|
رواية للفتيان صخرة آي طلال حسن
طلال حسن عبد الرحمن
الحوار المتمدن-العدد: 7729 - 2023 / 9 / 9 - 00:00
المحور:
الادب والفن
رواية للفتيان
صخرة آي
طلال حسن
صخرة آي
إشارة : آي .. بمعنى الحب .
شخصيات الرواية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ جيزوكي ـ الصياد
2 ـ اوكوريها ـ زوجة الصياد
3 ـ آي ـ ابنة الصياد
4 ـ ساغيو ـ الأمير
5 ـ الملكة ـ أم الأمير
6 ـ الرجل الضخم
" 1 " ـــــــــــــــــــ قبل غروب الشمس ، عاد جيزوكي من عرض البحر ، بقاربه الصغير المتهالك ، وقد اصطاد عدة سمكات متوسطة الحجم ، تكفيه هو وابنته الفتية آي . وسحب القارب بعيداً عن الماء ، وحمل السمكات ، وتلفت حوله ، أين آي ؟ إنها على غير عادتها ، لم تحضر لاستقباله ، وحمل ما اصطاده من أسماك . واتجه بخطواته ، التي أثقلها التعب ، إلى الكوخ الصغير ، الذي يختبىء يبين الأشجار ، عن عيون الفضوليين والقراصنة والأشرار ، لابدّ أن ابنته آي ، تعد له الطعام في الكوخ ، فهي تعرف أنه يحب الطعام الساخن ، ولا يطيقه إذا برد . وحين دخل جيزوكي الكوخ ، وجد قدر الطعام على النار الخابية ، لكنه لم يجد أثراً لابنته الفتية آي ، ترى أين هي ؟ من يدري ، لعلها في المزرعة الصغيرة ، التي أنشأها هو وزوجته الراحلة اوكوريها . وعلى الفور ، وضع السمكات جانباً ، وخرج من الكوخ قاصداً المزرعة الصغيرة ، لكن ها هي المزرعة ، ولا وجود فيها لابنته الفتية آي . وتلفت حوله ، لعله يرى آي في مكان قريب ، لكنه لم يرَ لها أي أثر ، ولمعت في ذهنه زوجته اوكوريها ، آه لعلها ذهبت لزيارة أمها ، يا للبنية الحبيبة ، كم هي عاطفية ، لم تنسَ أمها ، ولن تنساها ، رغم أنها كانت طفلة ، عندما مرضت أمها ، ورحلت عن هذا العالم . وأسرع جيزوكي إلى قبر زوجته اوكوريها ، الذي اختارته هي نفسها ، فوق مرتفع مشجر يطل على البحر ، لكن آي لم تكن هناك أيضاً . وتوقف جيزوكي على المرتفع ، وعيناه تطوفان فيما حوله ، ثم توقف متنهداً ، آه لم يبقَ إلا مكان واحد ، الصخرة ، صخرة آي ، المطلة على البحر ، وأسرع إليها ، رغم شعوره بالتعب ، وشعر بالارتياح حين رآها تجلس على الصخرة ساكنة كأنها تتعبد . واقترب جيزوكي منها ، وجلس إلى جانبها ، دون أن ينبس بكلمة ، وما إن شعرت به ، حتى التفتت إليه ، وقالت : أبي ! وتنهد جيزوكي ، وقال : بحثت عنك في كلّ مكان ، ولكن فاتني أنك هنا ، فوق هذه الصخرة .. وصمت لحظة ، ثم قال : أمك كانت تجلس هنا ، فوق هذه الصخرة . وبصوت حزين ، قالت آي : آه .. أمي . وطفت على شفتي جيزوكي ابتسامة حزينة ، وقال : كانت تنتظر عودتي من عرض البحر ، في قاربي الصغير ، وفيه ما اصطدته من السمك . ونظرت آي إلى أبيها ، وقالت : أنا أيضاً أنتظر . وصمتت آي ، وأحس جيزوكي بالحزن الذي يرشح من صوتها ، وقال : بنيتي ، أنت شابة الآن . وران عليهما صمت حزين ، ومن بعيد كان قرص الشمس ، يدخل مثواه في أعماق البحر ، فنهض جيزوكي ، وخاطب ابنته قائلاً : الظلام سيحل بعد قليل ، هيا نمضِ إلى الكوخ . ونهضت آي ، وسارت إلى جانب أبيها ، وقالت له : لقد أعددت ما تحبه من طعام . فقال جيزوكي : رأيت القدر في الموقد . وقالت آي : أنت تحب الطعام اللذيذ ساخناً . والتفت إليها مبتسماً ، وقال : مهما كان الطعام لذيذ ، فلن يطيب لي أن آكله إلا وأنت قبالتي .
" 2 " ــــــــــــــــــ بعد أن تناولا العشاء ، ورتبت آي أواني الطعام ، نظرت إلى الموقد ، الذي كادت النار أن تخمد فيه ، ثمّ قالت لأبيها : لا أظن أننا بحاجة إلى النار . فردّ جيزوكي : نعم ، الجو دافىء اليوم ، لقد انتهى الشتاء ، وبدأت أولى بشائر الربيع . وجلست آي في فراشها ، وقالت : ليتك ترقد في فراشك يا أبي ، أنت متعب ، وستذهب غداً للصيد مبكراً . فقال جيزوكي : لن أذهب غداً للصيد ، سأبقى وأرعى المزرعة ، وأنظفها من الأعشاب . وتمددت آي في فراشها ، فقال جيزوكي : نامي أنتِ ، سأبقى قليلاً في الخارج ، إنني لا أشعر بالنعاس . وسحبت آي الدثار فوقها ، وقالت : تصبح على خير . فمضى جيزكو إلى الخارج ، وهو يقول : تصبحين على خير ، تدثري جيداً . لم تنم آي مباشرة ، رغم أن النعاس كان يثقل جفنيها ، وانتظرت أن يعود أبوها ، ويرقد في فراشه ، لكنه تأخر ، لابدّ أن هناك ما يشغله ، وماذا يشغله عير آي نفسها ؟ وسرعان ما غلبها النعاس ، واستغرقت في النوم ، دون أن تعلم متى عاد أبوها من الخارج . وعندما أفاقت آي صباح اليوم التالي ، لم تجد أباها في فراشه ، لابدّ أنه خرج مبكراً ، للعمل في المزرعة الصغيرة ، فنهضت من فراشها ، ومضت إلى المزرعة ، وهناك رأته فعلاً ، منهمكاً في العمل ، فحيته قائلة : صباح الخير ، يا أبي . فرفع جيزوكي عينيه إليها ، وقال : صباح النور ، إنني أوشك أن أنتهي . فقالت آمي : لا تستعجل ، يا أبي ، سأقطف بعض الأزهار ، وآخذها إلى أمي . وعاد جيزوكي إلى عمله ، وهو يقول : اقطفي باقتين ، سنذهب معاً إلى اوكوريها . وقطفت آمي باقتين من الورود البرية الجميلة ، وقدمت واحدة لأبيها ، حالما انتهى من عمله في المزرعة ، ومضيا معاً صامتين إلى قبر اوكوريها . وبصمت ، وحزن ، وضعا باقتي الورد على القبر ، الذي نمت عليه حشائش الربيع ووروده ، ثم نظرت آي إلى أبيها ، وقالت : أبي ، إنني أحاول أن أتذكر ملامح أمي دائماً ، دون جدوى ، وهذا ما يحزنني ، آه كم أتمنى لو أراها . ونظر جيزوكي إليها ، وابتسم لها ، ثم قال : بنيتي ، انظري في بركة ماء صافية ، وسترينها . وصمت لحظة ، ثم قال : أنتِ تشبهينها تماماً . ومدّ جيزوكي يده ، وأخذ يد ابنته آي ، وسارا معاً ، جنباً إلى جنب ، عائدين إلى الكوخ ، وفي الطريق ، قال جيزوكي ، كأنما يحدث نفسه : لو أن أمك معنا الآن ، لطلبت مني أن نعود من حيث أتينا . ولاذت آي بالصمت لحظات ، ثم نظرت إلى أبيها ، وقالت : ربما كان عليكما أن تبقيا حيث كنتما . ونظر جيزوكي إلى البعيد ، وقال : نشب قتال دموي في جزيرتنا ، خفت عل أمك ، وخافت عليّ ، فاخترنا أن نهرب من النار ، ودفعت الأمواج قاربنا إلى هذه الجزيرة ، الضائعة في هذا البحر . وصمت لحظة ، ثم قال بصوت دامع : عشنا هنا في الجنة ، وخاصة بعد أن ولدت أنتِ ، إلى أن مرضت اوكوريها ، ورحلت ..
