أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - عن قلق المسلمين في الغرب














المزيد.....

عن قلق المسلمين في الغرب


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 7656 - 2023 / 6 / 28 - 10:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مع كل انفجار أو حادث أمني في أوروبا يضع اللاجئون، ولاسيما منهم العرب المسلمون، أيديهم على قلوبهم خوفاً من أن يكون وراء الحادث مسلم عربي أو غير عربي، كي لا تضاف حادثة جديدة تعزز النظرة، المعززة سلفاً، التي تربط المسلمين بالعنف والإرهاب ومعاداة الحضارة الغربية، وما ينجم عن ذلك من تمييز سلبي بحق المسلمين في المجتمع المضيف، التمييز الذي صار، في أوروبا، مرتكزاً لتيارات سياسية انغلاقية تشغل الناس بهموم هوياتية وعدائية تجاه الأجانب، وترد، ليس فقط المشاكل الأمنية، بل والمشاكل الاقتصادية وغير الاقتصادية في أوروبا إلى وجود الأجانب وسياسات الهجرة.
إضافة إلى الصدمة العامة التي يحدثها لدى الجميع خبرُ أي انفجار يحدث في المدن الأوروبية، كذاك الذي شهدته الدائرة الخامسة في باريس في 21 من هذا الشهر (حزيران/يونيو)، يعاني اللاجئون المسلمون، العرب منهم بوجه خاص، من خوف ملازم لا يتحررون منه إلا حين يعلمون أن الانفجار عفوي ناجم عن تسرب الغاز مثلاً، كما كان حال انفجار باريس الأخير، وأنه لم يكن ناجماً عن عمل قام به مسلم أو مسلمون.
قبل انفجار باريس كانت عملية طعن الأطفال التي شهدها أحد منتزهات منطقة الألب الفرنسية، في 8 من هذا الشهر، قد هزت المجتمع الفرنسي. وإلى جانب الصدمة العامة، التي يشترك فيها الجميع، يلح في ذهن كل لاجئ سؤال قلق، من هو الجاني؟ وتتناسب راحة اللاجئ بمدى ابتعاد الجاني عنه من حيث الجنسية والديانة.
لا شك أن توتر اللاجئين المسلمين تراجع إزاء عملية الطعن المذكورة، حين تبين أن الجاني هو شاب سوري ولكنه غير مسلم، وأنه كان يطعن وهو يهتف باسم المسيح. الهوية الدينية للجاني وفرت، هذه المرة، على اللاجئين المسلمين نظرات الاتهام والتبخيس. أما طريقة الجاني في إشهار دينه أثناء تنفيذه الجريمة، فقد كانت للمسلمين بمثابة متنفس لذواتهم المحاصرة باللوم والإدانة. على أن هناك من أراد إغلاق هذا المتنفس عبر التشكيك في حقيقة أن يكون هذا الشاب مسيحياً، واعتبار أن "مسيحيته" ليست سوى كذب وستار يختبئ خلفها الإجرام الإسلامي!
في كل حال، كانت جريمة هذا الشاب المسيحي، واقعاً يقول ليس الدين هو السبب، وإن أي دين (بوصفه ديناً وبصرف النظر عما ينطوي عليه من تعاليم) يمكن أن يتحول في وعي بعض معتنقيه إلى دافع للقتل يجعل يد "المؤمن" تطعن فيما لسانه يمجّد المقدسات الخاصة به. في المجال الإيماني الديني، بوجه خاص، يسهل أن تنشأ قناعة لدى نوعية من المعتنقين، بأن رضا المقدس الخاص بالمؤمن، يستوجب القتل. يصح هذا على الإيمان غير الديني أيضاً ولكن بدرجة أقل، نظراً للفارق الكبير بين المقدس الديني الأبدي السمو، وبين "المقدس" الدنيوي الذي يبقى خاضعاً، مهما سما، للعقل وللنقد، وبالتالي عرضة للنسبية والهبوط أو الانهيار.
يحتج كثير من المسلمين على حقيقة أنه في معظم الحالات التي يكون المجرم فيها غير مسلم، تُفسر العملية على أنها ناجمة عن خلل نفسي لدى الجاني، فيما توضع جرائم المسلمين سريعاً في خانة الإرهاب. قد يجد هذا الواقع تفسيره في حقيقة أنه لا يوجد موقف عام يجمع العمليات الأمنية التي يرتكبها غير المسلمين، فلا يربط الجناة في هذه العمليات سوى الإجرام الذي ينسب، والحال هذه، إلى طبيعة فردية في المرتكبين الذين لا يجمعهم موقف عدائي من الغرب، وعليه فإن هذه الجرائم لا تخرج عن تاريخ الإجرام "التقليدي" الذي يحصر الجرائم في إطارها الفردي خارج مجال النظرة المتبادلة بين الجماعات وخارج مجال السياسة.
في حالة الاعتداءات التي يقوم بها مسلمون في الغرب، فإن الجريمة تتجه تلقائياً في الدائرة الواسعة من الوعي العام الغربي إلى المجال السياسي، بوصفها (الجريمة) تعبيراً عن موقف إسلامي "جماعي" يترجمه فرد أو أفراد بطريقة عنيفة. أي إن الاعتداء الذي يقوم به المسلم في الغرب لا يبقى، في الوعي الغربي، حادثاً فردياً، بل تعبيراً فردياً عن موقف جماعي مُتخيل. والحقيقة أن بعض الوعي العام في وسط المسلمين يشارك الوعي العام الغربي في النظر إلى الاعتداء الذي يقوم به مسلم بوصفه حدثاً "سياسياً"، أي يتجاوز الفردية ليكون تعبيراً عن موقف جماعي. الأمر الذي يساهم في تعزيز الصورة الغربية المتخيلة عن الموقف الجماعي للمسلمين من الغرب.
القلق الذي يشمل المسلمين في الغرب إزاء أي اعتداء أو حادث أمني، مخافة أن يكون الفاعل مسلماً، ناجم عن حقيقة أن أفعال المسلمين في الغرب قابلة لأن تندرج في هذا التفسير الذي يجعل الفرد المرتكب أو المجرم ممثلاً لمجموعة وصادراً، فيما أقدم عليه، عن موقف جماعي. من الدلالات القوية على مشروعية التفسير، بروز ظاهرة الذئاب المنفردة، الظاهرة التي تقوم على وجود موقف عدواني لمسلمين تجاه الغرب، موقف له من التماسك والقوة ما يوحد الأفراد ويجعلهم يتصرفون وفقه دون ضرورة وجود أي معرفة متبادلة أو أي رابط تنظيمي. وتأتي حساسية هذا الموضوع ليس من كون هؤلاء مسلمي الولادة، بل من كونهم لا ينسبون موقفهم العدائي من الغرب إلى السياسة بما تنطوي عليه من نسبية وتبدل، بل إلى "الإسلام"، وهو ما يرسم في الوعي الغربي تصوراً يقول إن كل مسلم يمكن إلى أن يدخل في عداد هؤلاء المعتدين بقدر اقترابه من الإسلام.
الموقف المشترك الذي يستند إليه من يقومون بأعمال عدوانية هو موقف هزيل واختزالي إلى حدود قصوى، ويمكن تلخيصه بالكراهية وما تغذيه من نزوع عدواني ذي طابع انتقامي لا يعف عن استهداف المدنيين. والحق إن نسب مثل هذا الموقف لأي دين ينطوي على ظلم شديد لهذا الدين، وعلى خطر تحويله إلى مجرد "إيديولوجية عنف" وإلى وسيلة للاستخدام في صالح ما يعاكس العمق الروحي للدين.



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل المثقف السوري طائفي؟
- -حانة الأقدار-
- التحليل السياسي الماورائي
- العزلة هي الشرط الأنسب لنظام الأسد
- عالم الزنازين
- النجاح والفشل في الثورة
- القوات الموازية وتحطيم الدولة في السودان
- الحياكة الناعمة في -أطباق المشمش-
- هل يجرؤ النظام في دمشق على الانفتاح؟
- الحل الأمني على الطريقة الفرنسية
- هل نقلق على الديموقراطية؟
- عن داعش في ذكرى معركة الباغوز
- الثورة السورية وتحرير الدولة
- سيرة طبيعية للانتقال من خارج السجن إلى داخله (2)
- الحرب في أوكرانيا، سياسة -بناء- الأزمات المستعصية
- فشل الانفتاح العربي على دمشق
- إسكوبار في -ناركوس-، تاجر مخدرات بعقلية صاحب قضية هل يمكن لل ...
- رفع العقوبات الأمريكية والعقوبات الأسدية
- الزلزال بين السياسة والوجدان
- سيرة طبيعية للانتقال من خارج السجن إلى داخله


المزيد.....




- أمريكا تعلن تفاصيل جديدة عن الرصيف العائم قبالة غزة
- بوليانسكي: الحملة التي تشنها إسرائيل ضد وكالة -الأنروا- هي م ...
- بعد احتجاجات تؤيد غزة.. دول أوروبية نحو الاعتراف بدولة فلسطي ...
- بوليانسكي: أوكرانيا تتفاخر بتورطها في قتل الصحفيين الروس
- كاميرا تسجل مجموعة من الحمر الوحشية الهاربة بضواحي سياتل الأ ...
- فرنسا.. أوامر حكومية بإتلاف مليوني عبوة مياه معدنية لتلوثها ...
- رويترز: محققو الجنائية الدولية حصلوا على شهادات من طواقم طبي ...
- حماس تبحث الرد على مقترح لوقف إطلاق النار ووفدها يغادر القاه ...
- - هجوم ناري واستهداف مبان للجنود-..-حزب الله- ينشر ملخص عملي ...
- -بلومبرغ-: البيت الأبيض يدرس إمكانية حظر استيراد اليورانيوم ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - عن قلق المسلمين في الغرب