أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نافع شابو - المحبّة هي محور الكتاب المقدس - الجزء الثاني - محبة الله للأنسان















المزيد.....


المحبّة هي محور الكتاب المقدس - الجزء الثاني - محبة الله للأنسان


نافع شابو

الحوار المتمدن-العدد: 7560 - 2023 / 3 / 24 - 00:16
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


المحبّة هي محور الكتاب المقدس - الجزء الثاني - محبة الله للأنسان


مقدمة

"...وتعرفوا محبّة المسيح التي تفوقُ المعرفة ، فتمتلئوا حتّى تبلغوا ملءُ الله كُلّه"أفسس 3 : 19"
يقول الأب هنري بولاد اليسوعي في كتابه "الولادة في الموت ":
"إنّ الحُبّ هو سرُّ الوجود ومُحرّك الحياة ، به خُلِقَ الأنسان وانبثق من العدم ، وبه أيضا يعيش ويتخطى الموت ويخلد في المسيح. من الممكن ان نشبّه الحياة بتيّار جارف من الحبّ يحملنا ، والله هو نبع هذا التيّار ومُحرّكهُ ، وكلّ انسان يُخلق يأتي به الحبّ من المجهول الى هذا التيّار . ومن يموت لاينفصل عن تيّار الحياة إن كان قد عاش الحبّ في حياته الأرضية ، بل يتخطّى الموت ليصل الى الخلود".
الحب هو جوهر الوحي المسيحي .ووحده حُبّ الله للبشر يدلُّ على دافع الخلاص . هذا الحب الذي كشفه كشفمه المسيح ، يُحرّك الحبُّ فينا . المحبّة الإلهية تجلَّت في سرّ التجسّد ، إذ صار الله بشرا ليسكن بيننا ويبذل نفسه من اجل خلاصنا .(انتهى الأقتباس)


