محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث
(Mohammad Abdul-karem Yousef)
الحوار المتمدن-العدد: 7711 - 2023 / 8 / 22 - 01:03
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
دمشق يجب أن تكون جزءا من الحل
تحول جون كيري من وصف الرئيس بشار الأسد بأنه صديق عزيز إلى دكتاتور متوحش ثم قدم الشكر له على العمل مع أمريكا للقضاء على مخزون سوريا الكيميائي ، إلى الرغبة في التحدث معه. لكن كل شيء آخر فشل.
كمال علم
30 أذار 2015
ترجمة محمد عبد الكريم يوسف
ربما لم يكن الشرق الأوسط بهذا الاستقرار منذ الغزو المغولي لبغداد. حتى السقوط المضطرب للإمبراطورية العثمانية وغزو العراق عام 2003 لم يجلب معه مستويات عدم اليقين والعنف الشديد التي أطلقتها الحرب السورية على المنطقة بأكملها. مرة أخرى ، بعد مائة عام بالضبط ، أصبحت دمشق المحور الرئيسي الذي يتوقف عليه استقرار المنطقة برمتها.
لو كانت أمريكا وحلفاؤها في ما يسمى بلجنة "أصدقاء سوريا" قد درسوا كيف كان الرئيس الراحل حافظ هو الصخرة التي اعتمد عليها العرب ، لما اضطررنا إلى الانتظار طويلاً حتى يتحدث كيري عن الأسد كجزء من الحل.
سوريا قلب العالم العربي:
==============
قبل مائة عام بالضبط كانت أعظم جائزة في الشرق الأوسط هي القتال من أجل الحصول على دمشق. في الفيلم الملحمي ، لورنس العرب ، يخبر بيتر أوتول في دور البطولة فيلد مارشال اللنبي أن العرب لن يأتوا من أجل فيصل أو البريطانيين أو الذهب ، لكنهم سيأتون إلى دمشق. بالطبع ، ليست المرة الأولى للورنس ، كان تي إي لورانس يكذب. الرجال الذين حشدهم لورانس من صحراء الجزيرة العربية كانوا مرتزقة لا علاقة لهم بالشعب الدمشقي الحضري والمتطور ، أو تجار حلب أو القبائل العربية والأرمنية النبيلة في دير الزور. و على الرغم من كل الذهب والأسلحة التي زود بها البريطانيون البدو من شبه الجزيرة العربية بقيادة عودة أبو تاي وناصر بن علي ، انضم 560 سوريا فقط إلى جيش المرتزقة للغزو البريطاني لسوريا.
لم يقتنع سكان دمشق وغيرهم من السوريين الخاضعين للسيطرة العثمانية بصدق فيصل ولورنس. على الرغم من أنهم لم يكونوا من عشاق السيطرة العثمانية ، إلا أنهم لم ينضموا إلى قبائل الصحراء التي تشكل الآن المملكة العربية السعودية والأردن ودول مجلس التعاون الخليجي. وبالمثل عندما كان الفرنسيون يقاتلون فيصل بعد انسحاب القوات البريطانية من دمشق ، كان لدى فيصل 2000 رجل فقط يدافعون عنه في القتال: [1] لم يكن أسلاف سوريا الحالية في حالة مزاجية لأخذ إملاء من البدو و البريطانيين.
