أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - منى نوال حلمى - ما أهمية الفحولة الجنسية ؟













المزيد.....

ما أهمية الفحولة الجنسية ؟


منى نوال حلمى

الحوار المتمدن-العدد: 7624 - 2023 / 5 / 27 - 17:40
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


---------------------------------------------
حياة العرب كلها تنافضات فى تناقضات . هناك تناقضات ايجابية ، صحية ، ضرورية للتقدم ، وكشف الحقائق ، ومعالجة المرض من جذوره .
لكن التناقضات التى يعيش العرب فى كنفها ، ويستميتون فى استمرارها ، ويقتلون من أجلها القريب والبعيد ، والتى أصبحت فعلا ملمحا أساسيا من ملامحهم ، وأحد التعريفات الدالة على هويتهم ، هى تناقضات فى اختلال التفكير ، واعتلال التقاليد ، واعوجاج الأولويات . تناقضات من بؤس مرضها ، تدعو الى الضحك .
والأكثر بؤسا أن العرب يغلقون كل ثغرة ، يمكن أن تشفيهم . وهم يتكتلون ويتضامنون ، هم المعروفون بعجزهم عن التكتل والتضامن ،
فى جبهة واحدة من المحيط الى الخليج ، بكل أسلحتهم لكى يخرسوا
الأصوات التى تنقدهم ، وتوضح كيف أنهم أسرى قيم موروثة تمرضهم كل يوم .
أكبر وأخطر هذه التناقضات ، هى علاقة العرب بأجسادهم التى اختصروها فى الجنس ، والعلاقة الحميمة مع جسد المرأة .
لا يوجد على وجه الأرض ، شعوب " تحتقر " الجنس والجسد ، مثل الشعوب العربية . لا يوجد على وجه الأرض ، شعوب " مهووسة " بالجنس والجسد ، مثل الشعوب العربية .
وما بين " الاحتقار " ، و" الهوس " ، تحدث الجرائم ، والخيانات ، والتدنى الأخلاقى ، وفشل العلاقات ، والتعاسة ، وعقد الذنب ، وتأنيب الضمير ، والكذب .
والنتيجة أن العرب يحتلون المراكز الأولى فيما تسمى جرائم الشرف والتحرش ، والختان للاناث والذكور ، والتحرش الجنسى ، والشتائم الجنسية ، والعنف ضد النساء ، واغتصاب المرأة ، والكبت الجنسى ، ومشاهدة الأفلام الجنسية ، وتعدد الزوجات ، وتغطية المرأة ، وترقيع غشاء البكارة الذى أصبح جائزا فى بلادنا بفتوى شرعية ، وتحريم الحب وتجريمه بالشرع والعُرف ، واقتصار الشرف فى الأفعال الجنسية ، واختصار معنى الرجولة فى الفحولة الجنسية ، واختصار الأنوثة فى المفاتن الجنسية التى تجذب الرجال جنسيا ، وأفظع الفضائح والعار ، هو كشف العلاقات الجنسية فى الأسرة ، وممارسة الجنس تحت بير السلالم ، فى الظلام ، والشقق المفروشة المخصصة لهذا الغرض ، والنهى عن تدريس الثقافة الجنسية للجنسين عبر مراحل التعليم المختلفة .
كل هذه الأشياء المتنوعة وغيرها ، يدل على " احتقار " الجنس والجسد ، واعتبارهما أكبر الخطايا وأصل الدنس ومنبع كل الشرور .
وفى الوقت نفسه ، لا شئ يشغل بال العرب ، الا الجنس ، وكيف يثبت الرجل قوته الجنسية التى هى أهم ما فيه ، وكيف تثبت المرأة قدرتها الجنسية فى جذب الرجل ، التى هى أهم ما فيها . العرب لديهم
" هوس " جنسى طوال الوقت ، وهم يفسرون أغلب الأشياء والعلاقات من منظور الجنس .
ولذلك هم ينفقون أكثر من 15 مليار دولارا سنويا ، على المنشطات الصناعية ، مع أن غالبية الدول العربية ، فقيرة ، تأكل وتشرب وتسكن وتُعالج وتتعلم فى ظروف اقتصادية لا تُحسد عليها . واذا كان الرجل العربى ، لا يستطيع شراء المنشطات الجنسية ، فانه يلجأ الى طريقة أرخص ، وهى الاستعانة بالمشايخ ، ليعطوهم زيوتا أو أنواعا من الأعشاب ، أو يعملون له حجابا ، يضعه تحت المخدة ، وهو على وشك اثبات أهم ما فيه .
اذا كان 15 مليارا دولارا ، تنفقها البلاد العربية ، سنويا على المنشطات الجنسية ، فهذا يشير الى خلل ، واختلال ، فى علاقة الرجل العربى ، بالجنس . وتدل على أن العلاقة بين الرجال العرب ، والنساء العرب ، تعانى من أزمة حقيقية ، لا تقل عن الأزمات السياسية والاقتصادية ، والثقافية والدينية والنفسية والأخلاقية والبيئية .
مع كل قرص يبتلعه الرجل ، قبل المعاشرة الجنسية ، يكون قد ابتلع الوهم ، أن تركيبا كيميائيا ، هو الحل السحرى ، السريع ، لمشكلته الجنسية ، مع المرأة .
