أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - لماذا نعيش؟














المزيد.....

لماذا نعيش؟


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 7564 - 2023 / 3 / 28 - 17:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لنعيش أكثر، وأفضل.
درس قد تعلمه الإنسان منذ انتصب واقفاً على قدمين فوق الأرض، وحتى قبل ذلك بملايين السنين. شأن كل الكائنات الحية، الإنسان أيضاً مزود بجينات بيولوجية (غرائز) تجعله دائماً وأبداً متشبثاً بالحياة حتى آخر نفس، وطامعاً في المزيد والأفضل منها إلى ما لا نهاية. وفي ذلك ربما أحد الأسباب التي دفعته ولا تزال إلى تمديد حياته المحدودة والمقيدة على الأرض إلى أخرى ممتدة ومفتوحة إلى ما لا نهاية في عوالم أخرى فيما وراء الدنيوية.

غير أن اتفاق البشر جميعهم، ولو لا شعورياً بدافع الغريزة الفطرية، على غاية الحياة الأكثر والأفضل لم يمنعهم من الاختلاف حول الوسائل الملائمة والمقبولة لبلوغ هذه الغاية المتفق عليها. على هذا الدرب، قد وفرت الزراعة والاستقرار وتدجين وتربية الحيوانات حلولاً ثورية لسد العجز الناتج عن منهج الصيد والرعي كوسيلة أساسية لإعالة حياة التجمعات البشرية، لكي يعيشوا أكثر وبشكل أفضل. وكان المستقبل من نصيب الشعوب التي تبنت هذا التغيير الثوري في طريقة حياة ربما قد بقيت تقليداً متوارثاً منذ ملايين السنين ولم يتم التخلي عنها بسهولة أو دون مقاومة، بدليل أنها لا تزال مستمرة كمصدر العيش الرئيسي في أماكن كثيرة حول العالم حتى يومنا هذا؛ وأخفقت، أو على الأقل تقهقرت إلى مؤخرة موكب التقدم ولا تزال، تلك الشعوب التي أبت هجر أسلوب الرعي والتحول إلى الزراعة.

بمرور الزمان، نسي الإنسان بدعة الزراعة وثوريتها وألفها واعتاد عليها لتصبح في نظره تقليداً متوارثاً عن الآباء والأجداد مثلما كان ينظر إلى الرعي من قبل. ومن ثم أصبحت منهجاً للعيش شبه متفق عليه من الجميع من أجل حياة أكثر وأفضل. غير أن سعي الإنسان الحثيث والدائم إلى حياة أكثر وأفضل باطراد لم ولا يعرف التوقف عند نقطة محدده، لكونه في الأصل غريزة فطرية بلا حد وبلا نهاية. وهكذا تمخضت حيله عن تغييراً ثورياً جديداً لا يقل جوهرية عن الزراعة. الصناعة والميكنة ضاعفت المحاصيل الزراعية التقليدية مرات عدة، واختلقت حتى محاصيل مبتكرة تعجز الأخيرة عن الإتيان بمثلها. ومثل الزراعة، قطعت الصناعة شوطاً بعيداً في جعل الإنسان يعيش أكثر وينعم بحياة أفضل من قبل.

بمرور الزمان، سَلَّمَ كل البشر في كل أرجاء الأرض بجدوى الصناعة لحياة الإنسان، وأخذوا بها وتحولت إلى تقليد متفق ومتعارف عليه. مثل الزراعة من قبل، لم تعد تثير دهشة أو استغراباً أو تكبراً، أو تستدعي الاستهجان والشجب والمقاومة مثل أي بدعة أو شيء مستحدث في مراحله البكر. غير أن رغبة الإنسان في حياة أكثر وأفضل، المغروسة فيه حتى من خارج وعيه، ما كان ليشبعها أو يحدها شيء على الإطلاق، لا زراعة ولا صناعة ولا ما لا يحصى من مناهج الحياة المبتكرة والثورية، حتى لو زادت متوسط العمر ومستوى المعيشة مئات المرات. هناك دائماً وأبداً سعي وطلب على المزيد. وكل تغيير ثوري جديد لا يسقط من السماء، أو يولد على الأرض ناضجاً مكتملاً. بل هو دائماً وأبداً بحاجة إلى التجريب، والمحاولة والخطأ، والفشل الذريع في أغلب المرات. والأهم من كل ذلك، بحاجة إلى من يحميه ويرعاه، مثل الجنين في بطن أمه، حتى يولد ويشب واقفاً على قدمين ثابتتين ويبرهن على جدواه في تلبية غاية العيش أكثر وأفضل في أعين الجميع، ليحتضنوه عندئذ ويمضي إلى التحول كتقليد مألوف في حياتهم الاعتيادية، التي بفضله أصبحت أطول وأفضل.

لكننا، في سعينا وراء حياة أكثر وأفضل، كثيراً ما نختلف حول المناهج والوسائل؛ وكثيراً ما نخطئ ونختار- وأحياناً نُصِّر على اختياراتنا- ما يُنقص من حياتنا لا ما يكثِّرها، ما لا يُحَسِّنها بل يزيدها سوءاً وفقراً وتعاسة. وفي اختلافاتنا حول مناهج الحياة الأفضل، قد نتحارب ويقتل بعضنا بعضاً وننهي حياتنا بأيدينا.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل كان غزو العراق كارثة أمريكية أسوأ من فيتنام؟
- حلفاء روسيا هم قلة من الأمم المتنافرة والمتناقصة 2
- حلفاء روسيا هم قلة من الأمم المتنافرة والمتناقصة
- روافد السلوك السوفيتي .
- إصلاح ما لا يمكن إصلاحه- الإسلام
- روافد السلوك السوفيتي
- ألا تكفي الحياة غاية نفسها؟
- كذبة احترام العلمانية للأديان
- مقاربة معرفية بين العلمانية والدين
- عن حتمية المواجهة بين العلمانية والإسلام
- اتحاد الديمقراطيات الشعبية العربية
- حُقُوقِي
- لا أمل في نصر روسي دائم
- اللهُ لا يَتكَلم والرسولُ لم يَقُلْهُ: بَشَرِّيَةُ النص
- حين انفجرت المسيحية من الداخل
- الفكر في الهُراء
- بوتين، معزولاً ومرتاباً، يتدثر بزمرة من المستشارين الغلاة
- عن أهمية النص في الإسلام
- لماذا لا ننتج فلسفة؟
- المال والصالح العام


المزيد.....




- الجيش الإسرائيلي يُعلن استهداف دبابات في الريف الغربي للسويد ...
- مصر: تسجيل صوتي منسوب لوزير النقل ينتقد فيه -هشاشة البنية ال ...
- دولة جديدة تلوح في الأفق، ماذا نعرف عن استقلال كاليدونيا الج ...
- نتنياهو يرفض خطة إقامة -مدينة إنسانية- جنوبي غزة ويتّهم حماس ...
- بين الذاكرة والمخاوف: -لبنان الكبير- والتحديات القادمة من -ب ...
- الأنظار تتجه إلى بروكسل.. اجتماع دولي يضم وزيري خارجية فلسطي ...
- حدثان أمنيان في غزة ووسائل إعلام إسرائيلية: العثور على جثة ج ...
- فرنسا: إلقاء القبض على سجين فر من سجن بضواحي ليون داخل حقيبة ...
- إعلام إسرائيلي: نتنياهو أطال الحرب لدوافع حزبية
- تردي الوضع الصحي لحسام أبو صفية في سجون الاحتلال


المزيد.....

- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي
- مغامرات منهاوزن / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - لماذا نعيش؟