أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - رشيد غويلب - بعد عشرين عاما.. العراق من الدكتاتورية والاحتلال إلى الدولة الفاشلة















المزيد.....

بعد عشرين عاما.. العراق من الدكتاتورية والاحتلال إلى الدولة الفاشلة


رشيد غويلب

الحوار المتمدن-العدد: 7574 - 2023 / 4 / 7 - 14:21
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


في عصر العشرين من آذار 2003، كنت في إحدى قاعات الجامعة التكنولوجية ببرلين، أشارك في حوار عن الحرب، ممثلا لحزبنا الشيوعي العراقي إلى جانب ممثلين عن الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني وسيدة كردية مستقلة. أوقف مدير الندوة، أحد العاملين في منظمة “وادي” الألمانية غير الحكومية، الحوار ليعلن للحضور أن طائرات الأمريكية بدأت بقصف العراق، “لتحريره” من الدكتاتورية، استكمالا للقصف الذي بدأ في الساعة الرابعة من صباح اليوم نفسه من حاملات الطائرات الامريكية، لذلك يذهب بعض الكتاب إلى أن الحرب بدأت في 19 اذار.

كنت الوحيد على المنصة الذي رفض الحرب والدكتاتورية، عملا بشعار الحزب والقوى الديمقراطية العراقية: “لا للحرب لا للدكتاتورية”. بعد إعلان الخبر استبشر الزملاء “خيرا” وشددوا على أن إدانة الحرب يعني استمرار الدكتاتورية، في حين كنا نحذر من الدمار والخراب التي ستجلبه الحرب لبلد أثقله الاستبداد وتوالي الحروب والحصار المستمر حينها، وأن اسقاط الدكتاتورية لا يعني بالضرورة بناء عراق ديمقراطي.

طبيعة النظام
ما عاشه العراقيون من أشكال جديدة للإرهاب، وتعميق للخراب بعد سقوط الدكتاتورية، جعل أوساطا ليست قليلة تجري مقارنات خاطئة بين السيء المعاش، والأسوأ الذي أرسي، بقدر تعلق الأمر بالعامل الداخلي، أرضية سلطة خلفه.

هذه المناقشات تصادفك أين ما حللت في شوارع بغداد وبقية مدن العراق، ومن أجل تسليط الضوء على طبيعة الدكتاتورية المنهارة، أجد من الضرورة مقاومة النسيان والتذكير بطبيعة النظام. جاء في التقرير السياسي للمؤتمر الثامن للحزب الشيوعي العراقي المنعقد في أيام 10-13 آجار 2007 بشأن طبيعة النظام ما يلي: “ دكتاتورية فردية استبدادية مطلقة ذات طبيعة شوفينية، تعتمد أساليب فاشية وممارسات طائفية في الحكم، وتتسم بنزعة عدوانية توسعية إزاء الأشقاء والجيران “ كما كانت “ تعبر عن مصالح البرجوازية الطفيلية أساسا”.

ومن الضروري أيضا، التأكيد على أن جرائم النظام وممارساته القمعية، لا تنحصر في شخص الدكتاتور، وسنوات حكمه المباشر للعراق، وإنما تكمن جذورها في طبيعة حزبه الفكرية والسياسية والثقافية وممارساته العدوانية، في السنوات التي سبقت وصول صدام حسين للسلطة، واستمرت بعد سقوط الدكتاتورية.

عمليا يمكن الإشارة إلى محطات القمع التي بدأت مع الوصول البعث الثاني للسلطة، حيث استمر ت مطاردة الشيوعيين، بالتوازي مع شن حملة على المنافسين للبعث الحاكم في التيار القومي، مثل جناح البعث الموالي لسوريا، وحركة الاشتراكية العربية، وجماعات وشخصيات محسوبة على حركة القوميين العرب.

