أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كرم نعمة - العنصري في غربته يبيع الماضي














المزيد.....

العنصري في غربته يبيع الماضي


كرم نعمة
كاتب عراقي مقيم في لندن

(Karam Nama)


الحوار المتمدن-العدد: 7682 - 2023 / 7 / 24 - 14:21
المحور: الادب والفن
    


كسر هذا الكتاب عندي حاجزاً وهمياً شيدته على مدار سنين، كنت أدافع فيه عن اللاعنصرية المفترضة عندما أهمش حقيقة العنصرية، فإذا كان البريطانيون أنفسهم يعترفون بأن العنصرية معضلة كامنة في طبيعة المجتمع، فأي مثالية غير ذلك يمكن أن تكون جديرة بالاهتمام.
هيثم حسين في كتابه "العنصري في غربته" ينطلق من عنصريتنا في المدينة والريف والقومية واللباس والبلد والدين، من أجل أن يصل إلى الغريب في عنصريته وتحت وطأة عنصرية الآخر.
لذلك كان هذا الكتاب فرصتي لاستعادة التاريخ الذي افترضته عن اللاعنصرية التي أتحسسها في ود أصدقائي الإنجليز معي، متعاليا عن مواقف عنصرية تعرضت لها بالفعل.
تعرضت لأول موقف عنصري في غاية الغموض، فبينما كنت ارتشفت قهوتي تقدم مني نادل المقهى الأسود بطريقة تفتعل الكياسة، وقال "إنك في نظراتك للآخرين سببت المخاوف لأحدهم، لذلك أنت غير مرغوب فيك بهذه المقهى!" قد تكون التقت نظراتي بوجه أحدهم أو إحداهن لكن لا يمكن افتراض، في أسوأ الأحوال، أن تحمل نظرتي كراهية لشخص لا أعرفه.
تعمدت أن أكمل قهوتي بخمسة أضعاف الوقت التي أقضيه بشرب القهوة قبل أن أغادر، وهكذا عاملت كياسته العنصرية، بحق طبيعي لا يستطيع الجدال بشأنه. ومع ذلك بقيت أشّيد حول نفسي جدار اللاعنصرية! وهكذا منحني صديقي هيثم حسين في كتابه فرصة لهد هذا الجدار الهش.
يأتي تصنيف الكتاب تحت بندر السيرة، متأخرا وقد يحدث ضررا، لأنه أبعد من سيرة، وأقرب إلى مجموعة قصصية تستعيد حكايات واقعية مكتوبة بحذر تحليلي منضبط في الخيال، فعندما يفتح المؤلف مستودع الأحقاد السوري، يدعونا لاستبدال كلمة السوري بأي بلد عربي آخر، فالتراجيديا السورية لا تعد ماركة مسجلة عندما يتعلق الحال بالعنصرية.
وبمجرد فتح مستودع العنصرية التاريخي ندخل بشكل تلقائي إلى كل ما يتصل بها من الكراهية وعدم المساواة وممارسة دور الضحية، العنصرية ليست شأنا يكتفي بذاته أنها أمٌ حريصة على أصناف من سموم أبنائها.
لذلك عندما فكر هيثم حسين بكتابة رواية عن العنصرية، كان عليه أن يواجه شياطينه ويتجرع سمومه، ويتعايش مع أحقاده ويروض رغباته بالانتقام، ويسمح لنفسه بالتعبير بقسوة ووحشية وعنف لغوي عما يعترك في قراره من جنون وعنصرية وما يبرر له استعداءه المضمر لكثيرين بناء على حجج يقنع نفسه بها، وهو في كل ذلك لا يتحدث عن نفسه فحسب، ففي كل واحد منا يعيش ذلك العنصري باختلاف درجة شروره. لذلك لا ينتهي الأمر بما يتعرض له اللاجئون السوريون للعنصرية التي ينطلق منها هيثم حسين في كاتبه. وبينهم من يمارس دور الضحية مثلهم مثل اللاجئ العراقي، فإن ممارسة دور الضحية في الشعور المستعاد والمكرر توظيفه بالمظلومية هو صورة من صور الدونية المقنعة، ولا يمكن للمرء أن يكمل حياته مسكونا ومقودا بتكتيكات بائسة كهذه، كما يستعيد مثالا تاريخيا عن الكردي الذي لايحتاج إلى أعداء، فالكردي عدو نفسه، وهذا الكلام يعني العربي أيضا وبشكل مطلق.
في كتابه المُعبّر بحق عبّر هيثم حسين عن حقيقة وجودية يعاني العالم منها، وكل المعايير الأخلاقية التي وضعت لم تستطع كسر العنصرية، مع ذلك يتوصل إلى ما يبعث نوعاً من الاطمئنان بعد قراءة شاقة لمتن هذا الكتاب الموجع، فعندما يكون الإنسان حرا في داخله فأنه سيكون ملك العالم بحق.
عندما طلبت صحيفة نيويورك تايمز من الروائية المغربية ليلى العلمي، أن تقترح على الرئيس جو بايدن أول كتاب يقرؤه بعد أن وطأة قدماه البيت الأبيض، اختارت كتاب "عدم المساواة" للمؤلف آدم كوهين. بينما لدينا قائمة لا تنتهي من الناس الذي ينبغي عليهم قراءة كتاب "العنصري في غربته"!



#كرم_نعمة (هاشتاغ)       Karam_Nama#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إيلون ومارك كالحلوى بمذاق مر
- يكذبون علينا ونكذب عليهم!
- يا لوجع مي من دون رافع
- متى نستعيد أمل خضير
- لا أسعد من ذوي الياقات الزرقاء
- ساعة تسديد الحساب الوطني
- رومانسية اقتصادية بين واشنطن ولندن
- إيكاروس بغداد بمذاق تمر مر
- بايدن أم ترامب: ذعر الخفافيش العمياء
- فائق حسن وصدام حسين
- عمار الحكيم زعيم العروض الصوتية الزائفة
- عودة إلى سوينتون والصائغ
- ومتى كانت كرة القدم عادلة؟
- ما ينتظر الحكومات…
- مرة أخرى، الإعلام الغربي أطلق النار على قدميه!
- تويتر مشتاق لدورسي
- سعادة السوداني بغياب الدرس الصحفي عن عرّاف وقرداحي
- الموت حائر أمام أغاني عبدالكريم عبدالقادر
- رئيسي يربت على كتف الأسد “انتصرنا”!
- العالم يمتلك ما يكفي من الشجاعة للابتعاد عن واشنطن


المزيد.....




- صناع فيلم -الست- يشاركون رد فعل الجمهور بعد عرضه الأول بالمغ ...
- تونس.. كنيسة -صقلية الصغيرة- تمزج الدين والحنين والهجرة
- مصطفى محمد غريب: تجليات الحلم في الملامة
- سكان غزة يسابقون الزمن للحفاظ على تراثهم الثقافي بعد الدمار ...
- مهرجان الكويت المسرحي يحتفل بيوبيله الفضي
- معرض العراق الدولي للكتاب يحتفي بالنساء في دورته السادسة
- أرشفة غزة في الحاضر: توثيق مشهد وهو يختفي
- الفنان التركي آيتاش دوغان يبهر الجمهور التونسي بمعزوفات ساحر ...
- جودي فوستر: السينما العربية غائبة في أمريكا
- -غزال- العراقي يحصد الجائزة الثانية في مسابقة الكاريكاتير ال ...


المزيد.....

- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كرم نعمة - العنصري في غربته يبيع الماضي