" 3 " ـــــــــــــــــــ فوجئت آي ، بعد ظهر اليوم التالي ، وهي منهمكة في إعداد طعام العشاء ، بأبيها جيزوكي يعود من عرض البحر ، دون أن يأتي بسمكة واحدة . ورفعت آي عينيها مندهشة ، وقالت : أبي ! ومدّ جيزوكي يده المضطربة ، وأغلق الباب ، دون أن يلتفت إليها ، فتركت الطعام ، ونهضت قائلة : أبي ، أراك قلقاً ، ما الأمر ؟ وحدق جيزوكي فيها ، ثم قال : هل خرجت من الكوخ هذا اليوم ؟ فهزت آي رأسها ، وردت قائلة : لا ، لم أخرج ، فقد كنت مشغولة بإعداد الطعام . واتجه جيزوكي إلى النافذة الصغيرة ، وأزاح عنها الستارة ، وتطلع ملياً إلى الخارج ، فقالت آي : لابدّ أن هناك شيء يقلقك ، يا أبي ، أخبرني ، ما هو ؟ ورمقها جيزوكي بنظرة خاطفة ، ثم قال لها بصوت مضطرب : فكرت أنك ، ربما ، سمعت شيئاً ، شيئاً غريباً ، يحدث في الجوار . ولاذت أي بالصمت مفكرة ، وقد بدا في عينيها شيء من القلق ، ثم قالت : لا ، لم أسمع ما يريب ، وكل شيء كان في الخارج طبيعياً . وصمتت لحظة ، واقتربت من أبيها ، وقالت : أخبرني ، يا أبي ، أنت تقلقني ، ماذا جرى ؟ وهزّ جيزوكي رأسه ، دون أن ينبس بكلمة ، فتابعت آي قائلة : لقد خرجت اليوم مبكراً كالعادة ، لكنك عدت قبل أوان عودتك ، ومن غير أن تأتي بسمكة واحدة ، هناك شيء لا أعرفه ، صارحني ، يا أبي ، إنني قلقة . فنظر جيزوكي إليها ، ثم قال : عندما خرجت صباح اليوم ، إلى البحر للصيد ، لمحت من بعيد سفينة متجهة نحو جزيرتنا .. وتمتمت آي مذهولة : سفينة ! وتابع جيزوكي قائلاً : فابتعدت عنها ، خشية أن يراني بحارتها ، ورحت أراقبها من بعيد ، لأرى ماذا سيفعلون ، إذا وصلوا إلى الجزيرة .. وتمتمت آي وكأنها تحدث نفسها : سفينة .. وبحارة .. أمر لا يكاد يُصدق .. وتابع جيزوكي قائلاً : وتوقفت السفينة على مسافة من الشاطىء ، وأنزل منها قارب صغير ، جلس فيه شاب دون العشرين ، وجلس قبالته رجل ضخم مدجج بالسلاح ، وجذف الرجل الضخم بقوة ، حتى وصل الشاطىء ، فنزل من القارب ، وأنزل الشاب معه . وصمت جيزوكي ، ثم تابع قائلاً : وتوغلاً في الغابة ، وظلت السفينة في مكانها ، وأطل منها عدد من البحارة المدججين بالسلاح .. ونظرت آي إلى أبيها ، وقالت : والرجل الضخم والشاب ، ماذا جرى لهما ؟ فردّ جيزوكي قائلاً : بعد فترة طويلة ، عاد المسلح الضخم وحده ، هذا ما خيل إليّ أنني رأيته ، واستقل القارب إلى السفينة ، وصعد إليها ، وسرعان ما أقلعت السفينة ، حتى غابت في الأفق . ولاذت آي بالصمت حائرة ، ثم تنهدت ، وقالت : أمر لا يصدق ، يا أبي . وأطرق جيزوكي رأسه ، ثمّ قال : أنا نفسي لا أكاد أصدقه ، يا بنيتي آي ، لكن مهما يكن ، علينا أن نكون حذرين ، فالأيام على ما يبدو .. حبلى .
" 4 " ــــــــــــــــــ لم يخرج جيزوكي للصيد في اليوم التالي ، ولا في اليوم الذي تلاه ، وإنما راح يترصد الشاب ، الذي رأى الرجل الضخم ، ينزله من القارب إلى الشاطىء ، ثم يتوغل به في أعماق الغابة . وفي البداية ، اكتفى بالتجول في الجوار ، ومراقبة ما قد يجري في البحر ، أو على الشاطىء ، لكنه فيما بعد ، توغل في الغابة ، وراح يبحث في أرجائها عن ذلك الشاب ، أو أي أثر له ، لكن دون جدوى . وعاد في مساء اليوم الثالث ، من أعماق الغابة ، إلى الكوخ متعباً ، وحين نظرت ابنته آي إليه متسائلة ، قال لها : لم أجد أي أثر للشاب . وحولت آي عينيها عنه ، وقالت : لكنك قلت ، إنك رأيت الرجل الضخم ، يتوغل به في أعماق الغابة ، ثم عندما عاد الرجل الضخم إلى السفينة ، كان وحده . ورفع جيزوكي كتفيه ، وقال : هذا ما رأيته ، من يدري ، لعلّ عينيّ خدعتاني . وبعد العشاء ، نظر جيزوكي إلى ابنته ، ثمّ قال : آي .. وردت آي : نعم أبي . فتابع جيزوكي قائلاً : حان أن أعود للصيد .. ثمّ ابتسم ، وقال : وإلا سنتحول إلى أرانب . وقالت أي مدارية قلقها : كما تشاء ، يا أبي . وتمدد جيزوكي في فراشه ، استعداداً للنوم ، وقال لابنته : لكن عليك ، يا بنيتي ، أن تغلقي الباب جيداً ، ولا تفتحيه لأحد ، حتى أعود . واستيقظ جيزوكي مبكراً في اليوم التالي ، وتناول طعام الفطور مع ابنته آي ، وحين أراد أن يخرج ليذهب للصيد ، قال لها : بنيتي ، لا أظنك خائفة . وحدقت آي فيه ، دون أن تبتسم ، وقالت : أنا ابنتك آي . ومضى إلى شاطىء البحر ، حيث قاربه الصغير ، وهو يقول : حقاً أنت ابنتي . وقبل أن تغلق آي الباب ، قالت : رافقتك السلامة . لم تفتح آي الباب طول النهار ، بل إنها لم تقرب النافذة الصغيرة ، وتركتها مغلقة طيلة الوقت ، وإن كانت تقترب من الباب ، بين حين وآخر ، وتنصت إلى ما قد يجري في الخارج ، إلا أنها لم تسمع ما يريب . وظلت طوال النهار ، ترتب الأثاث ، وتعيد ترتيبها ، وتتشاغل بإعداد طعام العشاء ، إلا أنها ، ربما ، لا تريد أن تفكر في الشاب ، الذي تحدث عنه أبوها ، رغم أنه لم يغب عن تفكيرها لحظة واحدة . وجفلت حوالي العصر ، عندما سمعت الباب يُطرق ، وعلى غير عادتها ، هتفت : من بالباب ؟ وجاءها صوت أبيها : أنا ، افتحي ، يا قمر الجزيرة . وأسرعت آي تفتح الباب ، وهي تتمتم فرحة : أبي .. ودخل جيزوكي ، يحمل بيده عدة سمكات ، وقال لها مبتسماً : الصيد وفير اليوم ، يكفينا عدة أيام . ومدت آي يدها لتأخذ السمك ، وهي تقول : سأنظف سمكة في الخارج ، وأشويها للعشاء . فأبعد جيزوكي يده بالسمك ، وهو يقول : لا يا بنيتي ، سأنظفها أنا اليوم ، ولكِ أن تشويها . فابتسمت آي ، وقالت : آه منك ، يا أبي .
