أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن الشامي - تأثيرات العولمة على المجتمعات النامية















المزيد.....

تأثيرات العولمة على المجتمعات النامية


حسن الشامي

الحوار المتمدن-العدد: 7579 - 2023 / 4 / 12 - 14:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن التقدم العلمي والتكنولوجي في العصر الحديث زاد بمعدلات لم تعرفها البشرية من قبل، وإذا كانت الدول المتقدمة هي التي صنعت هذا التقدم فهي التي تنعم بثماره، وعلى الدول النامية أن تحلق بهذا التقدم حتى لا تزيد الفجوة الحضارية.
ولهذا التطور العلمي جوانب ايجابية لا يمكن إن ننكرها أو نقلل من أهميتها، ولها جوانب سلبية كذلك.. ومن أهم مظاهر التغيير التي يواجهها العالم هو تأثير العولمة على مظاهر الحياة الاجتماعية سواء على مستوى الفرد أو المجتمع.. خاصة مع وجود أجهزة الاتصال الحديثة والانترنت والفضائيات المختلفة التي تمثل تحديا كبيرا على القيم والتنشئة الاجتماعية للشباب.
ونظرا لأهمية ظاهرة العولمة وما تمثله من تحديات كبيرة للأمن القومي لأغلبية دول العالم بصورة عامة وللأقطار العربية بصورة خاصة.. فمن المهم دراسة "العولمة وتأثيرها على القيم والتنشئة الاجتماعية للشباب"..
سمات ظاهرة العولمة وآثارها :
والعولمة ظاهرة أفرزتها ثورة الاتصالات وتقنية المعلومات في ظل النظام العالمي الجديد الأحادي القطبية والذي أتاح للولايات المتحدة السيطرة الكاملة والهيمنة على العالم في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية والثقافية.
كما أن العولمة تدعو إلى نشر النموذج الأمريكي ليشمل العالم كله وتعتبر العولمة الثقافية هي بداية لقبول العولمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، فالثقافة هي التي تهيئ الأذهان والعقول وتجعلها مستعدة لقبول هذه القيم والسلوكيات الجديدة.
وللعولمة الثقافية وسائلها ومضامينها، فوسائلها هي الأجهزة التكنولوجية والإلكترونية ووسائل الاتصال الحديثة، أما مضامينها ومحتواها هي البرامج الثقافية والأدبية والفنية، والآراء العقائدية والتصورات الأيديولوجية، ونمط الحياة والتقاليد الاجتماعية.
وتتضح ظاهرة العولمة في المجال الثقافي، في المدى الذي بلغته الثقافة الشعبية الأمريكية من الانتشار والسيطرة على أذواق الناس في العالم وأصبحت الموسيقى الأمريكية والبرامج التليفزيونية والمسلسلات والأفلام السينمائية الأمريكية، منتشرة في أرجاء العالم. كما انتشر النمط الأمريكي في الملابس والأطعمة السريعة Fast Food والمشروبات وغيرها من السلع الاستهلاكية علي نطاق عالمي واسع. وفضلاً عن ذلك صارت اللغة الإنجليزية لغة عالمية بل وانتشرت اللهجة الأمريكية.
وزاد تدفق الأفكار الثقافية باتجاه واحد من الغرب نحو الشرق، نظراً لعدم التكافؤ وللتفوق التكنولوجي والعلمي من جانب الغرب ومحاولة تشويه صورة الإسلام والمسلمين.. ولذلك يعتبر التأثير الثقافي للعولمة هو الأخطر.. حيث أظهرت مؤشرات العولمة أنها ترمي إلى إشاعة قيم ومبادئ ثقافة واحدة هي " الثقافة الأمريكية " وإحلالها بديلاً عن الثقافات الأخرى، وصولاً إلى التخلي عن القيم والمبادئ والثقافات الوطنية والقومية تحت عنوان "التطور واللحاق ببلدان العالم المتقدم".
الاختراق الثقافي الغربي :
وفي ظل هيمنة الولايات المتحدة على النظام العالمي فقد سعت إلى نشر القيم والسلوك الأمريكي ونمط الحياة الأمريكية في العالم كله، الأمر الذي يفتح باب الغزو أو الاختراق للشعوب وعقائدها وثقافتها وهويتها القومية والوطنية وبصفة خاصة الثقافة العربية الإسلامية.
وتهدف سياسة الاختراق أو الغزو الثقافي الغربي إلى تغيير القيم والعادات والتقاليد واستقطاب الأجيال الصاعدة وزعزعة الثقة ثم محو الهوية الثقافية الوطنية.
مظاهر الاختراق أو الغزو الثقافي الغربي :
أولاً : على الصعيد الاجتماعي والأخلاقي :
شيوع الثقافة الاستهلاكية من خلال إطلاق شهوات الاستهلاك إلي أقصي عنان، ومن ثم تشويه التقاليد والأعراف السائدة في المجتمع، من أمثلة ذلك انتشار المواقع الإلكترونية لشراء المنتجات.
وإشاعة ثقافة العنف التي من شأنها تنشئة أجيال كاملة تؤمن بالعنف كأسلوب للحياة مما يترتب عليه انتشار الجريمة.
وتعميق مفهوم الحرية الشخصية liberty في العلاقات الاجتماعية وخاصة علاقة الرجل بالمرأة.
وإطلاق العنان للشهوات.. والتشكيك في المعتقدات والقناعات الدينية لصالح الفكر المادي الغربي.
واختفاء القيم والأخلاق التي كانت تميز المجتمعات العربية والإسلامية وتلاشي قيم مثل التعاون والتراحم والوفاء والشهامة والترابط الأسري.
ثانياً : على الصعيد الإعلامي :
مشاركة وسائل الإعلام في تعميق الغزو الإعلامي الأجنبي للإعلام العربي.. وساعدت الفضائيات العربية على نشر النماذج الغربية عبر الفضائيات للأغاني المصورة أو ما يسمي "بالفيديو كليب" والتقليد لهذا المضمون.