إن محاولة مائة عام على كل الجهود للسيطرة على المدن الكبرى في سوريا باءت بالفشل. لم تبدأ الانتفاضة في حلب لمدة عام ونصف تقريبا بعد حادثة درعة. وصل الربيع العربي إلى سوريا بعد ذلك بكثير ، وعندما وصل لم تنضم إليه مدينتا دمشق وحلب. كان معظمه في ريف الجنوب والشرق. [2] وفقا للمسؤولين الأمريكيين أنفسهم لا توجد معارضة حقيقية. ليس بخلاف ما كان عليه الحال قبل مائة عام ، على الرغم من تدخل البدو في شبه الجزيرة العربية ومئات المليارات من الدولارات من المساعدات ، فإن الغالبية العظمى من السوريين لم ينضموا إلى الجيش السوري الحر أو المجلس الوطني السوري. حتى أكثر زعماء المعارضة مصداقية حتى الآن ، كان معاذ الخطيب يرى أن المعارضة السورية خاضعة لسيطرة أجنبية وليس لها صوت سوري. عندما أراد الخطيب الوصول إلى حل سياسي ، رفضته دول الخليج وغيرها ممن أرادوا السيطرة على مصير ومستقبل سوريا. يسعد الثوار والمعارضة السوريون بكسب رواتب كبيرة والعيش في فنادق خمس نجوم في الدوحة وباريس والعواصم الغربية. بدلا من ذلك ، كان ما يسمى المعارضة السورية مثل "ثورة لورانس العربية" التي اشتبكت مع بعضها البعض عندما دخلوا سوريا ، تتشاجر فيما بينها في كل مرحلة.
الرئيس حافظ الأسد والأمريكان: كيف تعلم الرئيس بشار الأسد التعامل مع الولايات المتحدة:
=============================================
حدثت الاضطرابات الكبرى التالية في بلاد الشام في السبعينيات على شكل الحرب الأهلية اللبنانية. و كان حل هذه الحرب بحزم في يد المخابرات العسكرية السورية. تدخل حافظ الأسد بتفويض من جامعة الدول العربية نيابة عن العالم العربي لتحقيق الاستقرار في لبنان. كان الرئيس حافظ الأسد منبوذا من الغرب منذ البداية بسبب قربه من الاتحاد السوفيتي ، ومع ذلك لم يكن هناك زعيم آخر في دولة متحالفة مع الاتحاد السوفيتي كان يحظى بقدر كبير من الاحترام والتفاعل مع العديد من الرؤساء الأمريكيين مثل حافظ الأسد. بمجرد أن أدرك الأمريكيون أنهم لا يستطيعون التفوق على سوريا في لبنان ، عملوا مع سوريا لتحقيق الاستقرار في المنطقة.
كان هنري كيسنجر واضحا جدا في تحليله للبنان وحث السياسة الأمريكية على العمل مع السوريين وليس ضدهم. كان الرئيس حافظ الأسد هو المهم وليس الميليشيات اللبنانية ومنظمة التحرير الفلسطينية. يتذكر وارن كريستوفر أن الرئيس حافظ الأسد لن يبدأ اجتماعا دبلوماسيا أبدا إذا كان يعلم أن موقفه كان ضعيفا: فقد أجريت جميع الاجتماعات التي عقدها الأمريكيون مع الرئيس حافظ الأسد على أساس أن الرئيس حافظ الأسد شعر أن له اليد العليا. وفقا لبيل كلينتون ، كان الرئيس حافظ الأسد رجلا لا يرحم ولكنه لامع ويمكن الوثوق به دائما للوفاء بكلمته ، "على الرغم من الخلافات بيننا وبينه ، فقد كان دائما صريحا معي. سياق الغزو العراقي للكويت. [4]
كانت ضربة الرئيس حافظ الأسد في هذه العلاقة مع الأمريكيين هي دعمه للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لمحاربة غزو صدام للكويت. بينما كان الجيش السوري بأوامر من الرئيس حافظ الأسد يساعد التحالف المدعوم من الغرب في الكويت والعراق ، كان يقاتل أيضا ضد الجنرال ميشال عون المدعوم من فرنسا في عام 1990 ، حيث أدار جبهات حرب متعددة في ساحة المعركة وفي دبلوماسيته. مرة أخرى في العراق بعد عام 2003 ، حافظ السوريون على توازن جيد بين دعم بعض اللوجستيات الأمريكية مع توفير طرق للمتمردين ضد الاحتلال الأمريكي. هذا يعني أن الأمريكيين وجدوا أنه من المستحيل تقريبا عدم أخذ السوريين على محمل الجد. ومع ذلك ، عندما اقترح بوش إزالة الأسد في عامي 2003 و 2004 ، تطلب الأمر من آرييل شارون تحذير الأمريكيين من مثل هذا الخطأ الفادح.
