أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - رشيد غويلب - سلام عادل القائد الذي رأى















المزيد.....

سلام عادل القائد الذي رأى


رشيد غويلب

الحوار المتمدن-العدد: 7520 - 2023 / 2 / 12 - 00:11
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


في الذكرى الستين لانقلاب 8 شباط الأسود، يتجدد النقاش وتتباين الآراء بشأن ثورة 14 تموز المجيدة، باعتبارها محطة تاريخية هامة طبعت الحاضر العراقي منذ انتصارها، وسترافق الصراع والنقاش بشأن مستقبل العراق المرجو، فمنذ اغتيال الثورة في الثامن من شباط 1963 دخل العراق دهاليز مظلمة لا زالت تتواصل إلى يومنا هذا. وإذا كان الحديث عن الانقلاب لا يمكن أن يتجاوز جرائم الانقلابيين البشعة وغير المسبوقة في حينه، فإن الحديث عن مقاومة الانقلاب الباسلة والتضحيات الاستثنائية التي قدمت فيها، لا يمكن ان تكتمل، دون الحديث عن رمزها وقائدها الشهيد سلام عادل، الذي ستمر بعد أيام قليلة الذكرى الستين لاستشهاده البطولي في أقبية قصر النهاية، على أيدي انقلابيي 8 شباط وجلاديه.

وفي هذه المناسبة يتجدد الحديث عن هذا الرمز الوطني والقائد الثوري الفذ، وجرى ويجري تنظيم العديد من الفعاليات ونشر الكثير من المساهمات ووجهات النظر التي تتناول سيرته وانجازاته، وظروف اعتقاله واستشهاده. وفي هذا السياق يتجدد النقاش، ضمن أمور أخرى عن رؤيته الفكرية وأدائه السياسي، وعلى الرغم من اعتباره زعيما وطنيا ورمزا عراقيا، يتجاوز تأثيره حدود الحزب الشيوعي العراقي ومعسكر اليسار، يشار إلى “ تطرفه” وعدم قدرته على رؤية حجم تأثير الدعم الإقليمي الذي تمتع به البعثيون وقوى معسكر الانقلاب. فهل كان سلام عادل متطرفا؟

واسهاما مني في استذكار شهداء الشعب والوطن من شيوعيين ووطنيين عراقيين، سأطرح وجهة نظر متواضعة، في سعي للرد على السؤال المذكور.

أعتقد أن قراءة موضوعية لسيرة الشهيد النضالية منذ ارتباطه بالحزب حتى لحظة استشهاده، تشير إلى تمتعه بذهنية واقعية وانفتاح غير مسبوق، وحرصه على توسيع المشاركة، وعدم اقصاء الشركاء، وروح نضالية، والتزام وتواضع شديدين، ومبدئية عالية في التعامل مع الأحداث والرفاق المحيطين به، ربما كانت الأخيرة وراء التقديرات التي اعتبرها خاطئة إزاء معارضيه من قادة الحزب في حينه.

تعلمنا الحياة والتجربة الملموسة أن قراءة سلام عادل لطبيعة ثورة 14 تموز وطبيعتها الوطنية الديمقراطية كانت صحيحة، والتي على أساسها جاء سعيه ورفاقه لتجذير هذه الطبيعة واستكمال مشروع الثورة الديمقراطي، ومن ثم الدفاع عنها بكل الإمكانيات المتوفرة وبشجاعة قل نظيرها، كذلك كان تحليله صائبا لشخص الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم وسياساته الوسطية، التي قادته إلى عدم التفريق بين أنصار الثورة واعدائها، بالإضافة إلى قناعة الزعيم، بأنه الوحيد القادر على حماية الثورة وقيادتها. وبالقدر نفسه كانت قراءة سلام عادل لطبيعة قوى معسكر الردة، والانقلاب وطبيعته وذراعه السياسي المتمثل بالبعث وشلة من الضباط القوميين، صحيحة هي الأخرى. ولا نأتي بجديد، إذا أشرنا إلى العنف والقتل الجماعي الذي مارسه البعث بقيادة صدام حسين، والذي لا ينحصر بالشيوعيين، أو بخصومه السياسيين في أحزاب المعارضة الأخرى، وحتى داخل حزب السلطة، بل تعداه وبكراهية عنصرية ضد التنوع القومي والديني والثقافي للمجتمع العراقي، هذا العنف الذي لا يمكن فصله عن طبيعة البعث ومنظومته الفكرية وأسباب وظروف تأسيسه التاريخية، والتي لا تحتاج إلى تطرف مقابل لتنشر القتل والإرهاب والجريمة في المجتمع.

