أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منى نوال حلمى - حتى - فساتينى التى أهملتها - فرحت بى وأنا أكتب لذكرى ميلاده المئوية














المزيد.....

حتى - فساتينى التى أهملتها - فرحت بى وأنا أكتب لذكرى ميلاده المئوية


منى نوال حلمى

الحوار المتمدن-العدد: 7563 - 2023 / 3 / 27 - 22:13
المحور: الادب والفن
    


----------------------
حتى " فساتينى التى أهملتها " فرحت بى وأنا أكتب لذكراه المئوية الأولى
-----------------------------------------------------------------------------
شاءت الأقدار أن يكون 21 مارس ، فرحة استثنائية لقلبى ، ونزفا متدفقا لا يتوقف لكل خلية فى جسدى ، وكل شهقة لروحى .
ما أصعب التأرجح بين أكبر نقيضين فى الوجود .. المتعة والألم ... الفرح والحزن . كيف تكون قُبلة الحياة ، هى نفسها قُبلة الموت ؟؟.
فى يوم 21 مارس 1923 ، أنجبت الأم " فائزة " ، طفلا أزرق العينين ، تظل ترضعه سبع سنوات ، فهو نهم الشهية ، يحب امتصاص العصارات الى آخرها ، يهوى الشغب والمشاكسة و الفوضى وتكسير اللعب ، الى درجة أنه أحرق الكبريت فى ثيابه ليكتشف النار ، وتدعمه جدته قائلة : " اتركوه يحطم الأشياء فمن حطامها تخرج النباتات ".
يكبر الطفل ، ليصبح الرجل الوحيد الذى تمنيت أن أكون حبيبته ، فيهدينى فى يوم ميلادى قصيدة " أشهد أن لا امرأة الا أنتِ " ، وفى ليلة رأس السنة يكتب لى " كل عام وأنتِ حبيبتى " . واذا ضمنى القبر قبله ، ينشر قصيدة اسمها " مُنى ".
يكبر الطفل ، ليصير رجلا يفسر تاريخ ميلاده ، بأن 21" مارس انقلاب الأرض وتغيير أثوابها ، ضد خمول وركود الشِتاء . الأرض وأمى وضعا حملهما فى يوم واحد ".
فى يوم 21 مارس 2021 ، ماتت أمى " نوال " ، المرأة الوحيدة التى تمنيت أن أكون من دمها ولحمها وأعصابها ، وأن أقيم بداخلها ، فى رحم خمسة نجوم ، تسعة شهور دون مقابل ، أنهل من جيناتها ، وأتشكل حسب جغرافية جسدها ، وتاريخ أفراحها وأحزانها .
فى موقف صعب أنا . ف" نزار " لم يكن شاعرا ، أو واحدا من الشعراء ، عبروا بكوكب الأرض . لكنه كان الشِعر شخصيا ، حينما يصبح فى قمة أناقته ، وفرحه ، وألمه ، وعصيانه ، وتمرده ، وحساسيته المرهفة لأصغر التفاصيل ، وايحاءاته اللانهائية ، ورقته ، حتى وهو يعبر عن غضبه واحتجاجه ولاانتمائه . وهو الشِعر فى ذروة وضوحه ، ومنتهى غموضه .
" نزار " من رأسه حتى قدميه ، بناء شِعرى ، أو كتلة شِعرية ، تفضحه فى السر والعلن ، ليلا ونهارا . اذا تكلم ، تتشكل الكلمات الى أشعار . اذا ضحك ، ترن ضحكاته كموسيقى الشِعر . صمته شِعر ، وغضبه شِعر . وهو قادر على تحويل كل شئ من حوله الى قصائد . كل تفاصيل الحياة الصغيرة حاضرة فى أشعاره .
آمن أن الكتابة لا تساوى شيئا ، الا اذا كانت تربك و تفجر ، وتصدم شيئا واحدا على الأقل . وهذا حاضر فى عنوان كتابه النثرى " الكتابة عمل انقلابى ".
صدق حين قال : " لقد أممت الشِعر .. فصلته قماشا شعبيا لكل الناس ".
" شاعر الحب " ، واحد من ألقابه الكثيرة . وعندما سئل عن السبب ، قال : " قتل أختى لنفسها لأنها حُرمت من الرجل الذى تحبه ". كتاباتى عن الحب كان انتقاما لأختى فى مجتمعات تشتم الحب علنا ، وتتعاطاه فى الخفاء .
فى حوار له عن الحب والزواج قال " نزار " : " أخاف فى الحب أن يتحول الى روتين أو عادة من العادات .. أخاف أن تصبح المرأة سمكة مجمدة فى الثلاجة .. الحب حب ، والزواج مؤسسة .. طول عمرى أبحث عن المرأة البرق .. المرأة المستحيل .. المرأة التى تأتى ولا تأتى .. ".
يا له من تشابه استثنائى بينى وبين " نزار " . فأنا الأخرى مثله ، كنت أبحث عن الرجل الحقيقة والخيال ، الموجود وغير الموجود ، النهر العذب والبحر المالح ، الخطيئة والفضيلة ، الزهد والارتواء حتى الثمالة . بقلبه مزيج من عناصر الكون .. الماء والنار والتراب والهواء .
ولأن " نزار " كما هو وسيم الملامح ، كان أيضا وسيم الأخلاق ، لم يكن يرد على قلة الأدب والشتائم . قال " نزار " : " اذا صحوت صباحا ولم أجد فى الصحف منْ يشتمنى ، أحزن .. فهذا معناه أننى كتبت قصيدة رديئة " . وفى مقام آخر قال : " أعتقد أن الشتيمة تعاقب نفسها ". ثم يجلس مع فنجان قهوة أو كأس من النبيذ ويكتب :
أنا رجل لا يريح ولا يستريح
فلا تصحبينى صديقتى على الطرق المعتمة
شِعرى مُدان ونثرى مُدان
أنا رجل دربه الطبيعى بين القصيدة والمحكمة
يشرفنى أنى ما قبلت وساما
فأنى الذى يمنح الأوسمة
وشِعرى فوق المماليك والأنظمة
---------
بسبب هذه الرؤية الصادقة المتكاملة ، فُرض على " نزار " الاقامة الجبرية ، خارج الوطن الذى لم يحتمل قصائده التى تعرى القمع والنفاق وتهاجم شيوخ القبائل الصحراوية الذكورية ، وتفضح ثقافة النفط ، وحضارة البدو والرمل . وكلما رفضوه وصادروا قصائده ، كلما سطع نجمه أكثر ، وتوهجت شعبيته ، وارتفعت قامة شِعره ، ولمع البريق الأزرق فى عينيه .
كتب " نزار " :
" الكاتب فى بلادى يكتب بكل اللغات
الا اللغة العربية
فاللغة فى بلادى سدوا فيها كل ثقوب الحرية "
" نزار " الشاعر الوحيد ، بقرائته يثير شهيتى للكتابة .
مات " نزار " 30 أبريل 1998 . وفى 21 مارس 1999 ، بعد رحيله بعام فقط ، تم اعتماد الاحتفال الأول باليوم العالمى للشِعر . انها احدى المصادفات الساحرة غير المفهومة ، النادرة فى عدالتها وحكمتها ، التى تنسجها الحياة . على الأقل ، أفهمها أنا . " نزار " ليس شاعر دمشق ، أو شاعر المنطقة التى تتكلم العربية . منذ عرفته ، وأنا ألقبه شاعر العالم .
منذ رحيله ، وأنا أخاف أن أعيد قرائته ، أن أرجع الى السحر ، بعد موت الساحر . لكننى منذ ذكراه المئوية ، عدت الى نبض القلب ، والقلب نفسه قد توقف .
كم كان صعبا ومؤلما . لكن قلبى كان يغنى : " ما أحلى الرجوع اليه ".



