أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد رباص - الكاتب الأرجنتيني خوليو كورتاثر أو شي غيفارا الأدب















المزيد.....

الكاتب الأرجنتيني خوليو كورتاثر أو شي غيفارا الأدب


أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)


الحوار المتمدن-العدد: 7603 - 2023 / 5 / 6 - 00:57
المحور: الادب والفن
    


(1)
تصلح رواية روول أغيار كنقطة انطلاق لإعادة رسم تاريخ الكاتب الأرجنتيني الذي جسد (رفقة غابريل ماركيز وماريو بارغاس يوسا وكارلوس فوينتس) تجديد الرواية الأمريكية اللاتينية وكذا الروح الثورية لسنوات 1960 و1970 . فباعتباره كورتاثريا حتى النخاع، يحكي أغيار تفاصيل اللقاء الرائع الذي جمع في مدينة هافانا واحدة من الفتيات وكورتاثر. هي تعيش في 2003 أما هو ففي يناير 1967 . تكمن الرهافة في الحنين الذي يقطره السرد ببطء في ذهن القارئ. هذا الأخير يعلم مسبقا الأجوبة المرهقة التي تقف في انتظار كورتاثر عندما يوجه للفتاة الشابة أسئلة حول المستقبل : لدي ألف سؤال. هل صعد الإنسان إلى كوكب المريخ؟ ماذا عن حرب الفيتنام؟ ماذا جرى في كوبا طيلة هذه المدة الزمنية؟ هل مازال فيديل على قيد الحياة؟والاشتراكية، هل تكللت بالنجاح؟هل لديك معلومات عن الأرجنتين؟ كاتلوغ على قده من الإحباطات.
ينبغي أن نعلم أن خوليو كورتاثر، الحقيقي، قضى فترة زمنية محددة في الإحساس بهذا الاهتمام الحماسي بالعالم. لقد اعترف قائلا: "كان لدي القليل من فضول استطلاع أحوال الجنس البشري قبل كتابة (الرجل المتربص)"، يقصد إحدى أجود رواياته. كان عمره آنذاك 45 سنة.
باعتباره ابنا لرجل أرجنتيني، سقط رأس كورتاثر بمدينة بروكسيل سنة 1914، ظل يحتفظ منها ، كما قال، ب" طريقة في نطق حرف R لازمتني مدى الحياة ". كانت تلك إحدى خصوصياته الجسدية. كان أيضا فارع الطول ونحيفا إلى أقصى حد بعد أن ظل أمرط لأطول فترة من حياته،أضفى عليه وجهه مظهر مراهق أزلي، عيناه الواسعتان، المتباعدتان جدا، يعطيان لنظرته مظهرا معتما ورشيقا. عن القط، أخذ علاوة عن ذلك الصفة الفردانية والملغزة.
إنما في العالم الغرائبي حيث ازدهر أدبه. بيد أن هذا الغرائبي ينغمس في الواقع، في الخطاب اليومي ويحولهما. منزل مسكون بحضور لم يسم أبدا في "كازا تومادا".مصور ضبط فجأة مشهدا بين مراهق وامرأة ويجد نفسه، عندما كشف عن الكليشيه، ملتقطا في الصور التي أخذها حسب ما جاء في القصة القصيرة المعنون ب "/Las Babas del diablo "(التي اقتبس منها فيلم " " Blow up لميكل أنجيلو أنطونيوني (1966) والتي تنتمي إلى المجموعة القصصية الحاملة لعنوان "أبناء العذراء").

