أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منى نوال حلمى - رجل أحبه اسمه - عادل خيرى - النجم اللامع رغم الجحود والنسيان














المزيد.....

رجل أحبه اسمه - عادل خيرى - النجم اللامع رغم الجحود والنسيان


منى نوال حلمى

الحوار المتمدن-العدد: 7549 - 2023 / 3 / 13 - 16:01
المحور: الادب والفن
    



ليس من طباعى أن أجحد المعروف ، أو أن أنكر الجميل . على العكس ، أبالغ فى ردهما . كريمة أنا ، ومن بيت كرم ، ولاشك عندى أن " المتنبى " كان يقصدنى ، حين كتب: " اذا أنت أكرمت الكريم ملكته وان أنت أكرمت اللئيم تمردا ".
هناك رجل فى حياتى ، أهدانى دون مقابل ، لحظات لا يحسبها العمر ، من البهجة ، والرقى ، والتأمل ، والفرح والحزن والحكمة . لكننى حتى الآن ، لم أرد هداياه ، ولم أعترف بمعروفه الغارقة فيه ، ولم أسدد جمايله التى جّملت حياتى .
رجل ، لم يُخلق للفن . بل الفن هو الذى خُلق من أجله . مبدع ، وظريف ، ووسيم ، ولطيف ، وبسيط ، وعميق ، لذيذ ، ودمه خفيف ، موهوب الى حد أمرضه وقضى عليه . أتى الى الحياة ، ورحل عنها وهو فى أوج انطلاقه ، وابداعاته ، وشبابه ، واخلاصه للشغف الممتلئ به .
وُلد الطفل المعجون بالفن فى 25 ديسمبر 1931 ، وخطفه الموت فى 12 مارس 1963 ، خطواته على الآرض ، 31 سنة ، وخطواته على خشبة المسرح سبع سنوات ، منحنا عصارة قلبه وعنفوانه وايمانه بالمسرح ، فكان لابد أن يُنهك سريعا ، ويترك الستارة ترتفع ، والجمهور يصفق ، وهو فى قمة النجومية .
وكيف لا يصبح نجما ، وفى طفولته وصباه ، عاصر المجد المسرحى والسينمائى لأعظم ثنائى فنى ، صنعا " توليفة " غير مألوفة للمسرح المصرى ، واحد منهم نجيب الريحانى 21 يناير 1889 - 8 يونيو 1949 ، والثانى أبوه بديع خيرى 17 أغسطس 1893 - 1 فبراير 1966؟؟.
انه عادل خيرى ، الذى بحكم دراسته للحقوق ، كان " عادلا " فى قضيته الوحيدة ، أن يقدم الوفاء لمسرح الريحانى ومؤلفات أبيه ، ويدافع عنهما بكل كيانه .
واجه عادل خيرى المأزق المحير ، هو يريد إشباع موهبته ، وفى الوقت نفسه يريد اعادة مسرح الريحانى الى الحياة مرة أخرى . فقرر أن يعيد مسرحيات الريحانى برؤية عادل خيرى، وفكاهة عادل خيرى، وشخصية عادل خيرى، وزمن عادل خيرى، ولغة الجسد لعادل خيرى . واستعان بعدد كبير من العظماء، تلامذة الريحانى فى المسرح أو فى السينما.
كان عادل شديد الوفاء لموهبته الخاصة، وهذا ما جعله قادرًا على الوفاء لمسرح الريحانى. المسرح الذى تزعم تأسيس نهضة مسرحية ، تمزج كل أنواع السخرية ، فى " خلطة " كوميدية سياسية اجتماعية ثقافية فلسفية ممتعة ، هى السهل الممتنع .
آمن عادل خيرى أن للضحك فلسفة عميقة وإن كانت فى منتهى البساطة، وهى أن الإنسان يحتاج إلى الضحك، تمامًا مثلما يحتاج إلى التعليم والعمل والماء والهواء والحب والطعام والمسكن والدواء. وبالتالى علينا حمايته من التلوث والتدهور كما نحمى تلك الأشياء الأخرى. وكأنه يؤكد ما قاله " شارلى شابلن " 16 ابريل 1889 - 25 ديسمبر 1977, " اليوم الذى يمر دون ضحك هو يوم ضائع " .
إن السخرية ليست قلة الأدب، لكنها «شياكة» تعرية القبح. والكوميديا ليست حركات بهلوانية أو حواديت مفتعلة للتسلية وقتل الوقت . لكنها الدخول التلقائى غير المفتعل إلى عمق التناقضات الاجتماعية والأخلاقية التى تملأ حياتنا. وكشف حقائق ومكنونات النفس دون فذلكة. هو يتساءل أسئلة الأحلام البسيطة العفوية ، التى تدين القيم التى تتحكم فى حياتنا ومصائرنا.
من هذا المنطلق فإن عادل خيرى يضحكنا، لأنه فى الحقيقة لم يكن يقصد أن يضحكنا. هو يضحكنا لأنه فى الحقيقة يثير البكاء. أو كما عبّر أحد الفلاسفة: " إننى أضحك لأمنع نفسى من البكاء".
سبع سنوات فقط هى عمره الفنى ، لكنه أعاد عشرات من مسرحيات الريحانى ، بمذاق الشباب المتحمس الغيور على ملكاته من الصدأ ، لا يحتمل أن تشعر أمه ، أنها تكبدت عناء ولادته دون ثمن ، وألا يترك بصمته المتفردة على جدران الكون.
مارس الفن ، بجاذبية ناعمة ، كأنه يمارس الحب مع امرأته الأولى والأخيرة . له حضور يجبرنا على التركيز والاستغراق . كاريزما فى الكلام والصمت والحركة ، تتسلل الى ما تحت المسام ، بسلاسة شمس الخريف ، ودهشة أمطار الصيف .
أحب كل المسرحيات التى أعادها عادل خيرى ، من تراث نجيب الريحانى وبديع خيرى ، وشاهدتها أكثر من مرة .
لكن مسرحية " حسن ومرقص وكوهين " ، لها مكانة خاصة ، ليس فقط لقيمتها الفنية ، وانما للمعركة الدينية والثقافية التى أثارتها ، وانتصر فيها الفن على الرجعيات الدينية .
فالمسرحية لها اصل واقعى .
فقد ذهب نجيب الريحانى مع صديقه وتوأم روحه بديع خيرى ، لزيارة صديق مريض فى حى العباسية، ولفت نظرهما لافتة محل معلقة مكتوب عليها: "ابسخروس وص وعثمان " .
فجاءت لهما فكرة المسرحية، كيف أن لقمة العيش فوق اختلاف الأديان ، وهذا يرسخ النسيج الوطنى الواحد ويدعم الوحدة الوطنية، كتب بديع خيرى المسرحية باسم: "حسن ومرقص وكوهين ".
لكن الأزهر والكنيسة والحاخامات، اعترضت على اسم المسرحية، فحسن هو حفيد نبى الإسلام، ومرقص هو الرسول المبشر بالكرازة المرقصية، وكوهين اسم أعظم الكهنة العبريين .
حارب نجيب الريحانى وبديع خيرى، فترة طويلة ضد الثلاث جهات ولم ترضخ لتغيير اسمها، وفى النهاية انتصر الفن وعرضت المسرحية لأول مرة فى 16 نوفمبر 1941، على مسرح دار الأوبرا ونالت نجاحًا مستمرًا غير متوقع من الجماهير .
بالأمس 12 مارس ، الذكرى الستون لرحيل عادل خيرى ، واليوم 13 مارس عيد الفن.
هل تذكرناه ؟؟ . لقد سقط من الذاكرة ، مثلما سقط أبوه " بديع خيرى " . هذا على الرغم ، من احتفائنا فى كل مجالات الفن والابداع ، بالأقزام ، وأصحاب الفن العقيم ، والابداع النمطى المقلد ، والكوميديا البهلوانية ثقيلة الدم ، وأراجوزات المسرح و المواهب الفاسدة التى خربت تذوقنا ، وأرضت الفكر المألوف ، والمزاج السائد .
الى " عادل خيرى " .. أهدى ورودا مثله ، لا تفقد الرونق والعبير .



