أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليم النجار - حكايات لياوتشاي














المزيد.....

حكايات لياوتشاي


سليم النجار

الحوار المتمدن-العدد: 7703 - 2023 / 8 / 14 - 18:49
المحور: الادب والفن
    


حكايات لياوتشاي للكاتب الصيني بو سونغ لينغ
يعيد روايتها الكاتب الصيني وانغ غو-تشن
"حكايات الظل" إصدار دار فضاءات للنشر والتوزيع -عمان- ٢٠٢١
قراءة سليم النجار
حكايات لياوتشاي لوحات ويوميّات متقصّدة تقيم وزنًا لكل شيء، وتجهد في القبض على هوامش لا نعيرها اهتمامًا في أحيانٍ كثيرة، لكنّها في الحقيقة هي الواقع، هي الهامش، لا تلغي هذه الحكايات أي شيء، ابتداءً بالرسالة الأخلاقية المرسلة من كاتب يحاكم من أجل قصص اجتماعيّة، إلى كلام شعبوي مأخوذ من اليوميّات الصينيّة، إلى عناوين قصص جاءت من رحم التراث الفكري الصيني.
إنّ الكتابة في هذا المستوى ضربٌ من مخاتلة الممتع المستحيل، ورغبة جامحة في ملامسة اللذيذ المتردّد بين الأخلاقي والشيطاني، حيث ورد عن وانغ غو-تشن في قصته "مروَّض الثعابين" :
"أحنى الثعبانان رأسيهما خجلًا من العتاب وتقبلًا للنصحية، ثم ابتعدا شاقين طريقهما وسط العشب، وقف المروّض وشاهدهما يختفيان عن نظره، منذ ذلك اليوم والناس تزور الجبل الشرقي بسلام ولا أحد يعرف مكان الثعابين".

وقد تنقلب الحكايات إلى ضرب من التنادي والتناجي فيما بينها، إذ يمارس الكاتب وانغ غو-تشن ما بات يُعرف بلعبة الأقنعة، فيستعير بمقتضاها الفواصل الزمنية، فالمنجز الإبداعي بهذا المعنى قوة وسلطة من شأنها أن تنصّب المبدع نسمة فوق الزمن، "أحيانًا تحلّ على العالم، لكن أولئك الذين يتميّزون ببرّ الوالدين يجدون الحماية من الكارثة بطريقة ما، من قال أنّ الرب أعمى، لا يرى الفرق بين الأبيض والأسود".

قد يجيز لنا التأويل، فنرى في مناجاة الكاتب تشن ضربًا من التأمّل، تامّل الذات أو وجهها الآخر، إنّ تعدّد الأقنعة لا يعبّر -في الغالب- إلّا عن أنا واحدة، "ذات ليلة وجد القاضي خنجرًا مغروسًا في فراشه بقوّة، لدرجة أنّه لم يكن قادرًا على سحبه، ظل القاضي في الغرفة قلقًا طوال الليل حاملًا رمحه، وفي الصباح أمر بإطلاق سراح زيانغجو".

ينأى الكاتب عن كون الحكاية مسمّى له وجود تاريخي، فيحوّلها إلى واقع مثخن بالدلالات الرمزية، بل بالرؤيا، "حين سمع تشوانغ القصة اتجه للمحكمة ورفع قضية لمحاكمة قاتل أبيه، لكن القاضي ظنّ أن القصة التي رواها سخيفة ولا تعد دليلًا قاطعًا، وبذلك انتهت القضية".

