أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - القوات الموازية وتحطيم الدولة في السودان















المزيد.....

القوات الموازية وتحطيم الدولة في السودان


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 7595 - 2023 / 4 / 28 - 10:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أصبح وجود قوات عسكرية "موازية" أو خارج الهرمية العسكرية للجيش أو خارج سيطرة الدولة، من العلامات المميزة لزمننا الحالي في العديد من الدول العربية. نجد هذا في لبنان (حزب الله) والعراق (الحشد الشعبي) واليمن (الحوثيين) والسودان (قوات الدعم السريع)، وليبيا (حفتر) وسورية (الدفاع الوطني والميليشيات الطائفية). من هذه القوات ما يسند السلطة القائمة، ومنها ما يصارع ضدها. فتكون القوات الموازية مع القوات الرسمية للدولة، في حالة صراع منفلت أو في حالة تعايش يستبطن الانفجار، مهما كان هذا التعايش راسخاً وحميماً كما كان الحال في سوريا في ثمانينات القرن الماضي بين قوات (سرايا الدفاع) التابعة لرفعت الأسد، والجيش النظامي السوري. الخطير في هذه الظاهرة، التي تشكل إحدى أهم سمات فشل الدولة، هو أن تكون قوة التشكيلات العسكرية الموازية معادلة أو أعلى من قوة الجيش النظامي، الأمر الذي ينتج سلطتين متعايشتين الأمر الذي يُبقى واقع البلاد ملغوماً، كما تبقى الإنجازات السياسية (في حال وجودها) معرضة للانهيار في أي لحظة، كما هو الحال اليوم في السودان الذي كان قد قطع طريقاً لا بأس به نحو تأسيس حكومة مدنية وإعادة الجيش إلى مجاله المهني الخاص، بعيداً عن الشأن السياسي.
حين تعجز الدولة عن استيعاب الطيف الواسع لمصالح الفئات والشرائح الاجتماعية الواقعة في مجالها السياسي، بسبب نقص عموميتها، كما هو الحال في الدول المذكورة، يصبح بروز مثل هذه القوات الموازية ممكناً، ويحتاج فقط إلى من يمتلك المصلحة والإمكانات المادية اللازمة. يمكن أن تتشكل هذه القوات الموازية من أجل تحدي أو مواجهة الدولة، كما هو حال الحوثيين، ويمكن أن تتشكل من أجل مساندة الدولة، من خارجها، حين تعجز الدولة عن مواجهة احتجاجات مضادة، كما هو الحال في سوريا والسودان. كما يمكن أن تبرز القوات الموازية للتصدي لمهمة "تحرير" قصرت الدولة عن التصدي لها، ثم تتحول إلى قوة موازية للدولة، كما هو الحال في لبنان. وقد تتشكل القوات الموازية عقب تفكك الدولة كما حصل في ليبيا. وفي كل الأحوال فإن الدولة المعنية تخسر، في الواقع، ما يميز الدولة من "احتكار العنف المشروع".
إذا أمعنا النظر في البلدان التي تستند السلطة فيها إلى قوات موازية، نلاحظ مفارقة تقول إن الطغمة الحاكمة، من أجل احتفاظها باحتكار الحياة السياسية في مواجهة حركة احتجاج، يمكن أن تتخلى عن احتكار القوة الشرعية، وأن تستعين بقوات "غير شرعية" تستثمر في عصبيات غير وطنية، عصبيات طائفية في سوريا، وعصبيات قبلية وإثنية في السودان. الأمر الذي يمهد، مع الزمن، لدمار الدولة.
على خلاف حركات التحر الوطني والحركات الثورية المسلحة التي ملأت تاريخ القرن العشرين، لا تنطوي هذه التشكيلات العسكرية الموازية على مشروع سياسي محدد، ولا تستمد قيمتها إلا من قوتها المستمدة غالباً من تبعية خارجية. ومن أهم ما يميز هذه التشكيلات ويمنحها مجالاً حراً في الحركة هو افتراقها الواسع عن فكرة الدولة وما فيها من عمومية وطنية، فهذه التشكيلات لا تلتزم بقانون ولا باعتبارات قيمية، وتجمعها عصبية وولاءات شخصية، الأمر الذي يجعلها، في مواجهة الاحتجاجات الداخلية، أكثر تماسكاً من الجيش الرسمي وأكثر شراسة في القتال. هذا ما دفع حسن البشير، الرئيس السوداني المخلوع، إلى دعم ميليشيات الجنجويد وتحويلها إلى "قوات الدعم السريع" في 2013، ثم نقل تابعيتها من جهاز الأمن والمخابرات إلى القوات المسلحة في 2017، مع احتفاظها باستقلالها الذاتي، وإدخالها إلى الخرطوم لتكون القوات الخاصة بحماية الرئيس. وهذا أيضاً ما دفع عبد الفتاح البرهان، حين كان لا يزال في تحالف مع قوات الدعم السريع، إلى الاعتماد عليها في فض اعتصام القيادة العامة (حزيران/يونيو 2019)، الجريمة التي سوف يتردد الكثير من عناصر وكوادر الجيش السوداني في ارتكابها.
بالمناسبة، من اللافت أن تصدر مذكرة توقيف بحق الرئيس البشير، دون أن تصدر مذكرة مشابهة بحق محمد دقلو (حميدتي) قائد قوات الجنجويد التي وثقت منظمات حقوق الانسان الدولية، ولاسيما تقرير هيومن رايتس ووتش الصادر في 2015 والمستند إلى شهادات من ناجين ومن شهود عيان ووثائق سرية، الكثير من جرائمها في دارفور. هل يمكن رد ذلك إلى دوره في صد موجات اللجوء إلى أوروبا، حين تحولت ميليشيا الجنجويد، بقرار من البشير إلى "قوة حرس الحدود" وجرى تعيين حميدتي رئيساً لها، قبل أن تتحول تالياً إلى قوات الدعم السريع؟
بعد أن اندلع القتال بين الطرفين، صار مستقبل السودان في المجهول، وبات البناء السياسي السلمي الذي تحقق في السودان بعد نيسان 2019، في مهب الريح. لن يكون مفاجئاً أن تتمكن قوات الدعم السريع، استناداً إلى تاريخها الإجرامي وعصبيتها الداخلية ودعمها الخارجي، من التغلب على الجيش السوداني، والانقضاض، بعد ذلك، على القوى المدنية التي يغازلها حميدتي اليوم لكسب جمهورها، ثم إدارة الدولة بمنطق "الجنجويد". ولكن حتى لو تمكن الجيش من الانتصار، فإن قبضته العسكرية ستصبح أشد في وجه القوى المدنية، وسوف يميل أكثر باتجاه إسلامي لتعزيز تماسكه الداخلي. وأياً كان "المنتصر" فإن قيمته الوحيدة ستكون في نجاحه، إذا نجح، أن يكون "اللوياثان" الذي يسيطر ليحمي الآخرين من الآخرين، فارغاً من أي قيمة سياسية أو مدنية. أما الطريق التفاوضي، الذي تعرض إسرائيل (يا للقلب الكبير!) أن تستضيفه، بوصفها صديقة الطرفين، فلا يبدو أنه قابل للنجاح بعد أن أعلن الطرفان العداء المتبادل وبعد أن سال الدم بينهما، ولم يعد ثمة مكان للثقة. يبقى التدخل الخارجي احتمالاً ضعيفاً ولكنه وارد، ما يرشح السودان إلى أن تكون نسخة مكررة عن سوريا. ومن غير المستبعد، إذا عجز الطرفان العسكريان عن الحسم، وبعد أن بات تعايشهما مستحيلاً، أن يقتسما البلاد واقعياً، بانتظار ترسيم الواقع فيما بعد. وفي كل الأحوال، صحيح إنه لا مساحة البلد، ولا موارده حتى، هو ما يحدد جودة مجاله السياسي وجودة عيش أهله، ولكن في الحالة السودانية، من الراجح أن التقسيم بالنسبة للسودانيين، سوف يعني انكماشاً في البلد وفي المجال السياسي والعيش معاً.