الرئيس بشار الأسد خيّر أم سيء؟
==================
كان الرئيس بشار الأسد قد نجا بالفعل من ثلاث أزمات كبرى قبل اندلاع حرب 2011. كان الرئيس بشار الأسد قد شهد حرب 2006 ضد الإسرائيليين ، والغزو الأمريكي للعراق واغتيال رفيق الحريري. لم يمنح أحد تقريبا الرئيس بشار الأسد فرصة عندما توفي والده عام 2000 ، أو مرة أخرى عندما قُتل الحريري وغادر الجيش السوري لبنان. قال كل من يسمون أنفسهم خبراء يعتقدون أن هذه ستكون نهاية الأسد. ومع ذلك ، استمر الرئيس بشار الأسد في النمو و الازدهار. أعاد الرئيس بشار الأسد نفسه إلى الحظيرة الغربية وأقام علاقات مع فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة. تم تكريمه في العواصم الغربية وبشر القادة الغربيون بإصلاحاته الاقتصادية والاجتماعية. وصفه جون كيري في محادثاته المكثفة مع الرئيس بشار الأسد بأنه "رجل كريم وشخص يمكن أن يثق به هو وأمريكا."
بعد الغزو الأمريكي للعراق ، قام الرئيس بشار الأسد بالتواصل مع الأحزاب الإسلامية للتكاتف ضد التهديدات الخارجية. [5] في عهد الرئيس بشار الأسد ، احتفل حزب البعث أيضا ولأول مرة بالأعياد الإسلامية الرسمية. [6] ناقش الدكتور محمود الأجاسي ، وهو رجل دين إسلامي مؤثر وناقد للرئيس بشار الأسد ، بأن سوريا لا تريد ديمقراطية على النمط الأمريكي أو فوضى شبيهة بتلك التي تجعل العراق في عبودية. وبالمثل ناقش نواف البشير بأن سوريا يجب أن تتغير وفقا للضغط الداخلي وليس من خلال أي انتفاضة مدعومة من الخارج. [7]
لذا ، في حين أن سوريا لم تصبح ديمقراطية ليبرالية أو مجتمعا مفتوحا ، كانت سوريا تتحرك بوتيرتها الطبيعية الخاصة وليس بأمر من الخارج. وهذا هو المكان الذي يجب على المرء فيه أن يوازن بين المثالية والواقعية. ليبيا واليمن والعراق في حالة خراب. تونس ، رغم أنها قد تكون ديمقراطية ، فإنها تصدر أكبر عدد من الجهاديين في العالم العربي بأسره. لم يحدث اغتيال روتيني لغير المسلمين في "تونس الديمقراطية" فحسب ، بل قُتل قادة المعارضة الذين لا يلتزمون بالإسلام السياسي. تنظر تونس كدولة ديمقراطية مدعومة من الغرب في الاتجاه الآخر حيث تقوم بنشاط بتجنيد المقاتلين وإرسالهم إلى ليبيا وسوريا. وبالطبع نعلم جميعا ما فعلته مصر في عهد السيسي. ومع ذلك ، يتم تكريمه ودعمه بالمليارات من الاقتصادات الغربية.
