أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الورداشي - الحاجة














المزيد.....

الحاجة


محمد الورداشي
كاتب وباحث مغربي.

(Mohamed El Ouardachi)


الحوار المتمدن-العدد: 6062 - 2018 / 11 / 23 - 14:39
المحور: الادب والفن
    


من أعظم المعضلات التي تواجه الإنسان في حياته العملية، وتجعله مغتربا عن ذاته ونفسه من جهات شتى؛ هي تقديم حد للمفاهيم. فالحاجة مثلا، هي مفهوم يعرفه المثقف الغني والفقير، إن شئنا قلنا يعرفه السواد الأعظم من الناس، ذلك أن الإنسان ناقص بطبعه، وكلما شعر بأن النقص استفحل فيه آنذاك يأتي مفهوم الحاجة، أو بالأحرى تأتي الحاجة عينها التي قد تعدّ ضرورة من الضروريات.
إن من بين خصائص الحاجة أنها ملحة وآنية، بمعنى أنها لا تعرف التهاون ولا الفتور ولا الانتظار كثيرا. فالطائر الماكث في العش مدة طويلة ينتظر الطعام، يمكن القول إنه في حاجة آنية لا تتوانى طويلا، وبالتالي فإن غربة الحاجة التي عاشها الطائر يعيشها الإنسان أيضا، بل يعيشها كل كائن حي على وجه الأرض، ومن ثم فإن الكائنات الحية تختلف في الحاجة من حيث الدرجةُ فقط، وليس من حيث النوعُ.
في سياق الحديث عن الحاجة، أجدني مدفوعا إلى القول بأننا نعيش غربة المفهوم كلما انعدم هذا المفهوم في واقعنا العملي، بل أيضا، كلما تحول المفهوم إلى حاجة آنية ملحة، أو كنا في وضع لا يعترف بالانتظار.
قد نجد اختلافات واضحة بين جميع شرائح المجتمعات البشرية من حيث الحاجةُ، على اعتبار أنها تتخذ ألوانا متعددةً، وتختلف باختلاف الظروف والأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للإنسان: منا من يحتاج إلى المأكل والملبس والمبيت، ومنا من يحتاج إلى الرفاهية والرغد والترف، ومنا من يحتاج إلى الصعود إلى البرج العاجي حيث يطل على الناس من على، ومنا... ومنا.
لذلك أقول إن الحاجة حاجات متعددة، لكن أعظم حاجة يعاني الإنسان فقدانها في الحضارة المادية، هي الحاجة إلى تلبية فراغ ورغبة روحية. نحن نعرف أن الإنسان ملحاح بطبعه، لكنه يزداد إلحاحا كلما اشتد أوار الحاجة في حياته العملية.
خلاصة القول إن الحاجة كمفهوم، لا تختلف عن الحاجيات الضرورية الأخرى كلما تحولت إلى مفهوم، ومن ثمة فإن الكائن يعيش غربة المفهوم كلما وجد نفسه في حاجة إلى شيء عملي يحمله ذاك المفهوم، فالغربة بهذا المعنى غربتان: غربة الحاجة وغربة المفهوم.
على أن الحاجة هي مفهوم فلسفي قبل كل شيء، فالإنسان منذ أن خلق وجد نفسه أمام كون فسيح وشاسع يحتاج إلى نظام وترتيب، بحيث لا يمكن ترتيبه في الذهن كأشياء لها تصديقها في الواقع فحسب، وإنما ينبغي ترتيبه كتصورات ومفاهيم في الذهن؛ لأن هذا يسير بالذهن نحو خاصية الاختصار والتقنين، وذلك من خلال تسمية الكون وترجمته إلى مفاهيم، ومن ثم البحث عن ما صدق في الواقع الحسي. ببساطة نقول إن المفهوم في العالم التجريدي يتحول إلى ما صدق في العالم الحسي المادي كلما احتاج إليه الإنسان في حياته اليومية.



#محمد_الورداشي (هاشتاغ)       Mohamed_El_Ouardachi#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصراع يعود من جديد...!
- قراءة في رواية -نبض- ل أدهم الشرقاوي.
- نزيف قلم
- أزمة المقررات الدراسية
- سيدي المتجبر.
- أنماط النصوص
- تركيا... إلى أين؟
- ولأن الأفكار لا تموت...
- الحرية عند المفكر المغربي: عبد الله العروي.
- تعليق حول: حفريات في الذاكرة من بعيد، للمفكر المغربي محمد عا ...
- هكذا فهمت جبران
- الشعرية وتجلياتها عند أدونيس
- الثابت والمتحول وتجلياتهما في التراثين: الديني والشعري، من م ...
- الرسالة
- أبو زيد... هل أحزنتك روح التفكير؟
- أبو زيد.. هل أحزنتك روح التفكير...؟
- قراءة في كتاب السيميولوجيا والتواصل. ل إريك بويسنس، ت: جواد ...
- قراءة في مضامين كتاب: مفهوم النص دراسة في علوم القرآن، ل نصر ...
- قراءة في المباحث الأولى من كتاب السيميائية وفلسفة اللغة ل أم ...
- قراءة في مضامين كتاب إشكاليات القراءة وآليات التأويل، ل نصر ...


المزيد.....




- كيف تُغيّرنا الكلمات؟ علم اللغة البيئي ورحلة البحث عن لغة تن ...
- ما مصير السجادة الحمراء بعد انتهاء مهرجان كان السينمائي؟
- وفاة الممثلة الإيطالية ليا ماساري عن 91 عاما
- البروفيسور عبد الغفور الهدوي: الاستشراق ينساب في صمت عبر الخ ...
- الموت يغيب الفنان المصري عماد محرم
- -محاذاة الغريم-... كتاب جديد في أدب الرحلات لعبد الرحمن الما ...
- -أصيلة 46- في دورة صيفية مخصصة للجداريات والورشات التكوينية ...
- -نَفَسُ الله-.. هشاشة الذات بين غواية النسيان واحتراق الذاكر ...
- جبل كورك في كردستان العراق.. من خطر الألغام إلى رفاهية المنت ...
- لماذا يفضل صناع السينما بناء مدن بدلا من التصوير في الشارع؟ ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الورداشي - الحاجة