يبتلع الرجل وهم تنشيط الرجولة ، كما يبتلع الضوضاء ،
و الحروب ، والابادة الاجرامية للشعوب باسم الديمقراطية والسلام ، والانحدار الأخلاقى ، وغياب العدالة ، ونقص الحريات ، ودم الشهداء ، وارتفاع الأسعار ، والفن الردئ ، وكذب الاعلام .
أن يمتد الزيف إلى إحساس الجسد ، وانتشاء الروح ، فهذا جزء ضرورى من الحصار ، الذى يستهدف ، خلق انسان بانسانية مشوهة ، مجزأة ، تخدم تشوه ، وتجزؤ الانسانية عالميا ، ومحليا .
رجل ينفق بسخاء لاحداث " الانتصاب " العضوى ، فى علاقة أصلا ، مصابة " بالارتخاء " المزمن ، انسانيا ، وعاطفية . وامرأة استغنت عن الانسجام الفكرى المتجدد ، " بكفاءة ميكانيكية " ، فورية الصنع ، فورية النتيجة . تماما ، مثل اشباع الوجبات السريع ، التى تضر ، أكثر من أن تفيد . الفارق هائل بين " وجبة على السريع "، والطعام " البيتى " ، الدسم ، الممتلئ بكل مقومات الغذاء الصحى . رجل ، تتهاوى كل الأشياء من حوله ، ولا يهمه الا لحظة مؤقتة ، لاثبات مقياس الرجولة الساذجة ، المنحصر على الأداء العضلى . وامرأة ، تنسى أنها " متاع ذكورى " ، و " ملكية ذكورية " ، و " أرض ذكورية " ، محتلة ، وجاهزة تحت الطلب ، حينما تئن الشهوة الذكورية . لكنها لا تكتفى بذلك ، بل تستسلم أيضا ، لعلاقة " آلية " ، واجبة الاشباع بأى ثمن .
إن الرجل السوى ، المحب ، تحرر من الحاح الغرائز الحيوانية الدونية . يرى الجنس ، أكمل تعبير عن التناغم بينه ، وبين امرأة ، يشتهيها بالعقل ، والعاطفة ، والجسد . امرأة لا تقل عنه حرية ، وإنسانية ، و كرامة .
مع هذا التناغم ، يحدث تناغم آخر ، بين الطرفين من ناحية ، وبين الكون المحيط . هنا يصبح الجنس ، نبوءة ، وكشف للأسرار ، وعلاج للروح التى تشعر بالغربة ، واضاءة جديدة للدروب المظلمة . والنتيجة ، هى " السعادة " الجنسية . وليس " الاشباع " الجنسى ، الذى يتولد من علاقات مريضة ، غير متكافئة ، لقتل الوقت والتسلية ، ولانجاب النسل . " الاشباع " الجنسى شئ . لكن " السعادة " الجنسية ، شئ آخر ، مختلف شكلا ، وجوهرا ، ودلالة ، وفلسفة .
نحن نعيش فى مجتمعات ، وفى عالم ، غير انسانى ، مقلوب المقاييس . عالم ، تسيره علاقات كلها ، بين طرف أعلى ، وطرف أدنى . عالم الإنسان المتصارع مع أجزائه . عالم فى تناقض جوهرى ، وعداء أصيل ، مع العدالة ، والحرية . بدون عدالة ، بدون حرية ، يستحيل الحب الحقيقى ، تستحيل السعادة الجنسية . بدون حرية ،
لا نتذوق أبدا " الفرح الجنسى " ، الذى لا يشترط التورط الجسدى المتلاصق ، أو حتى التقاء جسدين ، للوصول الى ما يسمونه " المحطة الأخيرة " . يمكننا الاحساس بالفرح الجنسى ، بأشياء لا تمت للجنس التقليدى ، الموروث ، بأى صلة . الفرح الجنسى ، لا محطة أخيرة له .
هناك " صفقات " عاطفية ، " مشروطة . هناك " تبادل " منفعى لأدوار ، واحتياجات محددة ، ومبرمجة سلفاً . وهناك " نجاح " جنسى بين أجساد مغتربة ، لا تجد الرضا ، الا فى اشباعات عابرة ، هى الأخرى بالضرورة ، " مغتربة " .
العلاقة الحميمة بين الرجل ، والمرأة ، ليست علاقة جسدية . ربما الجسد ، هو " الوسيط " . لكنها علاقة " فكرية " ، " وجدانية " ، " حضارية " ، " فلسفية " ، فى المقام الأول . ولذلك هى تنتج
السعادة ، البهجة ، والامتلاء ، والثراء ، فى كل معانيه ، وأبعاده . الأدوية ، والأعشاب ، وبعض أنواع الطعام ، والشراب ، ومشاهدة الأفلام المثيرة جنسيا ، كلها أدوات " مفتعلة " ، و" محفزات " ،
صناعية ، خارجية ، لتعويض الشئ الأصلى الناقص .
هذه المحفزات المفتعلة ، هى التى تجعل بلادنا ، فى الصفوف الأخيرة لجودة الحياة ، والسعادة ، والصدق مع الذات ومع الآخرين .
ماذا تفيدنا الفحولة الصناعية أو الطبيعية ، فى بناء نهضة مصر ، وتجديد أفكارها ، والشفاء من الأمراض المزمنة ؟؟.
ومنْ قال أن الفحولة الجنسية ، شئ بهذه الأهمية ، التى نكاد نقدسها ؟؟. وهى مقدسة بالفعل .