وعلى الرغم من توقيع بيان 11 اذار 1970، عاد البعث ليشن حربا على الحركة الكردية عام 1974، لأنه أراد حكما ذاتيا لكردستان، وفق مقاسته. واستكمل النظام عدوانيته ضد الشعب الكردي، بحملات التهجير الواسعة، والحرب الكيماوية، وتدمير الحياة والطبيعة في ريف ومدن كردستان، وتظل مأساة حلبجة شاهدا تاريخيا على انحطاطه. ولا ينبغي أن ننسى عمليات التهجير القذرة لآلاف من العراقيين، بحجة التبعية الإيرانية والتي جرت على مراحل، وأصبحت واسعة النطاق في إطار التحضير لشن الحرب على إيران.

وكان للنذالة التي نفذ بها النظام هجومه على الحزب الشيوعي العراقي وجمهرة من الديمقراطيين العراقيين في نهاية السبعينات، تأثيرات سياسية وثقافية عميقة، وشكلت هذه الحملة مدخلا لتكريس الدكتاتورية، بملامح فاشية، والتورط في الحروب المتوالية، وما ارتبط بها من حصار قاس بعد غزو النظام للجارة الكويت، ترك تغيرات اجتماعية ونفسية عميقة، لا زالت تتفاعل وسترافق الانسان العراقي لسنوات، وربما لعقود مقبلة. ولعل قصف المدن العراقية والمزارات الدينية ودور العبادة أثناء قمع انتفاضة آذار البطلة في عام 1991، مؤشرا آخر على دونية هذا النظام، ناهيك عن تبديد ثروات العراق الطائلة على مغامرات النظام وحروبه العبثية، وشراء ذمم المريدين والعملاء والمادحين.

باختصار شديد لقد دمر النظام وحروبه البنى التحتية التي يحتاجها أي بديل مدني ديمقراطي، وخلق أرضية صالحة لنشوء دولة المحاصصة الطائفية – الاثنية والفساد، التي تقوم على عاملين أساسيين، ترسيخ التعصب الطائفي والقومي والمناطقي، وإدامة التخلف، وقطع الطريق أمام أية محاولة لبناء دولة مؤسسات وطنية ديمقراطية. فهل يمكن لمن ساهم بشكل رئيسي في إرساء النظام القائم أن يكون أفضل منه؟ وأخيرا كانت حماقات النظام وعدوانيته، عاملا مساعدا لا غنى عنه في تنفيذ المشروع الأمريكي في إرساء نظام الطوائف والمكونات.

قوى اليسار العالمي والحرب
بعد عشرين عاما تابعت، بعض مما نشرته منابر إعلامية يسارية أوربية بهذه المناسبة، في وقت تستمر به حرب أخرى ولكن هذه المرة في أوربا، ولم يعد خطر الحرب بعيدا، بل أصبح يقرع أبواب لندن وباريس وبرلين ويهدد العالم بحرب نووية.

سوف لن أتناول مواقف ذلك اليسار الذي يعاني من جمود فكري، والذي ينطلق من شعارات جاهزة، مثل “عدو عدوي صديقي”، ويعتمد نظرية المؤامرة، ليدين الإمبريالية، ويمجد خصومها المفترضين، على أساس رؤية أحادية الجانب، تهمل معاناة الملايين من الضحايا والمشردين، وتركز على رغبات وأماني تعكس لحظة عجز أمام الصعوبات في سياق الصراع مع الامبريالية العالمية، وامتداداتها المحلية.

تشدد منابر إعلامية يسارية، وهي محقة فيما ذهبت اليه، على أن الولايات المتحدة وبريطانيا هاجمتا العراق بدون تفويض من الأمم المتحدة. وأن الملايين الذين شاركوا في أكبر حركة سلام عالمية في التاريخ تظاهروا لمنع الحرب، أو حتى إيقافها فورا. لقد كانت الحصيلة مروعة: 1.5 مليون قتيل، دولة حديثة دمرت خلال عشرين عامًا، ملايين اللاجئين والفوضى في جميع أنحاء المنطقة. ولا عقوبات دولية ضد المعتدي.

