أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - الحرب في أوكرانيا، سياسة -بناء- الأزمات المستعصية














المزيد.....

الحرب في أوكرانيا، سياسة -بناء- الأزمات المستعصية


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 7542 - 2023 / 3 / 6 - 13:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تدخل الحرب الروسية على أوكرانيا عامها الثاني، بينما كانت الخطة الروسية الأولى أن تكون "عملية خاصة"، كما يسميها الإعلام الروسي، أي أن تكون حرباً خاطفة تزلزل الطبقة السياسية الحاكمة ذات الميول المعادية لروسيا بوتين، وربما لروسيا دون إضافة، وتمهد لعودة الحكم إلى طبقة سياسية موالية لروسيا، أو على الأقل غير ذات ميول غربية. غير أن الطبقة الحاكمة في أوكرانيا تمكنت من امتصاص الصدمة الأولى، وكانت قد استعدت لها بمعونة أمريكية، فالاستعدادات الروسية للغزو لم تكن خافية، ولاسيما على أميركا التي كانت تتابع الحشود بدقة حتى أنها أوشكت أن تحدد ساعة بدء الغزو الروسي لأوكرانيا.
أدت المقاومة الأوكرانية التي فاقت التوقعات إلى فشل الخطة الروسية الأولى، ما دفع إلى تطبيق الخطة البديلة التي تبين أنها احتلال شرق أوكرانيا حيث تعيش نسبة كبيرة من الروس، ثم ضم هذه المناطق إلى روسيا، كما شهدنا. واضح أن تطبيق هذه الخطة كان مستبعداً من قبل بوتين الذي يبدو أنه لم يشك في نجاح الخطة الأولى، وقد سبق له أن سخر بغطرسته المعهودة، في فيديو مشهور، من رئيس جهاز مخابراته لأنه قال إنه يجب ضم مناطق شرق أوكرانيا إلى روسيا.
اليوم، بعد عام من الحرب، يبدو الوضع غير تفاوضي. والحقيقة أنه بعد دخول الدبابات الروسية إلى أوكرانيا، صار الطريق التفاوضي شبه مغلق، لأن العالم دخل بعدها في مرحلة كسر إرادات، لا يبدو أنها قابلة للتسوية، كما لا يبدو أنها قابلة للحل العسكري. هذا وضع خطير يشبه وجود نار لا تنطفئ في مستودع مواد متفجرة. الحسم العسكري صعب وربما مستحيل، فروسيا لن تتمكن من الانتصار بعد نجاح المعسكر الغربي في التماسك في وجهها، والنصر الأوكراني غير ممكن لأن أي بوادر هزيمة روسية سوف تضع العالم على شفا حرب نووية، فمن المستبعد أن تفضل القيادة الروسية الهزيمة على استخدام السلاح النووي، التكتيكي على الأقل، الأمر الذي سوف يؤدي إلى انخراط الناتو بصورة مباشرة في الحرب. وإذا كان الناتو، حتى الآن، أعقل من أن يدفع نحو حرب عالمية ثالثة، أو حرب عالمية أخيرة بالأحرى، يبقى من الصعب السيطرة على تطور عملية لا تمتلك كل عناصرها.
الحق أن الحرب الأوكرانية ألقت ضوءاً على مدى هشاشة عوامل الأمان في العالم الذي بات يمتلك القدرة على الانتحار، ولا تنقصه الخراقة (أو الغطرسة) الكافية لفعل ذلك.
يعرض علينا العالم حقيقة أن وقود السياسة في نظر الدول المسيطرة هي الأزمات وما ينجم عنها من صراعات، ذلك أن الأزمة تشكل بيئة خصبة للاستثمار، فيجد السياسيون تلالاً يرتفعون عليها وإن كانت من خراب الآخرين. كما تشكل الأزمة سوقاً رائجة للبضائع، ومن ضمنها بضاعة الحروب سواء منها المنخفضة الشدة أو عاليتها. وعليه فإن السياسة الجيدة، وفق هذه النظرة، هي تلك التي تخلق الأزمات، وأفضل الأزمات هي الأزمات المستعصية أو غير القابلة للحل، لأنها بئر استثمار لا ينضب.
قبل أن "تنجح" السياسة الدولية في بناء أزمة مستعصية في أوكرانيا، كانت قد أذاقتنا نصيبنا، وما زالت، من هذه السياسة في سوريا. فقد ساهمت السياسة الدولية، بكل ما تملك من قدرات ووسائل مؤثرة، وبعينين مفتوحتين، في تحويل صراع سياسي، كان يمكن أن يكون منتجاً، إلى صراع هوياتي مدمر ومرهون بإرادات وصراعات من خارجه، مستفيدة، لا شك، من العناصر المتوفرة سلفاً في المجال السياسي السوري.
على غرار ذلك، لم يكن من الصعب التنبؤ بما ستؤول إليه حال الغزو الروسي من أزمة مستعصية. ليس خافياً على أحد أن دولة عظمى مثل روسيا، وبصرف النظر عمن يحكم فيها، لن تستوعب انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو. يصح ذلك على بوتين (الكاره للغرب) كما يصح على بوريس يلتسن (المغرم بالغرب) والذي كان يعتبر أن مركز السياسة العالمية هي الشراكة بين روسيا والولايات المتحدة. يلتسن هذا اعتبر، في 1994، في عز اندفاعه الغربي، أن توسع الناتو إلى الشرق هو "حصار جديد" وأن فيه إذلال لروسيا. لم يكن الحال مختلفاً في زمن ميخائيل غورباتشوف التصالحي مع الغرب، فقد حصل آخر زعيم سوفييتي على ضمانات أمريكية بعدم التوسع إلى الشرق مقابل قبوله دخول ألمانيا الموحدة في الناتو. التوسع المحتمل الذي كان يثير مخاوف يلتسن وغورباتشوف كان يتعلق بدول مثل المجر وتشيكيا وبولونيا (هذه الدول انضمت إلى الناتو في 1999)، ولا شك أن المخاوف ستكون أكبر حين يتعلق الأمر بأوكرانيا، الجارة الأكبر، والأخت الشقيقة لروسيا. سبق لصحفي أميركي مهم أن وصف الغزو الروسي لأوكرانيا بأنه "جريمة شرف".
إصرار الناتو (أميركا) على عدم رفض رغبة الحكومة الأوكرانية الانضمام إلى الناتو، ليس إلا تأجيجاً للمشكلة وتوفيراً لعناصر الحرب، بصرف النظر عن شخصية ومطامح وأمراض فلاديمير بوتين التي يعتمدها تيار واسع من المحللين بوصفها أساس المشكلة، في حين أنها، في تصورنا، جزء يتكامل مع أجزاء أخرى تقع خارج روسيا.
حياد أوكرانيا هو السبيل الأفضل لأمنها وتطورها، وقد سبق أن وقعت مذكرة أمنية في بودابست (ديسمبر/كانون الأول 1994) مع روسيا وأميركا والمملكة المتحدة، تخلت فيها عن ترسانتها النووية "السوفييتية" لروسيا، وتعهدت الدول الموقعة ضمان استقلال أوكرانيا وعدم تعرضها لعدوان خارجي أو ضغوط اقتصادية أو هجوم نووي. الدخول إلى الناتو في هذا الإطار ينم عن سياسة حمقاء من جانب أوكرانيا، وغير مسؤولة من جانب الناتو. وإذا أضفنا إلى هذا الطبيعة الديكتاتورية للرئيس الروسي ونزوعه العنفي، نحصل على العناصر الكافية لإنتاج الحال الذي يجد العالم نفسه فيه اليوم، من أزمة عصية على الحل وتحمل في ثناياها احتمالات تطور مرعبة.



