أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فلورنس غزلان - العراق بين المحتل والوطني!















المزيد.....

العراق بين المحتل والوطني!


فلورنس غزلان

الحوار المتمدن-العدد: 1719 - 2006 / 10 / 30 - 09:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ فترة وجيزة فقط، زار سيد البيت الأبيض ( بوش ) مدينة " يوتا" المحافظة والمنتمية تقليديا للمحافظين والمحاربين القدماء وتعتبر معقلا من معاقل الجمهوريين، إلا أن بوش كان مستمرا في إلقاء العظات الديمقراطية!، ومستشهدا بتوماس جيفرسون ( أحد مؤسسي الولايات المتحدة) حين قال:" أن الطريق إلى الديمقراطية ليس مفروشا بالورود"، لكنه اليوم يبدو محبطاً وقد غير من لهجته الواثقة لدرجة المقارنة بين الحرب الطاحنة في العراق بحرب أمريكا في فييتنام، فقد خسرت القوات الأمريكية في العراق حتى اليوم ما يعادل ( 2802 ) من جنودها مقابل خسارة العراق ل(655000) مواطن .
السؤال الذي يطرح نفسه في هذا الموقف، لماذا نرى حجم الخسارة الأمريكية هائلا، ولا نراه بنفس الصورة لدى العراقيين؟
هل أرواح العراقيين أرخص من أرواح الأمريكيين؟...أم أن ثمن الإنسان العربي أقل من ثمن الإنسان الغربي ــ حسب مقاييس أنظمتنا ــ؟!..خاصة أن نسبة الخسارة العراقية مقابل عدد السكان في العراق تعتبر أكثر هولا وفداحة بالنسبة للخسارة الأمريكية حسب التعداد السكاني للولايات المتحدة!
وباعتقادي أن الخطاب البوشي لا ينطلق من هذه الرؤيا إلا من أجل مكسب انتخابي لا أكثر ، وكي يثبت للناخب الجمهوري سلامة قراراته وليمرر منطقه الخاسر في الداخل الأمريكي ، فلم يعد يعنيه اليوم ما جناه ويجنيه من حصاد سياسي عالمي مناهض لسياسته الشرق أوسطيه وبالتحديد العراقية بالدرجة الأولى
لكن النتائج المزرية والموت المستمر والمغرق في الوحشية يقابله المشهد العالمي الساخط على الزيف الأمريكي وخطابه الملفق بنشر الديمقراطية وجلب الحرية بالقوة العسكرية لمناطق حرمت منها لمدة طويلة وعانت من قمع الديكتاتوريات المحلية كالعراق،واعتقد أن طريقته التبشيرية بقوة الدبابة وإعمال الفتك والقتل وتسريح الجيش الوطني ــ رغم سلبيات تكوينه ــ أثبتت جميعها القراءة الخاطئة للمنطقة برمتها والرؤيا المنبثقة من نقطة المصالح الأمريكية والإسرائيلية ،التي تطفو وتطغى على مصالح الشعوب والتوازن الاستراتيجي مناطقيا وعالمياً.
خاصة وأن التجربة الأمريكية الحديثة بعد تسلمها لقيادة الكون كقوة عظمى وانهيار الاتحاد السوفييتي كقطب منافس ، لم تخل من تجارب فاشلة أخطأت تقديرها، فأفغانستان مثال حي على ذلك، حيث دعمت بعمق وبقوة كل من قاتل الوجود السوفييتي وعملت على خروج قواته من هذا البلد خوفا من المد الشيوعي، وعند انسحاب القوات السوفييتية وانهيار الدولة الأفغانية وقيام الحرب الأهلية تخلت أمريكا عن البلاد وتركتها نهبا للطالبان، وفعلت الشيء نفسه حين أخرجت قواتها من الصومال تاركة البلاد لخراب حرب أهلية لا تبقي ولا تذر، وهاهي تعلن استعدادها للانسحاب وتنذر حكومة المالكي، ويعلن السيد رامسفيلد أن على القوات العراقية التكفل بالأمن والاستقرار!! ..في وقت يدعي ديك تشيني العكس حين يصرح : أننا لن نخرج قبل أن نحقق الأهداف المنشودة!!
فهل أهدافه المنشودة تعني استمرار الخراب والقتل والتدمير؟ وهل ساهمت قواته الأمريكية في إعمار العراق وتدريب الجيش المُسَرح وتمكينه من الانحياز لعراق واحد لا لتكتلات طائفية؟
هل أنجز السيد بوش نشر الحرية والديمقراطية ، وآن أوان انسحابه؟
أم أن همه الأول هو انتخابات الكونجرس الأمريكي في العاشر من القادم؟
تحاول أمريكا اليوم أن تخرج من مأزقها باحثة عن حل ينقذ ماء الوجه الأمريكي من جهة ويسعى لتهدئة الأوضاع العراقية من جهة أخرى، وقد ساهمت الحرب اللبنانية الإسرائيلية الأخيرة بوضع الكثير من النقاط على الحروف في توازنات المنطقة ومسيرها المحفوف بمخاطر شتى يمكن أن تشعل كل المحيط العراقي ..كما أن احتلال العراق أمريكيا، قدم خدمة كبرى لإيران ونصرا على دولة حاربتها ثمانية أعوام،وأعطت لإيران الفرصة السانحة لتشكل شرق أوسطها وتملك قوة ومساندة لم تحلم بها منذ مئات السنين!.
