أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الرضا المادح - في وداع عباس رَش














المزيد.....

في وداع عباس رَش


عبد الرضا المادح
قاص وكاتب - ماجستير تكنلوجيا المكائن


الحوار المتمدن-العدد: 7691 - 2023 / 8 / 2 - 04:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في منتصف السبعينات تعرفت على الرفيق علي عبد الكريم جاسم الكنعان وهو من مواليد 1949، حيث كان يعمل مصوراً ولديه ستوديو (ذكريات) في البصرة القديمة منطقة السيمر الشعبية، كان الستوديو بجانب محل الجامچي رفيقي وصديقي صالح، كنت أتردد يومياً على محل الجامچي وهناك تعرفت على (علي المصور)، كان علي شابا اسمرا في منتصف العشرينات من عمره رسمت الحياة قساوتها على جسده النحيف، دمث الأخلاق حذر في كلامه، مشغول في عمل الصور الجميلة لزبائنه، لم تدم الفرصة طويلاً لأتعرف عليه بشكل أكبر، فهجمة النظام البعثي على الشيوعيين والديمقراطيين والتي بدأت في البصرة عام 1978 أجبرتنا على الأختفاء، والتشتت في ربوع الوطن وبلاد الغربة، ولم ألتقيه بعدها إلا في موسكو عام 1989 وهو قادم من الحركة الأنصارية لغرض العلاج، وقد حدثني عن معاناته وآلامه من الأصابة البالغة في رجله، بواسطة شضية أثناء قصف طائرات النظام الصدامي بالقنابل الكيمياوية يوم 5-6-1987 ، لمقر قوات الحزب الشيوعي في وادي زيوة قرب العمادية، (عباس رَش) وهي كنيته في حركة الأنصار، غادر شمال العراق ـ كردستان مع أفواج الناس الزاحفة نحو الأراضي الإيرانية، هرباً من حملة الأنفال للنظام لأبادة مقاتلي المعارضة والمدنيين من أبناء القرى والمدن الذين لجؤوا للجبال، كم كانت معاناته عظيمه وهو يسير في الجبال لأيام متواصلة على ساق تمزقت فيها عضلة كبيرة لم تشفى تماما بعد وبقي طول حياته يعاني منها.
إنتقلت أنا من موسكو إلى السويد في أيلول عام 1990 بعد أن أنهيت دراستي الجامعية، وعلِمت بعد سنين أن (عباس رَش) أيضاً إنتقل إلى السويد ويعيش في مدينة صغيرة في الشمال، ولم أحصل على عنوانه أو تلفونه لأنه هو أيضاً فضل الأنزواء بعيداً عن هموم السياسة التي طحنت زهرة شبابنا، بعد عام 2000 وفي مدينة ستوكهولم، تفاجأت به يطل علينا من شاشة التلفزيون، حيث أجرت معه فضائية الشرقية لقاء للحديث عن نجاحه في العمل، وكان يُدير مطعماً للبيزا في أصقاع الغربة والثلوج والظلام.
بعد سقوط النظام عام 2003 بثلاثة أشهر، سافرتُ للوطن وزرت معظم الأماكن التي زرعت في قلبي ذكريات، ومنها (ستوديو ذكريات) وسألت عنه عسى أنه جاء لزيارة الأهل، وتعرفت على إبن أخيه وقال أنه في السويد، وهكذا لم يتحقق اللقاء حتى في سفراتي السنوية للبصرة، إلى أن فاجأني أبن أخيه بأتصال من البصرة وأنا في ستوكهولم ليخبرني بالحدث الأليم قائلاً (عمي علي المصور توفى اليوم الخميس 27تموز2023 في السويد)، تألمت كثيراً لفقدان إنسان مناضل مقاتل شجاع خلوق لم تنصفه الحياة، ولم يُكرم في حياته بل عانى الإجحاف والنسيان ورَفض حتى أستلام التقاعد، فتجسدت مقولتي" الفقير بيقى فقير حتى في الحزب الشيوعي" ؟!
كما خبرني بأن عمه زار البصرة بشكل سري عام 1982 قادماً من الشمال، وكذلك عام 2003 بعد سقوط النظام، ويبدو الصدفة غدرت بنا فلم نكون بنفس الفترة في البصرة، كما خبرني بأن عمه علي تزوج من أمرأة من كازاخستان وأنجبت لهما ولد وثلاث بنات.
ومفاجأة أخرى صادمة، طلبت من ابن أخيه صور له والأفضل تكون مأخوذه في الستوديو، فبعث مشكوراً صورة جميلة واحدة وقال أنهم لا يملكون غيرها، فكم كان زاهداً في الحياة، مصوّر ستوديو ذكريات لايملك سوى صورة واحدة، ولكن علاوي العزيز ستبقى صورتك النقية زاهية في قلوب محبيك، نم قرين العين (عباس رَش) لن ننساك ولن تنساك الجبال والأزهار والقرى !



#عبد_الرضا_المادح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حرق القرآن عمل مُدان !!
- صائد - البازنينو -
- الرسالة السادسة – صراحة شيوعي ، أزمة الحزب الشيوعي العراقي ! ...
- عَطشْ ...!
- وداع في الغربة !
- خليجي 25 ...
- قصة (( أو )) المُرعبة ...!
- استراحة مقاتل !
- الرسالة الخامسة – صراحة شيوعي المؤتمر الحادي عشر والتطبيق ال ...
- الذكرى الأولى لرحيل الأديب والمسرحي محمد المادح
- الحجــّــار
- الرسالة الرابعة – صراحة شيوعي / سيرة نائب السكرتير ودوره الت ...
- الشهيد دلبرين نزاهة وشجاعة
- حزن اهوار ... !
- لقاء صحفي مع (سويد 24)
- مناضل من الرعيل الثوري
- سطوع نجم مناضلة شيوعية ...!
- تكافل ...!
- گلب چلب ولا گلب خنزير !
- اليوبيل الذهبي ...!


المزيد.....




- لبنان.. لقطات توثق لحظة وقوع الانفجار بمطعم في بيروت وأسفر ع ...
- القبض على الإعلامية الكويتية حليمة بولند لاتهامها بـ-التحريض ...
- مصر.. موقف عفوي للطبيب الشهير حسام موافي يتسبب بجدل واسع (صو ...
- -شهداء الأقصى- التابعة لـ-فتح- تطالب بمحاسبة قتلة أبو الفول. ...
- مقتل قائد في الجيش الأوكراني
- جامعة إيرانية: سنقدم منحا دراسية لطلاب وأساتذة جامعات أمريكا ...
- أنطونوف: عقوبات أمريكا ضد روسيا تعزز الشكوك حول مدى دورها ال ...
- الاحتلال يواصل اقتحامات الضفة ويعتقل أسيرا محررا في الخليل
- تحقيق 7 أكتوبر.. نتنياهو وهاليفي بمرمى انتقادات مراقب الدولة ...
- ماذا قالت -حماس- عن إعلان كولومبيا قطع علاقاتها الدبلوماسية ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الرضا المادح - في وداع عباس رَش