(2)
كان كورتاثر قارئا للنصوص السوريالية. كان يعتبر الشعر جزءا لا يتجزأ من حقيقة عليا تضم في نفس الوقت العقلاني واللاعقلاني، وكان يعتقد بأن اللقاءات الطارئة ليست من قبيل الصدفة وأن " الحب المجنون " والحظ يشكلان آليتين من الآليات الغامضة التي التي بواسطتها يصنع الناس قدرهم.( على هذا الحساب خاطئ ذلك المطرب الذي يردد على مسامعنا: "يا للي غرامك جنني، يا أحلى غرام").
لقاء مزدوج ( مع مدينة باريس ومع سيبيل (La "Maga") كان وراء منعطف جذري في حياته وكتاباته. سنة 1950، قام خوليو كورتاثر برحلة إلى مدينة باريس وأثناء الإبحار على متن السفينة حظي بواحد من من اللقاءات الرائعةالتي ميزت حياته. على متن السفينة كانت تتواجد شابة ألمانية من أصل يهودي ، اسمها إديث آرون. كانت ذات شعر أسود وعينين خضراوين. تمكن كورتاثر في وقت وجيز من معلمتها. مظهره النحيل ووجهه الشبيه بوجه فتى يافع لم يفلتا من قبضة فضول الاستطلاع لدى إديث.
ومع ذلك لم يتبادلا بالكاد سوى بضع كلمات. لدى وصولهما إلى شط الأمان، افترقا دون إمداد أحدهما الآخر بعنوانه، وبعد انصرام أيام معدودة جعلهما ما يسميه الجميع بالمصادفة يلتقيان مجددا داخل مكتبة. افترقا مرة أخرى دون تحديد أي موعد. وبعد وقت قصير جعلتهما القوة الغريبة التي تقرب بينهما (المسافة) يتصادفان وجها لوجه. الإشارة كانت واضحة.
اكنشف كورتاثر بأن هذه المرأة الشابة ذات النظرة الفاتنة كانت حيوية، معقدة، ساخرة و متحمسة. بعبارة أخرى، كانت امرأة لا تقهر.وحينما عاد، سنة 1951، إلى مدينة باريس ليستقر بها، لم يقتصر على رؤيتها والارتباط معها بعلاقة استمرت، رغم الخصومات والمصالحات، طيلة حياته كلها، بل انتهى به المطاف إلى ان جعل منها بطلة في أهم نص إبداعي له اتخذ شكل رواية بعنوان "رايولا"مستلهما روحها في شخصية سيبيل. تصف رواية "رايولا" المنشورة سنة 1963 لقاء كورتاثر بمدينة باريس التي شكلت بالنسبة له "صدمة وجودية قوية" على حد تعبيره.
"قد يقال إني ولدت كيلا أقبل بالأشياء بالطريقة التي تعطاني إياها". هذه الروح الثورية سوف تلازمه طيلة حياته. أدبه يتناغم مع الحركة الثورية التي انتشرت في القارة انطلاقا من الثورة الكوبية. لاشيء، إذن، أكثر منطقية من الافتتان المبكر لكورتاثر بكوبا. أقام علاقة وفية ومنتقدة أيضا مع تلك الثورة، دافع عن أفكارها كما يثبت ذلك إعجابه ب "ليزاماليما"، حتى في سنوات السبعينيات الدوغمائية، وهو محتاط أشد الاحتياط من إمكان استخدام انتقاداته من قبل أعداء الثورة؛ الشيء الذي تطلب منه المكوث في كهف العزلة لفترات طويلة مما ظل كنهه غامضا لدى خصوم الكستروية كما لدى السلطات الكوبية.
انطلاقا من "رايولا"، كانت كتابات كورتاثر عن حقيقة ممكنة مغايرة. غاش خلال ماي 1968 فرنسيا. ثم بعد ذلك أصدر رواية "كتاب مانويل"؛ وهي عبارة عن تأمل حول المقاتلين المتمردين الأمريكيين اللاتينيين الجدد الذين تقاسم معهم وجهات النظر دون أن ينتهي في الأخير إلى التماهي معهم مع حركتهم. حصل على جائزة "الميسيديس" وقدم ثمنها هدية للمقاومة الشيلية. كانت كتابته أكثر حرية. ساهم في تشكيل محكمة برتراند راسل من أجل فضح انتهاكات حقوق الإنسان، وساند الثورة الساندينية في نيكارغوا. عن هذا الالتزام الحماسي تولدت كتب جمعت بين الدراسات والتعاليق والحكايات مثل: "الجولة الأخيرة" أو روايات ذات بنية مركبة مثل رواية "تصميم قيد الإنشاء". كان كورتاثر نفسه يطالب بهذا الربط اللادوغمائي بين الأدب والثورة عندما قال: "إننا في أمس الحاجة إلى شي غيفارا، إلى لغة الثورة في الأدب أكثر مما نحتاج إلى متعلمي الثورة". الحب والثورة والكتابة، ذلك ما شكل إذن مثلث المغامرة الكورتاثرية.
(3)
أنهى حياته في مدينة باريس بعد أن تم نفيه من طرف الديكتاتورية الأرجنتينية وأعلن الرئيس ميتران عن حصوله على صفة مواطن فرنسي. بالنسبة لماريو غولوبوف، كاتب سيرته، تمثلت خاصيته دونما شك في كونه متعلقا دائما باللعب و لا احتفاليا دائما رغم كل شيء. السخرية والمتعة هما خاصيتان نجدهما في كتاباته ونجدهما أحيانا لدى شخوصه الأساسيين في رواياته. فلهذا السبب ربما نرتبط، حينما نلتقي مجددا بكورتاثر في هذا الفضاء الخارج عن الزمن عن الزمن والذي تجسده صفحات كتاب قام بتأليفه، (نرتبط) بنزعة متفائلة قد تبدو غير متلائمة مع زمننا حيث ترك الأمل مكانه للإيمان بالقضاء والقدر.
ربما لهذا السبب بالذات تغرقنا أسئلة كورتاثر التي طرحها على الفتاة الشابة الكوبية في فيض من الحنين. إنها تحيلنا إلى مشروع عالم مستقر في قلب عالمنا لكننا لا نعرف كيف نزيل عنه الغطاء، لأننا نفتقد إلى فن اللقاء، هذا الفن الذي كان كورتاثر سيده. وربما لهذا السبب كذلك يكون القراء الآتون في كل يوم لأجل الاستغراق في التأمل أمام قبره الباريسي مجرد سياح بل هم متواطئون معه.



