أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نائل الطوخي - بيني و بين أبي. بين الإخوان والقاعدة














المزيد.....

بيني و بين أبي. بين الإخوان والقاعدة


نائل الطوخي

الحوار المتمدن-العدد: 1728 - 2006 / 11 / 8 - 11:12
المحور: الادب والفن
    


لم يكن أبي يعرف الإنترنت طبعا، عرف الموبايل مؤخرا فقط، لذا ظلت التجربة العالمية بعيدة عنه، لا يتخيل أنه يمكن بسهولة التواصل لمدة ساعات مع شخص يقيم في الولايات المتحدة أو حتى في السعودية بنفس تكلفة المكالمة المحلية. ولد أبي أيام الملك، عاش في ظل الحقبة الملكية أكثر من عشر سنوات، عاش النسخة القديمة من الحركة الإسلامية، الحركة المحافظة للإخوان المسلمين، كان صعبا عليه تخيل ذلك الانفتاح اللانهائي للعنف، عندما تقرر الشرطة الأمريكية قرارا فيموت المصابون بالإيدز في أفريقيا، أو عندما تنطلق الطائرات الإسلامية لتصيب مركزي التجارة العالمي في نيويورك. كان الاستعمار في نظره هو أن تتقدم الدبابات لتحتل بلدا و تسيطر على السلطة فيه، مع كل الأعطال المتوقعة لتلك العمليات غير الرشيقة من العنف و السيطرة.
تميز جيلنا بالانفتاح، وبنفس القوة في الاتجاهين، في اتجاه العنف و في اتجاه التفهم، والانفتاح هنا يعني تحطيم الحدود بقوة. تبدو الحدود هنا أمرا قسريا. هل يضعف تأثير الدولة القومية شيئا فشيئا؟ ربما. يزداد الإيمان ب"الأمة الإسلامية" أو العالم الجديد، الغربي و الديمقراطي و الرأسمالي، بغض النظر عن الحدود الجغرافية لكل منهما. كل هذا يجعل فكرة الدولة الوطنية فكرة سخيفة و غير منطقية، مثلما يضربها في مقتل تصفح النيوزويك أو النيوليفت ريفيو على الإنترنت بدلا من انتظار وصول عدد محدود من النسخ بالطائرات.
فس نفس الوقت، كتب جيل الخمسينيات روايات عاطفية وسياسية و تاريخية و فلسفية، وكتب جيل الستينيات روايات امتزجت فيها الأنواع السابقة من السرد، وكذلك نحا نحوهم عدد كبير من الأجيال التالية، أما جيلنا فلا نستطيع إلا أن نميز فيه انفتاح الحدود بين القصة و الشعر والرواية، وبين أجناس مختلفة من الأدب، عدت سابقا أنواعا دخيلة و غير "محترمة"، مثل الكوميكس و الألغاز البوليسية والنكت الأكثر ابتذالا.
لأقل سرا، تزوج كثير من أبناء عائلتي، خصوصا الأكبر سنا من قريباتهن في العائلة، نتج عن هذا أطفال غير أسوياء تماما. برغم هذا، لدى مناقشة أي شباب العائلة في موضوع زواجه، يكون الاحتمال الأول المطروح هو الأقرباء، ثم الأقل قرابة، و هكذا, هنا يكون التزاوج بين جنسيات مختلفة ضربا من الكفر و الهرطقة.
ربما بدأت فكرة "وحدة الدم" لتكون فكرة سخيفة ابتداء من سبعينيات القرن الماضي، وتحل محلها فكرة وحدة الثقافة، وبينما رأى اليسار الاقتصاد هو المحرك الأول للتاريخ وبالتالي فوحدة العمل هي الأساس، تميز اليمين على العموم بنبذه لفكرة وحدة الدم "تراجع دول الحس القومي"، و تفضيله لوحدة الثقافة "تصدر فكرة الوحدة بين المسلمين وبعضهم البعض، الكاثوليك و بعضهم البعض، و كذلك اليهود، و على الجانب الآخر، المؤمنين بالثقافة الغربية الليبرالية، في الهند كما في أوروبا و أمريكا". حتى أمي، و قد كانت ناصرية متحمسة تؤمن بالوحدة العربية، أصبحت ترى في هذه النعرة القومية سذاجة خيالية و تفضل أن ترى المسلمين إخوة لا تحدهم حدود، بنفس القدر الذي فيه كنت أرفض مصادقة أبناء عائلتي و أفضل التعرف على أصدقاء آخرين، مكانهم في وسط البلد بالأساس، يتعاطون الكتابة والسياسة مثلي، بل و تنمو صداقاتي عبر الإنترنت لتشمل كتابا من بلدان أخرى، وهو ما يراه كان أبي و أمي سيرياه أمرا فانتازيا و غير مفهوم بالطبع.
أعتقد أن هذا فارق واضح بين الجيلين، جيل ما قبل انهيار الاتحاد السوفيتي و جيل ما بعد انهياره، و هو الحدث الأبرز خلال القرن الماضي، بعد الحربين العالميتين بالطبع مع ما ترتب عليهما، حتى وإن كان لليسار، أي للأفكار الصارمة الخاصة بوحدة الطبقة العاملة، أي دور فيه، فهذا الانتقال تم بين يمين و يمين، بين وحدة الدم و وحدة الحضارة، بدون أن يكون للعمل أي أثر مهم في هذا الانتقال.
هل يمكن التواصل بين هذين النوعين من فهم العالم؟ ربما، فالفارق ليس كبيرا للغاية، شيئا فشيئا يكتشف أبي إمكانية إرسال رسالة sms من هاتفه المحمول إلى عمتي بالولايات المتحدة بنفس تكلفة إرساله إلى عمتي بمدينة نصر، و أشرح له أن هذا لا يفرق كثيرا عن التعامل عبر الإنترنت، ويستجيب للدعاية التي تقرر أن مقاطعة وجبة كنتاكي في المطعم بمصر الجديدة سيكون له تأثير أكيد على قرارات البيت الأبيض تجاه المسلمين، الذين، مثل أمي سابقا، يحلون محل العرب في لغة حواره اليومي.



