أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الرضا المادح - الشهيد دلبرين نزاهة وشجاعة














المزيد.....

الشهيد دلبرين نزاهة وشجاعة


عبد الرضا المادح
قاص وكاتب - ماجستير تكنلوجيا المكائن


الحوار المتمدن-العدد: 7275 - 2022 / 6 / 10 - 17:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في بداية الثمانينات حين كانت مفرزتنا السرية الأولى من قوات الحزب الشيوعي العراقي، متواجدة في منطقة الدوسكي شمال دهوك، إلتحق بنا شابان كرديان من مدينة سمّيل، احدهما أُرسِل إلى مقر القاطع وبقي الآخر معنا واسمه (دلبرين)، كان في بداية العشرينات من عمره، جميل المظهر قصير القامة قوي البنية ظريف مبتسم بسيط طيب القلب.
في مفارزنا القتالية كان لدينا تقليد أن تنقسم إلى مجاميع صغيرة (4-7) رفاق/ـة، وذلك أثناء الأستراحة اليومية على سفوح الجبال والوديان، أختار دلبرين أن يكون مع مجموعتنا، تعاملنا معه بأحترام ومودة وترحيب.
وكان في مجموعتنا رفيقتان مع زوجيهما ورفيقة أخرى، العلاقات بين الرفاق عموماً في أيام الزمن الجميل، اتسمت بالمحبة والأحترام والتعاون والتضحية ونكران الذات، هذا بالاضافة إلى المرح وخلق النكات رغم المخاطر وقساوة الحياة اليومية من برد وحر وجوع، الجميع يتعاون تلقائياً في تهيأة الحطب وأشعال النار وعمل الشاي، والتمتع بالأكل الجماعي بما تجود به عوائل الفلاحين الطيبة رغم بساطته وشحّتهِ.
مرت شهرين أو ثلاث ودلبرين يعايشنا ويراقبنا وأنسجم معنا، وفي صباحية يوم جميل مشمس، فاجئنا بقوله وهو مرتبكاً والخجل بادياً على محياه :
-" رفاق آنه أريد أصارحكم بموضوع بس خجلان أحچي ! "
- فردينا عليه بتشجيعه : " دلبرين أنته رفيقنا وصديقنا وأصبحت واحداً من عندنا، گول شكو بگلبك وبلا حرج !"
- فقال : " أنتم تعرفون أني كنت سائق لوري (شاحنة) وما عندي مشكلة للعيش، وإلتحقت بكم مو لأني مهتم بالسياسة، ولكن ! " ثم صمت وتردد ، -" اكمل رفيق شنو الموضوع ! "
-" اجهزة النظام وعناصره من البعثيين يروجون بين الناس، أنكم ساقطين وجلبتم نساء لتمارسو الجنس الجماعي، وانا أنخدعت وصدقت هذه التهمة، وأنا التحقت لهذا الغرض ؟! "
- ضحكنا جميعاً وسألناه : " وأنته شنو شفت ؟! "
- " والله رفاق أنتو ناس عدكم أخلاق ومثقفين وما عدكم مثل هاي السوالف والبعثيين يطلعون تهم حقيرة ؟! "
ازدادت الثقة به واصبح مقاتلاً شجاعاً ورفيقاً يكلف بأي مهمة مثل الآخرين.
بتاريخ 22-03-1982 نفذت سريتنا الأولى عملية عسكرية، بنصب كمين على الشارع الرئیسي الرابط بين ناحية كاني ماسي وناحية بيگوفه مقابل قرية تشيش، لذلك شكلت ثلاث مجموعات، الاولى الرئيسية التي تقترب من الشارع وتكمن لضرب أي رتل عسكري يمر، والثانية أسناد على يمين الأولى وإلى الخلف ترابط على تلة، والثالثة مجموعة أسناد على اليسار والخلف على تلة تبعد حوالي 800 متر، وكلفت أنا ( أبو أنتصار) بتنفيذ المهمة بمساعدة الرفيق دلبرين، ولهذه المهمة أعطوني سلاح قناص الدروع، بندقية نصف آلية صناعة سوفييتية تشبه بندقية السيمينوف، طويلة حوالي متر وسبعين سنتيمتر ثقيلة الوزن، أطلق عليها الأنصار (دريجه) اي الطويلة، مخزنها يأخذ خمسة طلقات عيار 14,5 ملم،
تموضعنا أنا ودلبرين على التلة ولم يكن فيها أشجار أو احجار كبيرة تموّهنا، فكنـّا مكشوفين للربايا ولكنها بعيدة نسبياً، مرت شاحنتان عسكريتان فبدأت المجموعة الأولى باطلاق الرصاص، ولكن الشاحنتان استمرتا بالسير السريع، وبدأت المجموعة الأولى بالأنسحاب، قررت أن أرميهما بالقناصة فوجهت أول أطلاقة، كان عليّ أن أسحب الظرف الفارغ بواسطة الحربة، الظرف انحشر في بيت النار بسبب استهلاك البندقية، في هذه الأثناء وصلت سيارتي قيادة ونزل منها ثلاثة صعدوا على تلة قرب الشارع، أطلقت عليهم رصاصة، ثم سمعنا صوت قذيفة هاون 82 مرّت فوقنا وسقطت على مسافة قريبة خلفنا، ولمعرفتي بمهارة رُماة المدفعية، توقعت أن تصيبنا القذيفة الثانية مباشرة، فأعطيت الأمر بالأنسحاب السريع ولا مبرر لبقائنا، فالمجموعتين الأخريين إنسحبتا، حملت البندقية على كتفي وركضنا، أبتعدنا حوالي 10 أمتار، سقطت القذيفة الثانية في موقعنا تماماً ولو بقينا لثوانٍ لما بقينا أحياء ! نزلت على يمين قمة التلة ونزل دلبرين على اليسار، وجاءت القذيفة الثالثة بيننا فأنهال التراب علينا وأصابنا الصمم المؤقت من شدة الأنفجار، توقعت أن الرفيق دلبرين قد اصيب، فناديته بصوت عالي عدة مرات، ثم ظهر بعد دقائق وقال انه ايضاً كان ينادي فلم نسمع بعض ! أنسحبنا وإلتحقنا بالمفرزة بامان، ابدى دلبرين رباطة جأش وشجاعة عالية.
بعد سنوات أستشهد الرفيق دلبرين مع مجموعة الطريق، في كمين للجيش على نهر دجلة وأبتلعت المياه جسده الطاهر، سيبقى الشهيد دلبرين خالداً في القلب، والمجد لجميع الشهداء الأنصار.