وبودي أن اقتبس من مقالة بعنوان “ سلام عادل-عبد الكريم قاسم ثوابت ومتغيرات” للباحث الدكتور سيف عدنان القيسي: “ ففي رسالته التي أرسلها (أي سلام عادل) لقاسم في الثالث من شباط 1959 أهم ما جاء فيها “أسمحوا لنا أيها الأخ العزيز أن نضع أمامكم بعض الملاحظات حول الوضع السياسي في البلاد آملين أنكم ستأخذونها بما هي جديرة منا بالاهتمام”، مشيراً في رسالته “لقد كنا نؤكد دوماً على أن خصوم الثورة لن يلقوا سلاحهم بسهولة، فما السبيل لإحباط مساعي العدو؟ إن السبيل إلى ذلك يتألف في شقين: الأول: هو سد الثغرات في كيان الدولة. الثاني: هو المباشرة في تعزيز بناء الحكومة على أسس ديمقراطية”. الإشارة هنا تجري إلى وثيقة وليس استنتاج.

ويمكن الإشارة إلى محاولة الشهيد، حتى في أحلك الأوقات تجميع القوى الوطنية للدفاع عن الثورة، عبر دعوته قادة الأحزاب الوطنية صباح يوم الانقلاب للتشاور في مقر جريدة اتحاد الشعب، ولكن هؤلاء القادة لم يستجيبوا لدعوته مما فرض على الحزب مواجهة الانقلاب بالإمكانيات المتوفرة. وكذلك طلبه من الزعيم تسليح الجماهير للقضاء على الانقلابيين، الأمر الذي رفضه الزعيم.

اما منجزات سلام عادل الحزبية والسياسية فهي الأخرى أدلة ملموسة تنفي عنه تهمة التطرف، لقد حقق سلام عادل وحدة الحزب الشيوعي العراقي وأعاد المجموعات المنشقة اليه، وهو حدث غير مسبوق، ولم يتكرر حتى الآن ليس فقط عبر تاريخ الحزب الشيوعي العراقي، وفي الحياة الحزبية العراقية، بل وربما في التجربة السياسية للبلدان العربية ومنطقة الشرق الأوسط أيضا. والمعروف أن الشخصية الجامعة والمحاورة والقادرة على قراءة المستقبل لا يمكن أن تكون متطرفة، فالتطرف أيا كانت اسبابه، يتعارض مع القدرة على التجميع والاحتواء وتعبئة القوى والقدرات.

والقول نفسه يصح على نجاح الحزب بقيادة سلام عادل في بناء جبهة الاتحاد الوطني عام 1957، التي يحتفظ بها التاريخ السياسي، بكونها الجبهة السياسية الوحيدة التي حققت أكبر أهدافها، المتمثل بانتصار ثورة 14 تموز 1958 والتفاف الجماهير حولها، وكذلك حرص الشهيد على إعادة الروح إلى الجبهة، باعتبارها ضمانة قوية لمواجهة تحالف قوى الردة، فكيف يمكن لقائد من هذا الطراز ان يكون متطرفا.

وهنا ربما من المفيد الإشارة إلى الحوار الذي نقلته الراحلة ثمينة ناجي يوسف في كتابها “سيرة مناضل ج 2 “، الذي طالب فيه الشهيد سلام عادل بضرورة إحياء جبهة الاتحاد الوطني، عندها أجابه الزعيم الشهيد “لماذا يحتاج حزب المليون؟”، أي لماذا تحتاجون الجبهة وأنتم من حشد في مسيرة الأول من أيار مليون متظاهر؟ فكان رد الشهيد سلام عادل صادما للزعيم: “لا نريد هذه الحرية حتى وأن اقتصرت على حزبنا.. نريد حرية للجميع.. لجميع الاحزاب والقوى الوطنية المخلصة”، فهل شخصية تفكر على هذا المنوال يمكن أن تكون متطرفة؟ أعتقد ان سلام عادل كان سابقا لسياسيي عصره في العراق، ومتجاوزا حتى للفهم السائد للماركسية في حينه داخل الحركة الشيوعية، وأن رده أقرب إلى ما تطالب به قوى اليسار الماركسي اليوم من تعزيز الديمقراطية وتوسيع المشاركة، وإطلاق الحريات في ترابط قوي بين ما هو سياسي واجتماعي.

