أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كاظم حسن سعيد - ظلال من نقرة السلمان














المزيد.....

ظلال من نقرة السلمان


كاظم حسن سعيد
اديب وصحفي


الحوار المتمدن-العدد: 7712 - 2023 / 8 / 23 - 19:03
المحور: الادب والفن
    


الرجلان الهرمان يستقران على تخت لمقهى يلتصق بباب فندق كبير مغلق مسحت عليه فرشاة عريضة بلون زيتوني جملة, كتبت بخط احمر رديء .احدهما في التسعين والاخر الذي زحزح جسده بتثاقل ليوسع المكان لي في الثمانين .
الطبلتان امامهما بمستوى الركب .. حين تقدم نحونا بالشاي قلت للرجل الثمانيني , فنظرت اليه مستغربا وسالته (هل دخلتها ؟), فاجاب (نعم, في السابعة عشرة من عمري ).
خلافا لاسئلتي لمثل هؤلاء الرجال برقت في ذهني عشرات الاسئلةالاخرى .... الشيخ التسعيني طويل القامة ظهره منحن وعيناه السوداوان الواسعتان يتكثف فيهما حزن بلا قرار , كان يرقبنا محدقا بصمت . لقد اشبعنا نقرة السلمان بحثا حتى لم يعدهناك من جديد وهي بجملة( كهف مغلق خارج الحياة ومدرسة , ولم تكن مصهرة للرجال كما الرضوانية).
قضاء السلمان، لقد شاء القدر ان تتحول هذه المنطقة الى المعتقل المميز ومعروف باسم سجن (نقرة السلمان الرهيب ) ان اختيار القلعة ((قلعة أبو حنيج كما يسميها غالبية الناس )) في منطقة نقرة السلمان لتكون سجنا خاصا بالسياسيين والخطرين على أمن الدولة في ذلك اليوم كان مجرد صدفة بسيطة لم تكن وفق خطة مدروسة بل بسبب بعض التصرفات غير الدقيقة التي قام بها السجناء الشيوعيون في سجن الكوت عام 1948)).
< لابد ان اذكر حادثة طريفة قصها علينا شيخ عزيز حدثت له في كربلاء اثناء موسم الزيارة في أيام ألعهد ألملكي. كان متواجداً في كربلاء لزيارة ضريح الحسين (ع) وشاهد تظاهرة ضد حلف بغداد فقرر ألمشاركة فيها واثناء سير ألتظاهرة حمله أحدهم على كتفيه من بين المتظاهرين ليهتف، وتحمس الشيخ وأطال بالهتاف لكنه وجد ان التظاهرة ابتعدت عنه وإذا بحامله يأتي به للرصيف لتكبل يديه ويعتقل ويزور موقف كربلاء بدل زيارته ألمنشودة، فالذي حمله على كتفه كان أحد الشرطة السرية لمدينة ألسماوة... من مذكرات محمد الشبيبي. >
(كانت لعبة الشطرنج شائعة، وكان بيننا من الزملاء الفنانين والمتخصصين بصناعة أحجار الشطرنج والتفنن بها لتكون جميلة ومتناسقة وكأنها صنعت في معمل متخصص. يعتمد هؤلاء على بقايا حشوة الصمون (نوع من ألخبز العراقي) لتشكيل منه عجينة بخلطها بالسكر والصبغة المطلوبة لصناعة الأحجار حسب الألوان التي تتطلبها اللعبة.)
قال الرجل الثمانيني:
ـ ( ان عبد الكريم قاسم ارعن)
: انه عسكري بلا ثقافة سياسية .
ــ انه عسكري تشرب بالروتين .
ــ كيف صدحتم بشعار (لا تكول ما عندي وكت واعدمهم الليلة ) و ( ماكو مؤامرة تصير والحبال موجودة )
: ـ انها شعارات اطلقت خطأ , لكن الانسب ما ردده اخرون ( وطن حر وشعب سعيد )
ــ لقد تدفق دم وعلقت اعناق وسحلت اجساد.
ــ قلت لك كان ارعن .
ــ ارى ان هؤلاء الشبان العراقيين الهائمين على الطرقات والازقة المظلمة .. ربما ندين سلوكهم ومظهرهم , لكنهم لقوة الغضب واليأس فيهم سيخرجون يوما ليتحولوا الى ذئاب فيفترسون سياسييهم... وافقني الرأي ..لكن الرجل التسعيني وهو يرتدي قاطا كحليا بلا رباط تتهدل حافتا سترته لانحناء الظهر... رفع يديه باسطا راحتيه وقد توسعت عيناه وقال (هذا لن يحدث هؤلاء لا يفعلون )
ــ لماذا
ــ تصور كنا شبانا في 1964..اخطأ بالتاريخ فصحح له صاحبه ..(1963)..
فايده واكمل .. (تلك السنة ابلغنا بان نخط لافتات احتجاج وامرونا ــ من لا يملك قطعة قماش فليكتب الشعارات على دشداشته . وهو ما فعلناه وتوجهنا الى شارع دينار ,حيث اصطف الحرس القومي مزودا بالبنادق على طول الطريق فتهاوى قتلى وتناثر جرحى.. كان عددنا صغيرا ومن هناك زج بي الى نقرة السلمان .هؤلاء لا يفعلون .
اكيد لاكثر من خمسين عاما روى كل منهما حياته في السجن حتى جفت الكلمات وبرد الغضب مخلفا ذلك الحزن العميق الذي اعتادا عليه.....اتذكر مرة في تجمع لعجلات اجرة اشار لي سائقون الى رجل يزحف وقالوا سيوصلك ...في الطريق حدثني هذا الابي المعاق (لي عزة نفس ترفض الشفقة ) .
ان خسارة عشر سنين من العمر اسهل كثيرا من فقدان الساقين والبصر, خلق الانسان مؤهلا للتحدي ,صحيح هناك من تقتله جملة او موقف سلبي بسيط .. لكن هناك نوعا من البشر قادرين على تحدي المحن.اتذكر كيف تفاعل الشاعر الرائد البريكان مع جملة مترجمة اطلقها بطل في اخر فلم كنا نشاهده معا ( على الانسان ان يتقبل الحياة كهزيمة لابد منها ).... من يلتفت لهذين الشيخين ؟ الا ان يوجد من يتناسى صخب المهرجان المقام على روضة ملتفتا لنملة تحتضر .
الرجل التسعيني قبيل ان يستدعيه شاب فيقوم بتثاقل بظهر منحن قال (هذا ما وصلنا اليه انظر ـ واشار الى جملة < مطلوب دم > التي اخفت اغلب حروفها البدائية فرشاة عريضة بلون زيتوني .
ومن نقرة السلمان حتى سجن < جدر موحان >.. تمكن الساسة ان يطوروا موهبة التعذيب وان يخلقوا اساطير في سحق الانسان .. لكن هل كان الشيوعيون ضحية شعار ( بس ها الشهر ماكو مهر ) الذي اطلقنه نسوة ساذجات , او ضحية لفتوى مرجعية اطلقت بتوقيت مناسب .. الشيوعية كفر والحاد ..
وهكذا لم يكسب الشيوعيون في العراق رغم فداحة التضحيات سوى صفتيهم الراسختين ــ نزاهة وثقافة ــ ومحظور اولا احد يستطيع ان يرد على كتاب < فلسفتنا > في مقولة جدلية بان الصراع الفكري سيبقى فقط بين فكر اسلامي وشيوعي .
والان ــ وهذان الشيخان المناضلان وهما ينظران الى طوفان بشري يهدر ( باسم الدين باكونة الحرامية ) ويستعرضان كل تقلبات الطقس في المشهد العراقي ــ ماذا ينتظران ؟ واية ارادة صلبة تمنعهما من الجنون او الانتحار , وباية ادوات اسطورية تمكنا من تسكين الجراح ..
ونظرت الى الرجل جواري وقد زخرف رماد السيجارة بنطلونه الاسود لضعف داهم عينيه وقلت في نفسي < لن ادفع حسابه فهي عادة تحتضر كمئات العادات لكنه بادرني وانا اودعه بلطف ( حسابك واصل ) .