فقد تمكنت من دخول العراق بقوة ونفوذ ، واستطاعت تجييش المنطقة مستغلة عداوتها التاريخية لأمريكا ومساندتها المتواصلة لإسرائيل على حساب الحق العربي، مما جعل الطريق ممهدا وسالكا دون صعوبة أمام السيد أحمدي نجاد..فوجد ضالته في حماس وسوريا ، ناهيك عن حزب الله...وعن الدعم اللوجستي الروسي لإيران من جهة تسليحها وبناء قدرتها العسكرية من جديد ومدها بإنشاء وإحياء مفاعلاتها النووية، فروسيا أيضا لها مصلحة استراتيجية في المنطقة وتود استعادة ما خسرته الدولة السوفييتية السابقة من نفوذ في المنطقة، ولهذا لن تتوانى عن دعم سورية من جهة وترفض معاقبة إيران لمصلحتها البترولية والمادية لديها من جهة أخرى ـــ نقرأ هذا بوضوح من خلال رفض روسيا للعقوبات الطويلة ونوعيتها على إيران، وتخفيفها من حدة التخوف النووي الإيراني ـــ كل هذه المعطيات ، تجعل من الدور الأمريكي الأكثر ضعفا بتاريخها الحديث، والأشد مرارة في حصادها الانتخابي، والأضيق مأزقا تبحث فيه عن مخرج مشرف لعراق تجتاحه الحرب الأهلية، والتي كان للاحتلال دوره الكبير في استفحالها، دون أن تنفذ إلى لب القضية وتحتويها.
لكن السؤال المطروح، ما هي الإمكانية لإنقاذ العراق؟ وماذا تستطيع أمريكا أن تفعل؟
إن البعثة الأمريكية برئاسة السيد " جيمس بيكر" وتعاونه مع النائب الديمقراطي السابق " لي هاميلتون" على رأس وفد من المختصين في المنطقة لدراسة الوضع وإعطاء تقرير شامل يمكنه أن يساهم بشيء من الإنقاذ للدور الأمريكي وللعراق أيضاً، وقد برزت بعض التغيرات في التوجه السياسي الأمريكي، حيث تسربت بعض الأنباء عن اجتماع جنرالات أمريكييين مع قيادات من السنة العراقية المقاومة في عمان ( الأردن)، وجاءت نصائح بيكر لتصب في صالح الدور الإيراني والسوري لتهدئة الوضع العراقي!!!
كما بادرت العربية السعودية بعقد مؤتمر مكة للمصالحة الشيعية السنية للعراق، لكن ضعف التمثيل لأطراف مسؤولة عن تدهور الأوضاع في العراق وعن الشحن الطائفي من خلال ميليشيات تنتمي لهذا الطرف أو ذاك ، خاصة كبار الأسياد الشيعة وما يملكوه من قوة ضاربة على الأرض مثل ( السيدان ...السيستاني والصدر )، لم يتواجدا في المؤتمر ولو أنهما أعلنا تأييدهما لما يصدر عنه من توافق ،ناهيك عن التواجد الكردي، والذي يشكل جزئا أساسيا وهاما في تهدئة الأوضاع وعودتها إلى حالة السلم والاستقرار.
فالدعوة المطروحة سابقا لكونفيديرالية عراقية، بدأت تجد معارضات مختلفة خاصة من أوساط السنة العراقية، التي ترى في قيامها انهياراً كاملا ليس فقط لوحدة العراق، وإنما تفتت شامل للمنطقة، عدا عن تمركز الثروة النفطية شمالا بأيد كردية، وجنوبا بأيد شيعية، فتصبح المنطقة السنية محصورة وخالية من أي قوة اقتصادية تضمن لها حياة أفضل..كما أن طرحها دفع إلى صراعات نفوذ بين أقطاب الطائفة الواحدة وللمثال لا للحصر بين قوات الصدر ، الذي يطرح سيطرة عربية شيعية، والحكيم بارتباط ايراني، إلى جانب السيستاني أيضا، وكلاهما قدم مع الاحتلال من قم وطهران.
نستخلص من هذه القراءة، أن المدة التي يصرح بها المالكي ( ستة أشهر)، ويستطيع خلالها إعادة الهدوء والاستقرار للبلاد! مشكوك فيها، وتمارس عليه ضغوط أمريكية ليحقق معجزات على أرض لم تستطع قواتها تحقيقها في ثلاثة أعوام!، ونحن نرى مقدار ضعف قوات الجيش وعدم التزام أفراده بالخروج من مناطق نشأتهم وانتمائهم الطائفي، كما نعلم ونقرأ يوميا عن حوادث القتل التي تورطت بها عناصر من قوات الشرطة التابعة لوزارة الداخلية، ناهيك عن انتشار الفساد والمحسوبية من أعلى درجات الهرم حتى قاعدته السلطوية، فكيف سيتمكن المالكي من التغلب على كل هذه الأمور بستة أشهر لا غير؟
باعتقادي أن انقلابا أمريكيا ربما يدبر ضد المالكي لكنه مع هذا لن يثمر على الأرض ، إن لم يترافق مع تدخل دولي ، تتسلم به هيئة الأمم المتحدة زمام المبادرة، إلى جانب الجامعة العربية، وأن ترسل قوات عربية بديلة من دول غير مجاورة، ولا مصلحة لها في العراق، أي تستثنى سورية وإيران والدول الخليجية، كي لا نبدل احتلالا بآخر، ويتم الحوار بين أطراف النزاع بإشراف أممي وعربي مسؤول، بعيدا عن الدور الأمريكي والبريطاني أيضا.
آن الأوان أن يتحرك العرب ويحملوا مسؤولية إنقاذ العراق، لأن إنقاذه يعني بالتأكيد السعي نحو إنقاذ المنطقة من الانهيار، فالوضع الفلسطيني ليس أفضل حالا، واللبناني والسوري كذلك ...المنطقة برمتها يمكنها أن تسقط في بحر صراع التطييف من جهة والتفتت والتشرذم بين قوى نشأت بفعل الظروف المواتية فاغتنمتها، وعلينا ألا نسقط بين فكي القرش الإيراني من جهة أو القرش الإسرائيلي من جهة أخرى...هذا يعتمد على الانصياع لصوت العقل والمنطق بعيد النظر، وتغليب المصلحة الوطنية العامة للمنطقة برمتها على مصالح التحالفات ضيقة الأفق.



