أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله رحيل - الأمنيات التي بددتها القوارب














المزيد.....

الأمنيات التي بددتها القوارب


عبدالله رحيل

الحوار المتمدن-العدد: 7392 - 2022 / 10 / 5 - 10:30
المحور: الادب والفن
    


هو البحر من أي النواحي جئته، مليء بالغرائب، و بالدرر، ومحاط بقوة وبكبرياء، وسليل نسب عميق موغل في القدم، بانتصارات عظيمة، قد ابتلع كل من أرغمته الأرض على القتال معه، له صمت أمواج جميل، وصفوة مياه نقية شيقة، لكن تخشاه الأساطير والفرسان، وتحذره البواخر والأعلام، كشيخ سبر الحياة، وعرف طرق المجهول، والماضي، والحاضر، تُغتال في صمته العواصف، وتغرّد فيه منايا من لا يسير على هواه، ممتدٌّ في الأفق، كمستقبل الورى العميق في المجهول، يخشى ركوبه الإنسان؛ لأنه طين، والطين في الماء ذائب، حيث بدا له في هذا الزمان، رجال أوفياء، منافحون عنه بعزة الأقوياء، يناديهم من بعيد بإماءة موج لطيف، يَعْدُون نحوه فيبتلعهم، ويلفظهم، ويقيم عزاءهم؛ ثم يشتاقون إليه، أفواج وأفواج، وبحّارة مهرة، ركبان وراجلون، وحالمون، وهاربون، يُقدمون إلى شطآنه؛ فيحتضنهم بحب عظيم، وبابتسامة طفل بريء، قد التقى بأمه بعد حين، ثم إن شاء أماتهم، وإن شاء طاردهم، وإن شاء حفظهم من خفر السواحل اللئيمة.
الخلق يهجرون سكناهم اللطيف الآمن الكريم؛ فيمتطون أمواجه، والأمهات تودع قطعة أكبادها في حبٍّ، وفي مستقبل واعد جميل، تحلم بالنوارس، وبطيور البجع أن تطعمهم، وأن تكلأهم، فلا تدري أن جبالا من الموج والموت بانتظارهم، هم هاربون من جحيم الحلم المطبق في رقابهم، هاربون بفكرة النرجس البري الأبيض النقي مرفرفا وسط الأجمة الخضراء، وقد تكلّلت فيها شقائق النعمان، هاربون سراعا من جور الأيام والليل، إلى نهار فيه بعض أمل الحياة، فيحتضنهم البحر، وتجلو عتمة الليل مياهه النقية، يركبون قوارب الحياة مطمئنين، فيناديهم بصمت، وبرقاصات أمواجه الكليلة المضنية، فيتزاحمون، وحول بالونات النجاة يقيمون، فيكتظ القارب بالأحلام الوردية، وتتعشق الأنامل الوداع السريع، ويبتعدون في السراب البعيد، تاركين الأحبة على الشواطئ باكين، وفي الهجيرة منتظرين، وعلى فوهات الهاتف مسايرين الرغبات، وهناك عروس ارتدت أبيض الثياب، ينتظرها المُعنّى بحبّها، وقد ربطت شعرها بساق وردة حمراء، فيأخذهم أخذ عزيز مقتدر، ثم يرحلون، ويبتعدون، وعلى بعض شطآنه بقايا رجال، وأطفال، ونساء، أصبحوا ترنيمة المساء وقت الأصيل، وعند ساعة الفجر الندية، وبتمايل صفصافه الشجية، عويل ونحيب.
رفقا أيها البحر الأزرق الجميل، رفقا بالأنامل الرقيقة النبيلة، رفقا بالعيون الناعسة الكحيلة العفيفة، رفقا بأمهات في الغرف، وفي الشرفات منتظرة حزينة، بعرائس قد شاقتها قبلات الأحبة الغريبة، مهاجرون قد سامهم الزمان، ومزق كتبهم وحطم مقاعد درسهم الاختلاف، وسنن الأولين، وغنّت على آمالهم الغزاة.
أما آن أيها اليمُّ، أن تقلّم أظفار أمواجك، وتقلع أنياب مفترساتك، وتسوّي ثنيّات غضبك، وتعتدل في مشيتك، وتقوِّم طيَّاتك،
فبك التجأ الرسل والأنبياء، وتقدّست الرمال بمرورهم، أما آن، أن تعرف هذه الأنام، ملأى بالحبّ لك، واحتكمت إلى عدلك، وتجمّلت بدررك، واُطعمت من لذيذ لحم مخلوقاتك، فأنت مطعمها وكاسيها كأب محبّ رحوم، فيا بحرُ سوّر بأذرعك محبيك، فلا تدع المستجيرين بك حكايا، تُحكى في مجالس العزاء.



#عبدالله_رحيل (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بدر شاكر السياب شاعر الحب والاغتراب
- العباءة زي الموروث وألفة الموضة
- الصعاليك في متون الصحارى
- المتنبي مالئ الدنيا وشاغل الناس
- الأثافي الثلاث
- أمل في سفر المحال
- الملاحم اليونانية تناغم الإنسان بالطبيعة
- ورقاء تغرد من نجد
- الجمال سيد الرؤية وسبر العقول
- الجنة والنار في رسالة الغفران
- سنابل الحصاد
- الربيع
- خلف نافذة صغيرة
- حديث السنابل
- ضحك البؤساء


المزيد.....




- قصر الكيلاني يتحول إلى مركز عالمي للخط العربي والفنون الإسلا ...
- مطالب بوقف عرض -سفاح التجمع-.. والمخرج: لا نوثق الجرائم الحق ...
- الاكتئاب.. مرض خطير جعلته بعض الأفلام حلما للمراهقات
- اُستبعدت مرشحة لبطولته بسبب غزة.. كريستوفر لاندون يتحدث عن ر ...
- معلمو اليمن بين قسوة الفقر ووجع الإهمال المزمن
- باب الفرج في دمشق.. نافذة المدينة على الرجاء ومعلم ناطق بهند ...
- ربما ما تتوقعونه ليس من بينها.. كوينتن تارانتينو يكشف عن -أف ...
- كلية الفنون الجميلة في دمشق تمنع الموديل العاري.. فهل سيؤثر ...
- رحيل الفنانة السورية إيمان الغوري.. وداعًا -خيرو-
- مراسم وداع في كييف لفنان أوكراني قُتل على الجبهة في زابوريجي ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله رحيل - الأمنيات التي بددتها القوارب