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحياكة الناعمة في -أطباق المشمش-
- هل يجرؤ النظام في دمشق على الانفتاح؟
- الحل الأمني على الطريقة الفرنسية
- هل نقلق على الديموقراطية؟
- عن داعش في ذكرى معركة الباغوز
- الثورة السورية وتحرير الدولة
- سيرة طبيعية للانتقال من خارج السجن إلى داخله (2)
- الحرب في أوكرانيا، سياسة -بناء- الأزمات المستعصية
- فشل الانفتاح العربي على دمشق
- إسكوبار في -ناركوس-، تاجر مخدرات بعقلية صاحب قضية هل يمكن لل ...
- رفع العقوبات الأمريكية والعقوبات الأسدية
- الزلزال بين السياسة والوجدان
- سيرة طبيعية للانتقال من خارج السجن إلى داخله
- بين سلطتين، الاحتلال والاستبداد
- عن تزايد العمليات الفلسطينية الفردية
- عن ثلاثة حروف منفصلة تتصل بحياتنا
- ملاحظات على الاحتجاجات في فرنسا
- هل يكون الفشل السوري منطلقاً للنجاح؟
- في امتناع وجود معارضة سورية
- عقدة المرحلة الانتقالية في تونس


المزيد.....




- أمطار غزيرة وعواصف تجتاح مدينة أمريكية.. ومدير الطوارئ: -لم ...
- إعصار يودي بحياة 5 أشخاص ويخلف أضرارا جسيمة في قوانغتشو بجن ...
- يديعوت أحرونوت: نتنياهو وحكومته كالسحرة الذين باعوا للإسرائي ...
- غزة تلقي بظلالها على خطاب العشاء السنوي لمراسلي البيت الأبيض ...
- ماسك يصل إلى الصين
- الجزيرة ترصد انتشال جثامين الشهداء من تحت ركام المنازل بمخيم ...
- آبل تجدد محادثاتها مع -أوبن إيه آي- لتوفير ميزات الذكاء الاص ...
- اجتماع الرياض يطالب بفرض عقوبات فاعلة على إسرائيل ووقف تصدير ...
- وزير خارجية الإمارات يعلق على فيديو سابق له حذر فيه من الإره ...
- سموتريتش لنتيناهو: إذا قررتم رفع الراية البيضاء والتراجع عن ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - القوات الموازية وتحطيم الدولة في السودان