أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - هل يكون الفشل السوري منطلقاً للنجاح؟














المزيد.....

هل يكون الفشل السوري منطلقاً للنجاح؟


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 7489 - 2023 / 1 / 12 - 12:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مع تبدل المواقف الإقليمية فيما يخص الصراع في سورية، وبوجه خاص الموقف التركي الذي كان، لقطاع واسع من المعارضين السوريين، سنداً أساسياً في وجه نظام الأسد. والموقف الإيراني المنشغل في أزمته الخاصة بمواجهة الشعب الإيراني، إضافة إلى الموقف الروسي الغارق في حربه المتعثرة في أوكرانيا، وهما، لقطاع آخر من السوريين، السند الأساسي في وجه "المؤامرة على الدولة السورية"، نقول مع هذا التبدل يدرك السوريون أكثر من أي وقت، أنهم السند الأول لأنفسهم، الأمر الذي يدشن بداية وعي سوري جديد مبني على خبرة سورية مشتركة.
طوال العقد المرير الماضي، أنجز السوريون اصطفافاتهم وانحيازاتهم ووصلت الحال في سورية، منذ سنوات، إلى الشلل (stalemate). كل جماعة، في كل صف وجدت نفسها فيه أو ارتضت لنفسها أن تكون فيه، بما في ذلك من يعتبرون أنفسهم خارج الصفوف، أو من لم يجدوا لأنفسهم صفاً مناسباً، كل جماعة من هؤلاء وصلت إلى طريق مسدود. ليس فقط بمعنى العجز المادي عن حسم الصراع لصالحها، بل أيضاً، وهذا هو الأهم، بمعنى قصور المقترح السياسي لكل منها عن أن يكون إطارا مقبولاً ومناسباً لعموم السوريين. فشلت فكرة "الأمة الديموقراطية" لأنها تنطوي على غلبة كردية (بمعنى غلبة الهم الكردي وغلبة السيطرة الكردية) غير خافية في تجربة الإدارة الذاتية. وفشلت فكرة "القومية العربية العلمانية" لأنها تكشفت عن سيطرة طغمة تغذي وعياً تقسيمياً بين القوميات والإثنيات والأديان والمذاهب، وتستند إليه على الضد من العروبة ومن الوطنية السورية، وفشلت فكرة "الإسلام السياسي" بكامل طيفها، لأنها فكرة غير جامعة وتقسيمية في الأصل، عدا عما تنطوي عليه من مساند ديكتاتورية.
إذا تكلمنا من المنظور الوطني السوري، يمكن لنا أن نقول إن كل حزب، بالمعنى الواسع للكلمة، أنجز فشله الخاص. ويلاحظ جميع السوريين أن فشل جماعة لم يقابله نجاح الجماعة الأخرى، وأن من يمكنهم الكلام عن "نجاح" هم فقط متسلطو ولصوص وتجار حرب وشبيحة كل الجماعات. وعلى قاعدة هذا الفشل المشترك والعام، يتكون ويستقر وعي بأن الجماعات السورية تفشل معاً أو تنجح معاً، وأن طريق الفشل المتبادل هو انغلاق الجماعات على بعضها البعض، وإصرار كل جماعة على صوابية مقترحها مقابل ضلال الآخرين. أو بكلام آخر، الفشل السوري اليوم هو انعكاس لفشل الجماعات التي يجمعها على اختلافها، إصرار كل جماعة على النظر إلى سورية من منظورها الخاص أي منظور سيطرتها. صراع السيطرة هو صراع الفشل كما للجماعات الساعية إلى السيطرة كذلك للمجتمع السياسي السوري ككل. أحقية الجميع بالوجود والنشاط على أرضية الوطنية السورية، هو ما يشكل نواة الوعي العام السوري الذي يتشكل لدى عموم السوريين.
لكن هل يمكن للجماعات السورية التي تمتلك وسائل السيطرة والتأثير في مناطقها، أن تساند مثل هذا الوعي؟ أي هل يمكن للجماعات التي وصلت إلى طريق "السيطرة" المسدود أن تبحث عن طريق آخر؟ بوضوح أكبر، هل يمكن للقوى التي أنتجت، أو كانت نتيجة، الفشل السوري العام، أن تكون هي نفسها روافع لطريق نجاح وطني سوري؟
من بين الجماعات التي تسيطر في سورية، لا ينشط في البحث عن قاسم مشترك سوى مجلس سورية الديموقراطية (مسد)، وهو التشكيل السياسي الذي يغطي تجربة الإدارة الذاتية في شمال شرق الفرات. ولكن يبقى مجهود هذا التشكيل السياسي مثقلاً بعبء وقوعه تحت سيطرة (حزب الاتحاد الديموقراطي) بحكم وزنه العسكري. على أن قوة (مسد) مستمدة أساساً من وجود هذا الحزب فيه. هكذا يمكن القول إن نقطة القوة في (مسد) هي نفسها نقطة الضعف في مسعاها السوري العام. إلى ذلك يمكن أن نضيف، أن من طبيعة الصراع العسكري أن تعزز انغلاق الجماعات المتصارعة وأن تخنق أي بذرة ديموقراطية فيها.
على ما سبق، يصعب أن نأمل من الجهات المسيطرة في سورية أن تخرج من مسار سيطرتها الخاصة، لأنها باتت مأسورة لهذا المسار. لا تنتظر من أحد أن يقطع الغصن الذي يستند إليه. الوعي السوري الجديد لا يمكن أن يكون، والحال هذا، سوى وعي معارض لهذه السيطرات مجتمعة. مع إدراكنا أن التحدي الكبير هو الترجمة العملية لهذا الوعي إلى قوة مادية، نظراً إلى تعدد السيطرة السياسية وتباين المجالات السياسية في سورية.
لا نقصد بجدة الوعي أنه ابتكار خاص في مجال الحياة السياسية، بل نقصد إن هذا الوعي ناجم عن خبرة سورية خاصة ومريرة عاشها المحكومون بلحمهم ودمهم، وليس مجرد كلام يُقرأ وخطابات تُسمع. الجدة هنا تعني ولادة الفكرة من التجربة المعاشة، ما يعطي للفكرة حقها وقيمتها ويجعل السوريين يدركون الأهمية العملية للفكرة التي باتت اليوم مجسدة أمامهم وتعرض نفسها للعين المجردة.
عنصران يدخلان بقوة إلى مجال وعي السوريين، بعد هذا الجحيم الذي عاشوه ويعيشونه إلى اليوم وببؤس لا يني يتزايد. الأول هو ارتفاع قيمة المساواة والمشاركة على حساب دوافع السيطرة والاستئثار. الثاني هو إدراك لا جدوى العنف في مسعى التطلع التحرري، وأن العنف لا يحرر من الاستبداد بل ينتج الاستبداد ويفاقمه بالأحرى. ومن المهم بوجه خاص إدراك الصلة العميقة بين هذين العنصرين، أي إن دوافع السيطرة تستجلب العنف، وأن العنف يستدعي بطبيعته نفسها علاقات السيطرة والخضوع القسري. هكذا يبدو أن نبذ التطلع التحرري يمشي قدماً بقدم مع نبذ العنف.
في الختام يمكن القول إنه تحت قشرة الانفعالات والحساسيات المتبادلة التي عززتها الصراعات العنيفة خلال العقد المنصرم، يتوفر اليوم لدى السوريين في كل المناطق ومن كل المشارب المذهبية أو القومية ما يهيئ لولادة وعي جديد مشترك، يمكن أن يشكل منطلقاً لنجاح سوري بالغ الأهمية إذا توفر لدى الفاعلين السياسيين الحساسية والإرادة الكافية لاستثماره. نعلم أنها مهمة غير سهلة، ليس فقط بسبب ظروف التقطع الجغرافي والسياسي الذي تكرس في البلد، بل أيضاً بسبب وجود قوى اجتماعية وسياسية وازنة وفاعلة لا يناسبها تبلور مثل هذا الوعي وستعمل على تشتيته وتهميشه، ولكن في التاريخ ما يقول: ليس مستبعداً أن يكون الفشل العام منطلقاً لنجاح عام.