أنّ طبيعة الله "محبة" هي طبيعة جوهرية أزلية قبل أن يخلق (الله) العالم , فهي علاقة موجودة تربط الآب بالأبن ، والأبن بالآب بالروح القدس (أي الله الثالوث الجامع) , فلا يمكن أن يكون الله" مجرد" فكرة فلسفية كما يعتقد الكثيرون بل هو مصدر ومنبع المحبة , فبدون المحبة لا توجد حياة , بل المحبة هي الحياة.
الله خلق الكون كلُّه فلا شيء يصعب عليه فهمه. لقد خلقنا الله لمحبته لنا , فنحن مع الله لنا قيمة خاصة وعندما نكون بعيدين عنه فنحن لاشيء , بل أموات, لأننا بذلك لا نتمِّمْ القصد الذي صَنَعنا من أجله . جاء في سفر التكوين :"وكانت الأرض خاوية خالية ًوعلى وجه الغمر ظلام , وروح الله يَرِفُّ على وجه المياه"تكوين 1 :2" . هناك تفسير رائع لقول كاتب سفر التكوين ، لروح الله الذي يرفرف على وجه المياه ، ويشبّهه بطائر النسر الذي يرفرف على فراخه ليحميها ويفرش جناحيه ليأخذ صغاره ويحملهم على ريشه "تثنية 32:11"اشعيا 31:5" هكذا يهتم بنا الله .
الله يحبنا , وليس لمحبته بداية , كما أنها متأنية لحدود لاتُصدق , وكل ما نحن في حاجة اليه هوأن نتجاوب معه . إنّ محبة الله لنا تتجلى بنعمة الحياة التي منحنا وبها نتمتع بجمال الله وجمال الخليقة والعشرة مع أخوتنا البشر أنّ هذه المحبة تحررنا من كل قيود الخطيئة . وعندما نعرف أننا محبوبين ، من الله خالقنا ، فعندها نتحرر ولا يستطيع الخوف ولا الموت أن يزحزح علاقتنا معه . لأنّ "المحبة أقوى من الموت"، وانّ السلام والفرح هما ثمار محبة الله لنا, فلا فرح أو سلام بدون محبة.
يقول كوستي بندلي في كتابه "الله والشر والمصير "
ليس من مبدأين للوجود ،إنّما هناك مبدأ واحد ، وهو الله الذي هو بطبيعته ملء الخير والصلاح ..الخليقة من حيث أنّها تستمدُّ وجودها من الله ، إنّما هي صالحة في الأساس :"ورأى الله جميع ما صنعه فإذا هو حسنٌ جدّا " تكوين 1 : 31" . ورد في سفر الحكمة :" فإنّك تُحبُّ جميع الكائنات ، ولا تمقت شيئا ممّا صنعتَ . فإنَّك لو أبغضت شيئا لما كوّنتهُ ...إنّك تشفق على كُلّ شيء ، لأنَّ كُلِّ شيء لك ، أيُّها السيّد المُحبّ للحياة " الحكمة 11 : 23-26 و12 : 1"
محبّة الله لشعبه في العهد القديم
الله يحب شعبه حتى وهو في حالة الخطيئة ولكنه يكره الخطيئة , الله عاش قصة حبِّ فاشلة مع شعبه اسرائيل , هذا الشعب الذي خان الله ولكن الله كان أمينا على محبته وعهده الذي قطعه مع أبينا ابراهيم وموسى والأنبياء بأن يُرسل ابنه الوحيد ليكون وسيطا للصلح بين الله وشعبه المتمرد ليعيد تلك العلاقة (علاقة المحبة) . ولكن هذا الشعب بدل أن يرجع الى عهده مع الله بقي متمسكاً بعنادهِ وتمردهِ ، بل ان هذا الشعب قام بصلب ابنه الوحيد .
انّ الله كان مع شعب أسرائيل باستمرار كالأب الذي يحنُّ على أبنائه ويعوّلهم ويرعاهم ويحميهم ومع ذلك رفض هذا الشعب النعم الكثيرة التي أنعم الله لهم وأنكروا الجميل الذي صنعه لهم . ويعبّر الله عن محبّته على لسان النبي هوشع بأروع تعبير فيقول:
"وأنا الذي علّمهم المشي وحمَلَهم على ذراعه...جذبتهم اليَّ بحبال الرحمة وروابط المحبة, وكنتُ لهم كأب يرفعُ طفلا على ذراعهِ ويحنو عليهم ويطعمهم...كيفّ أهجرك يا إفرايم ...قد انقلبَ فيّ فؤادي واضطربت أحشائي . لا أطلق حدّةَ غضبي ولا أعود الى تدمير إفرايم، لأنّي أنا الله لا إنسان "هوشع 11 : 3-9". أمّا في نبؤة زكريا ، فقد سمع النبيّ الله يقول عن شعبه الذي ترَّض لغزوات أمم أخرى وتنكيلها به ، عبارة نلمس فيها منتهى التماهي والحنان " من يمسُّكم يمسّ حَدَقة عيني"زكريا 2 : 12 ".
يقول الله على لسان النبي اشعيا"أتنسى المرأة رضيعها فلا ترحم ثمرة بطنها ؟ لكن ولو أنّها نسيت , فأنا لا أنساكِ يا أورشليم. ها على كفَّيَّ رسمتُك واسوارك أمامي في كلِّ حين"اشعيا 49 : 15، 16".
يقول الله أيضا:"أبسط السلام عليها(على اؤرشليم) كالنهر وغنى الشعوب كجدول فائض ,فترضعون وتحملون في الأحضان , وتدللون كالطفل على الركبتين , كمن تعزّيه أُمّه أُعزيكم أنا"اشعيا 66:12,13".
كُلنا يعرف حنان الأم على طفلها وسهرها الليالي في أرضاعه والأهتمام به بحنانها المعهود , ولكن قد تغفوالأم أحيانا وقد تنشغل بهموم الحياة أحيانا أخرى فلا تستطيع أن تبقى مع طفلها في كُلّ حين , ولكن الله يقول لشعبه أنّه لا ينساهم مطلقا , ولكن أحيانا كثيرة نشعر بأنّ الله قد تركنا , ولكن في الحقيقة هو لم يتركنا ولكننا نحنُ الذين تركناه (راجع الأبن الظال في أنجيل لوقا) . ويقول أيضا عن شعبه"كيف أتخلّى عنكم يا بيت أفرايم؟ كيف أهجركم يا بني أسرائيل ؟...قلبي يضطربُ في صدري, وكُلِّ مراحمي تتقدُ"هوشع 11:8" . فالله يقول "لأني الله لا انسان"وافكاري ليست أفكاركم" فهو أعظم منا بما لايقاس.
فمعزّة الله لشعبه ومحبته لهم جائت في أجمل تعبير على لسان النبي زكريا اذ يقول الله:
"من يمسُّكم يمسُّ حدقة عينهِ"زكريا 2: 8". ويقول على لسان ارميا النبي : "وأعاهدهم عهدا أبديا اني لا أتحول عنهم ...وأفرح بأن أُحسن اليهم وأغرسهم في هذه الأرض بكُلّ قلبي وكُلِّ نفسي وأكون أمينا لهم"ارميا32:40,41 .