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فشل الانفتاح العربي على دمشق
- إسكوبار في -ناركوس-، تاجر مخدرات بعقلية صاحب قضية هل يمكن لل ...
- رفع العقوبات الأمريكية والعقوبات الأسدية
- الزلزال بين السياسة والوجدان
- سيرة طبيعية للانتقال من خارج السجن إلى داخله
- بين سلطتين، الاحتلال والاستبداد
- عن تزايد العمليات الفلسطينية الفردية
- عن ثلاثة حروف منفصلة تتصل بحياتنا
- ملاحظات على الاحتجاجات في فرنسا
- هل يكون الفشل السوري منطلقاً للنجاح؟
- في امتناع وجود معارضة سورية
- عقدة المرحلة الانتقالية في تونس
- الرياضة بوصفها غشاً وسنداً
- احتجاجات السويداء، ليس لدى الأسد سوى الرصاص
- أين هم شيوعيو الأمس؟
- تفكيك الاستبداد في السودان
- عن تماسك معسكر النظام في سورية
- -العاقل-، إله تائه يبحث عبثاً عن الرضا
- مأزق الجيش في السودان
- الأمم المتحدة تتراجع، الجولاني يتقدم


المزيد.....




- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟
- كوريا الشمالية تختبر -رأسا حربيا كبيرا جدا-
- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق ...
- بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا ...
- الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
- -وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم ...
- بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا ...
- عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر ...
- خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - الحرب في أوكرانيا، سياسة -بناء- الأزمات المستعصية