" 5 " ـــــــــــــــــ جلست آي ، وأبوها جيزوكي ، متقابلين ، حول طعام الإفطار ، وراحا يأكلان صامتين ، ثم رمقت آي أباها بنظرة خاطفة ، وقالت : يبدو أنك لن تخرج إلى البحر هذا اليوم ، يا أبي ، رغم أن الجو ملائم للصيد . وردّ جيزوكي ، وهو يأكل : ولن أخرج غداً ، وربما لن أخرج بعد غد أيضاً . وهمهت آي : هم م م م .. وكأنها تقول ، إنها تعرف السبب . ونظر جيزوكي إليها ، وابتسم قائلاً : أعرفك تحبين الفطر ، يا آي . وابتسمت آي فرحة ، وقالت : نعم ، أحبه جداً . فقال جيزوكي : سأخرج بعد الإفطار ، وأجني لك ما تريدينه من الفطر من الغابة . فنظرت آي إليه ، وقالت مازحة : أنا أخاف عليك من السير وحيداً في الغابة ، يا أبي . وردّ جيزوكي مبتسماً : آي .. فقالت آي بحماس : مهما يكن ، لن أدعك تذهب وحدك إلى الغابة ، سآتي معك . وخرجا معاً من الكوخ ، بعد أن فرغا من تناول طعام الإفطار ، وسارت آمي ، لكن جيزوكي لم يلحق بها ، إلا بعد أن أغلق باب الكوخ . وسارا جنباً إلى جنب ، متجاوزين مزرعتهما الصغيرة ، متجهين نحو أعماق الغابة الواسعة ، تاركين وراءهما البحر ، الذي يمتد إلى ما لا نهاية . وتلفتت آي حولها فرحة ، وهتفت قائلة : آه ما أروع الجو هذا اليوم ، يا أبي . وتنشق الأب الهواء ملء صدره ، وهتف محاكياً ابنته آي : إنه الربيع ، يا آي . وتوغلا في الغابة ، التي مسها الربيع بعصاه السحرية ، فبث الأزهار في كل مكان ، وأطلق فوقها أفواج من النحل والفراشات ، ومنح الأشجار ، التي أخلق الشتاء كساءها ، ثياباً جديدة زاهية الخضرة . لكن الربيع وبهرجته ، لم يخفِ عن آي ، توجس أبيها وقلقه ، التي تعرف بواعثه ، ورغم ذلك ، سار أبوها إلى جانبها ، دون أن يتلفت . وتوقف جيزوكي ، وأشار إلى ما حوله على الأرض ، وقال : أي ، انظري ، الفطر هنا كثير ، فلنجنِ منه ما يكفينا لهذا اليوم ولغد أيضاً . وحدقت آي فرحة ، في الفطر الذي حولها ، وهتفت قائلة : فلنجنِ الكثير ، لا أطيب من الفطر . وانهمكا في جني الفطر ، ولاحظ جيزوكي أن آي تبتعد عنه قليلاً ، فهتف بها : آي ، لا تبتعدي عني ، أريد أن أضع ما أجنيه من فطر في سلتك . وهمهمت آي ، إنها تعرف السبب ، وهي نفسها لا تريده أن يكون بعيداً عنها للسبب نفسه ، وتوقفت أي أمام فطر ذا ألوان زاهية ، وقالت : يا لجمال هذا الفطر . ونظر جيزوكي حيث تنظر آي ، وقال لها : هذا جمال قاتل ، يا بنيتي ، إنه فطر شديد السمية ، إياك وأن تأكلي منه ، مهما كنت جائعة . وانهمكا ثانية في جني الفطر ، من بين الأشجار ، حتى امتلأت السلة تقريباً ، فرفعت آي رأسها ، وقالت : كفى ، يا أبي ، لقد امتلأت السلة . فتوقف جيزوكي ، وقال : حسناً ، لنعد إذن . وقفلا عائدين ، يسيران جنباً إلى جنب ، وآي تحمل سلة مليئة تقريبا بالفطر ، دون أن ينتبها مرة واحدة ، إلى أنهما كانا طول الوقت ، مراقبين من الشاب الفتيّ ، الذي يتخفى وراء إحدى الأشجار الضخمة .