إن العقود المظلمة التي أعقبت انقلاب الثامن شباط 1963، أثبتت بما لا يقبل الشك، أن التفريط بالثورة، وعدم السير بمشروعها حتى نهايته، قد حرم قوى اليسار والتقدم والديمقراطية من خلق تراكم ضروري، كان يمكن لها أن تستند اليه، في حال انهيار تجربة الثورة في عقود لاحقة. وهذا ما أكدته تجربة اليسار في العديد من دول أوربا الشرقية بعد انهيار التجربة الاشتراكية فيها، فلا يمكن مثلا تجاهل التراكم الذي خلفته تجربة السلطة الاشتراكية في المانيا الشرقية، في بلورة مشروع حزب اليسار الألماني، والأمر نفسه ينطبق على الرصيد الذي يتمتع به الحزب الشيوعي الروسي، والذي لا ينفصل عن التراكم الذي منحته إياه ثورة أكتوبر، والأمر يقال عن تجربة الشيوعيين التشيك، رغم أزمتهم الأخيرة، وعلى الحزب الشيوعي الأوكراني قبل حظر نشاطه العلني، وتجارب اخرى.

واختتم سلام عادل سيرته النضالية باستشهاد بطولي، لا ينحصر بحدود البطولة الشخصية، بل يمثل درسا لجميع المناضلين بالتمسك بمشاريعهم الثورية بوضوح تام والدفاع عنها. إن هذ الصمود لا ينفصل عن استيعاب لطبيعة الصراع. وإعطاء المثل للأجيال القادمة بكيفية مواجهة قوى الردة والظلام.

إن قوى التغيير الحقيقية في العراق مدعوة اليوم، لدراسة هذه السيرة النضالية التي استندت على ثقة عميقة بالناس بعيدا عن مؤسسات السلطة، وروح نضالية كانت عصية على الاحتواء، وذهنية منفتحة قادرة على المراجعة والتجديد وتجميع القوى، بعيدا عن كل ما يعيق السير قدما بمشروع التغيير الشامل إلى أمام.



#رشيد_غويلب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في زيارته لعدد من بلدان أمريكا الالتينية / المستشار الألماني ...
- في أصبوحة لـ «بيت المدى» / سلام عادل.. زعامة وطنية وقيادة ثو ...
- الثلاثاء الأسود لماكرون.. ثلاثة ملايين فرنسي يحتجون على «إصل ...
- الوحدة في التنوع / انعقاد قمة منظمة بلدان أمريكا اللاتينية و ...
- اذكروا أسماءهم! / شهداء فلسطين الأطفال
- ضد عنف اليمين في سانتا كروز / قوى اليسار والتقدم في بوليفيا ...
- في حوار مع الرئيس الجديد لحزب اليسار الأوربي / التحول إلى ال ...
- في أوقات الحرب يكتسب الاستذكار أهمية خاصة / في الذكرى 104 لا ...
- تعليقا على المحاولة الانقلابية للنازيين الجدد في المانيا / ا ...
- فشل محاولات الغرب لاسقاط الحكومة الشرعية / نهاية مهزلة الحكو ...
- اصرارا على سياسة التجاوز على حقوق الأكثرية / الرئيس الفرنسي ...
- بعد فشل عنف الفاشيين الجدد / البرازيل .. لولا دي سلفيا يتولى ...
- قوى اليسار العالمي في عام الحرب وصعود اليمين المتطرف/ انتصار ...
- ضرورة الحفاظ على مسافة واضحة من الليبرالية الجديدة*
- ستعدادا لعام الانتخابات المحلية والبرلمانية المقبل اردوغان ي ...
- الامبريالية والمقاومة.. رؤية عالمية
- في انسجام مع سياسات البيت الابيض /الحكومة اليابانية تهيء لمض ...
- في مواجهة جرائم الفصل العنصري الإسرائيلية / التضامن مع الشعب ...
- بمشاركة وفد من الاتحاد العام لنقابات عمال العراق / المؤتمر ا ...
- المنتدى الاجتماعي الأوربي يعود الى مدينة التأسيس


المزيد.....




- الشرطة الإسرائيلية تفرق متظاهرين عند معبر -إيرز- شمال غزة يط ...
- وزير الخارجية البولندي: كالينينغراد هي -طراد صواريخ روسي غير ...
- “الفراخ والبيض بكام النهاردة؟” .. أسعار بورصة الدواجن اليوم ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- م.م.ن.ص// تصريح بنشوة الفرح
- م.م.ن.ص// طبول الحرب العالمية تتصاعد، امريكا تزيد الزيت في ...
- ضد تصعيد القمع، وتضامناً مع فلسطين، دعونا نقف معاً الآن!
- التضامن مع الشعب الفلسطيني، وضد التطبيع بالمغرب
- شاهد.. مبادرة طبية لمعالجة الفقراء في جنوب غرب إيران
- بالفيديو.. اتساع نطاق التظاهرات المطالبة بوقف العدوان على غز ...


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - رشيد غويلب - سلام عادل القائد الذي رأى