وجرى التذكير، أنه في 19 آذار 2003، أعلن الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش رسمياً، أنه أعطى الأوامر بمهاجمة العراق، وأن ذلك يجري: “لنزع سلاح العراق وتحرير شعبه وحماية العالم من خطر كبير”. لكن الواقع المعاش في العراق وفي جميع البلدان التي طالتها الحروب الامريكية، يؤشر كذب ادعاءات المحتلين، وأن الحرب، وأن أسقطت الدكتاتورية غير مأسوف عليها، إلا أنها خلفت دولة فاشلة، وحققت هدف المحتلين، بين أهداف أخرى، تفكيك الدولة، في إطار مشروع شمل بلدانا أخرى غير العراق.

ضم التحالف الأمريكي أكثر من 35 دولة، كان هدفهم استبدال النظام الدكتاتوري المعزول جماهيريا بنظام آخر لا يتعارض مع أولوياتهم. على الرغم من المعارضة الرسمية لمجموعة من الدول الأوربية بينها فرنسا وألمانيا وبلجيكا.

ولتحقيق أهداف الحرب المعلنة والمخفية، تم حشد موارد عسكرية هائلة. لقد قامت الطائرات المقاتلة بـ 41 ألف طلعة جوية وألقت 27 ألف قنبلة. وشارك في العمليات الحربية 200 ألف جندي.

وأعادت المساهمات إلى الذاكرة مجموعة من الأكاذيب التي بررت بواسطتها الولايات المتحدة وحلفاؤها الحرب واحتلال العراق ومنها: امتلاك النظام الدكتاتوري أسلحة دمار شامل، وعلاقات وثيقة بين النظام وتنظيم القاعدة الإرهابي، وتحميل نظام صدام حسين مسؤولية أحداث 11 أيلول في نيويورك وواشنطن.

بعد الحرب اتضح عدم وجود أسلحة دمار شامل في العراق. في 31 اذار 2005، خلصت لجنة تحقيق أمريكية مستقلة إلى أن وكالات المخابرات كانت مخطئة بشأن وجود أسلحة دمار شامل في العراق. وكانت تصريحات كولن باول أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن هذه المسألة خاطئة. واعترف باول نفسه لاحقًا بأن معلوماته كانت خاطئة وأن الولايات المتحدة ليس لديها أسباب وجيهة لخوض الحرب.

وعلى الرغم من استقدام صدام لمجاميع من العرب الأفغان، في سياق توظيف الكراهية الطائفية للدفاع عن نظامه المتهاوي، بعد أن عجز حزبه وأجهزته الأمنية ومليشيا الجيش الشعبي وجيش القدس، في تنفيذ المهمة، إلا أن تقارير عالمية كذبت الادعاء الأمريكي بشأن الصلات المزعومة بين نظام صدام حسين والقاعدة. تقرير لمجلس الشيوخ الأمريكي صدر في 8 سبتمبر 2006 يدحض هذه المزاعم. وأعلن كوفي أنان، الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك، وهانس بليكس، رئيس عمليات التفتيش على الأسلحة التي نظمتها الأمم المتحدة في العراق قبل وقت قصير من الغزو، أن غزو العراق كان غير قانوني بموجب القانون الدولي. وقال هانز بليكس لشبكة سي إن إن هذه الحرب كانت “خطأ فادحا”. “كان الهدف هو القضاء على القاعدة في العراق، لكن هذه المجموعة الإرهابية لم يكن لها وجود في البلاد قبل الغزو. كان الهدف هو جعل العراق دولة ديمقراطية، لكن الاستبداد استبدل بفوضى بقيادة الولايات المتحدة” وكان الهدف هو كسب العراق حليفا ضد إيران وبدلا من ذلك وجدت إيران حليفا لها في بغداد “.

وليس من المستغرب أن يدعي رئيس الوزراء البريطاني توني بلير، قبيل الذكرى السنوية وبعد إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف ضد الرئيس الروسي، أن حرب العراق لا يمكن مقارنتها بحرب أوكرانيا. وبالكاد يستطيع تفسير خرق القانون الدولي، وتدمير العراق، ومقتل مليون شخص على الأقل وجرائم الحرب الأكثر وحشية مثل التعذيب واستخدام ذخيرة اليورانيوم وحصار مدن بأكملها.