#أحمد_رباص (هاشتاغ)       Ahmed_Rabass#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف يكتسي العقل والروح لونهما تحت تأثير الأفكار؟
- نقد راي نيتشه في الحب والمرأة
- مشروع الأنوار من وجهة نظر تزفتان تودوروف
- بنسليمان: المجلس الجهوي لحزب الشمعة يتضامن مع يوسف بنصباحية ...
- مقارنة فلسفية بين المعتقدات والمعارف
- فلسفةرتشارد رورتي وموقعها في الفكرالأمريكي
- فلسفة رتشارد رورتي وموقعها في الفكر الأمريكي (الجزء السادس و ...
- بيان جماهيري من المكتب السياسي للحزب الشيوعى السودانى
- أي مستقبل للحلم المغاربي؟
- فلسفة رتشارد رورتي وموقعها في الفكر الأمريكي (الجزء الخامس)
- انخراط المغرب في الرأسمالية المتوحشة ضرب التضامن الاجتماعي ف ...
- الاجواء والظروف الحالية التي يمر في ظلها الاحتفال بعيد الشغل ...
- فلسفة رتشارد رورتي وموقعها في الفكر الأمريكي (الجزء الرابع)
- إشكالية الأنا والأخر في -رواية السيد إبراهيم وأزهار القرآن- ...
- فلسفة رتشارد رورتي وموقعها في الفكر الأمريكي (الجزء الثالث)
- فلسفة رتشارد رورتي وموقعها في الفكر الأمريكي (الجزء الثاني)
- في السجال بين ديكارت وهوبز حول الانفعالات
- فلسفة رتشارد رورتي وموقعها في الفكر الأمريكي (الجزء الأول)
- هيئات سياسية ومدنية ونقابية تتضامن مع سكان دوار الجديد أمحيج ...
- هل حميد المهدوي صحافي كما يصف نفسه؟


المزيد.....




- -زرقاء اليمامة-... تحفة أوبرالية سعودية تنير سماء الفن العرب ...
- اصدار جديد لجميل السلحوت
- من الكوميديا إلى كوكب تحكمه القردة، قائمة بأفضل الأفلام التي ...
- انهيار فنانة مصرية على الهواء بسبب عالم أزهري
- الزنداني.. رائد الإعجاز وشيخ اليمن والإيمان
- الضحكة كلها على قناة واحدة.. استقبل الان قناة سبيس تون الجدي ...
- مازال هناك غد: الفيلم الذي قهر باربي في صالات إيطاليا
- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد رباص - الكاتب الأرجنتيني خوليو كورتاثر أو شي غيفارا الأدب