أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد حمد - اما زال المثقفون على قيد الحياة - الثقافية؟














المزيد.....

اما زال المثقفون على قيد الحياة - الثقافية؟


محمد حمد

الحوار المتمدن-العدد: 7598 - 2023 / 5 / 1 - 00:21
المحور: الادب والفن
    


أجد صعوبة بالغة في تحديد ورسم ملامح دقيقة، واضحة لمفهوم "المثقف" في هذا الزمان. وتزداد صعوبتي كلما أطلتُ النظر إلى خارطة النشاط "الثقافي" المترامي الاطراف. والذي يزيد كثيرا عن حاجة البشر العقلاء ! ربما لأننا نحب الاسترسال في الكلام ونقوله على عواهنه. ونهوى التنظير والتأويل، ونقع بسهولة في كمائن التفسير وشراك القيل والقال. ربما !
ولا يختلف الأمر بالنسبة للثقافة. فهي الآخرى فضاء شاسع تسكنه كائنات "مثقّفة" حالمة، تبحث عن ذواتها المصابة بالنرجسية والخداع، في دهاليز وأزقة الانترنت وامثاله.
فهل سال احدكم، ولو بدافع الفضول والتسلية، عن معنى كلمة "المثقف" في عالم اختلط فيه حابل الكلام الأنيق بنابل الثرثرة العقيمة؟ واصبح كل من هبّ ودبّ يشهر قلماً "يذبح الطير" كما يُقال. وكانه سيف يماني في ساحة الوغى ! ثم ينشر غسيله القذر على مواقع تعتاش عادة على صور نساء جميلات (ممثلات أو عارضات ازياء) واخبار وصور موتى حديثي الموت. وسط "مشهّيات" تزيد الأمور ابتذالا وقبحا، على شكل دعاء ديني حزين أو حكمة "بايخة" قالها حكيم قذفته امواج التفاهات على سطح الأحداث اليومية. فكسب نفرا من الاتباع والمريدين وحفنة من علامات الاعجاب، وهو الشيء الأهم. واصبح له "شأن" في شؤون الدنيا. واحتل موقعا مميزا في فراغ تحيطه فراغات متتالية، تنتهي جميعها الى الأرض اليباب، التي هي ثقافة عصرنا الجاهلي هذا.
في أوروبا مثلا، من النادر جدا أن تسمع عن كلمة مثقف أو يشار لها في معرض الأحاديث والكتابات والمقابلات التلفزيونية. فكلمة "مثقف" تمنح من يوصف بها شيئا من الخصوصية والامتياز وتهدف إلى إعلاء شأنه. وهذا شيء مرفوض وغير مقبول بالنسبة لثقافة العالم المتحضر. فهنا كل شيء يُسمى باسمه، سواء كان رئيس دولة أو عبقري زمانه. لا زيادة ولا نقصان. لا صفات مدح أو اطراء أو تبجيل أو تقديس. مثل مبدع وكبير وشهير ومتألق وعبقري. وغير ذلك.
وحسب معرفتي، في ايطاليا على سبيل المثال أن دانتي اليغييري صاحب "الكوميديا االالهية" هو الشخص الوحيد الذي توضع أمام اسمه في بعض الاحيان صفة معينة. مثل الكبير أو العظيم.
نحن لدينا قائمة طويلة من صفات نابعة من شعور بالنقص لدى من يستخدمها ولدى من يوصف بها. وهي في كل الاحوال جزء من سياسة التملق والمجاملة الرخيصة التي ترافق حياتنا الثقافية الهابطة إلى الدرك الاسفل من الحضيض. بل هي نتاج سنوات طويلة من الكبت والقمع والاضطهاد السياسي والاجتماعي، حتى صار أحدنا "مرغما" على استخدام صفة ما، جميلة طبعا، في مخاطبة الآخرين.
وإذا جاز القول، يمكن اعتبار الثقافة في عصرنا الراهن "البضاعة" الوحيدة التي لا تخضع لقواعد السوق ومبدأ العرض والطلب. ومن يلقي نظرة عابرة على "دكاكين" الثقافة في كل بلد، والعراق بشكل خاص، سيجد أن العرض تجاوز الطلب بعشرين مرة على أقل تقدير. رغم محاولات الإنقاذ البائسة التي يقوم بها البعض من أصحاب النوايا الحسنة. فدخلنا مرحلة التضخم والركود الثقافي. ونتج عن ذلك عزوف جماعي عن عالم الثقافة إلى عوالم "بديلة" لا يمكنها مهما كلف الأمر أن تعوض أو أن تملأ الفراغ الشاسع الذي تركته ثقافتنا الأصيلة.
قد تختلف الأزمنة وقد تختلف الأجيال، وتتغير الأساليب والمفاهيم، وحتى اللغة باعتبارها الناطق الرسمي و"لسان" حال بتي البشر. قد تمر عليها رياح التغيير العاتية ويصيبها الوهن جراء اللامبالاة. ولكن اي بلد تصبح فيه الثقافة "سوق خردوات" والمثقف يمارس فيه مرة دور البائع ومرة دور الزبون. لا يمكن أن يكون له مستقبل مشرق بين الامم. ويجب أن نقرأ عليه سورة الفاتحة. ونبكي على اطلاله التي ما زالت تُرى بالعين المجرّدة، ومن مسافات بعيدة !



#محمد_حمد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما ثمن الرهان على الجنرال البرهان ؟
- الهجوم المُضاد في ذروة الكلام المُعاد
- مقارنة بين الدولار العراقي والدينار الأمريكي...
- الما يعرف تدابيره حنطته تاكل شعيره...
- الفيسبوك اصدقُ انباءً من الكُتبِ...
- السفراء يتبعهم الغاوون !
- نجوم بثيابٍ من سندسٍ واستبرقٍ وطلاسم
- اردوغان ضرب عصفورين بأنبوب نفط واحد...
- نزهة المشتاق بين دكاكين احزاب العراق
- الهجوم تركي والهدف سوري والسماء عراقية
- لحظة وداع رتّّبت على عجل !
- الاتفاق بين بغداد واربيل زادني تشاؤماً !
- العراق دولة مستقلّة مع وقف التنفيذ
- واعتصموا بحبل العراق جميعا ولا تفرّقوا...
- اصبحتُ كمن اصابه مسٌّ من الشجون
- كردستان العراق كيان كارتوني ؟ وشهد شاهدٌ من اهلها !
- جو بايدن...الطول طول النخلة والعقل عقل الصخلة
- قمّة روسية صينية تحت شعار : يا عواذل فلفلوا !
- الساكت عن الحق شيطان اخرس...مثلا؟
- المحكمة الجنائية الدولية: جرائم حلال وجرائم حرام


المزيد.....




- إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني
- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...
- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...
- دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-. ...
- -سماء بلا أرض-.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة -نظرة ما- في مهر ...
- البابا فرنسيس سيظهر في فيلم وثائقي لمخرج أمريكي شهير (صورة) ...
- تكريم ضحايا مهرجان نوفا الموسيقى في يوم الذكرى الإسرائيلي
- المقابلة الأخيرة للبابا فرنسيس في فيلم وثائقي لمارتن سكورسيز ...
- طفل يُتلف لوحة فنية تُقدر قيمتها بخمسين مليون يورو في متحف ه ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد حمد - اما زال المثقفون على قيد الحياة - الثقافية؟