" 6 " ــــــــــــــــــ في مساء اليوم التالي ، جلست آي وأبوها يتناولان طعام العشاء ، وأي عشاء ، سمكة شوتها آي بطريقتها المميزة ، ومعها بعض الفطر اللذيذ . وانحنى جيزوكي قليلاً على السمكة ، واستنشق ملء صدره ، روائحها التي تثير الشهية ، وقال : آه ما أشهى هذه السمكة ، وخاصة بعد عمل في المزرعة . ورمقت آي أباها ، بنظرة ذات معنى ، ثم قالت : هذه آخر سمكة ، يا أبي . وهزّ جيزوكي رأسه ، وقال : هذا يعني ، أنك مللت مني يا ابنتي آي ، وأنك تريدين إرسالي يوم غد إلى عرض البحر ، وابقائي طول اليوم بعيداً عن الكوخ . وابتسمت آي ، وقالت : هذا إذا لم ترد أن نكون أرانب ، منذ يوم غد . فمال جيزوكي عليها ، وقال : هناك بديل .. وحدقت جيزوكي به ، وقالت : ما هو ؟ فرد جيزوكي قائلاً : أن أصطاد لك أرنباً . وعلى الفور ، قالت آي : كلا . وضحك جيزوكي ، وقال : الأرانب والطيور ليست للأكل ، هذا شعارك . وقالت آي : ويجب أن يطبق . ونظر جيزوكي إلى السمكة المشوية ، وقال : من حسن الحظ ، أن السمك ليس من ضمن الشعار ، وإلا صرت أرنباً ، هيا نأكل . ومدّ جيزوكي يده إلى السمكة المشوية ، وقبل أن يقطع شيئاً منها ، توقف وقلبه يخفق بشدة ، إذ ارتفع من الباب نقر غريب ، وشهقت آي خائفة : أبي .. وقال جيزوكي يطمئنها : لا تخافي ، لعلها الريح . لكن ما سمعاه ، لم يكن الريح ، فقد ارتفع النقر على الباب ثانية ، وبصوت أعلى قليلاً ، فنهض جيزوكي ، وقال لآي : ابقي في مكانك ، سأنظر ما الأمر . وفتح الباب بحذر ، وفوجىء بالشاب يقف صامتاً تحت ضوء القمر ، ومن مكانها هتفت آي بصوت خائف : من بالباب ، يا أبي ؟ وجاءها صوت فتيّ لم تسمه من قبل : ضيف . وخفق قلب آي بشدة ، لكنها اطمأنت قليلاً ، عندما سمعت أباها يقول : أهلاً بالضيف ، أهلاً ومرحباً . وجاءها صوت الشاب يقول : عفواً للإزعاج . فقال جيزوكي : تفضل إلى الداخل . وتنحى قليلاً ، وعلى ضوء القنديل الخافت ، رأت آي الشاب ، الذي تحدث عنه أبوها ، يجتاز الباب ،ويحييها قائلاً : طاب مساؤك . ونهضت آي مضطربة ، وقالت بصوت حيي : طاب مساؤك ، أهلاً ومرحباً بك . وأغلق جيزوكي الباب ، وخاطب الشاب قائلاً : تفضل ، وتناول معنا طعام العشاء . وجلس الشاب قريباً من السمكة المشوية ، وقال : يبدو أنه عشاء شهي ، سمكة وفطر . وجلست آي ، وإلى جانبها جلس جيزوكي ، وقال : هذا العشاء أعدته ابنتي آي . وابتسم الشاب ، ومدّ يده إلى السمكة المشوية ، وقطع شيئاً منها ، وهو يقول : هذا أول عشاء حقيقي أتناوله على هذه الجزيرة . وتوقف عن وضع الطعام في فمه ، ونظر إلى جيزوكي ، ثم إلى آي ، وقال بصوت متردد : ربما تتساءلون من أنا ، وكيف جئت إلى هذه الجزيرة ، و .. وقاطعه جيزوكي بلطف قائلاً : ستبرد السمكة المشوية ، هذا أمر يعود لك ، تفضل كلْ الآن .
" 7 " ـــــــــــــــــ على ضوء القنديل الخافت ، بعد العشاء ، جلس كلّ منهم على فراشه ، وقد ران الصمت فوقهم ، ورمق جيزوكي الشاب بنظرة سريعة ، ثم قال : أرجو أن تكون جزيرتنا قد راقتك . ونظر الشاب إليه ، وقال : راقتني جداً ، فهي جزيرة جميلة ، وتبدو آمنة . وقالت آي : نعم ، إنها رائعة جداً . وقال جيزوكي : جزيرتنا آمنة فعلاً ، وهي خالية من الحيوانات الضارية المفترسة . وصمت لحظة ، ثم نظر إلى الشاب ، وقال : هذه الجزيرة لم يكن فيها أحد غيرنا . وابتسمت آي ، وخاطبت الشاب قائلة : والآن جئت أنت ، من عالم آخر . وتمتم الشاب محرجاً : نعم ، جئت ، جئت إلى جزيرتكم ، وأرجو أن لا أثقل عليكم . فقال جيزوكي : لا يا بنيّ ، الجزيرة ليست لنا ، إنها للجميع ، ونحن في الحقيقة لجأنا إليها ، أنا وزوجتي ، قبل أن تولد ابنتي آي . وتلفت الشاب حوله ، ثم نظر باتجاه الخارج ، وقال : يبدو لي ، أن الجو في الخارج ، مريح الآن . وسارعت آي لتأييده ، فقالت : نعم ، مريح جداً ، خاصة وأن القمر ، بدر اليوم فوق الجزيرة . ونهض جيزوكي ، وقال : مادام الأمر كذلك ، لنمضِ إلى الخارج ، ونبقَ هناك بعض الوقت . وفتح الباب ، ومضى إلى الخارج ، فنهضت آي والشاب ، ولحقا بجيزوكي ، ووقفوا جميعاً في العراء ، تحت أشعة القمر ، الذي كان يطل من أعالي السماء . وبعد صمت طويل ، تنهد الشاب ، وقال : لابد أنكم تتساءلون من أنا ، ومن أين أتيت .. لم ينبس جيزوكي بشيء ، لكن آي نظرت إلى الشاب ، وقالت : أبي رآك ، حين نزلت من سفينة ، إلى قارب صغير ، بصحبة رجل ضخم مدجج بالسلاح .. وقال الشاب : نعم ، إنه الربان . وتابعت آي قائلة : وقال أبي ، بأنكما توغلتما معاً في الغابة ، وبعد حين عاد الرجل الضخم وحده ، وصعد إلى السفينة ، التي رحلت بعيداً عن الجزيرة . ولاذ الشاب بالصمت لحظة ، ثم قال : نعم ، هذا ما حدث ، عاد الربان ومن معه في السفينة من حيث أتوا ، وبقيت أنا وحدي على هذه الجزيرة . وصمت الشاب ، فقالت آي : لعلك ابنه ، ذلك الربان ، أو بحار من بحارته ، أو .. وصمتت آي لحظة ، ثم قالت ، وهي تتأمل الشاب : لكن ملابسك هذه ، لا تدل على أنك بحار .. وقال الشاب : نعم ، هذه الملابس ، أعطاني إياها الربان ، حين أنزلني على هذه الجزيرة . وهمت آي أن تواصل الكلام ، فقاطعها جيزوكي قائلاً : بنيتي ، ضيفنا متعب ، وأمامنا الأيام طويلة لنتبادل الحديث فيما بيننا . ونظرت أي إلى الشاب ، وقالت : عفواً . فقال الشاب : لا ، أسعدني جداً الحديث معكما ، أنا اسمي .. ساغيو . وران الصمت فوقهم ، يشاركهم فيه الليل والقمر والبحر ، الذي بدا في الليل ، هادئاً ، ساجياً ، تحت أشعة القمر الشاحبة الباردة . ونظر الشاب إلى جيزوكي ، وقال : ربما حان وقت النوم ، تفضلا إلى كوخكما ، وسأذهب أنا .. ونظرت آي إلى جيزوكي ، وقالت : أبي .. وحتى قبل أن تنهي آي من كلامها ، قال جيزوكي : لن ندعك تنام في العراء ، تعال ونم معنا في الكوخ ، ريثما ندبر لك مكاناً آمناً تأوي إليه .
