-
عبادة الميكرفون صناعة الكفار
-
مُطاردة ... أربع قصائد
-
المقاومة الايرانية الشعبية تستحق كأس العالم فى الشجاعة والحر
...
المزيد.....
-
السيد الحوثي: الامم المتحدة اعترفت بالعدو الاسرائيلي القائم
...
-
باكستان: نساء القبائل الباشتونيات يتظاهرن للمطالبة بالمخفيين
...
-
نزيف العدوان على غزة والضفة الغربية لا يتوقف
-
قوات قسد تعتقل معلمات في مدينة الرقة لاحتجاجهن على المناهج
-
التعذيب بالأمراض والأوبئة.. أسلوب استعماري بين بريطانيا وأمي
...
-
لبنان يتقدم بشكوى ضد الكيان الصهيوني لدى منظمة العمل الدولية
...
-
Bitget تطلق مسابقة تقديم الأفكار الموجهة للنساء خلال مؤتمر D
...
-
بيوتي – وجهة الجمال الأكثر جاذبية تفتح أبوابها في بغداد
-
وأنت في مكانك زودي دخلك .. اعرفي طريقة التسجيل في منح المرأة
...
-
نساء غزة في إيطاليا.. صدمات الموت والغربة
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|