ماذا يُخبرنا العهد الجديد عن محبة الله للأنسان؟

في العهد الجديد سوف نقرأ ونلمس تجسّد محبة الله للعالم كُلّه حتى التضحية والموت من أجل كُلّ الذين يقبلون يسوع المسيح أبنه الوحيد. يقول الرسول يوحنا تلميذ يسوع المسيح :"هكذا أحبّ الله العالم حتّى وهب أبنه الأوحد, فلا يهلك كُلِّ من يؤمن به , بل تكون له الحياة ألأبدية"يوحنا 3 :16".
إنّ محبة الله للأنسان تجلّت في يسوع المسيح , فهو أظهر للبشرية محبّة غير محدودة وغير مشروطة , بل أعطانا المحبة الحقيقية التي ليس فيها غش ولا مصلحة ، انّها محبة بذل الذات والتضحية بحياته من أجل العالم كُلّه , وهذه التضحية تجسّدت على خشبة الصليب . فصليب المسيح هو رمز لمحبة الله للبشرية كُلّها، ومن يريد أن يتأمّل في محبة الله له فعليه أن يسجد تحت الصليب ويتأمّل يسوع المسيح المصلوب من أجله. إنّ محبّة الله هي لكلّ انسان حتى الخطاة , فكان يسوع المسيح يحنُّ على الفقراء والأغنياء ويغفر بمحبَّته اللامتناهية خطايا الناس ويشفي المرضى ويشبع الجياع ويحضن الأطفال بحنانه فيقول :
"أن لم تصيروا كالأطفال لن تدخلوا ملكوت الله"متى 18 : 3"
لقد برهن يسوع المسيح أقواله بأعماله فهو على الصليب طلب من أبيه السماوي أن يغفر للذين كانوا يصلبونه ،وهو في قمة الآلام ، قال:"يا أبتاه أغفر لهم لأنهم لا يعرفون ماذا يفعلون" لو 23: 34".. إنّ محبة الله لنا هي اساس لقيمة الأنسان , فقيمتنا الحقيقية تنبع من تقدير الله لنا وليس من تقدير الناس . الناس يقدّروننا حسب عملنا ونجاحنا وأنجازاتنا ومظهرنا , أمّا محبة الله فتعطينا ألأساس الحقيقي الفعلي لقيمتنا وأستحقاقنا , وهو أننا ننتمي اليه. فمحبة الله عظيمة لكل أنسان"ولكنّ الله برهن عن محبّته لنا بأن َّ المسيح مات من أجلنا ونحن بعدُ خاطئون"روميا 5 : 8". و يقول الرسول بولس: "فلمّا تم الزمان , أرسل الله أبنه مولودا لأمرأة , وعاش في حكم الشريعة, ليفتدي الذين في حكم الشريعة, حتى نصير نحن أبناء الله, والدليل على أنّكم أبناؤه هو أنّه أرسل روح أبنه الى قلوبنا هاتفا "أبي, ياأبي ". فما أنتَ بعد الآن عبدٌ, بل أبنٌ, وأذا كُنت أبنا فأنت وارث بفضل الله"غلاطية.4 : 4 ، 5 ، 6".
يقول كوستي بندلي عن معاناة الله مع الكون
على حدّ تعبير الفيلسوف المعاصر "عمانوئيل لافيناس " ، يعاني الله ، على طريقته التي تفوق تصوّرنا ، حيال شرّ الكون . فمعاناة الله مع الكون تجلّت باجلى بيان في صليب يسوع . هذه المعاناة الألهية ، إنّما هي نتيجة طبيعية لحب الله للكون الذي خلقه. وإنّ هذا الحب "الجنوني " ،على حدّ تعبير مكسيموس المعترف ونقولا كاباسيلاس ، وبعدهما في عصرنا ، هذا الحب " الجنوني" تجلّى بأجلى بيان في صليب يسوع ، الذي شاء الله أن يذوق في إنسانيّة " الحبيب" كلّ عجز الأنسان أمام القوى الجبّارة ، من كونيّة وأجتماعية ، التي تتآزر عليه لتسحقه ، أن ينحدر الى جحيمنا ويتجرَّع مرارته حتى الثمالة ، حتى ذلك الخوف والضيق النفسيّ المبرّح اللذين يعتريان ألأنسان إذا تعرَّض لاقسى الشدّة والكرب .
