أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله رحيل - الملاحم اليونانية تناغم الإنسان بالطبيعة















المزيد.....

الملاحم اليونانية تناغم الإنسان بالطبيعة


عبدالله رحيل

الحوار المتمدن-العدد: 7274 - 2022 / 6 / 9 - 15:47
المحور: الادب والفن
    


الميثولوجيا الإغريقية، هي مجموعة الأساطير والخرافات، التي آمن بها اليونانيون القدامى، والمهتمة بآلهتهم، وبشخصياتهم الأسطورية الأخرى، وطبيعة العالم، وتعد أساسا لممارساتهم الدينية والطقوسية، وتتجسد الميثولوجيا اليونانية في مجموعة كبيرة من الروايات، وفي الفنون اليونانية المتنوعة، مثل الرسم على الفخار؛ فتحاول هذه الأساطير معرفة نشأة العالم، وتتبع حياة الآلهة.
لذلك تعد ملاحم الشاعر هوميروس من أقدم ما وجد من الشعر اليوناني، المتمثلة بالإلياذة، والأوديسة، والتي ترتكز على حصار طروادة؛ فظهرت هذه النماذج القديمة من الأدب اليوناني القديم، في بعض القطع الأثرية لبعض أبطال قصص الملاحم؛ ولهذا أثير جدل واسع في الأوساط الثقافية والتاريخية، ما إن هذه الملاحم حدثت بالفعل، وليس ملاحم أسطورية، فما أن يذكر الأدب اليوناني؛ حتى تبرز إلى الذهن ألوان ثلاثة ممتعة من الأدب، وهي: الأساطير، والملاحم، والتمثيليات، وقد شغلت الأساطير اليونان في المرحلة الابتدائية من تفكيرهم، ابتداء من القرن العاشر قبل الميلاد، أو ربما قبل ذلك.
وللأدب اليوناني طوابع خاصة، تكاد تكون سمة عليه في مختلف مراحله، أولها: أنه أدب إنساني، يعالج مشكلات الإنسان في تجربته الحياتية مع غيره من الناس، ومع آلهته، وثانيهما: أنه يتجه اتجاها نفسيا في محاولة ذكية؛ للكشف عن أسرار النفس البشرية، وخباياها، وثالثهما: أنه خصب الخيال، ويمتد بالدرجة الأولى على التشخيص الناجم عن تصور الأرواح في عناصر الطبيعة، ورابع هذه الأجزاء: أنه أدب متناسق الأجزاء، يعنى بالتناغم وبالانسجام في مجال الصنعة الفنية.
وتعد الملاحم هي السمة البارزة عند أدباء وفلاسفة اليونان، مؤرخين فيها أبرز ما دار من فكر وتاريخ، وربما مبادئ كانوا يعتقدون بها؛ لذلك تعد الملحمتين الإلياذة، والأوديسة، أقدم ملحمتين يونانيتين، وتنسبان إلى الشاعر هومر"هوميروس" في القرن التاسع قبل الميلاد، فتتكون الإلياذة من 15537 بيتا، وتقص جانبا من حرب طروادة، وتقول الحكاية: اختلفت الآلهات الثلاث ( هيرا أو جونو، آلهة الزواج) و( أفروديت، أو فينوس آلهة الحب) و( أثينا أو مينرفا، آلهة الذكاء) أيهن أجمل ؟ وقرر كبير الآلهة (جوبتر)، أن يكون (باريس) بن ( بريام) ملك طروادة الجليل، حكما بين الآلهات الثلاث، فحكم باريس لفينوس بتاج الجمال؛ وبذلك جرّ عليه نقمة منافستيهما، هيرا، وأثينا، وكافأته أفروديت بأن أوقعت الفاتنة هيلانة، زوجة ملك إسبارطة في غرامه، ودفعتها إلى الفرار معه إلى طروادة، ما أثار ثائرة ملك إسبارطة وملوك اليونان، وأبطالها فهبوا لمحو العار، وعلى رأسهم أغاممنون، أخو الملك، واتجهوا إلى طروادة، فتصدى لهم جيشها، وعلى رأسه هكتور، الأخ الأكبر لباريس، وانقسم الآلهة فيما بينهم، قسم مع اليونان، وقسم مع طروادة، وقسم بقي على الحياد( جوبتر وأبولوولبثت) واستمرت الحرب نحو تسع سنين، ثم حدث خلاف حول إحدى السبايا، بين إغاممنون وبين أخيل أحد الأبطال الأسطوريين اليونان، ومن هذا الخلاف تبدأ الإلياذة شرح ملابسات الخلاف، الذي ينتهي باعتزال أخيل للحرب، ويقول الشاعر هوميروس في وصف مشهد مبارزة بين الخصمين الأساسيين( باريس، وملك إسبارطة) وقد أُعلنت الهدنة بين الجيشين؛ حتى تتم المبارزة، وانقض الملك على باريس، وفي ذلك يصف الشاعر المشهد:
هزّ رمحه، ورماه، فاخترم به درع باريس
وكانت الضربة قوية، فأطاحت بالفارس