وتوظيف السينما والتليفزيون لتشويه صورة العرب والمسلمين وذلك وتصوير الغربي بأنه في حالة من الرفاهية والنعيم وأنه في حالة من الحرية والرخاء وحرية القول والعمل، بينما يتم تصوير المسلم بأنه مكبوت ومضطهد ولا يستطيع أن يتكلم أو يتصرف بحرية.
ويتطلب مواجهة الغزو الإعلامي وضع خطة إعلامية تستند على التقليل من طوفان المادة الإعلامية الأجنبية في برامج الفضائيات العربية والتي لا ترتبط بقيم المجتمع وثقافته والعمل على تطوير المضامين الإعلامية بما يتواكب مع مستجدات العصر وبما يساعد على تعميق وعي الشباب العربي وتحصينه من الغزو الثقافي الخارجي.
ثالثاً : على الصعيد التعليمي :
فرض التوجهات الثقافية الغربية على المنظومة التعليمية في المنطقة العربية خاصة ما يتعلق منها بفرض المناهج التعليمية الغربية.
وفرض الثنائية اللغوية في التعليم العربي وسيطرة اللغات الأجنبية على المدارس الخاصة والجامعات.
وإهمال اللغة العربية في الكليات العملية وبالتحديد في الطب والصيدلة والهندسة، حيث يجري التدريس فيها باللغة الإنجليزية. علماً بأن اليابان قد رفضت بإصرار شديد أي تعديل في لغتها من جانب الأمريكيين عند توقيع معاهدة السلام عام 1950 م.
كما تقلص حجم مقررات التربية الدينية (الإسلامية والمسيحية) في المدارس والجامعات العربية.
وتنامي التعاون المشترك في مجال البحث العلمي والبحوث المشتركة..
رابعا : على الصعيد الثقافي :
وفي الجانب الثقافي، فإن الثقافة الجديدة تقوم بالغزو الفکري الذي يعني قهر الثقافة الأقوى للثقافة الأضعف.
وأدت العولمة إلي غياب الضوابط والقواعد الحاکمة للسلوك، وظهور القوي الطاغية، والاستغلال والانتهازية، والقهر والبلطجة.
والعولمة يمکن أن تؤدي إلي صراع بين المحافظة علي التراث والجذور الثقافية المحلية، والتحول نحو العالمية في الوقت ذاته، وقد تسبب في تهميش بعض مجتمعات العالم.
خاتمة :
تسببت العولمة في إحداث صراع بين الدول الغنية ذات القدرة على الانتشار يه بإمكانياتها المختلفة معلوماتياً، والدول الفقيرة معلوماتياً.
وأدت العولمة إلي محو هوية الشخصية الوطنية المحلية، وسحق الثقافة والحضارة الوطنية، والسيطرة علي الموارد المحلية وفرض الوصاية الأجنبية والإذلال.
وفي الجانب الاجتماعي أثرت العولمة على الدول الفقيرة أو النامية وتقليص برامج الرعاية الاجتماعية مما ينجم عنه تخلخل النسيج الاجتماعي.
وفرضت العولمة تحدياً أمام المجتمعات من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والعمل علي تحطيم خصوصيات كثير من الدول وبخاصة الدول العربية والإسلامية.
وأدى الانفتاح الاقتصادي، ورفع القيود علي التجارة إلي زيادة العجز في الميزان التجاري، وزيادة الاستيراد وسياسات الاستهلاك والترويج للمنتجات غير الوطنية، وتحطيم اقتصاديات الدول الصغيرة من خلال المنافسة في السوق، حيث لا تستطيع تلك الدول الصمود أمام المؤسسات العملاقة.
كما سيطرة مفاهيم وثقافة القوي، حيث يفرض نفسه علي الضعيف بقوة السلاح وبالإعلام وبالمساعدات وبالقروض، وبالمعونات المشروطة.
وإلغاء دور الدولة الاقتصادي والفعال في كثير من النشاطات الاقتصادية کالاستثمار في رأس المال الاجتماعي، والمشاريع التي تحتاج إلي رأس مال ضخم، بما يزيد من التخلف الاقتصادي والاجتماعي، وتدني مستوي المعيشة ونقص التأمينات الصحية والاجتماعية، حيث تسعى العولمة من خلال مؤسساتها العالمية علي التدخل في شؤون الدول الاقتصادية، وبخاصة مع تطبيق ما يسمى بالخصخصة، ومن خلال برامج صندوق النقد الدولي وعدم الاعتداد بخصوصيات کل دولة.
ومحاصرة اللغات المجلية خاصة اللغة العربية في المدارس والجامعات مقابل زحف اللغات الأجنبية خاصة اللغة الإنجليزية.
إن السلبيات والهزات الاجتماعية والنفسية والاقتصادية.التي تحدث في مجتمعاتنا سوف تزداد حدتها في المستقبل.. وتعتبر الخصخصة وما أدت إليه من تشريد لمئات الآلاف من العمال أهم أثر العولمة الرأسمالية.
إن هذه العولمة الکوکبية هي نتاج متغيرات متلاحقة تکرست بانتهاء الحرب الباردة. وتبعتها مرحلة جديدة، يسميها البعض"مرحلة ما بعد الإمبريالية" ويسميها البعض الآخر مرحلة "ما بعد التنمية" ويتفق الجميع علي إنها الوليد الشرعي للشرکات متعددة الجنسية، والشراكات مع الغرب التي استطاعت السيطرة علي معظم أجزاء الکوکب اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً وثقافيا.
وفي ظل العولمة يختفي دور المصمم أو المبدع ليحل محله مروج السلعة وبائعها، تلك السلع التي تنتجها الشرکات متعددة القوميات وفق نظام الإنتاج عن بعد، والتي تلعب فيها وسائل الإعلام الدور المحوري في تشکيل طموحات المستهلکين لهذه الثقافة المعولمة.