لذا حُقَّ للكاتب المسيحي "ليون بلوي" أن يصوغ هذه العبارة التي طالما استشهد بها برديلييف :" إنَّ وجه الله تسيل منه الدماء في الظلمة " انتهى الأقتباس"
يسوع المسيح جاء يعيش معنا ، ويسكن بيننا ، كما الرب وسط شعبه في برّية سيناء . والمسيح ككلمة الله المُتَجسّد هو الكائن منذُ الأزل .. ولكن بما أنّ الكلمة هو الله ، فهذا يعني أنّ الله جاء يُقيم بيننا "يوحنا 1 :14" فرأينا مجدهُ
يسوع المسيح جاء لخلاص العالم, وتحرير الأنسان من عبودية الخطيئة, فهو ليس لفئة معينة من البشر بل للعالم كله :
"أذهبوا الى العالم كُله وأعلُنوا البشارة الى الناس أجمعين "مرقس 16:15" . ويقول بولس الرسول أيضا كما ورد في سفر أعمال الرسل: "هو(الله) غير بعيد عن كُلّ واحد منا فنحن فيه نحيا ونتحرك ونوجد . ونحن أيضا أبناؤه"أعمال 17 : 27 ، 28 "
....ولكن الله بواسع رحمته وفائق محبّته لنا أحيانا مع المسيح بعدما كنّا أمواتا بزلاّتنا "أفسس 2 : 4" .
و قد شهد يوحنا "الحبيب"عن محبة الله الآب لنا بقوله: "أنظروا كم أحبّنا الآب حتّى نُدعى أبناء الله"1يوحنا 3:1" .
في سفر الرؤيا يخبرنا البشير يوحنا عن سكن الله مع شعبه في الحياة ألأبدية : "ها هو مسكن الله والناس، يسكن معهم ويكونون له شعوبا. الله نفسه يكون معهم ويكون لهم الها, يمسح كلّ دمعة تسيل من عيونهم"رؤيا .21 : 3 ، 4"
كُلِّ هذه الآيات (وغيرها) تؤكد لنا نحن المؤمنين بيسوع المسيح أنّ الله ومنذ أن خلقنا فهو يريد منا أن نشاركه في ملكوته كأبناء ، وليس كعبيد ، وأن نستمتع بمحبته وحنانه الذي لا يمكن أن يدركها العقل ولانستطيع أن نصل الى أعماقها .
يقول بولس الرسول في رسالته الى مؤمني افسس:
" لِيَحِلَّ الْمَسِيحُ بِالإِيمَانِ فِي قُلُوبِكُمْ،وَأَنْتُمْ مُتَأَصِّلُونَ وَمُتَأَسِّسُونَ فِي الْمَحَبَّةِ، حَتَّى تَسْتَطِيعُوا أَنْ تُدْرِكُوا مَعَ جَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ، مَا هُوَ الْعَرْضُ وَالطُّولُ وَالْعُمْقُ وَالْعُلْوُ،وَتَعْرِفُوا مَحَبَّةَ الْمَسِيحِ الْفَائِقَةَ الْمَعْرِفَةِ، لِكَيْ تَمْتَلِئُوا إِلَى كُلِّ مِلْءِ اللهِ" أفسس 3: 18 ، 19"
انّ محبة الله لنا تفوق المعرفة فهي محبة كاملة وشاملة , فهي تمتد الى كل ركن في كياننا, فهي طويلة تمتد طيلة حياتنا , وهي عميقة لأنّها تصل الى أعماق فشلنا ويأسنا , وهي واسعة تُغطّي كُلّ أختباراتنا وتمتد الى كلّ العالم , وهي عالية تصل الى قمة أفراحنا وأعجابنا فمحبة الله لنا ليس لها حدود ولا تُستقصى وتفوق المعرفة . فيسوع المسيح يهتم بكل أحتياجاتنا , ولا يمكن أن نسقط من حسابه, فلا نخشى التهديدات ولا التجارب العسيرة , فكل هذه لايمكن أن تنزع محبة الله أو روحه من داخلنا, فلا شيء يقدر أن يحرمنا من حب الله .
