أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله رحيل - العيد بشرى الخلائق وناموس نور الخالق














المزيد.....

العيد بشرى الخلائق وناموس نور الخالق


عبدالله رحيل

الحوار المتمدن-العدد: 7591 - 2023 / 4 / 24 - 10:38
المحور: الادب والفن
    


سنةُ الكون تغييرُ نَمطية الحياة الرتيبة، ضمن قوانين متبعة، في دوران الأفلاك، والكواكب، ومواقع النجوم والأقمار، ومن ذلك شِرْعَة الأديان السماوية المتبعة لمنهجية الله في إدارة شؤون الخلق، وفيما يؤمنون به، جزاءً وِفاقًا من خالقهم، لما قدّموه من عبوديّة للإله الواحد، الذي يوحّدونه في عباداتهم المختلفة، وهذه فِطرتهم، التي فُطِروا عليها، وبالمقابل من ذلك شُرِع تغييرٌ نموذجيٌ لكسر هذه الفِطرة، والنّمطيّة، والرتابة بعبادة الخلق على مدار العصور، بصومٍ مُباحٍ، منذ أن وُجِد الإنسان على وجه البسيطة؛ تعبيرا لاستجابة كلمة الخالق، التي أمرتهم بالصوم المُفضي لأعياد؛ تكون خاتمة العبادة البشريّة، بعد أن أكملوا نظام الامتثال للإله، الذي أوجد الأكوان، ورفعها، ما يخلق أفراحا متنوعة هَزِجة بانتهاء عبادة شُرعت، وهو ما يروح عن النفس، ويلبي حاجة المخلوقات إلى السكينة، والتغيير، والنزوع إلى التجدد، والتنوُّع.
وفي هذا التغيير الزمني، والروحي لماهيّة العبادات المختلفة، يكون الصوم الرمضاني عند عامة المسلمين شهرًا كاملًا، يمتنعون فيه عن المفطرات جميعها من بزوغ الفجر، حتى غروب الشمس، وفي أرجاء المعمورة كلها، يمسكون بآذانٍ واحدٍ، ويفطرون بالآذان نفسه، في روحانية العشق الإلهي، وطمأنينة النفس المؤمنة البارئة إلى ربِّها في الغفران، والصفح، ومن الجدير بالإشارة إلى أن الصوم اُتُّبِع في الأديان كلّها؛ تقويمًا وتهذيباً للنفس البشرية بالصبر والإيمان، ومطلباً لبلوغ أمر صحيَّ في الأبدان المتعبة، من تضخُّم الغذاء الزائد.
فالخلق المتضرِّعون صوما بغفران ذنوب، وخطايا اقترفتها نواحي الجسد المتنوّعة، ينتظرون ختام عبادة، أرهقت نفوسهم بمّبلجِ صباحِ عيدٍ، يكون بإباحة المفطرات كلّها ليل نهار، حيت تعمُّ الفرحة، والنشاط، وكسر الرتابة، التي كانت تحيط بهم في طبيعة حياتهم اليومية في الصوم.
وباكتمال عبادة، وشعيرة كبيرة في النفس المؤمنة، ينبلج صبح العيد، ويأفل هلال الصوم، حتى لقاء عام قادمٍ به، فيكبِّر المؤمن، ويهلل بقدوم فطر مبارك، يقبل إليه بالمفطرات المباحة، واللهو، بما أوجده من عفّةٍ، وطهارة لأفئدة ملأتها قصص الإيمان الروحانية بشهر الصوم الرّحيم، وبهذه المقاصد والطقوس، يكتمل الشهر المبارك العظيم باجتماع الأحبّة، والأُسر، التي تعلو أفواههم تبريكات العيد، والمسرّة بالإقبال إلى حياة جديدة مفعمة بالروحانية، والمحبّة، يتبادلون في عيدهم عبارات الترحيب، والتهليل، والبركة الدائمة، وقد انقشعت من النفوس غيوم التفرقة والانعزالية، وسحب إشاحة بعض الوجوه عن بعض، لأسباب دنيويّة زائلة، فالعيد في هذا يكون سببا لاجتماع أحبّة، ربّما فرّقتهم متاعب الحياة، وبهذا يكون سبباً لما يوجب أن يوصل من صلة الأرحام، وتهدئة النفوس ونشر المحبة بينهم، وطريقا نحو بوّابة الألفة، ونبذ الخلاف، واستمرار منهجية الحب الخالد، الذي أوجده الله في الأرض؛ لأجل ذلك شُرِع العيد أساساً للتغيير، وترك مسالك الإسراف في القطيعة .
ففي مَصبح يوم العيد، صلاةٌ بطهر كامل الجسد، تليها ترنيماتُ مساجدَ، وتكبيراتٌ تدعو للمحبّة، والركون إلى روحانية شروق النفس، بثياب جديدة، وجميلة، حاملة مشاعل الإنس، وكتب السلام؛ امتثالا لأمر ربّها نحو التعارف.
وفي سنة يوم العيد تُدار موائد الحلوى، والأطعمة المباحة، التي تثبت حلاوة الطهر، ولذة المحبة في النفس، وتصافح القلوب، والوجوه، وقد أُزِيلت فتن الحياة، وحلّ محلّها اجتماع، وأنس، وأفراح، ومسرّات، وبشائر في رحلة إلى الغد السعيد.
ومَغزى العيد في اللغة الموسِمُ، وكلُّ يومٍ فيه جَمْعٌ؛ فهو اسمٌ لِمَا يعودُ من الاجتماعِ العامِّ على وجهٍ مُعتادٍ، عائدٍ بعودِ السَّنةِ، أو بعودِ الشَّهر، أو الأُسبوع، أو نحوِ ذلِك، وهو الوقت الذي يعود فيه الفرح والاجتماع والتلاقي.
وعيون الأخبار في العيد مفتونة بسحر الّلفظ، وجودة المعنى، وفي حسن صياغة التعبير بِسَبك الكلمة في معناها المؤلِّف لقداسة الأعياد في الأشعار، وفي ألسنة الشعراء، وفي تمثيل المشهد المفرح في نهر عيد لمبسمٍ مشرقٍ نبيلٍ، ففي كتاب المفضليّات للمفضّل الضّبيّ ذكرٌ للشاعر الجاهلي تأبط شرًا يذكر فيه العيد، وما اعتراه من شوق لترقبه:

يا عــيد يا لك من شــوقٍ وإيــراقِ
ومَــرِّ طيفٍ علـى الأهـوالِ طرَّاقِ
يسري على الأين والحيات محتفياً
نفـسي فـداؤك مـن سار على ساقِ

وهنا يكون العيد مادةً خصبة للصور الشعريَّة البنَّاءة، والواصفة لمشاعر الخلق في العيد، فيقول ابن الرومي:

ولما انقـضــى شهـــر الصيـام بفضله
تجلَّى هـلالُ العيـدِ من جانبِ الغربِ
كــحاجـبِ شيخٍ شابَ من طُولِ عُمْرِه
يشيرُ لنــا بالرَّمـز للأكْــلِ والشُّـرْبِ

وقول ابن المعتز:

أهـلاً بفِطْـرٍ قــد أضــاء هـــلالُــه
فـالآنَ فاغْدُ على الصِّحاب وبَكِّـرِ
وانظــرْ إليـه كزورقٍ من فِضَّــةٍ
قـد أثقــلتْـهُ حمــولـةٌ مــن عَنْبَـرِ

والحديثُ عن العيد صوتٌ روحانيٌّ قادمٌ إلينا؛ يجلو النفوس بفوانيسِ النور الرّبانيّ، التي تنشر ضياءها في أنحاء البلاد والكون، فهو بِشرٌ مرتقبٌ، وبذلٌ محمودٌ مغفورٌ، وطابعُ البُشرى، وفيه الفرحة غامرةٌ نفوسَ الخلائق، ورايةُ البركة والتهليل تطوف فوق رؤوسنا، وكلُّ سنة، والخلق أجمعون تغمرهم أمواج الخير المتلاطمة، بسموِّ نفوسهم الطاهرة، وكل عامٍ، والجميعُ بخيرٍ ومسراتٍ أبديَّة سرمديّةٍ.



#عبدالله_رحيل (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حديث القلب والعقل في التذكُّر والانفعال
- نحن نقرأ... إذا نحن موجودون
- التفكك الأسري وسلبيته في المجتمع
- مدفع الإفطار إعلان التوقيت في رمضان
- هدية عيد المعلم
- ترنيمة هجرة الذهب الأبيض
- التأثّرات الفنيّة بين روايتي- في المنفى- لجورج سالم، و-المحا ...
- استرسال الذاكرة
- نـزهة المشـتاق إلى رحـاب مكـة المكـرمـة
- القاعدة النحوية بين الجدلية والخلاف
- - في المنفى- لجورج سالم، و-المحاكمة- لفرانز كافكا. أوجه الشب ...
- عبد الله الفاضل تغريبة الصحراء وجور بني القربى
- قصيدة لميس نجد
- الحب نبض الحقيقة
- الأمنيات التي بددتها القوارب
- بدر شاكر السياب شاعر الحب والاغتراب
- العباءة زي الموروث وألفة الموضة
- الصعاليك في متون الصحارى
- المتنبي مالئ الدنيا وشاغل الناس
- الأثافي الثلاث


المزيد.....




- قصر الكيلاني يتحول إلى مركز عالمي للخط العربي والفنون الإسلا ...
- مطالب بوقف عرض -سفاح التجمع-.. والمخرج: لا نوثق الجرائم الحق ...
- الاكتئاب.. مرض خطير جعلته بعض الأفلام حلما للمراهقات
- اُستبعدت مرشحة لبطولته بسبب غزة.. كريستوفر لاندون يتحدث عن ر ...
- معلمو اليمن بين قسوة الفقر ووجع الإهمال المزمن
- باب الفرج في دمشق.. نافذة المدينة على الرجاء ومعلم ناطق بهند ...
- ربما ما تتوقعونه ليس من بينها.. كوينتن تارانتينو يكشف عن -أف ...
- كلية الفنون الجميلة في دمشق تمنع الموديل العاري.. فهل سيؤثر ...
- رحيل الفنانة السورية إيمان الغوري.. وداعًا -خيرو-
- مراسم وداع في كييف لفنان أوكراني قُتل على الجبهة في زابوريجي ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله رحيل - العيد بشرى الخلائق وناموس نور الخالق