10-06-2022



#عبد_الرضا_المادح (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حزن اهوار ... !
- لقاء صحفي مع (سويد 24)
- مناضل من الرعيل الثوري
- سطوع نجم مناضلة شيوعية ...!
- تكافل ...!
- گلب چلب ولا گلب خنزير !
- اليوبيل الذهبي ...!
- نُزهةٌ في رحاب (البصرة وصورة الأمس).
- گرباچوف العراق ...!
- الأنصار شمعة المؤتمر الحادي عشر !
- مُقاطعون، مُبارِكون ...!
- أنين القلب
- بيروت القيامة ...!
- النظام الداخلي ودس السم بالعسل ...!
- الأحفاد ...!
- عشتانوف والعشق الإلهي - ASHTANOV
- أبو العباس الثوري *
- همسةُ الصباح ...!
- جوعٌ سرمدي ...!
- آشتي عصي على الرثِاء ...!


المزيد.....




- تقديم الساعة 60 دقيقة.. بدء تطبيق التوقيت الصيفي في مصر
- ترامب: نقترب من التسوية وموسكو ليست عقبة
- مدمرة هندية تعترض صاروخا بمنظومة متطورة
- منظمة التحرير الفلسطينية توافق على استحداث منصب نائب للرئيس ...
- تواصل المواجهات في الفاشر وسط أزمة إنسانية متفاقمة
- -وول ستريت جورنال- تكشف هوية أقرب مستشار لنائب الرئيس الأمري ...
- في لحظة تاريخية مؤثرة.. عشرات الآلاف يلقون النظرة الأخيرة عل ...
- إيران تبدي استعدادها لمفاوضات نوويّة مع الترويكا الأوروبية.. ...
- لأول مرة في تاريخها - منظمة التحرير الفلسطينية تستحدث منصب ن ...
- نتنياهو: مستعدون لمواجهة إيران لوحدنا


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الرضا المادح - الشهيد دلبرين نزاهة وشجاعة