يقول الرب يسوع المسيح لتلاميذه (وكُل المؤمنين به) :" أمّا أنتم , فشعرُ رؤوسكم نفسه معدود كُلّه"متى 10 :30". فإلهنا اله حي غيور, وحبّه أكبر من أيّ مشكلة تواجهنا , والحياة الأبدية في المسيح أبنه هي نورا لكل البشرية, لأنّ الموت يجلب الظلمة الأبدية بينما يسوع المسيح هو نورالحياة الذي يزيل ظلام الموت: "فيه كانت الحياةُ ، وحياته كانت نورَ الناس"يوحنا 1 : 4 " .
بالكلمة أعطيت الحياة للخليقة ، وبه أُعطيت لنا الحياة الفائقة الطبيعة ، حياة اللقاء مع الله .
ترد لفظة حياة 32 مرة في انجيل يوحنا و 127 مرة في العهد الجديد . الحياة هي عطية المسيح والمسيح هو " الحياة".
الله يدعو كلّ من يتقبّل حبّهِ الى ان يقاسمه حياته "روما 8 : 28". وحين نعي أنّنا محبوبون بهذا الشكل ، نرجو رجاء يتيح لنا أن نواجه الأضطهادات التي نتعرض لها
ليس سوى حياة المسيح ألأبدية المغروسة فينا ، يمكن أن تبقينا أحياء في ملكوته الجديد الى الأبد: "به كان كُلُّ شيء , وبغيره ماكان شيء مما كان . فيه كانت الحياة , وحياته كانت نور الناس . والنور يشرق في الظلمة . والظلمة لاتقوى عليه"يوحنا 1 : 3 ،4 ، 5"
عندما قام الله بعملية الخلق فإنّه خلق شيئا من لاشيء بالكلمة "يسوع المسيح ". ولأننا كائنات مخلوقة ، فليس لنا ما نفتخر به .فتذكّر أنّك وُجدت فقط لأن الله صنعك . وقد خلقك الله ، وهو حي اليوم ، وحبّه اكبر من أي مشكلة قد تواجهك .
السؤال هو لماذا كانت الحياة الأبدية في المسيح نورا لكل البشر؟
الجواب :لأنّ الموت يجلب الظلمة ألأبدية . وليس سوى حياة المسيح ألأبدية المغروسة فينا يمكن ان تبقينا احياء في ملكوته الجديد الى الأبد . المسيح حيٌّ الى الأبد لانه هو الله .وقد جاء الى الأرض ليهب البشرية رجاء حياته الأبدية ونورها . يسوع المسيح هو خالق الحياة وحياته تمنح النور للبشرية . وهو يزيل ظلمة الخطيئة من حياتنا . بولادة المسيح صار الله بشرا . وهو لم يكن جزئيّا انسانا وجزئيا الهاً، بل كان إلها كاملا وانسانا كاملا (كورنثوس 2 :9) .
وقبل مجيء المسيح لم يكن الناس يعرفون الله الّا جزئيا . أمّأ بعد مجيء المسيح فقد امكن للناس ان يعرفوا الله بالكامل لانه صار ملموسا ومرئيا لهم في المسيح . هو الذي كشف لنا حقيقة أنّ المحبّة والعدل وجهان لطبيعة الله يستخدمها للتعامل معنا . ركّز موسى على شريعة الله وعدله ، بينما جاء يسوع المسيح مؤكّدا على رحمة الله ومحبّته وغفرانه .. كان الله يتصل بالناس في العهد القديم من خلال مختلف الناس وعادة من خلال الأنبياء ، الذين كانوا يتلقون رسائل خاصة لتوصيلها . إلّا ان الله "لم يره احد قط" . أمّا في المسيح فقد كشف الله عن طبيعته وجوهره بطريقة يمكن رؤيتها ولمسها وإحساسها ، ففي المسيح صار الله إنسانا يحيا على الأرض.
يقول الرسول يوحنا الحبيب :"تأمّلوا ما أعظم المحبّة التي أحبّنا بها الآب حتى صرنا نُدعى "أولاد الله "1يوحنا 3 : 1". إنّ قيمتنا الذاتية كمؤمنين ، مبنية على حقيقة ان الله يحبنا ويدعونا أبناء له . فنحنُ أبناؤه ألآن ، وليس فقط فيما بعد في المستقبل البعيد .
