أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن الجزولي - استباحة أم درمان الثانية (1)














المزيد.....

استباحة أم درمان الثانية (1)


حسن الجزولي

الحوار المتمدن-العدد: 7656 - 2023 / 6 / 28 - 22:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أزمنة الكرب وبعثرة الأوطان "4"
"توثيق ليوميات الحرب"

* إستباحة أم درمان الثانية وما أشبه الليلة بالبارحة!
أتلك هي شهامة المنتصر؟! (تشرشل)
وسط الدماء والأشلاء المتناثرة، ورائحة البارود العابقة، استغرق الخليفة في صلاة طويلة، أمام ضريح المهدي، وأمام قبر رفيق عمره، نكس الخليفة رأسه، وهو يستلهم رفقة الصبر والنصيحة في لحظة الضيق، شمل الظلام المكان، إلا من بصيص ضوء الشمس المتسرب عبر ثغرات الدانات أثر قصف القبة، خيم سكون عميق داخل المحراب حول الرجل الملتحي الراكع، لا يقطعه إلا أصوات الطلقات المتقطعة المتزايدة العنف والسرعة وضجيج مئات من خيول الفرسان الذين ملأوا صرح الجامع.
كان أولئك الفرسان تحت قيادة يعقوب، أبو زينب محافظ أم درمان. تمكن من تجميعهم من بقايا المعركة، ومن شرطة أم درمان، ومن العدد القليل الذي تجمع من الجرحى واستجاب لنداء الامباية، وأوكل الخليفة إليه تجميعهم لبدء الدفاع من داخل أم درمان، ومضى هو للمحراب. أدار معركة المدينة يعقوب فأرسل كل المقاتلين والبنادق القليلة التي تجمعت لديه شمالاً ليدافعوا خلف السور الكبير.
كان الأمير المسن منهكاً للغاية، فقد أمضى يوماً مرهقاً منذ أن بدأ قصف المدينة ظهر الخميس، موزعاً جهده والعدد البسيط المتوفر لديه من شرطة أم درمان، لرفع الأنقاض، واسعاف الجرحى وقفل ثغرات السور بقطع الحجارة والأخشاب، واقتلاع عدة أبواب ومنافذ لقفل الثغرات الكبيرة المتخلفة من قصف دانات "الليدايت".
وتزايدت مسؤولياته المشبعة بعد أن أوكلت إليه إدارة معركة المدينة.وهو يقذف بكل قادر على حمل السلاح شمالاً ليدافع عن السور.وزاد الارتباك ازدحام رئاسته في الجامع بمئات من الأشخاص، ممن وصلوا من أرض المعركة،وكل هدفهم هو الموت وملاقاة ربهم تحت قبة المهدي. ومن ضمنهم كبار القوم من الخلفاء وكبار الأمراء.
وضع الخليفة علي ود حلوعنقريبه تحت القبة ورفض التحرك إلى منزله، وأسرع الخليفة شريف وأحضر أبناء المهدي وأجلسهم حوله ليموتوا سوياً،وتناثر عدد كبير من كبار الأمراء كيونس الدكيم، عثمان دقنة، وانضم إليهم شيخ الدين، بعد وصوله من المعركة.
دار الهمس حول اتخاذ أي السبيلين، الدفاع في معركة يائسة داخل أم درمان؟، أم الهجرة غرباً؟ كان الرأي الغالب هو الدفاع داخل أم درمان، ولكن الرجل الذي يملك حق الاجابة كان معتكفاً منذ ساعات داخل الضريح وليس هناك من يجروء على قطع خلوته.
بدأت أصوات طلقات الرشاشات تتزايد، وارتفعت مرة أخرى أصوات إنفجارات المدفعية منبئة عن اقتراب السردار من المدينة، وصل فارس ينهب الأرض نهباً وترجل واتجه نحو يعقوب أبو زينب وأنبأه أن السردار قد دخل المدينة من البوابة الكبيرة.
اتجه يعقوب مباشرة نحو مدخل الضريح ووقف منتظراً الخليفة على أحر من الجمر، لينقل له النبأ. آخيراً وعندما بدأ قرص الشمس في الانحدار غرباً خرج الخليفة من المحراب وقد فارقته نظرته الجامدة الخاوية التي كست ملامحه منذ أن سمع بمقتل الأمير يعقوب، أصدر تعليماته لأبو زينب بالهجرة غرباً، لكل من يرغب على أن يصحبه الخلفاء، وأن تنبه العوائل للخروج من أم درمان، ومن هناك مضى إلى منزل أخيه يعقوب ليأخذ بعض الوثائق الهامة وليأخذ عائلته على أن يلتقوا جميعاً خارج أم درمان.
(يتبع)
ـــــــــــــــــــــــــ
* ع كتاب كرري للرائد عصمت حسن زلفو.
* كاتب وصحفي سوداني.



#حسن_الجزولي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- * وهل أحمد هارون ضمن هؤلاء تاريخياً؟!.
- حرب السودان ،، حول معسكر طيبة وأكاذيب قوبلز
- من المحبرة إلى المقبرة ,, وداعاً الصحفي يحيي العوض
- لنعم ،، لا خير فينا إن لم نقولها
- إنتبه ،، أمامك قشرة موزة
- وداعاً شاعر الترابلة الشيوعي النضر حدربي محمد سعد
- سارعوا بدرء الفتن ،، ما ظهر منها وما بطن
- إلى اللجنة الأمنية للمخلوع البشير
- قناة الجزيرة وأخلاقيات المهنة!.
- مواقف الفرسان
- نقاط بعد البث إنقلاب عسكري بنفس ملامح تمويه القيادة العامة ...
- عمر ،، البس العراقي و-خلي الطابق مستور-!.
- كورال الحزب الشيوعي نموذجاً
- مهرجان اللومانتيه ،، مهرجان الانسانية والغد الوضئ!.
- الشيخ محمد عبد الكريم وفتوى تكفير الحزب الشيوعي


المزيد.....




- الناس يرتدون قمصان النوم في كل مكان ما عدا السرير!
- ترامب عن ملفات جيفري إبستين: لا أريد إصابة أشخاص غير مذنبين ...
- أنقاض رومانية اعتُقد أنّها لكنيسة قديمة.. لكنّ الأدلّة تروي ...
- فيديو لمطاردة جنونية لرجل يقود شاحنة قمامة في شوارع مدينة أم ...
- ترامب يقيل مفوضة مكتب إحصاءات العمل بعد تراجع توقعات نمو الو ...
- مأساة في الساحل الشرقي للولايات المتحدة: فيضانات مفاجئة تودي ...
- ما هي اتفاقية خور عبد الله التي تلقي بظلالها على العلاقات ال ...
- من يقف وراء التخريب في شبكة السكك الحديدية الألمانية؟
- كابوس يلاحق المسلمين في بريطانيا.. ما الذي يجري؟
- حاكم إقليم دارفور يحذر من خطر تقسيم السودان


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن الجزولي - استباحة أم درمان الثانية (1)