#حسن_الشامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أهمية المشاركة السياسية ودورها في المجتمع
- تفعيل المشاركة المجتمعية للشباب
- كيف تصبح الانتخابات آلية التداول السلمي للسلطة في مصر ؟
- أيهما أولا الإصلاح الاقتصادي أم الإصلاح السياسي؟
- صلاحيات الرئيس تعوق الإصلاح السياسي !!
- إشكاليات التعليم والديمقراطية في مصر
- لماذا التوعية الجذرية بالديمقراطية للمواطنين ؟
- المجتمع المدني والتحول الديمقراطي في العالم العربي
- حوارات المجتمع المدني حول الدولة المدنية وتفعيل المواطنة الك ...
- تأثير الذكاء الاصطناعي على حياة البشر
- أزمة الليبرالية الجديدة والاحتجاجات في الغرب
- دور منظمة الأمم المتحدة وهيئاتها العاملة
- لماذا تصاعد الاهتمام المحلي والعالمي بقضية الديمقراطية ؟
- المقومات الأساسية للمجتمع الديمقراطي
- لماذا الاهتمام بالديمقراطية ؟
- التحديات التي تقف في مواجهة إنجاز التحول الديمقراطي
- أهمية المشاركة السياسية ودور الشباب
- كيف يؤثر الذكاء الاصطناعي على حياتنا اليومية
- الهوية الوطنية وآليات تعزيزها
- الذكاء الاصطناعي ومستقبل العالم العربي ما بعد كورونا


المزيد.....




- هدده بأنه سيفعل بأخته ما فعل به لإسكاته.. رجل يتهم قسيسًا با ...
- مصر تفتتح أكبر مراكز بيانات -مؤمنة- في تاريخها تحتوي على كل ...
- يوتيوبر أمريكي ينجو من الموت بأعجوبة (فيديو)
- السعودية.. جدار غباري يجتاح وادي الدواسر وزوبعة ضخمة تظهر ش ...
- بوريل: لسنا مستعدين للموت من أجل دونباس
- السيسي للمصريين: علموا أولادكم البرمجة بدلا من كليات الآداب ...
- محمد صلاح.. يلمح إلى -خطورة- الأسباب وراء المشاجرة الحادة بي ...
- الزي الوطني السعودي.. الحكومة توجه موظفي الحكومة بارتدائه اع ...
- الشرطة الليبية.. ردود فعل واسعة بعد تدافع رجال أمن خلف شاحنة ...
- حمزة يوسف أول رئيس وزراء مسلم لاسكتلندا يستقيل قبل تصويت مقر ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن الشامي - تأثيرات العولمة على المجتمعات النامية