"من كان عطشانا فلياتي , ومن شاء فليأخذ ماء الحياة"رؤيا 22 : 17" .هنا يدعو الرب يسوع المسيح كل انسان متعطّش لخالقه ان يأتي اليه . ونحن اليوم ، كُلُّنا ، عطشانين الى ماء الحياة وكثيرون يموتون من هذا العطش .
نعم المسيح يحبنا ويريد أن يسكن في قلوبنا , لأنّ أسمه هو عمّانوئيل (أي الله معنا) , وها هو يقول, لكل أنسان محروم من محبّته: "ها أنا واقف على الباب أدقُّه , فأن سمع أحدٌ صوتي وفتح الباب دخلتُ اليه وتعشيّتُ معه وتعشّى هو معي "رؤيا 20 :3"
نعم يسوع المسيح يريد أن يمتلك قلوبنا ليغمرنا بمحبته وحنانه وسلامه , لهذا صلّى في بستان جسيماني من أجل تلاميذه, حيث جاء في صلاته الموجه الى ابيه السماوي :"...أنا فيهم وأنتّ فيَّ لتكون وحدتهم كاملة ويعرف العالم أنّك أرسلتني وأنَّك تُحبّهم مثلما تُحبُّني"يوحنا 17 : 23". ولكن ها هو الرب يسوع المسيح يبكي على أورشليم (رمز شعب اسرائيل المتمرّد ورمز كُل الناس الذين لا يأتون الى المسيح المخلّص) فيقول: "أورشليم أورشليم ! ياقاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين اليها! كم مرة أردت أن أجمع أبناءَكِ , مثلما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها , فما أردتم"لوقا13 : 34" .
فهل نقبل الرب يسوع المسيح ليكون ملكا على قلوبنا ويأسرنا بحبه اللامحدود لتكون لنا حياة أبدية أم نرفضه من حياتنا ليبكي على قساوة قلوبنا كما بكى على أورشليم (رمز شعب أسرائيل)؟ . سؤال يجب على كُلّ واحد له قلب نابض بالحياة أن يُفكّر للأجابة عليه.
ونختم ، هذه التأملات ، بقول أنسان شاهد وأختبر محبة المسيح له وهو يوحنا ، التلميذ الذي أحبّه يسوع المسيح ، إذ يقول هذا الشاهد الذي عاش مع يسوع : "أنظروا كم أحبنا الآب حتى نُدعى أبناء الله "1يوحنا 3 :1 "...إذا كان العالم لا يعرفنا, فلأنّه لايعرف الله...لأنّ الله "محبّة"1يوحنا 4 : 8" .......نحنُ ما أحببنا الله , بل هو الذي أحبنا وأرسل أبنه كفّارة لخطايانا"1يوحنا 4 : 10"
وفي انجيل يوحنا يقول الرب يسوع المسيح :
"ما من حبِّ أعظم من أن يفدي أبن الأنسان نفسه من أجل أحبائه" يوحنا 15 :13".
بولس الرسول في رسالته الى مؤمني أفسس يقول:"وأنتم كُنتُم في السابق أمواتا بذنوبكم وخطاياكم ....تابعين رئيس قوات الهواء(الشيطان) ...وكنّا أبناء الغضب كالآخرين أيضا . أمّا الله ، وهو غنيٌّ في الرحمة ، فبسبب محبّتهِ العظيمة التي أحبَّنا بها ، وإذ كُنّا نحن أيضا امواتا بالذنوب ، أحيانا مع المسيح ..وأقامنا معه " افسس 2 : 1 ، 2 ،3 ،4 ،5 ،6"
اليست هذه القصة المختصرة للكتاب المقدس تُعطي لنا خلاصة موضوع الكتاب المقدس عن محبة الله الفائقة لشعبه حتى موت ابنه على الصليب لخلاص البشرية اجمع. ولا يمكن ان نصبح صالحين إلّا متى اتَّحدت حياتنا بحياة المسيح الكاملة ." لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ." يو 3: 16"