" 8 " ــــــــــــــــــ خرج الشاب من الكوخ ، بعد أن تناول طعام الإفطار مع آي وجيزوكي ، وأزاح جيزوكي ستارة النافذة ، وراح يتطلع إلى الخارج ، فخاطبته آي قائلة : أبي .. ولعل جيزوكي أدرك ، ما أرادت أن تقوله آي ، فقاطعها قائلاً : اطمئني ، لن أخرج اليوم لصيد السمك ، وإنما سأبقى هنا في الكوخ . وتنهدت آي مطمئنة ، وابتسمت لأبيها ، وقالت : لا بأس أن نكون أرانب هذا اليوم . وتوقف جيزوكي عند الباب ، وقال : لديك بعض الفطر ، الذي جنيناه البارحة من الغابة ، ويمكنك أن تأتي بالخضار الذي تحبينه من المزرعة . واقتربت آي منه ، ونظرت إليه ، وقالت : هذا الشاب ، يبدو إنساناً طيباً . وردّ جيزوكي قائلاً : هذا ما يبدو .. وسكت لحظة ، ثم قال : لكن وراءه سرّ . ولاذت آي بالصمت ، فقال جيزوكي : لن نسأله عن سره ، مهما كان ، هذا شأنه ، ولن نتدخل فيه . ولاذت آي بالصمت لحظة ، ثم اتجهت إلى الخارج ، وهي تقول : سأذهب إلى المزرعة ، وآتي بما نحتاجه من الخضار . وفتحت الباب ، لتفاجأ بالشاب يقف متطلعاً إلى الغابة ، وما إن رآها ، تحمل السلة في يدها ، حتى قال لها : لابدّ أنك ستذهبين إلى المزرعة . وهزت آي رأسها ، وقالت : نعم ، سأجني بعض الخضار للغداء . واقترب الشاب منها ، وقال بصوت هادىء : سأرافقك ، إن لم يكن لديك مانع . وسارت آي ، وقالت : هذا يسرني ، تفضل ولحق الشاب بها ، وسار إلى جانبها ، ورمقها بنظرة خاطفة ، ثم قال : أرجو أن تسامحاني .. ونظرت آي إليه مندهشة ، فتابع قائلاً : قبل أن ألجأ إليكما في الكوخ ، أخذت بعض الخضار ، من مزرعتكم الصغيرة ، دون علمكم . وضحكت آي ، فقال الشاب : جعت في الأيام الأولى ، من وجودي في الغابة ، وحين رأيت المزرعة ، شعرت أنني وقعت على كنز . وقالت آي : وأكلت الخضار نيئاً ؟ فقال الشاب : بشهية كبيرة . وحين وصلا المزرعة ، جنت آي بعض الخضراوات ، ووضعتها في السلة ، ثم قالت للشاب : لنعد إلى الكوخ ، عليّ أن أعد الطعام للغداء . وقفلا عائدين ، وفي الطريق ، قالت آي : يبدو أنك غير متعود على الحياة ، في مثل هذه الجزيرة . فردّ الشاب قائلاً : نعم ، أنت محقة . وصمت لحظة ، ثم قال : لقد أبديت البارحة ، ملاحظة عن ملابسي ، الحقيقة إن هذه الملابس ، لم يعطني إياها الربان ، وإنما هي ملابسي . وابتسمت آي ، وقالت : عرفت أنك لست بحاراً . وهزّ الشاب رأسه ، لكنه لم ينبس بكلمة ، فقالت آي : لا تقل أي شيء ، لا تريد قوله . ونظر الشاب إليها ، ثم قال : إنني أثق بك ، وسأحثك عن كل شيء ، في الوقت المناسب . فقالت آي : أشكرك . وصمتت آي لحظة ، ثم قالت : بالنسبة لنا ، جاء أبي وأمي وحدهما إلى هنا ، وعاشا سعيدين ، وخاصة بعد ولادتي ، لكن سرعان ما مرضت أمي ورحلت ، وبقيت أنا وأبي وحدنا في هذه الجزيرة .
" 9 " ـــــــــــــــــ فوجئت آي وأبوها جيزوكي ، حين استيقظا من النوم صباحاً ، بعدم وجود ساغيو في فراشه ، وتلفتت آي حولها ، وتساءلت : ترى أين مضى ساغيو ؟ لم ينبس أبوها بكلمة ، وإنما نهض ، وفتح الباب ، وأطل برأسه على الخارج ، وأطال النظر حوله ، ثم قال : لعله مضى يتجول في الغابة . ونهضت آي بدورها ، وقالت : سأعد طعام الإفطار ، وننتظره ، لعله يعود قريباً . وأعدت آي طعام الإفطار ، وانتظرت هي وأبوها ، لكن دون جدوى ، وأخيراً قال جيزوكي : بنيتي ، لنفطر الآن ، فعليّ أن أذهب إلى المزرعة ، وأعمل فيها . ونظرت آي عبر النافذة الصغيرة ، ثم قالت : لننتظر بعض الوقت ، يا أبي ، لعله يأتي . وابتسم جيزوكي ، وقال : كما تشائين . وانتظرا بعض الوقت ، لكن ساغيو لم يأتِ ، ونظر جيزوكي إلى آي ، فقالت : حسناً ، لنفطر وحدنا ، ونترك فطوره جانباً ، ليتناوله متى عاد . وتناولا فطورهما صامتين ، وحين انتهيا من تناول الفطور ، نهض جيزوكي ، ومضى إلى المزرعة الصغيرة ، وظلت آي تتشاغل داخل الكوخ ، وتنتظر بصبر نافد عودة ساغيو . وعند حوالي منتصف النهار ، سمعت آي وقع أقدام في الخارج ، هذا ليس أبوها ، وانتفضت إلى الباب ، الذي تركته مفتوحاً ، وفوجئت بساغيو يدخل عليها ، وهو يحمل بين يديه خشفاً صغيراً . وتوقفت آي مندهشة ، ونظرت إلى الخشف ، وقالت : آه .. يا للخشف الجميل . وفرح ساغيو لفرح آي ، وقال لها : لن نأكل اليوم فطراً وخضراوات ، وإنما سنأكل هذا الخشف . وتراجعت آي عابسة ، وقالت مصدومة : ماذا ! فرد ساغيو قائلاً : لحم الغزال لذيذ ، يا آي . فقالت آي : هذا الخشف ليس ملكاً لنا .. وقال ساغيو متعجباً : أنا اصطدته ، فهو ملكي . وتابعت آي قائلة : إنه ملك أمه ، وسيبقى ملكاً لها ، وليس لأحد غيرها . ولاذ ساغيو بالصمت حائراً ، وفي الأثناء ، لاحت غزالة خارج الباب ، وتوقفت تنظر إلى صغيرها ، ثم صاحت بأعلى صوتها : ماااااء . فأخذت آي الخشف من ساغيو ، وخرجت به من الكوخ ، ووضعته قريباً من الغزالة ، وسرعان ما ركض الخشف إليها ، وهو يمأمىء فرحاً ، فانطلقت به أمه مهرولة صوب أعماق الغابة . وعادت آي إلى الداخل ، فرمقها ساغيو بنظرة حزينة ، وقال : عفواً ، أردت أن أفرحك ، لكن للأسف .. وقاطعته آي : نحن هنا لا نؤذي مثل هذه الكائنات . ولاذ ساغيو بالصمت ، فتابعت آي قائلة : انتظرناك لتفطر معنا ، لكن أبي كان يريد الذهاب إلى المزرعة ، ففطرنا أنا وهو . وقدمت له الإفطار ، فقات : عفواً ، لست جائعاً . ولاذت آي بالصمت محرجة ، ثم قالت له : لنخرج ونتمشى على الشاطىء ، الجو هناك مريح . وخرجا يتمشيان على الشاطىء ، ومن بعيد ، لاحت الصخرة المطلة على البحر ، والتي كان أبوها يسميها " صخرة آي " ، فقالت آي : إنني متعودة على الجلوس فوق تلك الصخرة ، تعال نجلس عليها الآن ، ونتأمل البحر معاً .
