أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نائل الطوخي - الرواية بعد محفوظ.. العقوق الجميل لأبناء الجبلاوي














المزيد.....

الرواية بعد محفوظ.. العقوق الجميل لأبناء الجبلاوي


نائل الطوخي

الحوار المتمدن-العدد: 1725 - 2006 / 11 / 5 - 10:49
المحور: الادب والفن
    


بعد نجيب محفوظ لم يثر الضجيج في الرواية المصرية إلا جيلان، الستينيات والتسعينيات، وعلي قدر ما حافظ الأول علي علاقة هشة مع محفوظ ومع كتابته علي قدر ما حاول الثاني قطع العلاقات بقوة، في النهاية، لم يبق مما يحمله الستينيون أو التسعينيون من اعجاب للرجل إلا وكان نابعا من النوستالجيا، الحنين لليبرالي الأخير الذي لم تلوثه الثورة، والنظر الي كتابته المبكرة كأنها نوع من كتابة انقرضت، وعدم التعاطف التام مع كتابته المتأخرة في نفس الوقت. برغم هذا لا يمكننا إلا أن نلمح في روايات الستينيات جذورا محفوظية واضحة، ولا يتعلق الأمر بتقسيم ساذج للروايات الي تاريخية وسياسية واجتماعية وانما يتعلق الأمر بحيل كتابية بدأ استخدامها ثم طورها من جاؤوا بعده، فقبله لم نشهد لتيار الوعي وجودا في أدبنا العربي، والآن يستخدمه الكثيرون ويصبح حيلة شائعة في الكتابة، وفي مجموعاته القصصية بدأ طريق العبث والذي استطاع صنع الله إبراهيم فيما بعد تطويره ليصبح سخرية ومحاكاة ساخرة لخطاب السلطة غير المعقول. بدأ محفوظ الرواية الفلسفية حيث أبطاله يبحثون عن المطلق مثل الله والحقيقة، لينمو هذا البحث في طريق الايمان المطلق بالأيديولوجيا عند فريق من الستينيين، وعند فريق آخر تفتت هذا البحث الي لحظات متناهية الصغر مثلما في كتابة إبراهيم أصلان حيث يحاول الرجل جهده ألا يسقط كوب الشاي منه في رواية وردية ليل مثلا وتدور حوارات فلسفية عبثية تماما بين أبطاله، أو يتطور حتي الي نفس البحث عن قيم أخري مشابهة مثل العدالة والحرية في مواجهة قيم قمعية مباشرة تقدمها السلطة كما في الزيني بركات أو في مواجهة شبكة أخطبوطية تدمر روح الانسان مثلما في حكايات المؤسسة لجمال الغيطاني.
بمفهوم ما بدأ نجيب جنس الرواية وطوره ايضا. قبله لم يكن ثمة وجود للرواية بمعناها الفعلي، وكأنه لم يكتف بهذا بل استطاع التمرد علي نفسه عدة مرات، من الرواية التاريخية الي الاجتماعية الي الفلسفية، في كل هذا كان يتجه أكثر نحو داخل الانسان انتهاء بالأحلام داخل الداخل، ويقوم بمسيرة أخري. تبدأ الثلاثية بنفس رائق ليصف كل سكنة وكل لمحة في حياة أبطاله لتنتهي راكضة لاهثة، لتلاحق تطورات وانهيارات العائلة المصرية، ما بين الطريقين كان نجيب يصل بالرواية الي ذروته الخاصة، ولا يتقدم فيها، يضع دمه فقط علي أولها، ليترك الطريق لأبنائه وأحفاده فيواصلون. مثلا، لم يول اهتماما بالتفاصيل كعنصر بصري مثلما يفعل الكتاب الشباب الآن للتقريب بين عالم الرواية وعالم السينما، وانما اهتم بالتفاصيل من ناحية اخري، من ناحية أن أي أدب واقعي يجب أن يصف كل شيء. كل شيء ينبغي أن يكون مبررا، ولا مجال هنا للسهو، وفي مراحل تطوره اللاحقة سيبدأ نجيب في اهمال التفاصيل، سنجد زمن الباقي من الزمن ساعة أو حديث الصباح والمساء يسير لاهثا كما هو الزمن في ملفات الأرشيف بحيث يبدو أنه لا يخلق حياداً وانما سيراً ذاتية للبشر فحسب، هنا سيبدو أن الطريق الذي اختاره كان علي عكس طريق أبنائه تماما.
ستتطور الرواية بعد نجيب، وهذه حقيقة من حقائق الزمن للأسف، لن يقف الزمن علي نجيب ولن تنتهي الرواية بموته مثلما حيت بحياته ولكن مع تحفظ بسيط لن تكون هي الرواية النجيبية بحال، ستختفي التشابهات بينها وبين روايات نجيب محفوظ الي حد أن يكون معذورا من يتصور أن جنس الرواية قد يختفي، من يتصور مثلا ان الرواية التي يكتبها مصطفي ذكري أو مي التلمساني قريبة بشكل من الأشكال الي زقاق المدق؟ هنا علي الأب الأكبر أن يسلم بعقوق أبنائه الجميل، وألا يحرمهم من اسمه في نفس الوقت، من اسم الرواية التي يكتبون في اطارها، تطورات كثيرة مرت بها الرواية المصرية والعربية، تطورات أدت بها الي أن تنكر أفرعها أصلها كما يتنكر أصلها من تفرعاتها المختلفة، قد يكون واجبا أخلاقيا أن نقول بأن الرواية العربية لن تموت بموت نجيب، واجبا في مقابل من تحركهم العقلية الأبوية في أقصي تجلياتها قسوة ليقولوا بأن الأب لم ينجب، وأنه بموته سينتهي عالمه عليه، فحتي الجبلاوي في رواية محفوظ أولاد حارتنا ، والتي فتحت الباب بعد ذلك للرواية الرمزية ولاستيحاء التراث المقدس مع نظرة علمانية كأساس للكتابة حتي الجبلاوي مات لتبدأ الرواية بموته وبحياة عرفت بدايته الحقيقية.