#منى_نوال_حلمى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 22 مايو 2023 الرحيل السادس لأبى شريف حتاتة عشت عمرى معه ولم ...
- رد شرف الراقصة
- التنميط والبرمجة لافتعال الفرح فى الأعياد
- لا أحد يحب الفقراء الا أمهاتهم
- حتى - فساتينى التى أهملتها - فرحت بى وأنا أكتب لذكرى ميلاده ...
- كانت أمى .. قصيدة فى يوم ذكرى الرحيل الثانية
- الصفقة .. أخيرا قررت قصيدتان
- رجل أحبه اسمه - عادل خيرى - النجم اللامع رغم الجحود والنسيان
- 8 مارس والبيعة الفاسدة
- رائحة العُهر المرخص ... خمس قصائد
- الكهنوت الذى يمشى مختالا فى طرقات الدولة المدنية
- رجل .... أربع قصائد
- يا منْ تتسلق الجبال .. لك الاختيار ....... قصيدتان
- ليلة فالنتين ... قصيدة
- - مى - أختى لم تنجبها أمى وشبيهتى الى حد الأسى والمرارة
- اعادة فهم العاطفة .. أرقى ما نملك
- يا أنت .. ماذا أريد منك .. امرأة البحر ...... ثلاث قصائد
- لست امرأة الأبد .... خمس قصائد
- 30 يناير اغتيال - غاندى - : الحقيقة تبقى حقيقة حتى لو لم يؤم ...
- هو لا يتكلم وأنا لا أعود ... قصة قصيرة


المزيد.....




- كيف تمكنّت -الجدة جوي- ذات الـ 94 عامًا من السفر حول العالم ...
- طالب ينقذ حافلة مدرسية من حادث مروري بعد تعرض السائقة لوعكة ...
- مصر.. اللواء عباس كامل في إسرائيل ومسؤول يوضح لـCNN السبب
- الرئيس الصيني يدعو الولايات المتحدة للشراكة لا الخصومة
- ألمانيا: -الكشف عن حالات التجسس الأخيرة بفضل تعزيز الحماية ا ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تدعم استقلال تايوان
- انفجار هائل يكشف عن نوع نادر من النجوم لم يسبق له مثيل خارج ...
- مجموعة قوات -شمال- الروسية ستحرّر خاركوف. ما الخطة؟
- غضب الشباب المناهض لإسرائيل يعصف بجامعات أميركا
- ما مصير الجولة الثانية من اللعبة البريطانية الكبيرة؟


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - منى نوال حلمى - ما أهمية الفحولة الجنسية ؟