|
معارفنا النخبوية دعامة لفقد القيمة – جزء 2
أمين أحمد ثابت
الحوار المتمدن-العدد: 7650 - 2023 / 6 / 22 - 14:26
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من كاروسيل ضياع الوجود العربي / ح ( 3 ) مما سبق طرحه في الجزء ( 1 ) وخلال الحلقات الماضية يتلخص برؤية تصورية خاصة بنا ( بأن مجتمعاتنا العربية – دونا عن غيرها من المجتمعات الاخرى ، بما فيها الاضعف نموا – موسومين وجودا منذ زمن ماضي بعيد بتاريخ خاص بنا ( دوراني المسار على انفسنا فراغيا . . بمعزل عن المسار التاريخي الطبيعي لبقية الشعوب ) – دوران تعدى ( منطوق إعادة انتاج القديم في مراحل الاجيال اللاحقة لإنسان المجتمع ) . . كما يحلو لكبار المفكرين العرب الحداثيين المعدودين بأصابع الكف الواحدة تكرارها والاتكاء عليها كاكتشاف فكري مجرد نوعي ، وذلك من خلال استدلالاتهم العقلية بتسيد ( قيم القديم ) على القيم العصرية لكل مرحلة وصولا الى راهن اليوم ، والذي عليه يستنطقون حكمهم السببي بأن – هذه الحقيقة وفق استقرائهم – هي وراء فقدان مجتمعاتنا خاصية التطور والتغير عبر مراحل طويلة من تاريخ عمر وجود مجتمعاتنا العربية الى هذه اللحظة – بينما فيما نراه أن تصورهم المؤمنين بها اعتقادا . . انه طبع مجتمعاتنا العربية لمراحل اولى من بعد حدوث الانسلاخ عن المسار الطبيعي لتاريخ المجتمعات الاخرى ، حيث كانت حركة المسار الدوراني تعيد انتاج قيم القديم السائدة لتسود مجددا على وجودها طول تلك المراحل وفق افتراضنا – ولنا تعليل نستدل به لم يطرح عند غيرنا – والمتمثل بكون أن تلك المراحل الاولى من منقطعنا التاريخي عن المسار الطبيعي لم تكن المجتمعات البشرية عموما ( رغم مسارها التطوري ضمنيا بدرجات متفاوتة فيما بينها ) قد خرجت بعد الى طابع نوعي جديد للمجتمع بقيمه المغايرة جوهرا ) ، بينما في المراحل الزمنية اللاحقة من التاريخ – أي منذ بدء نشوء طابع جديد نوعي مغاير كليا لما عرفته البشرية طوال كامل تاريخها القديم ، والذي يعد بتعبير مجازي بظاهرة ( الانقلاب الجذري لبنى المجتمع وقيمه الجديدة الخاصة به ) ، والذي ظهر بمحدودية وجود لبعض قليل من المجتمعات البشرية ، والذي ( بسمته التطورية الارقى بديناميته المتسارعة مقارنة بالأنماط القديمة من التاريخ للمجتمع البشري ) ، لم يأخذ زمنا مستطيرا . . بل زمنا اختزاليا غير معهود لمسار التاريخ الماضي ، حيث طبعت التاريخ البشري منذ ذلك الوقت وحتى اليوم وغدا بالتسيد التدرجي ( الاحتوائي ) على بقية المجتمعات البشرية – بغض النظر عن طابع نمطها الوجودي او درجة التطور او التخلف عن غيرها – لتصبح من بعد منتصف القرن العشرين معرفة بكونها ( قيم وطابع العصر ) الحاكمين للوجود البشري لمختلف مجتمعات الارض البشرية – وعودة يمكننا القول ، أن مراحل التاريخ القديمة تلك منذ بدء التعميم الجبري لقيم تلك المجتمعات المتحولة جدة ل . . لتكون حاكمة لشعوب المجتمعات الاخرى ( غيرها ) ، والتي حملت تاريخيا بطابع الاستعمار الاحتلالي القديم – منذ بدايات القرن ال17 الميلادي والى منتصف القرن العشرين – وهنا مربط الفرس الذي نقصده ونعنيه تمييزا لكشف ما هو خاص بنا العرب ، بأن طابعنا الدوراني لمجتمعاتنا خارج مسار التاريخ الطبيعي لبقية شعوب المجتمعات . . تمثل متكرر إعادة انتاج قيم القديم وتسيدها على مجتمعاتنا ( موسوما ) بطابع ( هجائني مسخي ) لوجود انسان مجتمعاتنا وقيمه السائدة حضورا – أي منذ ذلك الوقت الذي اشرنا اليه افتراضا وفق زعمنا وحتى راهن اليوم والمستقبل المنظور ايضا – هذا الطابع التشوهي للمجتمع بقيمه التشوهية . . التي اخذ مسارا خفيا غير ملاحظ للانتشار التوسعي عبر ابنية ومكونات مجتمعاتنا العربية لتصبح هي المتسلطة قيمة ( كنزعات ومحركات دافعية لشخصية الانسان المجتمعي ) غير معلنة او مدركة لحقيقة وجود مجتمعاتنا العربية وحياة انسانها – بينما المعلن عن قيمه قولا وخطابا بانتقائية ( مثالية ) عن ما هو اصيل ايجابي قديم وحديث – وصولا الى فترة العقد الاخير من القرن العشرين وحتى نهايات العقد الاول من القرن الحادي والعشرين . . بدأت مجتمعاتنا العربية بإنسانها من مختلف مكوناتها الفئوية تنضح واقعا تسيد هذه القيم المشوهة على مجتمعاتنا وتوجه قناعات انسانها وتؤطر نزعاته – في مسألتي وجود العيش الحاضر والمستقبلي – فلم تعد القيم المثلى ( الدينية والدنيوية ) ليست اكثر من ظاهر قولي يخفي النزعات والقناعات – اللاقيمية - المخفية الحاكمة كنوع من الحياء او الادراك بكونها تحط من قيمة وجوده الواقعي كإنسان ومجتمع بشري – وهو ما يلاحظ على من تثبت الادانة عليه من اناسنا بهروبه نحو تقديم التذرعات الواهية بأن الوضع او الظروف هي ما حكمته الى ذلك الانحراف اللاقيمي لأفعاله و . . ليس لكونه يؤمن بها – كالرشوة والنهب المخفي والتسلط والارهاب . . الخ – بينما نجد انساننا يتابع ذات المسلك . . حتى لحظة مماته إذا لم يتم القبض عليه او محاكمته . هذه القيم المشوهة اخذت بالسطوع علنا كحاكمة تسيديه على المجتمع والفرد . . تحت ( غطاء وهم عقلي متسلط على وعي المجتمع والفرد ) – من بدايات العقد الثاني من قرننا الحادي والعشرين ولاحقا – بأنها جوهر العصر ، فبدونها لن ينتقل المجتمع وجودا – كما نحلم به – ليلحق ببقية شعوب المجتمعات المتقدمة ، ولن يحقق المرء ( كأفراد ) ما يبتغيه او يؤمل به او يحلم أن يصل إليه من العيش والمكانة والثروة ، أي بمعنى التذرع السائد المعمم فينا ( حكم الضرورة او ضريبة العصر ) في أن تكون ابن زمنك ، وتكون غير خارج عن التاريخ في وجودك الراهن والمستقبلي – بغض النظر عن ضعف النمو وتأخره – فأنت تظل معاصرا وحداثيا مثل غيرك من البشر ( مجتمعا وافرادا ) !!!!ّ!! هذه الوهمية بصيغة ( زيف الوعي وزيف الواقع ) – الظاهرين خداعا ك ( حقيقة وجود واقعي ملموس ) – هي التي اصبحت مفرز متكرر حركة الدوران حول انفسنا خارج التاريخ ، حيث تحمل كل مرحلة او فترة جديدة ( معلمة بذاتها عن غيرها ) من تاريخنا – خاصة منها من بعد منتصف القرن العشرين – تحمل متشوها قيميا ( روحيا وماديا ) مقارنة بما سبق و . . ليس إعادة انتاج القديم – حيث يطبع ذلك ب( ملموسية يمكن استقراءها ) بصورة معبر ( اعادة انتاج الازمات والمشكلات ) القديمة بطبيعة اكثر تعقيدا بنيويا و . . طبعا بسمتها العصرية ( في كل مرحلة او فترة جديدة ) . . وهكذا – وهو ما يخدع العقول الاعتيادية بغض النظر عن الشهادة التعليمية المتحصل عليها عند الافراد او خبراته الممارسية الحياتية والمهنية – حيث لا يرى في ازمات او مشكلات كل مرحلة او فترة من عمر المجتمع . . خاصة بها وبالظروف التي تحكم ظهورها بتلك الصورة والدرجة من التعقد ، لا يجوز الخلط او الجمع بينها وبين سابقاتها ، فكل وجود منها يختلف عن الاخرى والظروف التي صنعتها ، وهو ما يجعلنا قادرين على ملامسة اختلاف طابع ازمات او مشكلات باختلاف مرحلة او فترة وجودها الزمني من عمر المجتمع . وعليه ، فوجودنا الخاص - كدواليب مرجيحة الهواء الكاروسل وبمسار حركة دورانية حول انفسنا . . منعزلة عن حركة المسار الطبيعي لتقدم شعوب المجتمعات الاخرى اماما ، كمسار انقيادي استلابي ( لا ادري ) – مجتمعا وافرادا – اشبه ما يكون معبرا عنه بقول مجازي استعاري عن العلوم الفيزيائية ب ( بمسار قصور ذاتي امتدادي عبر