#نافع_شابو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية الخلق في سفر التكوين - الجزء الأول - الخالق والخليقة
- المحبّة هي محور الكتاب المقدس - الجزء الأول
- رؤيا معاصرة لرواية -الخلق- في -سفر التكوين - المقدمة -
- رؤيا - لاهوتية علمية عقلية - معاصرة لرواية -الخَلق- في سفر ا ...
- رؤيا - لاهوتية علمية عقلية - معاصرة لرواية -الخَلق- في سفر ا ...
- اللاهوت المعاصر بين الأيمان والعلم
- كتاب -القضية....الخالق - أدلة علمية على وجود الله
- تأمّلات في زمن الميلاد-المسيح رئيس السلام- -الجزء الرابع -ال ...
- ميلاد يسوع المسيح – رئيس السلام – الجزء الثالث
- ميلاد يسوع المسيح -رئيس السلام- الجزء الثاني
- ميلاد يسوع المسيح - نور العالم -
- -فريدريك نيتشة - والوجودية المعاصرة
- حقيقة غزوات العرب - كما جاء في المصادر غير الأسلامية -
- أليكسندر دوغين: إما أن تنتصر روسيا أو يزول العالم بالسلاح ال ...
- الموت باب القيامة في الأيمان المسيحي
- الحُريّة في مفهوم المسيحيّة - المقدِّمة -
- بداية نشوء الكون دليل على وجود خالق
- سقوط القسطنطينية -سنة 1453 - وانحسار المسيحية في الشرق
- انتفاضات الشعوب ألأيرانية على الثورة الأسلامية ونظام - ولاية ...
- جدلية العقل والأيمان – الجزء الثالث –هل يتّفق العقل مع الأيم ...


المزيد.....




- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...
- سلي طفلك مع قناة طيور الجنة إليك تردد القناة الجديد على الأق ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نافع شابو - المحبّة هي محور الكتاب المقدس - الجزء الثاني - محبة الله للأنسان