#فلورنس_غزلان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بيني وبين الشيطان...بينه وبين الله
- هل تقرر الانتخابات الأمريكية سياسة المنطقة في شرقنا الأوسط؟
- نعيش دفئاً ونموت اشتعالا
- كيف يرى العرب والمسلمون قضية الاندماج في الغرب؟
- من يقف وراء إشعال الصراع بين حماس وفتح؟
- أسألك ........ لماذا؟
- متى تبدأ السعادة الزوجية ومتى تنتهي؟
- كيف نفهم لغة الحوار في بلاد العرب والإسلام؟!
- ليس لي...............وليس لكم
- صرخة في وادي النوم السوري من أجل معتقلي الرأي
- الطوفان يغرقنا ونحن لا نجيد العوم ولا استخدام المجداف
- - النصر الإلهي بدون طيور أبابيل
- أتعود الإنسانية إلى حروب الأديان وعصور الظلام؟
- نبز العالم أجمع بسلطات من نوع منقرض
- مثل شباط مافي على حكيه رباط- مثل شعبي سوري-
- الحادي عشر من سبتمبر زلزال من صنع البشر لا من الطبيعة
- ماهو دور الشباب في صناعة المستقبل؟
- عالم الأشباح والكوابيس السورية
- المرأة السورية والحجاب
- صارت كبيرة بحجم بيروت


المزيد.....




- بعد قضية -طفل شبرا-.. إليكم ما نعرفه عن -الدارك ويب- من بداي ...
- الجيش الروسي يتقدم على طول خط الجبهة
- أوربان: من يدعم حرب أوكرانيا هو المستفيد
- -جامعاتنا مفتوحة لكم-.. الحوثيون يعرضون استضافة الطلبة المفص ...
- حدث في إيطاليا: رضيع يبلغ من العمر 4 أشهر يدخل في غيبوبة كحو ...
- أكسيوس: بايدن يشارك شخصيا في جهود مكثفة للتوصل إلى صفقة وتوق ...
- الحوثيون يعلنون عن بدء تنفيذ المرحلة الرابعة من التصعيد
- أردوغان: أوقفنا التجارة مع إسرائيل لإجبار نتنياهو على وقف ال ...
- بوريل: تأخر المساعدات الأمريكية لكييف قد يصبح سببا لهزيمتها ...
- نائب رئيس الهيئة الإعلامية لحكومة صنعاء لـ RT: واشنطن ولندن ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فلورنس غزلان - العراق بين المحتل والوطني!