أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الورداشي - -بحثت فوجدت نفسك-














المزيد.....

-بحثت فوجدت نفسك-


محمد الورداشي
كاتب وباحث مغربي.

(Mohamed El Ouardachi)


الحوار المتمدن-العدد: 7725 - 2023 / 9 / 5 - 14:21
المحور: الادب والفن
    


خضت رحلة البحث عن ذوات حرة متفردة، وانصهرت في صخب الحياة الاجتماعية، وشاركت المثقفين والمفكرين همومهم وطموحهم، وسعيت إلى التغيير الفكري والثقافي، وأعليت من شأن الكلمة الشفافة العميقة، وعزفت عن الأدلوجات المتآكلة والشعارات الرنانة الخاوية، وعشت بين ظهراني الدهماء زمنا طويلا، فغرت في نفوسهم المضطربة، ووضعت اليد على دائهم المزمن، ثم فكرت كثيرا وقررت أخيرا بأن تعتزل مضمارهم، وتجتنب ما خاض فيه دهاقنتهم، وتكتشف لنفسك سبيلا قاصدة، سبيلا لا اعوجاج فيها.. ثم ارتميت في أحضان الوحدة والعزلة باحثا عن إنسانك المثالي، بيد أنك لم تحمل مصباحك في واضحة النهار كما نقل عن ديوجين الكلبي، ولم تحمل مطرقة الهدم سعيا وراء بناء الإنسان الأعلى الأقوى كما فعل نيتشه، ولكنك حملت ذاتك المثقلة بالهموم، ارتأيت مشاركة الناس في حياتهم، ومحاولة فهم طبائعهم وطرائق تفكيرهم، ثم ماذا كان المآل؟ هل وجدت الإنسان الذي يشبهك ويحمل الهموم التي تثقلك؟ ها أنت عايشت المثقفين والمفكرين، وشاركتهم همومهم وطموحهم، ولكنك لم تستطع أن تنتسب لزمرتهم؛ لأن ما سعوا إليه لم يجد له سندا في الواقع، وطوباويتهم لم تصمد أمام واقع زئبقي لا يقر له قرار، وكلما ظنوا أنهم فهموه واستوعبوه في شموليتهم ظهرت لهم ظواهر وقضايا اجتماعية جديدة، فخلصت إلى ضرورة الاستفادة من أفكارهم، واستلهام روح فكرهم وطموحهم، وانطلقت وحيدا تبحث عن طريق مخالف لطرقهم، وسبيل خلاص لنفسك ولمن يحمل همومك. ثم هؤلاء الدهماء الذين خالطتهم في حيواتهم، وجالستهم في أماكن عمومية سنوات عديدة، هل هتكت حجب نفوسهم؟ هل غصت في لجج نمط تفكيرهم وسلوكهم؟
بحثت طويلا عن مثالك فلم أجد إلا نفسك؛ لأن الطريق التي سلكتها لم تكن طلبا للعثور على من يشاركك نمط تفكيرك وسلوكك وهمومك، وإنما كانت طريقا نحو ذاتك التي لم تستطع فهمها، والغوص في أعماقها المضربة: فذاتك هذه تضعف كلما ادعت القوة، وتحزن كلما زعمت الفرح، وتحجم إذ تقدم، وتسكن حينما تدعي الحركة والفعل.. ذاتك التي لم تسطع هتك حجبها، ووضع اليد على جرحها الغائر، هذا الجرح العميق الذي صاحبك منذ صغرك، وظل وشما في ذاكرتك ووجدانك، وقيدا محصنا يكبلك ويثقل خطوك. ألا ترى أن سبيل الخلاص لا يكمن في البحث عن مخلص؟ ألم تتمعن قول الفيلسوف بوئتيوس في عزاء الفلسفة حيث استغرب بحثنا عن السعادة خارج أنفسنا؟ أليس البحث عن الخلاص والسعادة والقوة والتفرد خارج ذواتنا جهلا قاتما منا لذواتنا؟ ثم لماذا تدعي الفكر وأنت لا تعرف نفسك؟ ولم تسعى إلى التحرر وأنت تجهل إمكاناته في نفسك، ومواطن القوة فيها؟
يا صاحبي المثقل بهمومه، الغارق في أحلامه وطوباويته، لعمري إني مكلوم لحالك، ومتأسف لخيبة أملك في رحلتك التي لم تكن من أجل نفسك؛ لأنك لم تدر أن لا سبيل لمعرفة الغير إلا بمعرفة ذاتك، ولا إمكان لتحررهم وتغيير منطق فكرهم ونمط سلوكهم إلا بالانطلاق من ذاتك أولا.. ولعل رحلتك القادمة تكون نقطة بدايتها ذاتك المثقلة، ومآلها الإقبال على معانقة الذوات الأخرى علك تستطيع أن تحدث فيها تغييرا فعالا، وتضيء ما عتم في عقلها ووجدانها، فتكون قبسا مضيئا، وسراجا منير تهتدي به الذوات في طريق البحث عن جوهرها، ومواطن قوتها وإخفاقها.



#محمد_الورداشي (هاشتاغ)       Mohamed_El_Ouardachi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الذات بين الوحدة والألفة
- وهم التعويض
- - كيف ينشر اليوتوب أمراضه في المجتمعات العربية؟-
- عائدون بقوة
- تصنيف المجتمع بين أفلاطون ونيتشه
- مُلاحظاتُنَا حول -كلمتنا في الرد على أولاد حارتنا -
- -صهيلُ الذاكرةِ... القلمُ الكونيُّ-
- الإصلاح اليتيم... إلى أين؟
- اللغة العربية
- الحاجة
- الصراع يعود من جديد...!
- قراءة في رواية -نبض- ل أدهم الشرقاوي.
- نزيف قلم
- أزمة المقررات الدراسية
- سيدي المتجبر.
- أنماط النصوص
- تركيا... إلى أين؟
- ولأن الأفكار لا تموت...
- الحرية عند المفكر المغربي: عبد الله العروي.
- تعليق حول: حفريات في الذاكرة من بعيد، للمفكر المغربي محمد عا ...


المزيد.....




- تابع مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 22 .. الحلقة الثانية وا ...
- بمشاركة 515 دار نشر.. انطلاق معرض الدوحة الدولي للكتاب في 9 ...
- دموع -بقيع مصر- ومدينة الموتى التاريخية.. ماذا بقى من قرافة ...
- اختيار اللبنانية نادين لبكي ضمن لجنة تحكيم مهرجان كان السينم ...
- -المتحدون- لزندايا يحقق 15 مليون دولار في الأيام الأولى لعرض ...
- الآن.. رفع جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2024 الشعبتين الأ ...
- الإعلان الثاني.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 158 على قناة الفجر ...
- التضييق على الفنانين والمثقفين الفلسطينيين.. تفاصيل زيادة قم ...
- تردد قناة mbc 4 نايل سات 2024 وتابع مسلسل فريد طائر الرفراف ...
- بثمن خيالي.. نجمة مصرية تبيع جلباب -حزمني يا- في مزاد علني ( ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الورداشي - -بحثت فوجدت نفسك-