أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد رياض اسماعيل - الانسان ومسيرة الحياة والزمان














المزيد.....

الانسان ومسيرة الحياة والزمان


محمد رياض اسماعيل
باحث

(Mohammed Reyadh Ismail Sabir)


الحوار المتمدن-العدد: 7582 - 2023 / 4 / 15 - 13:59
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


اعتقل جابر عبده مظلوم في قفص فيه أربعون ألف دهليز متسلسل، في كل دهليز فضاء واسع من الملذات وطيب المأكولات والبساتين، والامر لم يكن له ميسورا للتنعم بما لذ له الا في اول دهليزين، والباقي حدده السعي بكل الوسائل للحصول عليها. بقي السجان خارج ذلك القفص في فضاء رحب، ولم يخطئ للدخول مع مظلوم فيه، بل بقي خارجه في الفضاء.. من عجائب القفص ان كل شيء فيه يعمل بتردد فيزيائي عجيب، بإمكان جابر ان يغير من قيمة التردد متى شاء، وعلى مظلوم ان يفكك شفرته بالبحث وراء لغز تلك الأشياء التي بلغت تريليونات من الترددات، تحاكي السجان مع المسجون والمسجون مع نفسه. جابر يَعلمْ بكل الوسائل الشعورية واللاشعورية لمظلوم، ومظلوم لا يعلم الا بقليل من قدرة جابر. مضى مظلوم خلال الدهاليز واحدة تلو الأخرى، بدءا من دهليز الغابة التي فيها عجائب تساعده في المأكل ويجد فيها وسائل يوقيه من الاحياء والحيوانات والمسجونين من بني جلدته التي تحيط به في الغابة ثم ليصل الى ما طاب له منها بتلك الوسائل. تنافس مظلوم مع المسجونين للحصول الى ما يؤمن معيشته. ووصل دهليزا التقى بمسجونة جميلة، فكر في الاستقرار معها في كوخ بناه بالوسائل المتاحة له، وكان له ما أراد. وخلف منها ذرية، وسع دائرة اهتماماته إليهم. وبينما ينتقل من دهليز الى اخر، وجد القضبان الحديدية للقفص تتقدم معه وأصبح خلفه تماما يمنعه من العودة الى الدهليز السابق. بقي مستمرا في الانتقال، يساعده في ذلك أبنائه وذريته، وجد ابناءه وسائل جديدة للعيش والتكيف مع بيئة كل دهليز، وفي كل دهليز عظموا دور العقل وخفضوا من قيمة الايادي، كانت تجربة ناجعة لحياة الرغد. تنافس ذريته مع ذرية المساجين الاخرين مما استدعى من مظلوم ان يتفق على نظام يؤمن للجميع حياة أفضل وكسبا عادلا من الموارد التي أصبحت في نضوب مع كثرة عدد المساجين وسميت بعقد القفص. وكان لهذا النظام أثره الإيجابي في تقدم الوسائل ووفرة الإنتاج والتنافس الحر في هذا المنحى. وتقدم للدهليز التالي، ليجد نفسه خائر القوى، وغير قادر على التنافس وظهور سجين قوي اسمه جبار الذي اشتهر بقوة عضلاته وقدرته على مصارعة أشرس الحيوانات. توسع نفوذ جبار بين المساجين بعد ابتكاره لآلة المنجنيق المدمرة والسكاكين والسيوف، استغل جبار هذه الوسائل المبتكرة لبسط سلطته على انتاج الاخرين والاستحواذ على نسائهم. جاءت المساجين اليه بدعوته الى مراعاة نظام مظلوم في العدالة والالتزام بشروط عقد القفص الذي وضع سابقا. الا ان جبار رفض ذلك لكون ذلك العقد كان يفيد دهليزا لم يعد قائماً، فنشب صراع عنيف بين فئتين، فئة مظلوم وفئة جبار، وأدت الى معركة عنيفة بينهما، اضطر السجان جابر لإرسال تردد قوي اخرج مظلوم وجماعته وبعض أبنائه من القفص الى فضاء مجهول! بقي جبار وجماعته متسيدين الموقف وصاغوا نظاما جديدا يحترم القوة والقدرة، وأصبحت المساجين تجري وراء البقاء بعد طرد الفئة المعارضة من (نعيم) الدهاليز. وتوالى المسير في الدهاليز وزحف القفص الى الامام كلما تقدمت المسيرة. وظهر شاب قوي اخر اسمه منجد، ابتدع وسيلة اقوى من ذي قبل، واستقطب ما تبقى من جماعة مظلوم واخرين، وكان يدعم وسيلته بفلسفة البقاء في القفص وتجنب الطرد وسوق لهم امثلة استرشاديه من صراع الدهاليز الماضية، ونبذ الاستغلال الذي كان متبعا من جبار. ولما كانت المساجين تعيش حالة تتأرجح في الاستقرار في ظل نظام جبار وقلة مواردهم، اتبعوا منجدا ووقفوا معه صفا واحدا املاً في العدالة التي ينشدها منجد. أرسل جابر إشارة ترددية حفز بعض الاحياء المجهرية في الدهليز للفتك بالمساجين ونقلهم الى خارج القفص، وكان جبار أحد ضحايا هذه الاحياء. بقي المساجين فترة من السكون والجمود والاحتكام الى الضبط الشعوري للقدرة الغيبية التي حولت المساجين ركاما لا أثر لها. وجاء السجين رحيم بفلسفة تدعوا للتالف والرحمة وادعى بانه يملك مفاتيح تنجيهم من الدهاليز الى فضاء امن سعيد ونعيم أبدي يخلد الشخص المسجون، والتفتت جموع المساجين حوله، وبقوا في اشعال طقوس هذه الفلسفة في حياتهم. ضاقت الأحوال المعيشية في الدهليز فقرر المساجين السير الى الدهليز التالي جريا وراء وسائل توفر لهم عيشا هانئا في الحياة. ظهرت امرأة اسمها حرية، وأفادت بان سر بقاء الحياة هي المرأة، ولم تقلل من شأن الرجل في ذلك، ووضعت قوانين جديدة تطلق العنان للفكر لاختراع المزيد من الوسائل الإنتاجية التي توفر حياة أفضل. ولكي تحافظ على بقاء نهجها كان لابد من تطوير وسائل دفاعية فتاكة لمن يقف معارضا لها. دخل صراع اخر بين فئة جبار ومظلوم ومنجد اسفرت عن معارك ضارية، أرسل على إثرها جابر إشارات ترددية جديدة أخرجت الكثير من المتصارعين من القفص، بقيت حرية تصول وتجول في الدهليز وتتنعم بالحياة والمكاسب التي حصلت عليها، وبقي للآخرين المعاناة. وهكذا انتقل المساجين من دهليز الى اخر ليواجهوا أفكارا استغلالية جديدة تبقي على البعض وتطرد اخرين خارج القفص مع توالي الإشارات الترددية من جابر في كل دهليز. وتوالى الصراع على السلطة بين المساجين. وصلوا الى دهليز غريب تدور فيه النجوم والاقمار، فكر احفاد حرية في الخوض بمعترك هذه الشواهد، وأصبحوا يفكرون في استغلالها سلبيا للإبقاء على سلطتهم والموارد المتعاظمة لديهم، وأصبح فئة المساجين من سلالة مظلوم والاخرين، يقتادون على فضلات احفاد حرية، وينتظرون مبتهلين بالدعاء لإشارة ترددية تخرجهم من القفص. أصبحت الدهاليز القادمة في المسيرة تنقصها المروج الخضراء والمياه العذبة والهواء اللطيف ورائحة الزهور، والحياة فيها لا تتطلب مشاق وجهد عضلي، وأصبحت تحكمْ كل فئة نواميسها واعرافها المستمدة من الأجداد المطرودين من القفص، وأصبحت الثروة مركزة بأياد احفاد حرية يعبثون بالإشارات الترددية دون دراية، فأوقعت خسائر كبيرة على مسار الدهاليز القادمة. التفتت حشود الاحفاد للوراء جريا الى الدهليز السابق وجدوا قضبان الأقفاص تمنعهم من العودة، وبقيت في دهليزها تنتظر الإشارة الترددية الحاسمة من جابر ولازالوا ينتظرون...



