دعني أقول لك شيئًا لم يقله لك أحد قبلي!!؟

سليم نصر الرقعي
مدون ليبي من اقليم برقة
(Salim Ragi)

الحوار المتمدن-العدد: 7615 - 2023 / 5 / 18 - 19:29
المحور: الادب والفن
    

تحية طيبة ... وبعد
نعم ، اليوم سأبوح لك بحقيقة كنت اخفيها عنك طوال السنوات الماضية!!، لا ادري لماذا كنت اخفيها عنك!!؟ لكن اليوم قررت ان اقولها لك بكل صراحة ، بل الى اقصى حد من الصراحة ، إلى حد ما قد يعتبره معظم الناس أنه حد الوقاحة!، لكن دعني اقول لك هذا الشيء الذي لم اقله لك من قبل ولم يقله لك احد من قبلي قط!، بل ربما انت نفسك لم تسأل نفسك عنه أو أن نفسك لم تسألك عنه في يوم من الأيام!!، ربما يكون عمرك اليوم مثلي تجاوز الستين او ربما تكون مازلت في ريعان الشباب ومع ذلك لم تفكر في يوم من الأيام ولا خطر في بالك ما ساصارحك به اليوم!!، ولذا لا استبعد أنه قد يصدمك قليلًا أو ربما كثيرًا أو ربما سيغضبك مني أو يجعلك تسخر مني!! لكن دعني أقول لك ذلك على كل حال!، لعل ذلك يضعك على خط المواجهة وجهًا لوجه مع حقيقة عميقة عن نفسك وشخصيتك لم تكن تعرفها من قبل!!... وهذا الشيء الذي سأقوله لك الآن فقط - والذي لم تسمعه من احد قبلي قط - هو أنك قد تكون ((منهم))!!... اجل!، قد تكون ((منهم)) ولكنك آخر من يعلم!!، بل كل ما يظهر منك من علامات ومؤشرات وكل تصرفاتك تؤكد على أنك ((منهم)) (!!) وتؤكد أنك كنت - ولا زلت - ((منهم)) منذ زمن طويل !! بالرغم أنك كنت - ولازلت - تعتقد أنك لست ((منهم)) !!، بل ولم يخطر لك على بال في يوم من الأيام أنك قد تكون ((منهم))!!، ومع ذلك هأنا اليوم قررت - وأنا أودع هذا العالم وفي أيامي المعدودة المتبقية لي على وجه الارض - أن أواجهك بهذه الحقيقة بكل صراحة ودون رتوش !!، فأنت - يا صديقي - كنت ((منهم)) ، بل لعلك وُلدت من بطن أمك وانت ((منهم))!! وترعرعت وكبرت وانت ((منهم))... تفكر مثلهم ، وتتصرف مثلهم، وتمشي مثلهم ، وتتكلم مثلهم، تقول ما يقولون وتفعل ما يفعلون كأنك نسخة مكرورة منهم ، طبق الأصل!، مع انك تعتقد انك لست ((منهم))!!، ولكنك في الحقيقة انت ((منهم)) وألف ((منهم))!! ، ولدت ((منهم)) وكبرت بينهم وتعلمت ((منهم)) !!
فهذه هي الحقيقة يا رفيقي ، الحقيقة ( المرة) التي كنت اخفيها عنك منذ زمن طويل مراعاة لمشاعرك وطموحاتك واحلامك وعالمك (السريالي) الهش الغامض الغريب!!، لكنني اليوم ، وانا اعيش ايامي الاخيرة ، وانا على مشارف مغادرة هذه الدنيا، قررت ان أواجهك بهذه الحقيقة وأخلصك من كل أوهامك القديمة التي كنت تعيش في بطنها، طوال حياتك الماضية، في سرور وهناء إلى حد الانتشاء!، لكن تلك الأوهام التي حققت لك هذا السرور وهذا الهناء، في الحقيقة، لا جدوى منها !!، إنها كالمخدر والإفيون المدمر الذي يحقق لصاحبه الانتشاء قبل أن يدمره!!.... نعم يا صديقي، صدقني فأنت ((منهم)) !! كنت ((منهم)) ولا زالت ((منهم)) وعشت ((منهم)) وستموت ((منهم))!! هذه هي الحقيقة!


ولكنني حتى لا أتركك حزينًا او ناقمًا عليّ وغاضبًا مني لأنني رفعت عن عقلك وعينيك الستار الذي كان يمنعك من رؤية هذه الحقيقة المرة، سأقول لك حقيقة أخرى ، حقيقة ربما لم تكن تعرفها عني (أنا) رفيقك من قبل، وهي أنني انا أيضًا ، مثلك كنتُ ((منهم)) !! ومازلتُ ((منهم))!، وعشتُ كواحد ((منهم)) وسأموت كواحدٍ ((منهم)) ولم اعلم بذلك إلا مؤخرًا بطريق الصدفة عندما نظرت إلى (المرآة)(!!؟؟) فاكتشفت الحقيقة!!، حقيقتي وحقيقتك وحقيقتهم!!، فانتبهت للعالم ورأيته بغير العين التي كنت اراه بها ايام الغفلة والاوهام التي ورثناها عن هذا القطيع ومن ثقافة هذا الفصيل الذي ولدنا فيه منذ زمن طويل!!!!
يا صديقي أنت وأنا لسنا سوى ((أشباح))!!... أشباح مسكينة من زمن مضى وانقضى، زمن انتهى منذ زمن بعيد!، أشباح مسكينة تعيش بين هذه (الخرائب) تبكي وتولول فوق (الإطلال)، أطلال بئر معطلة وبقايا قصر مشيد !!
فلا تحزن يا صديقي، ولا تغضب مني!، إنها الحقيقة العارية بلا أي ملابس ودون أي رتوش ترقص معي ومعك هنا كل ليلة على انغام صوت ذئب يعوي من بعيد بين هذه الخرائب وفوق هذه الإطلال!!، انظر إلى نفسك في المرآة!! انظر لمن حولك !! فالجميع يرقصون ويبكون ويندبون فوق هذه الأطلال!!
هذه هي الحقيقة يا صديقي... مع خالص تحياتي
اخوك الشبح المحب

#سليم_نصر_الرقعي (هاشتاغ)       Salim_Ragi#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات