أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - إيزيس وأوزيريس















المزيد.....

إيزيس وأوزيريس


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 7610 - 2023 / 5 / 13 - 14:05
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الإنسان حيوان قاتل
٨ - اسطورة أوزيريس

جاء ذكر أسطورة اغتيال أوزيريس بواسطه أخيه ست في عدة نصوص جنائزية منقوشة على الجدران في غرف الدفن الملكية بالأهرامات عدة قرون قبل الميلاد. وتحتوى هذه الكتابات القديمة، المُكوَّنة في العديد منها من نصوص دينية، على تعاويذ وصلوات مختلفة، تسرد عادة لمحات من الحياة بعد الموت للملوك وللأسر الحاكمة، ومن ضمن ما ترويه أسطورة إيزيس وأوزوريس أحداث تضيء هيكلية النظام الملكي وكذلك بعض تفاصيل الحياة الآخرة، كما أنها تحكي قصة أول عملية اغتيال في التاريخ. ملخص الأسطورة أن "جب" إله الأرض و"نوت" آلهة السماء أنجبو أربعة أطفال: ست وأوزيريس وأخواتهما إيزيس ونيفتيس. تزوجت إيزيس من أخيها أوزوريس الذي كان حاكما على مصر، وغار منهما ست الذي حاول التخلص من أوزيريس وقتله للإستيلاء على السلطة. وقد اقامت الآلهه بعد ذلك محاكمه لست وأدانته علي جريمته ومنحت حكم البلاد لحورس، إبن إيزيس وأوزيريس، واصبح ست حاكما للصحراء، واعادت الآلهه الحياه لأوزوريس ولكنه رفض ان يكون ملكا علي الارض وفضل ان يكون حاكما وقاضيا للعالم السفلي بعيدا عن عالم البشرية وبعيدا عن الشر. بعض نسخ الأسطورة تقول أن دافع ست لقتل أخيه يعود إلى رغبته في الإنتقام من أوزوريس الذي قام بإهانته والتعدي عليه جسديا بركله بقدمه أمام الحاشية، وفي رواية متأخرة، رغبة ست في الإنتقام تعود إلى حادثة من نوع آخر، وهي وجود علاقة غرامية وجسدية بين أوزوريس وأخته الثانية نيفتيس زوجة ست. وربما يكمن الصراع الحقيقي بينهما في رغبة أوزيريس في تغيير الحياة ونمطها في مصر، حيث أن إيزيس التي كانت أول من يكتشف زراعة القمح وأعطت السنابل الأولى لأوزيريس، قرر أن ينشر هذه الفكرة في كل مكان، فقام بتعليم البشر الزراعة وكيفية حرث الأرض وسقايتها وصناعة المحاريث والآلات الزراعية واستعمالها لتقليب الأرض وتخصيبها وزراعة القمح والشعير وعلمهم صناعة الخبز والنبيذ والبيرة، ثم عاد أخيرا إلى مصر ليحكمها ويواصل تحويلها وزراعتها، وهنا استيقظت النوازع الشريرة في قلب أخيه ست الذي يبدو أنه كتم حسده وغيرته لسنوات طويلة. فاقام حفلا كبيرا بحجة تهنئة ايزيس واوزوريس والإحتفال بزواجهما، وكان قد أمر بصناعة صندوق ذهبي في شكل تابوت مزين بالنقوش ومرصع بالجواهر الثمينة ذو مقاييس محددة ودقيقة بحيث يناسب قامة أوزوريس. وأخبر المدعووين ان هذا التابوت سوف يكون من حق من ياتي علي مقاسه بالضبط ويكون هدية له من الملك. و بدأ الضيوف واحدًا تلو الآخر بالتناوب على الإستلقاء في الصندوق - التابوت دون نجاح يذكر، فالصندوق لم يناسب أي منهم، سوى أوزوريس في نهاية المطاف، حين جاء دوره واستلقى في الصندوق الذهبي، أغلق ست وأعوانه التابوت عليه وأحكموا غلقه ثم صبوا عليه الرصاص، ورموه في النيل. طفا الصندوق، وبداخله أوزوريس، وحملته مياه النيل إلى البحر تقوده الأمواج والتيارات البحرية حتى حجزته أغصان شجرة الطرفاء النحيلة وأعاقته عن مواصلة الحركة واستقر عند شواطئ مدينة بيبلوس. وبقي هناك زمنا، ونمت شجرة الطرفاء الصغيرة بشكل غير طبيعي وبسرعة مذهلة لملامستها للتابوت الذي يحمل الجثة المقدسة حتى احتوت الصندوق بكامله واختفى كلية داخل جذعها. وحين رأى ملك بيبلوس الشجرة الضخمة، اندهش لنموها غير المألوف وأعجب بضخامة جذعها، فأمر بقطع الشجرة لاستعمال خشبها لصناعة عمود يزين به قصره ويكون دعامة للسقف. وما أن تمت عملية صناعة العمود ونصبه وسط القصر، حتى بدأت تنبعث منه رائحة شذيه وعطر نفاذ يعبق في كل أنحاء القصر. وداع صيت هذا العطر السحري في كل أنحاء البلاد حتى وصل مسامع إيزيس في مصر والتي أدركت على الفور معناه ومصدره. ذلك أن إيزيس عندما علمت بمقتل زوجها، ذهبت للبحث عن جثته مع أختها نيفتيس، خوفاً من ألا تستطيع روحه أن تعود إلى جسده، فلا ينتقل إلى العالم الآخر، وجابت الأرض سعيا وبحثا عن جثه زوجها دون طائل، وتقول الاسطورة ايضا انها استمرت فى البكاء حتى عطفت عليها تماسيح النهر وعاونتها على ايجاد جثة زوجها وتحديد مكانها في جذع شجرة بيبلوس. فذهبت إلى بيبلوس متنكرة في هيئة إمرأة عادية من عامة الشعب وتمكنت من دخول القصر كمربية لإبن العائلة الملكية، حتى نالت ثقة الملكة فكشفت عن هويتها وتمكنت من استعادة الصندوق الذي يحتوي جثة أوزيريس وخبأته في مستنقعات الدلتا. غير أن ست الذي كانت له عيون وآذان في كل مكان من مصر،علم بالامر وتمكن من سرقة الجثة وقطعها إلى أربع عشرة قطعة وزعها على كل أقاليم مصر. لم تستسلم إيزيس وتمكنت من جمع أشلاء زوجها جميعها، إلا جزءا واحدا، وهو عضوه التناسلي الذي أكله السمك في النهر، وربما هذا هو السبب في تحريم أكل السمك عند قدماء المصريين كما يقول بعض المؤرخين. بكت إيزيس وانتحبت ليلا ونهارا، واستعملت دموعها للصق الأشلاء بعضها ببعض وإعادة بناء جسده كما كان. وصنعت له عضوا ذكريا من الذهب، أو من الخشب حسب روايات أخرى، واستعانت بقوة الآلهة لإعاده الروح إليه لفترة من الوقت. وولدت أيزيس بعد ذلك ولداً وهو حورس، وأصبح أوزيريس ملكاً في مملكة الموتى. أما إيزيس فكانت تخشى على ابنها "حورس" من عنف وكراهية "ست"، فقامت بتربيتة في أحراش الدلتا سراً حتى شب وصار رجلا ليعود إلي الوادي ويطالب ست بعرش أوزيريس ودمه .. وأصبح ملكا بدوره وقاتلا لقاتل أبيه. ولا شك في أن هذه الأسطورة لم تتخذ هذا الشكل المبسط والنهائي إلا بعد عدة تطورات وتغيرات في التفاصيل على مر العصور والأزمان كأي أسطورة عرضة للثقافة السائدة وتقلباتها السياسية والإجتماعية وأهداف الذين يوظفون النص وأغراضهم المعروفة أو المجهولة. غير أنه لا بد من ملاحظة التشابه الكبير في البناء السردي بين هذه الأسطورة وبين قصة هابيل وقابيل. ولا شك بأنها المصدر والنموذج الذي ساهم في تشكيل أسطورة قابيل، رغم الإختلاف الجوهري بين عملية القتل المباشر الذي تمليه العاطفة وفقدان الإتصال بالواقع والمرتبط زمنيا وجغرافيا باللحظة الحاضرة، وبين الإغتيال الذي تمليه دوافع سياسية أو إجتماعية وينفذ بطريقة منظمة وبخطة عقلية مدروسة لأهداف مستقبلية.



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الذئاب
- القتل الجماعي
- الصحراء
- الدلالة الغائبة
- ومن الجوع ما يقتل
- أول مايو والثورة القادمة
- إمكانية الثورة المستحيلة
- الديموقراطية والرأسمالية: المعادلة المستحيلة
- الجريمة والعقاب
- خرافة الطبيعة البشرية
- جبل قاسيون
- فوضى السطور
- حكاية قابيل وهابيل
- جدلية القاتل والمقتول
- لوحة
- البداية الثانية
- بضاعة الفن
- ذعر الرأسمالية من غضب الشارع
- -بنك فلويد- ضد الحرب والإحتلال
- الحركة والثبات عند هيرقليط


المزيد.....




- مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
- -شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
- مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو ...
- بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ ...
- سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
- الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - إيزيس وأوزيريس