" 10 " ــــــــــــــــــــ أحب ساغيو الصخرة ، ربما لأنها صخرة آي ، أو لأنها تطل على البحر ، وراح يتردد عليها ، وخاصة بصحبة آي ، التي غدا لا يكاد يفترق عنها . وذات مرة ، وهما جالسان فوق الصخرة ، عند حوالي المساء ، نظر الشاب إلى آي ، وقال لها : يبدو لي ، يا آي ، أن الجلوس هنا ليلاً ، رائع جداً . وابتسمت آي ، وقالت : وخاصة إذا كان الليل مقمراً . وشع الفرح في عيني ساغيو ، فتابعت آي قائلة : لنجرب هذا ، عندما يكتمل القمر ، ويصير بدراً . وخلال هذه الفترة ، راح جيزوكي يأخذ ساغيو معه إلى المزرعة ، ويحاول أن يعلمه بعض الأعمال الزراعية غير المتعبة ، كما أخذه مرات إلى عرض البحر ، وأشركه معه في صيد السمك . وحدث ذات مرة ، أن اصطاد سمكة ، أم أنها هي التي اصطادته ؟ وعاد إلى الكوخ فرحاً ، وهتف بآي ، وهو يريها السمكة : أي ، انظري ، اصطدت سمكة . ونظرت آي إلى أبيها ، فهز رأسه موافقاً ، وقال : نعم ، هو الذي اصطادها . وحدق ساغيو في سمكته ، وقال : صحيح إنها ليست كبيرة ، لكنها .. البداية . وأخذت آي السمكة منه ، وقالت : لنحتفل اليوم لصيدك الأول ، ونقيم وليمة بهذه السمكة . وبالفعل شوت آي السمكة ، ومعها شوت سمك مما اصطاده أبوها ، وأعدت شيئاً من الفطر ، وجلسوا بعد غروب الشمس ، يحتفلون بذلك الصيد . وبين حين وآخر ، عندما لا يكون ساغيو موجوداً ، كانت آي تسأل أباها : كيف هو ؟ ساغيو . فيحاول جيزوكي أن يجيبها ، وقال لها مرة : إنه يتقدم ، ولكن ببطء .. ونظرت آي إليه صامتة ، فقال وهو يكتم ابتسامته : الحقيقة ، يبدو أنه لم يخلق ، للعمل لا في للزراعة ، ولا للصيد في البحر . ولاذت آي بالصمت لحظة ، ثم نظرت إلى أبيها ، وقالت : سيتعلم ، يا أبي ، نعم سيتعلم . ومع الأيام ، ألف جيزوكي ساغيو ، وازدادت ثقته به ، فتركه على حريته مع ابنته آي ، حتى أنه كان يذهب للمزرعة ، أو للصيد في البحر ، ويترك الشاب مع آي وحدهما في الكوخ . وراحت آي ، في مثل هذه الحالة ، تأخذ ساغيو إلى شاطىء البحر ، أو صخرتها ، صخرة آي ، وتستمع إليه ، وهو يتحدث في ما يريد هو التحدث عنه . وفيما كانا يجلسان فوق الصخرة ذات يوم ، قال ساغيو لآي : لاحظت أنك تحبين الأزهار . وابتسمت آي ، وقالت : نعم أحبها جداً ، والغابة مليئة بالأزهار الرائعة ، وخاصة في فصل الربيع . وقال ساغيو : لكن هناك أزهار أروع ، وأكثر تنوعاً ، تزرع في الحدائق . وصمت لحظة ، ثم قال وكأنه يحدث نفسه : كانت لنا حدائق .. حدائق كثيرة .. وصمت طويلاً ، ثم نظر إلى آي ، وقال : ما رأيك أن ننشىء حديقة ، حديقة صغيرة ، قرب الكوخ ؟ وابتسمت آي فرحة ، فتابع ساغيو قائلاً : ونزرع فيها ، أنا وأنت ، أزهاراً مختلفة . وصمت ساغيو ، وقد تراجعت ابتسامته حتى اختفت ، ثم قال وكأنه يحدث نفسه : لكن .. للأسف .. ليس لدينا بذور ، لا حديقة بلا بذور .
" 11 " ــــــــــــــــــــ أوى جيزوكي إلى فراشه ، بعد العشاء ، ونظر إلى ابنته آي وساغيو ، وخاطبهما قائلاً : إنني متعب ، سأنام ، تصبحان على خير . وردا عليه : تصبح على خير . وجلست آي ، وكذلك ساغيو ، كلّ في فراشه ، ولم يتمدد أيّ منهما استعداداً للنوم ، ولمعت عينا ساغيو ، ونظر الى آي ، وهمس لها : القمر الليلة بدر . ولمعت عينا آي ، لكنها لم تجب بشيء ، فنهض ساغيو من فراشه ، وتسلل إلى الخارج ، وسرعان ما نهضت آي ، ولحقت به . ووقفا جنباً إلى جنب ، قريباً من شاطىء البحر ، تحت ضوء القمر ، الذي كان يطل عليهما من أعالي السماء ، وقالت آي : آه ما أجمل القمر ، حين يكون بدراً . ونظر ساغيو إليها مبتسماً ، وقال : سيكون أجمل ، إذا جلسنا معاً فوق صخرتك . وضحكت آي ، وقالت : صخرتي ؟ فردّ ساغيو قائلاً : هذا ما يقول أبوك ، صخرة آي . ومدّ ساغيو يده ، وأمسك يدها ، وانطلق بها فرحاً ، وهو يقول : علينا أن لا تفوت هذه الفرصة ، هيا نذهب ، ونجلس فوق صخرة آي . ولم تمضِ إلا دقائق ، حتى كانا جالسين ، جنباً إلى جنب ، فوق صخرة آي ، المطلة على البحر ، والقمر المضيء يطل عليهما من أعالي السماء . وطال الصمت بينهما ، وما أجمله من صمت ، وأخيراً قطعته آي قائلة : ساغيو .. ونظر ساغيو إليها ، دون أن ينبس بكلمة ، فتابعت آي قائلة : منذ أيام ، وأنت على ما يبدو ، تريد أن تقول لي شيئاً ، ولعله شيء مهم ، قله الآن . والتفت ساغيو إليها ، وقال : نعم ، أردت أن أصارحك ، وسأصارحك .. وصمت كأنما يستجمع قواه ، وقال : أنا أمير . وشهقت آي : أمير ! وتابع سلغيو قائلاً : ابن ملك . وتمتمت آي : عرفت أنك لست إنساناً عادياً . وقال ساغيو : مات أبي في ظروف غامضة ، وصرت أنا الملك ، لكني كنت قاصراً ، فأصبح عمي وصياً عليّ ، أي أنه أصبح هو .. الملك .. المؤقت . وصمت ساغيو ، ثم قال : وتوجست أمي خيفة ، وكان خوفها في محله ، إذ سرعان ما ظهرت أطماع عمي على حقيقتها ، فأمر قائد حرس القصر ، أن يأخذني إلى جزيرة بعيدة ، ويقضي عليَّ .. وصمت ساغيو مرة أخرى ، ثم قال : لكن رئيس حرس القصر ، كان مخلصاً لأبي ، وقد تربيت في حمايته ، فجاء بي إلى هنا ، وكما ترين لم يقضِ عليّ . وتمتمت آي : يا للإنسان ، إنه أسوأ من الوحوش . وقال ساغيو بصوت حزين ، كأنما يحدث نفسه : ما يؤلمني ، ويقض مضجعي ، هو أمي ، أمي المحبة ، ترى ماذا جرى لها ، وأنا بعيد عنها ، دون أن تعرف حقيقة مصيري ؟ وصمت ساغيو لحظة ، ثم قال بصوت حزين دامع : من يدري ، ربما قال لها عمي ، إنني غرقت ، أو افترستني وحوش الغابة ، حين خرجت للصيد . فنظرت آي إليه ، وقد غرقت عيناها بالدموع ، وقالت بصوت حزين : هذا أمر مؤلم ، آمل أن تعود إلى أمك في يوم ما ، و .. وهزّ ساغيو رأسه ، وقال : هذا مستحيل .