أ



#منى_نوال_حلمى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كانت أمى .. قصيدة فى يوم ذكرى الرحيل الثانية
- الصفقة .. أخيرا قررت قصيدتان
- رجل أحبه اسمه - عادل خيرى - النجم اللامع رغم الجحود والنسيان
- 8 مارس والبيعة الفاسدة
- رائحة العُهر المرخص ... خمس قصائد
- الكهنوت الذى يمشى مختالا فى طرقات الدولة المدنية
- رجل .... أربع قصائد
- يا منْ تتسلق الجبال .. لك الاختيار ....... قصيدتان
- ليلة فالنتين ... قصيدة
- - مى - أختى لم تنجبها أمى وشبيهتى الى حد الأسى والمرارة
- اعادة فهم العاطفة .. أرقى ما نملك
- يا أنت .. ماذا أريد منك .. امرأة البحر ...... ثلاث قصائد
- لست امرأة الأبد .... خمس قصائد
- 30 يناير اغتيال - غاندى - : الحقيقة تبقى حقيقة حتى لو لم يؤم ...
- هو لا يتكلم وأنا لا أعود ... قصة قصيرة
- امنحينى قليلا من الوقت ... قصيدة
- الشخصيات المبدعة - محميات طبيعية -
- تنقصنى الشجاعة الكافية .... قصيدة
- العشق أحلى حين افترقنا ... أربع قصائد
- اعلان مصر دولة هادئة عام 2023


المزيد.....




- الحضارة المفقودة.. هل حقا بنيت الأهرامات والمعابد القديمة بت ...
- مصر.. القبض على مغني المهرجانات -مجدي شطة- وبحوزته مخدرات
- أجمل مغامرات القط والفار.. نزل تردد توم وجيري الجديد TOM and ...
- “سلي طفلك الان” نزل تردد طيور الجنة بيبي الجديد 2024 وشاهد أ ...
- فرانسوا بورغا للجزيرة نت: الصهيونية حاليا أيديولوجية طائفية ...
- الحضارة المفقودة.. هل حقا بنيت الأهرامات والمعابد القديمة بت ...
- المؤسس عثمان الموسم الخامس الحلقة 159 على ATV التركية بعد 24 ...
- وفاة الممثل البريطاني برنارد هيل، المعروف بدور القبطان في في ...
- -زرقاء اليمامة-.. أول أوبرا سعودية والأكبر في الشرق الأوسط
- نصائح لممثلة إسرائيل في مسابقة يوروفيجن بالبقاء في غرفتها با ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منى نوال حلمى - حتى - فساتينى التى أهملتها - فرحت بى وأنا أكتب لذكرى ميلاده المئوية