وعلى الرغم من إشارة بعض المساهمات لطبيعة النظام الاستبدادية، خلت مساهمات كثيرة من الإشارة إلى ذلك، ربما لأن الأمر بالنسبة لهذه المنابر، لم يعد مهما، فضلا أن تناول هكذا أحداث يخضع لزوايا التناول، التي تختلف بالضرورة بين ما هو وطني (محلي)، والآخر الأممي.

الاحتجاجات الأكبر في التاريخ
تظاهرات حركة السلام العالمية المناهضة للحرب، التي سبقت الحرب واستمرت بعدها، وصفت بأنها الأكبر في التاريخ، وكانت أشهر الشعارات المرفوعة: “أوقفوا الحرب فورا”، “لا للحرب من أجل النفط”، و “لا دماء من أجل النفط”. وغاب عن الاستذكار واحد من أهم شعارات القوى الديمقراطية العراقية: “لا للحرب لا للدكتاتورية”، الذي تلقى الدعم حينها من قوى ومجموعات يسارية وتقدمية وإنسانية.

لقد كانت الدعوة لمنع الحرب، وايقافها فورا واسعة جدا: في إسبانيا، ألمانيا، بريطانيا، فرنسا، هولندا، بلجيكا، نيوزيلندا، روسيا، كندا، باكستان، سوريا، ليبيا، لبنان، تونس، اليابان، هونغ كونغ وغيرها الكثير. في الولايات المتحدة الأمريكية كان الرفض لخطط الحرب حاضرا. في كانون الثاني 2003، تظاهر قرابة 200 ألف في واشنطن. ونظمت فعاليات في مدن أمريكية أخرى.

وبلغت الاحتجاجات ذروتها في 15 شباط 2003. في ذلك اليوم، تظاهر 30 مليون في قرابة 800 مدينة حول العالم.

ووفقًا لموسوعة غينيس للأرقام القياسية، كانت أكبر تظاهرة في تاريخ البشرية. لقد نظمت تظاهرات في أكثر من 150 مدينة مختلفة في الولايات المتحدة. وكانت تظاهرة نيويورك هي الأكبر حيث شارك فيها نصف مليون. وتظاهر حوالي 3 ملايين في روما، و2 مليون في لندن وأكثر من 5 ملايين في خمس مدن إسبانية كبرى، وفي المانيا عمت التظاهرات الكثير من المدن الألمانية، كان اكبرها في برلين حيث شارك نصف مليون في رفض الحرب والدعوة للسلام، وفي العاصمة البلجيكية بروكسل شارك 10 آلاف.

احتجاجاتنا المنسية
خلت المساهمات التي استذكرت الحرب، التي تابعتها، من أية إشارة للمشاركات العراقية في الحركة المناهضة للحرب، ولهذا من الضروري تناول هذا النسيان بشيء من الاختصار.

طيلة عقود النضال ضد الدكتاتورية المنهارة لعبت قوى المعارضة العراقية كل وفق منهجه دورا مهما في التعريف بمحنة الشعب العراقي وقضاياه المحورية، وفضحت طبيعة النظام العدوانية وجرائمه بحق بنات وأبناء شعبنا.

وكان للشيوعيين والديمقراطيين العراقيين دور مؤثر وبارز في الاحتجاجات المناهضة للحرب، منذ اندلاع الحرب العراقية – الإيرانية، وحتى الغزو الأمريكي الأخير. وفي أغلب بلدان تواجدهم، ووفق الإمكانيات المتاحة لهم، وكانوا مصدرا مهما لأوساط واسعة من الراي العام في هذه البلدان، بشأن التعريف بما يدور في العراق حينها، وخلفيات موقفهم المترابط في رفض الحرب، والمطالبة بتضامن عالمي مع تضال الشعب العراقي وقواه الوطنية لأسقاط الدكتاتورية.

وفي سياق الحركة الاحتجاجية التي عمت العالم قبيل الحرب واستمرت بعد نهايتها، كانت هذه المشاركة نوعية، ومتعددة الاشكال وميدان لصراعات مع أطراف مختلفة.