" 12 " ــــــــــــــــــــ أفاق جيزوكي مبكراً ، ونهض من فراشه ، وتسلل إلى خارج الكوخ ، وهمّ بالتوجه صوب الشاطىء ، حيث قاربه الصغير ، حين لحقت به ابنته آي ، وهتفت به بصوت خافت : أبي .. والتفت جيزوكي إليها ، وقال لها : بنيتي ، الوقت مازال مبكراً ، عودي إلى فراشك . فقالت آي : ليتك تبقى اليوم ، ولا تذهب للصيد ، لديّ أمر ، لابدّ أن أحكيه لك . وحدق جيزوكي فيها مندهشاً ، وقال : يبدو أن هذا الأمر مهم للغاية ، احكيه ، إنني أسمعك . وأمسكت آي يد أبيها ، وسارت به على رمال الشاطىء ، وهي تقول : تعال ، سأحكيه لك . وسار جيزوكي إلى جانب آي ، وهو يصغي إليها صامتاً ، فحكت له كلّ ما حدثها به ساغيو ، ليلة أمس وهما جالسين على الصخرة ، فتوقف جيزوكي ، وقال مذهولاً : آه هذا أمر مهول ، ماذا نفعل الآن ؟ وقبل أن تجيب آي بشيء ، لمحت ساغيو يخرج من الكوخ ، وما أن وقعت رآهما ، حتى أقبل عليهما ، وخاطبهما قائلاً : طاب صباحكما . فردا عليه معاً : طاب صباحك . وتلفت ساغيو حوله مبتسماً ، ونظر إلى جيزوكي ، وقال : هذا يوم مناسب لصيد السمك ، الشمس ساطعة ، والبحر هادىء جداً . وتبادل جيزوكي نظرات قلقة حائرة ، دون أن ينبس أيّ منهما بكلمة واحدة ، فخاطب ساغيو جيزوكي قائلاً بصوت مرح : أريد أن آتي معك اليوم ، لعلي أصيد سمكة كبيرة ، وأهديها لآي . ونظر جيزوكي إليه متردداً ، وقال بصوت خافت : عفواً ، كان هذا ليشرفني ، لكني لن أخرج اليوم للصيد في البحر ، يا مولاي . واتسعت عينا ساغيو ذهولاً ، ورمق آي بنظرة سريعة ، ثم قال : مولاي ! وران عليهم صمت متوتر ، وحدق ساغيو في آي ، فقالت معتذرة : عفواً ، أنه أبي ، وأنا لا أستطيع أن أخفي عنه أمراً خطيراً كهذا . فرد ساغيو قائلاً : لست مولاي هنا ، فقد آويتماني ، وأشركتماني في حياتكما ، نحن أسرة واحدة ، أنا واحد منها ، أم أنني مخطىء ؟ وقال جيزوكي : لا ، لست مخطئاً ، يا .. مولاي . وقالت آي بحماس : أنت أمير . فقال ساغيو : لم أعد أميراً ، ولا أريد أن أكون أميراً ، نحن ثلاثة أشخاص ، نعيش أحراراً في هذه الجزيرة الصغيرة ، وأريد أن نبقى هكذا دائماً . ران الصمت فوقهم ، ولم يعد يُسمع غير أنين الريح ، ووشوشة أمواج البحر ، ونظر ساغيو إلى جيزوكي ، وقال : مادمت لن تخرج اليوم للصيد في البحر، فلنتناول طعام الفطور معاً ، الذي ستعده لنا آي . وابتسمت آي فرحة ، واتجهت نحو الكوخ ، وهي تقول : هذا واجبي ، سأعد الفطور ، ثم أناديكما . فخاطبها ساغيو قائلاً : أريد فطوراً دسماً ، لأني سأعمل مع أبيك ، طول ليوم في المزرعة . ونظر جيزوكي إليه ، وقال : عفواً ، العمل في المزرعة ، وكذلك صيد السمك ، واجبنا .. وهزّ ساغيو رأسه ، وقال وهو يشير إلى نفسه : نعم ، واجبنا ، وأرجوك أن تعلمني كلّ شيء ، مادمنا سنعيش هنا معاً ، على هذه الجزيرة .
" 13 " ـــــــــــــــــــــ مرض جيزوكي ، والإنسان يمرض مهما كان عمره ، ومهما كانت صلابة جسمه ، لكنه لم يعترف بأنه مريض ، رغم ارتاع درجة حرارته . لكن ابنته آي ، وساعدها في ذلك ساغيو ، حاولت أن تقنعه بأنه مريض ، وأن عليه أن يلزم الفراش ، ولا يخرج من الكوخ ، ولو لبضعة أيام . وأذعن جيزوكي لابنته آي على مضض ، ورقد في الفراش ، ووعدها أن يبقى في حدود الكوخ ، لكنه حذرهما بشدة قائلاً : إياكما أن تنزلا إلى البحر ، لأي سبب من الأسباب . وتبادلت آي النظر مع ساغيو ، ثم تطلعت إلى أبيها ، وقالت : أبي ، لقد نفد السمك الذي اصطدته ، ثم أنت مريض ، ولابد لك من غذاء جيد . وتحجج جيزوكي قائلاً : قد تهب عاصفة . فردت آي قائلة : الجو صحو ، والرياح هادئة . وزم جيزوكي شفتيه ، وقال : أنت عنيدة مثل .. ، اذهبا ، أعرف أنكما لن تصيدا سمكة واحدة . وابتسمت آي ، وقالت : مثل .. وقاطعها جيزوكي قائلاً : اذهبي . ومضت آي إلى الخارج ، يتبعها ساغيو ، فهتف جيزوكي بهما : لا تتأخري ، وكوني حذرة . وردت آي دون أن تتوقف : لن أكون وحدي ، يا أبي ، إن معي .. الأمير . ولحق الشاب بها ، وقال : لا تقولي الأمير . فردت آي دون أن تتوقف : لكنك أمير . وهمّ ساغيو أن يعترض ثانية ، لكن آي أسرعت ، ودفعت القارب إلى البحر ، وقفزت إليه ، وهتفت بساغيو : هيا ، تعال ، أسرع . وأسرع ساغيو ، وقفز إلى القارب ، وأخذ المجذافين ، وراح يجذف بقوة ، ونظرت آي إليه ، وقالت : لا تسرع وإلا ستتعب بسرعة . وسرعان ما تباطأ جذف ساغيو ، فاقتربت آي منه ، وقالت : أرأيت ، لقد تعبت . ونظر ساغيو إليها ، دون أن ينبس بكلمة ، فأخذت المجذافين منه ، وقالت : حان دوري ، أعطني مكانك لأجرب قوتي . ونهض ساغيو من مكانه ، وجلس قبالتها ، وراحت آي تجذف بهدوء ، وحين ابتعد الشاطىء كثيراً ، توقف القارب ، وقالت آي : لنصطد هنا . وتلفت ساغيو حوله ، ثم وقف وقد أمسك بالشبكة ، وقال : سأرمي الشبكة ، كما كان يفعل أبوك . ثم رفع الشبكة ، وألقاها إلى البحر ، وبعد قليل سحبها ، وعيناه تراقبانها شبراً شبراً ، إنها فارغة ، وألقاها ثانية وثالثة و .. إنها فارغة أيضاً ، فنظر الشاب إلى آي ، وقال : يبدو أنك اخترت مكاناً ، لا أسماك فيه . وكتمت آي ضحكتها ، وقالت : هذا هو المكان ، الذي يصطاد فيه أبي السمك دائماً . ورمى ساغيو الشبكة مرة أخرى ، ثم سحبها بعد حين ، وهزّ رأسه ، إنها فارغة أيضاً ، فقالت آي : يبدو أنك لن تصطاد اليوم شيئاً ، يا مولاي . وعبس الشاب ، وقال : سأرميك في البحر ، إذا قلت مولاي ثانية . وقالت آي : وإذا غيبتني الأمواج ؟ فرد ساغيو قائلاً : سأقفز إلى الماء وراءك . وابتسمت آي ، وقالت : ارمِ الشبكة مرة أخرى . ورفع ساغيو الشبكة ، ورماها بكل قوته ، وسرعان ما سحبها ، فقد شعر بحركة قوية فيها ، وصاحت آي فرحة : انظر ، إنها سمكة كبيرة ، وهي أكبر من أي سمكة اصطادها أبي في يوم من الأيام .