مراحل التاريخ الماضية وصولا الى اليوم وغدا ) ، حيث تصبح بنية الشوه كديناميكية حاكمة لقانونية وجودنا المجتمعي ( العربي ) عبر مسار كل تلك الازمنة في مختلف المراحل والفترات ، بل واصبحت اشبه ب ( جينية مجتمعية ) مورثة اجتماعيا عبر مختلف الاجيال المتلاحقة التالية الى الآن – كما يقال غصبا عنا نحن عليها وليس بأيدينا تغيير هذه الحقيقة . طبعا ، هذا السطر الاخير العرضي اعلاه . . لا نتفق معه ، بل نزعم بأنه من الممكن واقعيا التخلص من هذه ( الجينية المورثية المرضية التاريخية ) - الخاصة فينا – فهي بقدر وجودها فينا ، لا تعنى سوى انها تطبعنا ب ( حالة غير صحية مرضية ) . . مغايرة لحقيقة وجودنا الافتراضي بجيناتنا الطبيعية ، أي أن ما نظهر عليه ونكون عليه واقعا ( لا يمثل حقيقتنا الاصلية ) ، بل ( ما يمثل حالتنا المرضية ) التي نحن عليها بدرجة من الضرر – قد يكون الوقت الذي نحن فيه بفعل تسيد ( قيم قوة التسلط والاستبداد الابوي والانتهازية النفعية الذاتية الرخيصة ) على نظام الحكم ووعي المجتمع وحياته بينما تكون الحالات الفردية غير المعاقة السليمة نادرة العدد مجتمعيا . . ما يجعلها غير قادرة على علاج ( المجتمع والفرد والحياة والواقع ) حتى الآن ، لكنها مع تقدم الزمن وتزايد نموذجها مجتمعيا وتصدر قوة فاعليتها العلاجية للمجتمع ك ( منقذة للبلد والانسان والمجتمع ) . . مع تنامي الصحوة المجتمعية لتقبل التطبب ، هناك سيظهر وقتها في قابلية التشافي أن اعاقتنا وإن كانت تاريخية إلا انها حالة شاذة لا تعبر عن اصل حقيقتنا .
#أمين_أحمد_ثابت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النخب وتعميق الارتداد
-
رحلة في الممات / من المحطات الاولى من كتابي ارتحال في اللا م
...
-
رحلة كونية - من محطات داخل الزمن / من كتابي ارتحال في الزمن
...
-
ذاكرة . . مغرقة / ومضة
-
نحن . . وفهم الاجندات الخارجية
-
رواية ( تمزقات . . في ارض موحلة بالأكاذيب ) / عملي الروائي ق
...
-
رواية ( تمزقات . . في ارض موحلة بالأكاذيب ) / عملي الروائي ق
...
-
اللصوصية – تجديد يمني للحرفة
-
مستلب التفكير القصدي لدماغ انقيادي النشاط – جزء ( أ )
-
نحر . . كل يوم جديد - ومضة
-
رواية ( تمزقات . . في ارض موحلة بالأكاذيب ) / عملي الروائي ق
...
-
رواية ( تمزقات . . في ارض موحلة بالأكاذيب ) / عملي الروائي ق
...
-
رواية ( تمزقات . . في ارض موحلة بالأكاذيب ) / عملي الروائي ق
...
-
كاروسيل ضياع الوجود العربي تاريخيا / ح ( 1 )
-
رواية ( تمزقات . . في ارض موحلة بالأكاذيب ) / عملي الروائي ق
...
-
نظـرية التغـيـر الكلــية - والجوهر الحي المطلق للمادة - -
...
-
احلام فراشة
-
أسير المتاهة
-
مواجهة وباء اجندات انظمة الغرب الفاشية / رقم 2
-
تركيا وانتصار لمسار تهاوي هيمنة القطب الواحد - م
...
المزيد.....
-
بايدن لـCNN: لن نورد أسلحة لإسرائيل إذا دخلوا رفح.. ولم يتجا
...
-
بصور أقمار صناعية.. كم تبعد المساعدات الإنسانية عن غزة؟
-
سفير إسرائيل بـUN يرد على تصريحات بايدن لـCNN
-
-حماس??بايدن -.. بن غفير يهاجم بايدن ولابيد يعلق: إذا لم يطر
...
-
تعرف على التاريخ المثير للجدل لنقل الشعلة الأولمبية
-
-كان قرارا كارثيا-ـ غضب في بايرن إزاء طاقم التحكيم أمام الري
...
-
العرض العسكري.. روسيا تحيي الذكرى الـ79 للنصر على النازية (ف
...
-
مواطنون روس ينظمون مسيرة -الفوج الخالد- في لبنان ومصر (فيديو
...
-
أنقرة: تركيا الدولة الأولى في تقديم المساعدات الإنسانية لغزة
...
-
لابيد يدعو نتنياهو إلى إقالة بن غفير
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|