أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - ماذا ينتظر سورية في المستقبل















المزيد.....

ماذا ينتظر سورية في المستقبل


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 7701 - 2023 / 8 / 12 - 13:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تغيرت، خلال العقد المنصرم، نوعية الصراعات في المنطقة العربية. بدلاً من الصراعات وتبادل الحساسيات بين الدول، افتتحت العقد الماضي موجة واسعة من حركات الاحتجاج في عدد من الدول العربية، تبعتها، بعد بضع سنوات، حركات احتجاج في دول أخرى لم تشملها الموجة الأولى. في هذه الاحتجاجات، برزت إلى السطح إرادة شعبية مضادة للأنظمة السياسية التي كان قد استقر لها الأمر طويلاً حتى بات التوريث على جدول أعمال "الجمهوريات" جميعاً. الصراعات الداخلية التي سيطرت خلال العقد المنصرم، تقدمت على الصراعات الخارجية بين الدول. شهدنا لأول مرة كيف اقتحمت الإرادة الشعبية، التي كانت كأنها في عداد الموتى، المجال السياسي وفرضت نفسها على العالم، قبل أن تتفكك هذه الموجة وتتعثر الثورات وتتحول إلى ساحات حروب محلية تتغذى على الفشل السياسي وعلى الإرادات والمصالح الخارجية.
الملاحظة الأهم على الصراعات العسكرية التي تلت الثورات المذكورة وغطت الجزء الأكبر من العقد المنصرم، هي أنها صراعات استنزاف لا تمتلك أطرافها إمكانية الحسم، بعد أن اندرجت صراعاتها في شبكة الصراعات الدولية بصورة شبه مباشرة. هذا النموذج من الصراعات واضح في اليمن وفي ليبيا وفي سورية، واضيفت إليه اليوم السودان، بعد أن كان هذا البلد، بفضل تطور النضال المدني فيه، الأكثر قرباً إلى تأسيس نظام حكم ديموقراطي.
في توقع حال هذه البلدان في العقد القادم، تنبغي الموازنة بين العناصر التي تدفع باتجاه الخروج من صراع الاستنزاف الحالي وبناء دولة بوصفها مؤسسة عمومية وليس موضوع مُلكية تتصارع الأحزاب والفرق للفوز به، وبين العناصر التي تعيق هذا الخروج وتجعل البلد غارقاً في صراعات الاستنزاف التي لا معنى لها، لأنها صراعات تدور بين سلطات متشابهة سواء في علاقتها مع الجمهور أو في تبعيتها للخارج أو في كون برنامجها السياسي الوحيد هو البقاء وكيفية الاحتفاظ بالسلطة فوق كل اعتبار.
في الحالة السورية نلاحظ أن القوة الأساسية، وربما الوحيدة، التي يمكن أن تغذي الميل إلى وحدة سورية في ظل حدود معقولة من العدالة السياسية والاجتماعية، هي إرادة الشعب السوري. لا أحد له مصلحة في خروج سورية سليمة من هذا الهول سوى الطبقات الشعبية التي تعاني اليوم من غياب التمثيل السياسي. وما يزيد في الأمر سوءاً هو الانقسام السياسي القائم.
نجد في الوضع السوري اليوم، أن إرادة الشعب باتت مشتتة في ظل سلطات الأمر الواقع التي تتقاسم سورية. يعيش السوريون في ظل كل سلطة قائمة اليوم صراعات مركبة. على سبيل المثال، القسم من الشعب السوري الذي يخضع لسلطة دمشق، يعاني من شتى صنوف الاختناق، من الضيق المعاشي إلى التضييق الأمني إلى الإذلال الوطني، ومن الطبيعي أن يولد هذا موقفاً رافضاً لنظام الأسد، ولكن هذا القسم لا يجد في سلطة الإسلاميين في شمال غرب سورية، مثالاً يرتجى، ولا كذلك في سلطة الإدارة الذاتية في شمال شرق سورية. لا من حيث علاقة كل سلطة منهما بمحكوميها، ولا من حيث المنظور السياسي الغالب في كل منهما.
يوجد جزء مهم من المحكومين لنظام الأسد يكنون العداء للسلطات الأخرى التي نشأت واستقر لها الحال في مناطق مختلفة من سورية، الأمر الذي يشكل، في ذهن هؤلاء، نوع من تسويغ القبول بنظام الأسد بوصفه ممثل "الدولة" والمدافع عن "الوطن" في وجه سلطات "انتهازية" طارئة. حتى أن الخطاب العدائي الذي يصدر عن نظام الأسد ضد هذه السلطات، الإسلامية والكردية بشكل خاص، يشكل مصدر رضا لقطاع من القوميين العرب الذين يشاركون النظام موقفه من الكرد. والحال كذلك فيما يخص العلمانيين في تقاطعهم مع موقف النظام من الإسلاميين.
بعض المعارضين السياسيين الأشداء لنظام الأسد من القوميين العرب، يطربهم تشدد النظام مع الكرد وإنكاره لحقوقهم، فما بالنا بقوميين عرب غير منخرطين في معارضة النظام. كذا الحال في وقع معاداة النظام المعلنة للفصائل الإسلامية على مسامع العلمانيين السوريين. سوف تجد مثقفين علمانيين سوريين يرون في وقوف نظام الأسد ضد الإسلاميين مسوغاً كافياً للقبول به، فما بالك بجمهور واسع من الأديان والمذاهب المغايرة للمذهب السني. هؤلاء يرون في الإسلاميين تهديداً لهم ولنمط حياتهم يجعلهم راضين بنظام يذيقهم المرار ولكن يبدو لهم قوة الحماية الوحيدة ضد خطر إسلامي يتجسد الآن في سلطة على بقعة من سورية. المنطق نفسه يمكن سحبه، مع التعديلات المناسبة، على المحكومين للسلطات المستجدة، فتجد، مثلاً، أن السبب الأهم لقبول الفصائل الإسلامية التابعة لتركيا أو لهيئة تحرير الشام يكمن في عدائها لنظام الأسد.
لم تتبدد هذه القناعات في سياق العقد المنصرم، ولا يبدو أنها ستتبدد قريباً. يشهد العقد المنصرم على فشل أي جهة سياسية سورية في كسب ثقة السوريين على أساس وطني يتجاوز الحساسيات القومية والمذهبية. هذا ليس لأنه لم تتوفر جهة وطنية سورية، بل لأنه لم تنجح أي منها في النمو والوصول إلى الجمهور وكسب النفوذ. أي لم تنجح أي جهة سياسية في حشد السوريين بوصفهم جماعة وطنية. ولا غرابة في ذلك، إذا علمنا أن العنف يسيطر وأن الأرض ممسوكة من أطراف لا تحوز على ما يبني الثقة المتبادلة بين السوريين، بل تبني سيطرتها على ما يبدد الثقة وفق خطوط انقسام قومية ومذهبية. والنتيجة أن الانقسام السياسي الحاصل في سورية، استجر انقساماً شعبياً يبدد إرادة الشعب السوري التي هي، كما قلنا، الجسر الأهم، وربما الوحيد، نحو استعادة وحدة سورية بدولة ذات مضمون حديث.
على ما سبق، يبدو أن هناك حقيقة تتضح أكثر فأكثر مع الزمن في سورية، كنموذج عن البلدان العربية التي تحولت إلى ساحة حروب داخلية استنزافية، هي المزيد من تبلور الانقسام السياسي الحاصل، وتراجع العناصر الداخلية التوحيدية (غياب الإرادة الشعبية الواحدة، وتكرس سلطات ذات مصلحة بالانقسام الحاصل). لكل سلطة قائمة في سورية ارتباط خارجي مختلف ومهيمن، وهذا يزيد من عمق الانقسام الذي من الراجح أن يستمر على هذه الحال غير الرسمية خلال العقد القادم. مع ذلك يبقى هناك أمل في أن التبلور المتزايد لهذه السلطات قد ينتهي، إذا توفرت الشروط، في توحيد سورية بصياغة توحيدية جديدة أكثر مرونة.