إنّ الكاتب لا يموت، فالكاتب كائن تاريخي، حيث يتلقّى بعض المقولات المقدّسة ، "كانت فئران ذكية وقادرة على تمثيل مظاهر الفرح والحزن كما يفعل الممثلون من البشر".
الكاتب كائن مسكون بالأشياء متوحّد بها، بل لعل الكون أصلًا فضااء حكائي، ولا تموت الحكاية لأنّها فعل يواجه فعل الزمن، بل هي أقوى من يحتوي على الزمن، كونه ترميزًا للتاريخ، "حين عاد إلى المنزل أخرج القدح وأرسله لعائلة تشو، تعجّب صاحب المنزل وسأل ين لاحقًا كيف عثر عليه، أخبره ين القصة كاملة، وأدرك أنَّ للعفاريت القدرة على سرقة شيءٍ عن بعد آلاف الأميال، لكنها لا تجرأ الاحتفاظ به".
يحاور الكاتب كيانًا متخيّلًا يعمد إلى رسم عجائبي تحلّ فيه الأشياء في ضرب من التناغم السحري، لتغرق اللّوحة في عوالم أسطورية عجائبيّةة، "مرّت فترة ولم ترجع فذهب الناس للبحث عنها، حين وصلوا القبر وجدوا الطعام والشراب الذي جلبته معها، لكنّ أحدًا لم يجد لزباومي أثرًا".

هكذا هي الكتابة في بعض الحكايات، مغامرة وتجربة، بل فعل يؤسس للدلالة الأخلاقية، "من يومها كلّما عزف بانغ مقطوعة بعنوان "ولادة خالدة" كانت زوجته تستمع إليه بتركيز شديد كما لو أنّها تشعر بمعنى الموسيقى".

حكايات لياوتشاي ضرب من التأسيس في أبعادها الجماليّة والنقديّة، بل في أبعادها الذهنيّة والمعرفيّة، وتعبير عن رغبة في خلق منظومة أخلاقية للكتابة من خلال الفنّ، لكنّ الكتابة -في الوقت ذاته- تعبير عن رغبة في اكتناه الجميل والجمال والثورة على التنميط والتكرار، إنّها تكتسب قيمتها بل شرعية وجودها ممّا يمكن اعتباره هدمًا بارعًا، فهذا التأسيس قد يشكّل مدخلًا لتحسّس قيم الحداثة الحكائيّة كما يراها الكاتب بعين منشطرة بين الفنّان المبدع والناقد المثقّف.



#سليم_النجار (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطبل أول مجلة ساخرة في فلسطين
- رواية أين أنت يا أبي
- أوراق اقتصادية على طريق الحرير
- مجموعة قصصية النساء لا يفعلن ذلك
- أنا لدي حلم
- سيرة الشعب أساس الطموحات
- قراءة في كتاب فيروز
- في وداع محمد أبو حلتم
- رواية المرافعة للأسير حسام الديك
- حماس في فلسطين
- صورة حماس_الإخوان في غزة _
- نافذة هروب
- الكتابة ضد النسيان
- رواية نساء بطعم الرماد
- رواية عندما تبتسم الشمس
- رواية حياة بعد الموت
- رواية أبواب ومفاتيح
- رواية بقعة عمياء
- رواية أنت طالق
- رواية منّ السما


المزيد.....




- ثقافة الحوار واختلاف وجهات النظر
- جمعية البستان سلوان تنفذ مسابقة س/ج الثقافية الشبابية
- مهرجان الجونة 2025 يكشف عن قائمة أفلامه العالمية في برنامجه ...
- بيت المدى يحتفي بمئوية نزار سليم .. الرسام والقاص وأبرز روا ...
- الرواية الملوَّثة التي تسيطر على الغرب
- تركيا تعتمد برنامجا شاملا لتعليم اللغة التركية للطلاب الأجان ...
- مسرحية -طعم الجدران مالح-.. الألم السوري بين توثيق الحكايات ...
- مهرجان الأردن لأفلام الأطفال.. غزة وحكايا النزوح والصمود في ...
- -للسجن مذاق آخر-.. شهادة أسير فلسطيني عن الألم والأمل خلف ال ...
- المخرجة اللبنانية منية عقل تدخل عالم نتفليكس من خلال مسلسل - ...


المزيد.....

- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليم النجار - حكايات لياوتشاي