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في امتناع وجود معارضة سورية
- عقدة المرحلة الانتقالية في تونس
- الرياضة بوصفها غشاً وسنداً
- احتجاجات السويداء، ليس لدى الأسد سوى الرصاص
- أين هم شيوعيو الأمس؟
- تفكيك الاستبداد في السودان
- عن تماسك معسكر النظام في سورية
- -العاقل-، إله تائه يبحث عبثاً عن الرضا
- مأزق الجيش في السودان
- الأمم المتحدة تتراجع، الجولاني يتقدم
- هذه الجوانب الخطيرة في الانتفاضة الإيرانية
- قصة الحجاب بين الفرض والحظر
- نساء العائلة، تاريخ خاص
- الوهم الذي لا يتبدد
- السوريون في أوروبا، هل يتحول المنفى إلى وطن؟
- نحن وغورباتشوف
- هل من مخرج للعراق؟
- هذه الفتاوى والتابوهات
- عن انتفاضة الصدريين في العراق
- ليالي السجن، العازل والاسمنت


المزيد.....




- فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص ...
- حرب غزة: أكثر من 34 ألف قتيل فلسطيني و77 ألف جريح ومسؤول في ...
- سموتريتش يرد على المقترح المصري: استسلام كامل لإسرائيل
- مُحاكمة -مليئة بالتساؤلات-، وخيارات متاحة بشأن حصانة ترامب ف ...
- والدا رهينة إسرائيلي-أمريكي يناشدان للتوصل لصفقة إطلاق سراح ...
- بكين تستدعي السفيرة الألمانية لديها بسبب اتهامات للصين بالتج ...
- صور: -غريندايزر- يلتقي بعشاقه في باريس
- خوفا من -السلوك الإدماني-.. تيك توك تعلق ميزة المكافآت في تط ...
- لبيد: إسرائيل ليس لديها ما يكفي من الجنود وعلى نتنياهو الاست ...
- اختبار صعب للإعلام.. محاكمات ستنطلق ضد إسرائيل في كل مكان با ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - هل يكون الفشل السوري منطلقاً للنجاح؟