#نائل_الطوخي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوم الكيبور.. صفعة لصورة الدولة التي لا تقهر
- السلطة المطلقة للافيه الرمضاني.. من الشعر و المسرح إلى شوقية ...
- حسين عبد العليم: تحريم الجنس أمر ممل جدا
- الأم المقدسة، أمي، الأرض و الهوية
- أمي، الأم المقدسة، الأرض و الهوية
- عن تصريحات البابا و الأديان المصابة بالزهايمر
- صلالة مدينة تشبه الألعاب الإلكترونية
- الجمالية ترد الحكي على نجيب محفوظ
- تشومسكي: أمريكا تعجل بنهاية العالم
- منع الرؤية و مباركة الجنود.. العمى المرغوب فيه لإسرائيل
- في بيان من تشومسكي وساراماجو: إسرائيل هي الحلقة الأولى في سل ...
- سينمائيون إسرائيليون للبنانيين: نحن معكم
- صورة حسن نصر الله عند المثقفين المصريين. دفء و ملاحة و مقاوم ...
- ماذا يفعل أدباء إسرائيل وقت الحرب !؟
- من قلوبنا سلام لفيروز
- عبد الناصر هو البطل الملحمي، المدخن المحترف و بائع التذاكر.. ...
- دافنشي, يعقوبيان، و جرائم النشر، حرية التعبير في مجلس الشعب
- دم بارد.. بعثرة الندوب في جسد الواقع
- كرنفال الكرة و الادب على ناصية العالم
- بلدوزر.. تجار حشيش و مقابر.. تاريخ ملاحقة الكتاب الرخيص


المزيد.....




- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نائل الطوخي - الرواية بعد محفوظ.. العقوق الجميل لأبناء الجبلاوي