#منى_نوال_حلمى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 8 مارس والبيعة الفاسدة
- رائحة العُهر المرخص ... خمس قصائد
- الكهنوت الذى يمشى مختالا فى طرقات الدولة المدنية
- رجل .... أربع قصائد
- يا منْ تتسلق الجبال .. لك الاختيار ....... قصيدتان
- ليلة فالنتين ... قصيدة
- - مى - أختى لم تنجبها أمى وشبيهتى الى حد الأسى والمرارة
- اعادة فهم العاطفة .. أرقى ما نملك
- يا أنت .. ماذا أريد منك .. امرأة البحر ...... ثلاث قصائد
- لست امرأة الأبد .... خمس قصائد
- 30 يناير اغتيال - غاندى - : الحقيقة تبقى حقيقة حتى لو لم يؤم ...
- هو لا يتكلم وأنا لا أعود ... قصة قصيرة
- امنحينى قليلا من الوقت ... قصيدة
- الشخصيات المبدعة - محميات طبيعية -
- تنقصنى الشجاعة الكافية .... قصيدة
- العشق أحلى حين افترقنا ... أربع قصائد
- اعلان مصر دولة هادئة عام 2023
- 2023 ... عام جديد يؤكد القسم لأمى بألا أتزوج الا - القلم -
- عبادة الميكرفون صناعة الكفار
- مُطاردة ... أربع قصائد


المزيد.....




- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منى نوال حلمى - رجل أحبه اسمه - عادل خيرى - النجم اللامع رغم الجحود والنسيان