كانت مشكلة التصنيف الغربي للرئيس بشار الأسد تكمن في ارتباك الغرب الكامل بشأن ما يجب أن يصنعه به ، كما أشاد به بسبب السياسات الاقتصادية النيوليبرالية التي دفعت إلى تشارك الادارة للعديد من الشركات التي تديرها الدولة وتشجيعه لإصلاح القطاع الخاص. [ 8] ومع ذلك ، عرف المراقبون الأمريكيون أنه لا توجد عصا سحرية يمكنها التخلص من الأفكار القديمة وإزالة العقبات بين عشية وضحاها. كان للغزو الأمريكي للعراق أثر سلبي على الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية السورية. [10] الرئيس بشار الأسد وإصلاحاته الاقتصادية تعني أن يدير ظهره لهياكل السوق المغلقة القديمة لوالده ، بينما كان يشجع الطبقة الوسطى الجديدة على النجاح في دمشق واللاذقية وحمص وحماة جنبا إلى جنب مع العائلات التجارية القائمة في حلب. [11] وتحرير الاقتصاد بالطبع يعني الفساد كما هو طبيعي لأي اقتصاد يبتعد عن الاشتراكية. لكن المواقف تجاه سوريا في كل من الغرب والمنطقة كانت حالة ملعونه. فأنت ملعون إذا فعلت ذلك وملعونا إذا لم تفعل ذلك.
تحول جون كيري من وصف الرئيس بشار الأسد بأنه صديق عزيز إلى دكتاتور متوحش ثم قدم الشكر له على العمل مع أمريكا للقضاء على مخزون سوريا الكيميائي ، إلى الرغبة في التحدث معه. لكن كل شيء آخر فشل لمدة أربع سنوات. يجب على السياسة والتحدث مع الحكومة السورية أن تتفوق على كل هذه المواقف الأيديولوجية الأخرى. لا يزال الشعب السوري يعاني بينما يحاول الأجانب وعرب الخليج فرض أجندتهم على الشعب السوري. أشار السفير السوري لدى الأمم المتحدة، بشار الجعفري ، بحق ، في بداية هذا الصراع ، إلى أنه نظرا لأن لورنس العرب فشل في فرض حكم بدوي وغربي على دمشق قبل مائة عام ، فإنها ستفشل هذه المرة أيضا. لم تؤد شيطنة دمشق إلا إلى اليأس. دمشق هي بالفعل جزء من الحل.
المراجع:
=====
[1] Rogan, Eugene L. The Fall of the Ottomans: The Great War in the Middle East, 1914-1920. , 2015, pp 400-401
[2] McHugo, John. Syria: From the Great War to Civil War. , 2015, pp 221-224
[3] Clinton, Bill. My Life. New York: Alfred A. Knopf, 2004, p 734
[4] Carter, Jimmy. Keeping Faith: Memoirs of a President. Toronto: Bantam Books, 1982, pp 285-286
[5] Ziyādah, Raḍwān. Power and Policy in Syria: Intelligence Services, Foreign Relations and Democracy in the Modern Middle East. London: I.B. Tauris, 2013, p 155
[6] McHugo, John. Syria: From the Great War to Civil War. , 2015, p 219
[7] Erlich, Reese W. Inside Syria: The Backstory of Their Civil War and What the World Can Expect. , 2014, pp 79-80
[8] Erlich, Reese W. Inside Syria: The Backstory of Their Civil War and What the World Can Expect. , 2014, p20
[9] Lesch, David W. Syria: The Fall of the House of Assad. New Haven, Conn: Yale University Press, 2012, p 4
[10] Seifan, Samir. Syria on the Path to Economic Reform. Fife, Scotland: University of St. Andrews Centre for Syrian Studies, 2010, p 24
[11] McHugo, John. Syria: From the Great War to Civil War. , 2015, p 218
المصدر:
=====
Damascus must be part of the solution, Kamal Alam.
https://www.opendemocracy.net/en/north-africa-west-asia/damascus-must-be-part-of-solution/
#محمد_عبد_الكريم_يوسف (هاشتاغ)
Mohammad_Abdul-karem_Yousef#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
اليوتيوب
لينكدإن
تيلكرام
تمبلر
بلوكر
الموبايل