" 14 " ــــــــــــــــــــ جيزوكي وآي وساغيو ، فزوا جميعاً ، في وقت مبكر ، والشمس مازالت وراء الأفق ، لم تطل بعد على العالم ، على أصوات غريبة غامضة ، تصدر من الخارج ، لم يألفوها من قبل . وهبّ ساغيو ، ثم آي ، إلى الباب ، يهمان بالخروج ، والوقوف على ما يجري ، لكن جيزوكي صاح بهما : توقفا ، سأخرج أنا ، وأرى ما الأمر . والتفت ساغيو إليه ، وقال له : أنت مريض ، سأخرج أنا وآي ، ونرى ما يجري . لكن جيزوكي ، الذي لا يعترف بأنه مريض ، نهض من فراشه ، واتجه نحوهما ، وفتح ساغيو الباب ، واندفع إلى الخارج ، ولحقت به آي ، ثم خرج جيزوكي نفسه ، وتوقفوا جامدين مذهولين . وتمتمت آي ، وقد اتسعت عيناها : ما هذا ؟ ورد جيزوكي بصوت خائف مرتعش : صه يا ابنتي . ووقف ساغيو مقطباً ، وهو يراقب الرجل الضخم ، المدجج بالسلاح ، يقف على الشاطىء ، وخلفه ثلة من الجند المدججين بالسلاح ، ووراء قواربهم القريبة من الشاطىء ، تلوح سفينتهم الضخمة . وبصوت متحشرج ، خاطب جيزوكي ساغيو : اهرب ، أهرب يا مولاي . وتشجعت آي ، فمالت على ساغيو ، وقالت له : دعني آخذك إل أعماق الغابة ، لن يجدوك هناك . لكن ساغيو ظلّ في مكانه ، يحدق في الرجل الضخم ، والجند المدججين بالسلاح ، وردّ عليهما قائلاً : لن أهرب ، وليعلموا إنني .. الملك . وتقدم الرجل الضخم ، وخلفه سار الجند المدججون بالسلاح ، وتوقف أمام ساغيو ، وعلى العكس مما توقعوه ، ركع أمام ساغيو ، وقال : مولاي ، أحييك ، وأنقل إليك تحيات شعب المملكة كله . وصاح الجند : يحيا الملك . ونظر ساغيو إلى جيزوكي وآي ، ثم حدق في الرجل الضخم ، وقال : لكن عمي هو .. الملك . فرد الرجل الضخم قائلاً : ثار الناس ، يا مولاي ، عندما علموا أنك حيّ ، واقتحموا القصر ، و .. وهو الآن في السجن ، حيث يجب أن يكون . وصمت لحظة ، ثم قال : العرش ينتظرك ، يا مولاي . ولاذ ساغيو بالصمت برهة ، ثم قال : وأمي ؟ فردّ الرجل الضخم قائلاً : إنها بخير ، وهي تنتظرك على أحر من الجمر ، والناس حولها فرحون . ونظر ساغيو إلى جيزوكي ، ثم إلى آي ، التي أحنت رأسها ، وقالت : مولاي . فردّ الشاب بنبرة عتاب مازحة : آي .. وابتسمت آي له ، وقالت : أنت الآن .. الملك . وحدق الشاب فيها برهة ، ثم قال لها : مولاتي . واتسعت عينا آي ، وقالت : آه .. وانحنى الرجل الضخم لساغيو ، وقال : مولاي ، الجميع ينتظرونك ، وينتظرون أن يفرحوا بك ، وبعهدك الجديد ، الذي سيعيد لهم الحرية والسعادة . والتفت ساغيو إلى آي ، وقال : الجميع ينتظرون ، والسفينة ستقلع .. ودمعت عينا آي ، وقالت : رافقتك السلامة ، يا مولاي . فرد ساغيو قائلاً : لن تقلع السفينة إلا بالملك ، وإلى جانبه .. الملكة . ولاذت آي بالصمت ، وقلبها يخفق فرحاً ، ونظرت إلى أبيها ، فتابع ساغيو قائلاً : ومعها أبوها طبعا .
26 / 9 / 2022
#طلال_حسن_عبد_الرحمن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مسرحية للفتيان اورنينا
...
-
رواية للفتيان الغزالة
...
-
رواية للفتيان السندباد البحري طلال
...
-
رواية للفتيان دروفا ـ نارانا
...
-
رواية للفتيان سامو وسومو
...
-
رواية للفتيان النمر
...
-
رواية للفتيان البديل طلال حسن
-
رواية للفتيان الزواج المقدس
...
-
رواية للفتيان رجل النار
...
-
شجرة الزيتون
-
رواية للفتيان فتاة الحلم طلال حسن
-
رواية للفتيان طيف الاهوار
-
اللبوة الجريحة
-
رواية للأطفال حي ابن الإنسان
...
-
رواية للفتيان جزيرة القمر
...
-
رواية للفتيان الجوهرة المفقودة طلال
...
-
رواية للفتيان كوخ في أعلى الجبل
-
رواية للفتيان إله الدمار
...
-
جايا الغزالة
-
رواية للفتيان شترا و ريشيا
...
المزيد.....
-
ذكريات يسرا في مهرجان كان السينمائي
-
فنانو مسرح ماريوبول يتلقون دورات تدريبية في موسكو
-
محاكمة ترامب.. -الجلسة سرية- في قضية شراء صمت الممثلة الإباح
...
-
دائرة الثقافة والإعلام الحزبي تعقد ندوة سياسية في ذكرى النكب
...
-
كراسنويارسك الروسية تستضيف مهرجان -البطل- الدولي لأفلام الأط
...
-
كيت بلانشيت تدعو السينمائيين للاهتمام بقصص اللاجئين -المذهلة
...
-
المتسابقة الإسرائيلية في مسابقة -يوروفيجن- ترفض عرضا من وزار
...
-
محاكمة ترامب.. -الجلسة سرية- في قضية شراء صمت الممثلة الإباح
...
-
مصر.. فنانة مشهورة تشتكي للشرطة من -إزعاج- السودانيين
-
-تشريح الكراهية-.. تجدد نزعات قديمة في الاجتماع الحديث
المزيد.....
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
المزيد.....
|