وتمزّقت عليه الدروع؛ لكنه اجتنب أن يذيقه المنون
واندفع إليه بعنف يهز الرمح
وإذا بالملكة التي يعشقها العاشقون
تبدو من جديد؛ لتنجد صاحبها من هذا اللقاء
وأنجزت ما أرادت في سر وإسراع
وفي غرفته استعادت له الطلاقة والنشاط
فيعود الجيشان إلى الالتحام، ويبلي هكتور، قائد الطرواديين، بلاء حسنا في القتال، وتشترك الآلهة في المعمعة، وتبدو إمارات الهزيمة على الجيش اليوناني، ويحاول الوسطاء استرضاء أخيل للعودة إلى الحرب، ولكن جهودهم تذهب هباء، وإذا بالآلهة جوبر تغري باروكلس، صديق أخيل، أن يخوض المعركة، ويقتل في ذلك؛ فتثور ثائرة أخيل، ويهب للقتال ويتعقب هيكتور، قاتل صديقه، وتعينه الآلهة (مينرفا)؛ فيقضي عليه، ويمثل بجثته تمثيلا فظيعا، ويجر جثته إلى معسكر اليونان، ويزحف إليه، بريام والد هكتور، مستعطفا، وبعد لأي تطيب نفسه، فيسلم جثة غريمه إلى الملك الشيخ؛ لتدفن في طروادة في احتفال مهيب، وهنا تنتهي الإلياذة.
وتروي الأوديسة في اثني عشر ألف بيت مغامرات يوليسيز، أوديسيوس، الذي رفض أن يعود مع الجيش اليوناني بعد تدمير طروادة، وآثر أن يشق طريقه بنفسه؛ فضَلَّ السبيل في عرض البحر، وقذفت به الأمواج من جزيرة لأخرى، وأخذ يضرب في البلدان مخاطرا ومغامرا، في حين كانت زوجته ( بنلوب، وابنه تلماكس) ينتظران على أحر من الجمر عودته إلى وطنه.
ويروي لنا الشاعر ما لقيه تلماكس من عنت مع خاطبي أمه، الطامعين بمالها وما لقيه من متاعب في رحلة البحث عن أبيه، الذي لم يسمع عنه شيئا، بعد انقضاء عشر سنوات على حرب طروادة، ويقص الشاعر كذلك مغامرات يوليسيز مع عروس البحر( كاليبو) وتدخل الآلهة؛ لإنقاذه، كما يكشف خدعة حصان طروادة، الذي تمكن اليونان بفضله من دخول المدينة المحصنة، ويظهر كذلك صبر" بنلوب" وإخلاصها ومماطلتها لخاطبيها؛ بحجة نسج رداء لأبي زوجها كانت تغزله في النهار، وتنكثه في الليل، وفي الأدويسة أيضا تفصيلات كثيرة، ومغامرات يوليسيز مع إله البحر، والعمالقة، وحكايته مع الساحرة "سيريس" وجولته في العالم السفلي، وأخيرا يعود يوليسيز إلى بيته، ويستقر به المقام بين أحضان "بنلوب" بعد معركة ومجزرة دامية مع أعدائه، وخدمة الذين تنكروا له.
وهكذا نرى أن الأساطير، والملاحم اليونانية تقوم على وصف مغامرات الأبطال، عبر ثأثير هذه الشخصيات في الآخرين، فهو لا يصف جمال هيلانة، لكنه يصف تأثير جمالها الساحر في شيوخ طروادة، حين رأوها أول مرة على أسوار المدينة، التي كان يتهددها الموت، وقد أصبح هذا المشهد البديع مثار وحي الشعراء الأوربيين فيما بعد، ويستخدم الشاعر هوميروس التشبيهات الطويلة المفصلة من أجل التأثير، والإمعان في تصوير جوانب العمل الملحمي، وحاول الشاعر أن يحتفظ بشيء من التوازن بين الإنسان والآلهة، حيث نجد في الملحمتين صورة للحياة اليونانية البدائية، فالملوك زعماء قبليون محليون، يتولون السلطات كلها، وتعتمد الملاحم كلها حول موضوعين، هما: الحرب والجدال، والعنصر الدرامي بارز فيها، وتنتهي نهاية مفجعة، وأحيانا تلتقي بعض الملاحم في عنصري المغامرة، والحياة، وتنتهي نهاية سعيدة وأيضا يظهر العنصر النسائي قويا فيها، حيث تلعب النساء دورا بارزا في كثير من الملاحم، وبذلك تكون للملاحم اليونانية تأثير قوي في أدب الرومان، وفي مطلع عصر النهضة، فقد تركت بصمتها على كثير من الإنتاج الشعري والروائي في العصر الحديث.



#عبدالله_رحيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ورقاء تغرد من نجد
- الجمال سيد الرؤية وسبر العقول
- الجنة والنار في رسالة الغفران
- سنابل الحصاد
- الربيع
- خلف نافذة صغيرة
- حديث السنابل
- ضحك البؤساء


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله رحيل - الملاحم اليونانية تناغم الإنسان بالطبيعة