مع استثناءات محدودة، كنا الطرف الوحيد الذي رفض الحرب، في حين راهنت اغلب تيارات وأحزاب المعارضة على الحرب كوسيلة لأسقاط النظام، بالإضافة إلى العلاقات الواسعة التي نسجناها مع قوى السلام والتقدم وحقوق الانسان، طيلة عقود معارضة الدكتاتورية، لذلك كان أغلب المتحدثين العراقيين في التجمعات والتظاهرات ومئات الندوات التي شهدتها مدن العالم المختلفة، وفي الكثير من الحوارات التلفزيونية، من الشيوعين والديمقراطيين العراقيين، وبالإضافة إلى حضور عدد لا يحصى من الاجتماعات التحضيرية وورشات العمل، وتحديد الشعارات التي تلامس هموم الانسان العراقي وتعكس تطلعاته، والتي أثبتت الحياة صحتها وطابعها الوطني والإنساني، مقابل الدمار الذي خلفته الحرب ودعاتها وانصارها، تحقيقا لأهداف سلطوية ضيقة، تختزنها ذهنية شعبوية غير مسؤولة.

وخضنا صراعات مباشرة مع سفارات النظام ومنظماته المخابراتية، كجمعيات المغتربين العراقيين، أنصاره من الجاليات العربية، والمنظمات المحلية التي كان بعضها يتلقى تمويلا غير مباشر من النظام. إلى جانب صراع فكري وسياسي مع بعض من قوى والسلام والتقدم التي كانت تركز على رفض الحرب، وترى في المطالبة بأسقاط النظام إضعافا للمطلب الأول، وكذلك مع الذين يدافعون عن شرعية النظام، ويرون فيه واهمين نظاما تقدميا معاديا للإمبريالية. والصراع المتعب كان مع مجموعات من تنظيمات المعارضة، التي ذهبت بعيدا في موقفها وتبنت الدفاع المباشر عن الحرب الامريكية، باعتبارها حربا من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان، وناصبت هذه المجاميع حركة السلام العالمية العداء، متهمة إياها الدفاع عن الدكتاتورية الحاكمة.

الحزب الشيوعي العراقي والحرب
منذ انتقال الحزب للمعارضة في العام 1979، كان الحزب يشدد على أن مهمة تغيير النظام تعود لشعب العراق وقواه الوطنية، وهو موقف جاء استمرارا لمسيرة الحزب الوطنية، وعمل الحزب على تجميع قوى المعارضة على برنامج الحد الأدنى الوطني الديمقراطي، وقدم على هذا الطريق تضحيات غالية. ومنذ اندلاع الحرب العراقية – الإيرانية والحروب التي تلتها رفض الحزب هذه الحروب، ودعا إلى إيقافها فورا، وفعل الشيء نفسه مع الحصار الجائر الذي فرضته الولايات على العراق، مشددا على أن الحصار ينهك الشعب، فيما يظل النظام في منأى من تأثيراته، وقد أكدت الحياة صحة ودقة هذه المواقف. ولمن يريد الاطلاع على المزيد بإمكانه مراجعة وثائق مؤتمرات الحزب وكل ما صدر عن الحزب قبل وبعد انهيار النظام الدكتاتوري.

وطرح الحزب وطور باستمرار بديله الوطني الديمقراطي، وتحمل على هذا الطريق ضغوطا متعددة من الشركاء في المعارضة الوطنية، الذين كانوا يريدون إسقاط النظام بأي ثمن، ويوهمون النفس بأن العامل الخارجي كفيل بإحلال بديل ديمقراطي، ولم يتحقق هذا الوهم حتى بعد مرور عشرين عاما على احتلال البلاد وإسقاط الدكتاتورية.

واليوم يتبنى الحزب شعار التغيير الشامل بعد أن وصل إلى قناعة بان الدولة الفاشلة السائدة اليوم في العراق، غير قابلة للإصلاح، وأن الضغط الجماهيري والحركة الشعبية والاحتجاجات بمختلف أشكالها تمثل واحدا من أهم الأسلحة على هذا الطريق.

