أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرضا المادح - الدفان والحرب














المزيد.....

الدفان والحرب


عبد الرضا المادح
قاص وكاتب - ماجستير تكنلوجيا المكائن


الحوار المتمدن-العدد: 7728 - 2023 / 9 / 8 - 00:47
المحور: الادب والفن
    


في المقبرة المترامية الاطراف، كان العمل المُنهِك في حفر القبور يتواصل ليل نهار بلا انقطاع. كرر المذيع بحماس وبلا ملل اخبار الانتصارات الساحقة في الجبهات. مَد يده من القبر إلى حافته ليرفع صوت المذياع، الذي يرافقه باستمرا ليبدد وحشته بين الموتى. على انغام المارشات العسكرية والاناشيد الوطنية تزداد همته في نبش الارض وقلب تربتها. رائحة التربة تمتزج مع الرائحة المتسللة من القبر المجاور. الساكنون هناك اُجبروا على ان يتدافعوا بمناكبهم وكأنهم في ساحة التدريب. معظمهم دفنوا عراة بلا كفن. كان القرار صريحاً، أن تُدخر الاموال لتحقيق النصر.
وضع معوله جانباً واتكأ على جدار القبر ماداً رجليه ليشغل نصف الحفرة. اخذ جرعة ماء من الكوز الفخاري. شعر ببرودة الماء في بلعومه رغم حرارة الطقس التي تزيد القبر اختناقاً.
تساءل مع نفسه ان كان الجندي المُسجي بجانبه، قد توفرت له جرعة ماء في الخندق الامامي، قبل ان تصرعه طلقة من الشرق.
ـ ماذا يغيّر ذلك في الامر ان حصل على الماء ام لا، فالموت واحدُ...! ردّد مع نفسه بصوت ابتلعه سكون القبر.
ـ ماذا لو انتهت الحرب...؟
ـ ستلفظني القبور الى رصيف البطالة والتسكع...!
ـ هناك المئات من حولي يسترزقون على طوابير الاموات...!
ـ رحمتك ربي...!
ـ الموت ولا الجوع...!
فجأة تذكر ان اخاه لايزال في الجبهة فشعر بأنفاسه تختنق.
ـ استغفر الله...!
اشعل سيكارة واخذ نفساً عميقاً لينتشر خدر لذيذ في جسده، عسى أن يبدد الخوف الذي لم يألفه بين الحفر المتناثرة. نهض من مكانه ليبرز رأسه من القبر فيلمح لمعان القبة الذهبية.
ـ احفظ لي اخي يا أمير المؤمنين...!
تناول المعول ليواصل الحفر. ضربات المعول تتسارع مع ازدياد نبضات قلبه. انتابه شعور لم يألفه من قبل. التفت من حوله فتاهت نظراته بين جدران القبر الرطبة، قرر أن ينهي عمله قبل أوانه.
مدّ يديه ليمسك بقدمي الجثة التي ملّت الانتظار تحت وهج الشمس، سحبها بقوة لتهوي إلى قعر القبر. انزاحت قليلاً قطعة القماش التي سترت وجه الميت، لتتدلى سلسلة فيها لوح معدني.
قرّب الدفان وجهه ليقرأ المكتوب عليها، فخرّ صريعاً، لتتعانق الجثتان بصمت.

ستوكهولم
03/05/2007



#عبد_الرضا_المادح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخبـزُ وعبـدُالله *
- في وداع عباس رَش
- حرق القرآن عمل مُدان !!
- صائد - البازنينو -
- الرسالة السادسة – صراحة شيوعي ، أزمة الحزب الشيوعي العراقي ! ...
- عَطشْ ...!
- وداع في الغربة !
- خليجي 25 ...
- قصة (( أو )) المُرعبة ...!
- استراحة مقاتل !
- الرسالة الخامسة – صراحة شيوعي المؤتمر الحادي عشر والتطبيق ال ...
- الذكرى الأولى لرحيل الأديب والمسرحي محمد المادح
- الحجــّــار
- الرسالة الرابعة – صراحة شيوعي / سيرة نائب السكرتير ودوره الت ...
- الشهيد دلبرين نزاهة وشجاعة
- حزن اهوار ... !
- لقاء صحفي مع (سويد 24)
- مناضل من الرعيل الثوري
- سطوع نجم مناضلة شيوعية ...!
- تكافل ...!


المزيد.....




- طهران تحقق مع طاقم فيلم إيراني مشارك في مهرجان كان
- مع ماشا والدب والنمر الوردي استقبل تردد قناة سبيس تون الجديد ...
- قصيدة(حياة الموت)الشاعر مدحت سبيع.مصر.
- “فرحي أولادك وارتاحي من زنهم”.. التقط تردد قناة توم وجيري TO ...
- فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي ...
- ما حقيقة اعتماد اللغة العربية في السنغال كلغة رسمية؟ ترندينغ ...
- بعد مسرحية -مذكرات- صدام.. من الذي يحرك إبنة الطاغية؟
- -أربعة الآف عام من التربية والتعليم-.. فلسطين إرث تربوي وتعل ...
- طنجة تستضيف الاحتفال العالمي باليوم الدولي لموسيقى الجاز 20 ...
- -لم أقتل زوجي-.. مسرحية مستوحاة من الأساطير الصينية تعرض في ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرضا المادح - الدفان والحرب