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ظاهرة الموالين الغاضبين
- البكالوريا السورية ضحية الغش العام
- السجن يتسلل إلى نفوسنا
- أجراس بعيدة وكتل سياسية في المنفى لقاء برليني مع راتب شعبو/ ...
- الغضب المعزول في فرنسا
- عن قلق المسلمين في الغرب
- هل المثقف السوري طائفي؟
- -حانة الأقدار-
- التحليل السياسي الماورائي
- العزلة هي الشرط الأنسب لنظام الأسد
- عالم الزنازين
- النجاح والفشل في الثورة
- القوات الموازية وتحطيم الدولة في السودان
- الحياكة الناعمة في -أطباق المشمش-
- هل يجرؤ النظام في دمشق على الانفتاح؟
- الحل الأمني على الطريقة الفرنسية
- هل نقلق على الديموقراطية؟
- عن داعش في ذكرى معركة الباغوز
- الثورة السورية وتحرير الدولة
- سيرة طبيعية للانتقال من خارج السجن إلى داخله (2)


المزيد.....




- أمريكا تعلن تفاصيل جديدة عن الرصيف العائم قبالة غزة
- بوليانسكي: الحملة التي تشنها إسرائيل ضد وكالة -الأنروا- هي م ...
- بعد احتجاجات تؤيد غزة.. دول أوروبية نحو الاعتراف بدولة فلسطي ...
- بوليانسكي: أوكرانيا تتفاخر بتورطها في قتل الصحفيين الروس
- كاميرا تسجل مجموعة من الحمر الوحشية الهاربة بضواحي سياتل الأ ...
- فرنسا.. أوامر حكومية بإتلاف مليوني عبوة مياه معدنية لتلوثها ...
- رويترز: محققو الجنائية الدولية حصلوا على شهادات من طواقم طبي ...
- حماس تبحث الرد على مقترح لوقف إطلاق النار ووفدها يغادر القاه ...
- - هجوم ناري واستهداف مبان للجنود-..-حزب الله- ينشر ملخص عملي ...
- -بلومبرغ-: البيت الأبيض يدرس إمكانية حظر استيراد اليورانيوم ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - ماذا ينتظر سورية في المستقبل