عراق اليوم
“أنجزت المهمة” هو ما أعلنه الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش في الأول من آيار 2003 على حاملة الطائرات يو إس إس أبراهام لينكولن. لكن اليوم، بعد عشرين عاما من بدء الحرب الأمريكية على العراق، لم يتم تحقيق أي شيء، ولم يتم حل أي شيء. أطيح بالنظام الدكتاتوري، لكن الهدف المتمثل في إقامة نظام حكم ديمقراطي في العراق، وتحديث البلد ومجتمعه، وضمان الأمن والازدهار الدائمين، فشل فشلاً ذريعًا.

عشرون عاما كانت بالنسبة للعراقيين تحمل عناوين كثيرة، بعيدا عن البناء والاستقرار والسلام واحترام حقوق الانسان، ودولة ذات سيادة حقيقية. ومنظومة عسكرية وأمنية متعددة المراكز والاولويات والولاءات. دولة ركنت فيها الكتل المتنفذة الدستور جانبا، وابتدعت أعرافا لتأبيد نظام المحاصصة. لقد قدم العراقيون ضحايا استثنائية في مواجهة الإرهاب والكره الطائفي، والخسائر التي سببها الفساد وسلوكية المافيات التي تدار بها الدولة. وضاعت موازنات فلكية والبلاد بلا كهرباء ولا نظام صحي وتعليمي، ولا اقتصاد منتج، ولا حلول ملموسة للبطالة. وبدلا من ذلك عشنا ظواهر لم يعرفها العراق في أي زمان منها الفضائيون، وسيادة التبريرات التي تشرعن سرقة المال العام، ويمكن أن نشير إلى المزيد والمزيد، ولكننا لا زلنا نعيش هذه التفاصيل المحزنة، والتي ينبغي ان تتحول إلى حافز لتعبئة القوى الخيرة للوصول إلى التغيير الحقيقي والشامل.



#رشيد_غويلب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عنصرية منهجية ضد المهاجرين في المانيا*
- طبيعة الحركة الاجتماعية التحررية المضادة للرأسمالية
- تحالف اليسار يدعم مرشح المعارضة المشترك في تركيا
- في الذكرى العشرين للغزو الأمريكي والبريطاني للعراق / دور الم ...
- الشيوعي الفرنسي يدعو لاستفتاء عام وحكومة بديلة
- خطوات لتأسيس أممية نسوية في أمريكا اللاتينية
- قوى اليسار والنقابات العُمّالية: لا سلام مع ماكرون
- منذ عزل الرئيس المنتخب ديمقراطيا / صراع مفتوح بين الحرية وال ...
- مساعدات شحيحة لضحايا الحرب / عوائل يمنية تقاضي شركات سلاح أم ...
- قوى السلام والحرب في أوكرانيا
- لمطالبة بانصاف ضحايا انقلاب شباط الاسود مشروعة / الدولة مسؤو ...
- حزب اليسار الألماني نموذجا.. ما العمل في أوقات الحرب؟
- اليمين المتطرف خطر داهم على الديمقراطية
- حضور غير منظور لليمين المتطرف / عشرات الآلاف يتظاهرون من أجل ...
- مؤتمر ميونخ للأمن والنظام العالمي القديم
- البرازيل والصين صوتان للسلام / مؤتمر ميونخ للأمن.. عسكرة وكر ...
- الزلزال األكثر دموية منذ مائة عام على جانبي الحدود التركية ا ...
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
- هبوط الخط البياني لشعبية الرئيس الامريكي
- سلام عادل القائد الذي رأى


المزيد.....




- -حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار .. ...
- اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
- مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
- 4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
- سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا ...
- ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟
- السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية تسوق للحج التجاري با ...
- اسبانيا تعلن إرسال صواريخ باتريوت إلى كييف ومركبات مدرعة ودب ...
- السعودية.. إغلاق مطعم شهير في الرياض بعد تسمم 15 شخصا (فيديو ...
- حادث جديد يضرب طائرة من طراز -بوينغ- أثناء تحليقها في السماء ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - رشيد غويلب - بعد عشرين عاما.. العراق من الدكتاتورية والاحتلال إلى الدولة الفاشلة