#نائل_الطوخي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كتب المسلمين الاعلى مبيعا في اسرائيل.. اشكال من العنصرية ضد ...
- الرواية بعد محفوظ.. العقوق الجميل لأبناء الجبلاوي
- يوم الكيبور.. صفعة لصورة الدولة التي لا تقهر
- السلطة المطلقة للافيه الرمضاني.. من الشعر و المسرح إلى شوقية ...
- حسين عبد العليم: تحريم الجنس أمر ممل جدا
- الأم المقدسة، أمي، الأرض و الهوية
- أمي، الأم المقدسة، الأرض و الهوية
- عن تصريحات البابا و الأديان المصابة بالزهايمر
- صلالة مدينة تشبه الألعاب الإلكترونية
- الجمالية ترد الحكي على نجيب محفوظ
- تشومسكي: أمريكا تعجل بنهاية العالم
- منع الرؤية و مباركة الجنود.. العمى المرغوب فيه لإسرائيل
- في بيان من تشومسكي وساراماجو: إسرائيل هي الحلقة الأولى في سل ...
- سينمائيون إسرائيليون للبنانيين: نحن معكم
- صورة حسن نصر الله عند المثقفين المصريين. دفء و ملاحة و مقاوم ...
- ماذا يفعل أدباء إسرائيل وقت الحرب !؟
- من قلوبنا سلام لفيروز
- عبد الناصر هو البطل الملحمي، المدخن المحترف و بائع التذاكر.. ...
- دافنشي, يعقوبيان، و جرائم النشر، حرية التعبير في مجلس الشعب
- دم بارد.. بعثرة الندوب في جسد الواقع


المزيد.....




- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نائل الطوخي - بيني و بين أبي. بين الإخوان والقاعدة