#كاظم_حسن_سعيد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقتطف من رواية تعال معي لنطور فن الكره
- جثتان بخنجر معكوف ورصاص... ج
- جثتان بخنجر معكوف ورصاص قصة قصيرة
- مقتطف من رواية صنارة وانهارج3
- كتاب ( مجهر على القاع )
- مقدمة كتابي ( مجهر على القاع )
- تثقيب القوقعة ج 9 وفاة الروائي مارتن فالزر
- البريكان مجهر على الاسرار وجذور الريادة ج17
- مقتطف من رواية صنارة وانهار
- الريكان : مجهر على الاسرار وجذور الريادة ج16
- الجدار الطيني
- هل تتحول بعض النساء لخطوط حمراء
- ديوان (مجوهرات روحية )
- من اجل معجم يواكب المستجدات
- ديوان (اله المسخ )
- ديوان (البصيلة الزجاجية)
- التماثيل في البصرة فقر كمي وتراجع فني
- كتاب المعجم العربي الجديد لهادي العلوي
- ديوان (تصديع القوقعة)
- ديوان (الانوثة في مرجل الروح)


المزيد.....




- رابط نتيجة الدبلومات الفنية 2025 لكل التخصصات “تجاري، زراعي، ...
- بسبب شعارات مؤيدة لفلسطين خلال مهرجان -غلاستونبري-.. الشرطة ...
- العمارة العسكرية المغربية جماليات ضاربة في التاريخ ومهدها مد ...
- الجيوبولتكس: من نظريات -قلب الأرض- إلى مبادرات -الحزام والطر ...
- فيديو.. الفنانة الشهيرة بيونسيه تتعرض لموقف مرعب في الهواء
- بالأسم ورقم الجلوس.. نتيجة الدبلومات الفنية 2025 الدور الأول ...
- “استعلم عبر بوابة التعليم الفني” نتيجة الدبلومات الفنية برقم ...
- “صناعي – تجاري – زراعي – فندقي” رابط نتيجة الدبلومات الفنية ...
- إبراهيم البيومي غانم: تجديد الفكر لتشريح أزمة التبعية الثقاف ...
- بوابة التعليم الفني.. موعد إعلان نتيجة الدبلومات الفنية 2025 ...


المزيد.....

- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كاظم حسن سعيد - ظلال من نقرة السلمان