#محمد_رياض_اسماعيل (هاشتاغ)       Mohammed_Reyadh_Ismail_Sabir#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تصرف الانسان اللا مدروس سينهي وجودنا على الارض
- مسيرة الحياة بكل سطوتها
- هذيان اللاوعي
- رحلة من الذاكرة
- حكم الشعب ام حكم النخبة؟ / الجزء الثاني
- مفهوم التوافقية سلاح في خاصرة السيادة العراقية
- تبا للمستحيل وعاش المجاهدون..
- تأملات في خوارزمية الوجود
- ضرورة اصلاح النظام القضائي ليعاصر زمننا
- نظرية المؤامرة باتت حقيقة في ظل الوقائع
- أزمة الكهرباء المستعصية في العراق
- حرية الفكر بحاجة الى تشريع
- متى تأتي اليقظة الفكرية
- التربية والتعليم / الجزء الثالث والاخير
- التربية والتعليم / الجزء الثاني
- التربية والتعليم في العراق/ الجزء الاول
- في الاقتصاد النفطي العراقي وتدهور العملة العراقية
- وضوح الرؤى والتقويم
- متى ستعود!
- أمريكا على عتبة قرار الحرب العالمية الثالثة


المزيد.....




- منظمة المطبخ المركزي العالمي تستأنف عملها في غزة بعد مقتل سب ...
- استمرار الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأميركية ...
- بلينكن ناقش محادثات السلام مع زعيمي أرمينيا وأذربيجان
- الجيش الأميركي -يشتبك- مع 5 طائرات مسيرة فوق البحر الأحمر
- ضرب الأميركيات ودعم الإيرانيات.. بايدن في نسختين وظهور نبوءة ...
- وفد من حماس إلى القاهرة وترقب لنتائج المحادثات بشأن صفقة الت ...
- السعودية.. مطار الملك خالد الدولي يصدر بيانا بشأن حادث طائرة ...
- سيجورنيه: تقدم في المباحثات لتخفيف التوتر بين -حزب الله- وإس ...
- أعاصير قوية تجتاح مناطق بالولايات المتحدة وتسفر عن مقتل خمسة ...
- الحرس الثوري يكشف عن مسيرة جديدة


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد رياض اسماعيل - الانسان ومسيرة الحياة والزمان