|
( ج ) نحن ومصطرع الولادة ( المشبوهة ) لحرية التعبير الالكتروني
أمين أحمد ثابت
الحوار المتمدن-العدد: 7717 - 2023 / 8 / 28 - 01:11
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
حين نتوقف – ببرهة من التأمل الصافي المتجرد عن العاطفة – امام ظاهرتنا العصرية اليوم بمواقع التواصل الاجتماعي بما حققته من كسر لتاريخ طبيعة مجتمعاتنا العربية – شعوبا وأنظمة حكم – في التعمم الكامل اللامعقول للممارسة اللامحدودة لحرية الرأي والتعبير الشخصية . . لكل افراد مجتمعاتنا ، بحيث يتلاشى عندها منطق التاريخ ، فلا وجود لتشريعات او تحريمات او مسمى ضوابط مجتمعية او اعراف . . تقيد او تفني هذه الحالة من الحرية ( الغريبة ) ، التي لم تعد محدودة على الافراد المحدودين من النخبة الاجتماعية . . المتصل بهم مسألة حرية الرأي والتعبير الصادم والمهدد لنظمنا الحاكمة والابويات الاجتماعية واعتيادية عموم المجتمع الملقن بتبعية جاهلة او عاطفية في ( بنية معتقداتهم القائمة على التحريم والمنع واللاجواز ) ، بل انها تجاوزت قول الرأي في الأمور الفكرية ونقد الظواهر ، لتدخل طورا جديدا لحرية كل فرد – حتى العوام - التعبير في الأمور المختلفة من التعرية للواقع والأنظمة وكل مواطن الاستبداد والفساد والأمور المحرمة الحديث حولها بأدعياء بغير وجودها واقعا ، وان مجرد التطرق لها يمثل استهدافا للوطن باحداث البلبلة واشاعة النعرات والعدائية التي تقود الى تمزيق المجتمع الواحد – كالتحدث عن المنظومات العصبية المتسلطة اجتماعيا ( طائفيا او مذهبيا او دينيا ) - الى تلك المحرمة والمرفوض حتى نطقها لفظا ، وتحديدا التي تدخل في حزام العفة والشرف وفق الموروث المجتمعي المعاد انتاجها دوما عبر قرون ماضية الى الان ، كالجنس ومناقشة قواعد التشريع الفقهيه ، وخاصة منها بتحريم مطلق فيما يتعلق بالمرأة وحقوق المساواة المماثلة بالرجل من حيث العلاقة الجسدية والاختيار وممارسة الحق – وهي الظاهرة التي ولدت في لحظة زمنية طافرة مارقة – من عقد ماضي او يزيد قليلا - خارج خصوصياتنا المجتمعية و . . بدون مقدمات او مؤشرات ذاتية مجتمعية مستقلة سابقة، والتي شهدت طبيعة مسار تعاظمي للشيوع المجتمعي بين مختلف الفئات المتعلمة والامية ، ومختلف الاعمار ومن كلا الجنسين . ومما سبق أعلاه ، تبدو حقيقة الشيوع العام المطلق لممارسة الحرية الشخصية في زمنية ( التواصل الالكتروني الفضائي ) العصرية – عربيا ويمنيا بصورة خاصة - فيما نفهمها ونتعامل بها وتجاهها . . ليس كما يصور لنا فهمنا واعتقادنا وبشكل قطعي بأنها ظاهرة طبيعية لوجودنا الاجتماعي – في داخله ومنه - في زمننا التاريخي الحاضر – كغيرنا – والموسوم بواحدية الحضارة الإنسانية المعاصرة ، والتي تفرض شيوع طابع العصر وخصائصه وصفاته على مختلف شعوب مجتمعات الأرض . . رغم اختلاف ثقافاتها الخاصة وأيضا في حضاراتها الخاصة القديمة – بينما هناك الوجه الاخر للحقيقة المغيبة عن ادراكاتنا وفهمنا ، وإن حضرت ذهنيا عند ندرة من الافراد المفكرين النوعيين . . لا يجرأ تخوفا من ( الاتهام والعداء والمحاكمة التجريمية له ) القول حتى الإشارة اليها بكونها نبت شيطاني غير اصيل ، ظهر بفعل تطبع انقيادي جبري لثقافة وقيم وافدة من الخارج ، لا وجود له أصلا في طبيعة وخصائص مجتمعاتنا العربية طوال تاريخ وجودنا . . حتى العقد الأول من القرن الحادي والعشرين . إذا ، فإن انفلات ظاهرة ممارسة حرية الرأي والتعبير- لكل فرد دون تخصيص بينهم او بين المجتمعات - بمحمولها الفضائي الالكتروني وفي محدد منه ما يعرف ب ( مواقع التواصل الاجتماعي ) ، تبنى حقيقتها على ( مزدوجية الوجه ) ، وجه يمثل كونها حقيقة واقعية لوجودنا المجتمعي الممارس الحاضر – بغض النظر كانت تعد جديدة علينا وليست من اصل طبيعتنا ، والدليل انها مثل غيرها من الظواهر الواسمة لهذا العصر ، انها تطبع نفسها على مختلف المجتمعات المفتوحة على بعضها ، لتعد وفق خصوصية هذا الزمن الراهن جزء من طبيعة كل مجتمعات الأرض . . وفق حقيقة وجودها الزمني المعاصر هذا – بينما يكون الوجه الاخر للحقيقة ، انها لم تتخلق ذاتيا خلال مكوننا المجتمعي ولا من خلال عوامل وظروف خاصة بنا اثرت على مجتمعاتنا أن تمر في لحظة ( تطفر ) قادت الى نشوء وظهور هذا المولود المغاير لأصله الابوي ، بل أن الوجه الاخر لهذه لحقيقة . . أن ولادة هذه الظاهرة مجترة ودخيلة على مجتمعاتنا ، والتي يمكن التعبير مجازا وبلغة عامية . . اشبه بولادة طفل من اب غير شرعي في علاقة سرية ، ترعرع ونما منسبا – بصورة خداعية - لأب ليس ابيه ، لا عنده علم بذلك ولم يمنح له حرية الاختيار بقبول نسبه اليه او لا ، كما و . . لا علم للأهل او المجتمع بهذه الحقيقة المخفية غير المدركة ، ليجد القانون نفسه – رغم جموديته المجردة – حاميا وحاكما بجهالة تحيزية لتثبيت حق النسب ( الكاذب ) لابن لا يمتلك حق ذلك بانحدار عن صلب الاب ( المخدوع ) او ارادته الاختيارية بتنسيبه اليه بعد اعلامه بالحقيقة التي كانت مخفية عنه .
#أمين_أحمد_ثابت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
( 4 ) وسائل التواصل الاجتماعي و مزدوجية وجه الحقيقة أ -
...
-
( 3 ) فترة خواء الحديث عن حرية التعبير
-
رواية ( تمزقات . . في ارض موحلة بالأكاذيب ) / عملي الروائي ق
...
-
( 2 ) جرم الاعلام النظامي والحزبي . , وشيطنتهما لغيرهما
-
تشريعات الشيطنة – الغبية الإرهابية – على حرية التعبير
-
الفلسفة والعلم . . هلامية الموقف المعرفي . . في اصل الحقيقة
...
-
الجزء ( 3 ) تجريف بخداع الوطنية - من موضوع : لا وطن . . ليمن
...
-
لا وطن . . ليمن منتج بانتهازيات قادة الأحزاب ( الوطنية ! )
...
-
لا وطن . . ليمن منتج بانتهازيات قادة الأحزاب ( الوطنية ! ) .
-
اليمن . . مصيدة الغرور النفطي / الجزء ( 3 ) توهمات توديع ( ا
...
-
اليمن . . مصيدة الغرور النفطي / الجزء ( 2 ) ثانيا : ا
...
-
رواية ( تمزقات . . في ارض موحلة بالأكاذيب ) / عملي الروائي
...
-
اليمن . . مصيدة الغرور النفطي / الجزء ( 2 ) ثاني
...
-
اليمن . . مصيدة الغرور النفطي / الجزء ( 2 ) ثانيا : الورطة ا
...
-
اليمن . . مصيدة الغرور النفطي / الجزء ( 2 ) - أولا : التورط
...
-
هاجس مناضل . . في الارتحال الاخير 23 يوليو 2023
-
لا يهم . . أن تكون وحيدا
-
اليمن . . مصيدة الغرور النفطي / الجزء ( 1 ) ما وراء الاعتقاد
...
-
فلسطين : ضرورة حاجة مغايرة عربيا
-
اليمن : حل بديل لخداع التوهيم / خارطة طريق كلية
المزيد.....
-
مصممة على غرار لعبة الأطفال الكلاسيكية.. سيارة تلفت الأنظار
...
-
مشهد تاريخي لبحيرات تتشكل وسط كثبان رملية في الإمارات بعد حا
...
-
حماس وبايدن وقلب أحمر.. وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار
...
-
السيسي يحذر من الآثار الكارثية للعمليات الإسرائيلية في رفح
-
الخصاونة: موقف مصر والأردن الرافض لتهجير الفلسطينيين ثابت
-
بعد 12 يوما من زواجهما.. إندونيسي يكتشف أن زوجته مزورة!
-
منتجات غذائية غير متوقعة تحتوي على الكحول!
-
السنغال.. إصابة 11 شخصا إثر انحراف طائرة ركاب عن المدرج قبل
...
-
نائب أوكراني: الحكومة الأوكرانية تعاني نقصا حادا في الكوادر
...
-
السعودية سمحت باستخدام -القوة المميتة- لإخلاء مناطق لمشروع ن
...
المزيد.....
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع
/ عادل عبدالله
-
الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية
/ زهير الخويلدي
-
ما المقصود بفلسفة الذهن؟
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|