أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - قراءة في المتغيرات العراقية القادمة















المزيد.....

قراءة في المتغيرات العراقية القادمة


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 7557 - 2023 / 3 / 21 - 02:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن حقيقة ما يجري الآن من صراع المكاسب والمغانم في البرلمان أو في مؤسسات الدولة وأجهزتها، لم يكن نتيجة فشل المؤسسة الحاكمة فقط بقدر ما هو نتيجة حتمية ومنطقية لمشروع فرض نظام قياسي على العراقيين بقوة السلاح وبإرادات خارجية وهو غير قابل للحياة أصلا، ما لا يدركه كل قادة المؤسسة الحاكمة المتمتعون بالسلطة والهاربون منها بعنوانهم الطائفي والفئوي، أن العراق لا يمكن أن يحكم من خلال نظرية القوة المستبدة، ولا من خلال فرض إرادة خارجية على إرادة شعب عرف بمقاومته للغزاة وأعتداده بتاريخه ووجوده، صحيح أن هناك ظروف ألجأت قطاعات واسعة من الشعب للاستسلام والتخدير وأنتظار تجربة أرادوها أن تكون مختلفة عما مر تأريخيا، لكن الفترة الماضية لم تدع لهذا الأمل فرصة لأن يعيد نفسه أنتاجا وتأثيرا وقدرة على المقاومة، إذن عملية التحول هي جزء من عملية أستعادة الوعي وأستعادة للهوية الخاصة، ولا بد أن تثمر ذلك عن حراك زلزالي حتى لو صاحبه عنف متبادل من السلطة وكلابها وأدواتها القذرة، ولكنه حراك مقبل وحتمي ونهائي عندها تسقط عناوين كثيرة وفي مقدمتها ما يسمى بالمرجعيات الدينية والسياسية والعرقية.
السياسة بمفهومها الواقعي والمعرفي وحتى المعرفة ذاتها والفن والدين والعلم كلها أدوات العقل ووسائله لتمكنه من البلوغ دائرة المجهول وإخضاعه لإرادة الإنسان حتى يمضي، وليس ليتوقف في نقطة ويقول أدركت الحقيقة أو يدعي أنه بلغ نهاية المشوار وعلى الجميع أن يصدق ذلك، فكل النهايات هي نقاط وهمية على خارطة الزمن اللا منتهي والغير قابله اصلا للتوقف، الحياة وسائل وأليات وافكار ورؤى تتشارك لبناء عالمنا دون أن نستطيع أن نعيشها في جانب واحد أو في زاوية محصورة، هذه النظرة والفكرة وما يمكن أن يكون منطقا عقلانيا لإدارة مجتمع ودولة لا يتناسب مع ما يحمله ساسة العراق اليوم، ولا يدركون أن مجرد وجودهم في السلطة هو جزء من تداعيات مرحلة وإنعكاس لواقع مركب داخلي وخارجي، تنتهي وتلفظهم كما لفظت غيرهم من قبل دون أن بشعر العالم برحيلهم كما لم يشعر بقدومهم من قبل.
إن قراءة الواقع العراقي الحالي أجتماعيا وسياسيا وحتى سيكولوجيا ينبئ بأن أيام مقبلة حاسمة قد تنتج حراكا مختلفا بالوسائل والأهداف وأيضا بالوجوه التي تقود، أما عن طريق صناديق الأقتراع وهو الأقل حتمية ومصادر أصلا بقواعد تشريعية صاغها الفاسدون على مقاساتهم الخاصة وهي النسبة الأقل في الأحتمالية، أو من خلال أنتفاضة شاملة وعصيان مدني بدأت إشاراته الأولى من خلال حراك الشارع العراقي في مناطق متعددة ولفترات تعد الأطول رفضا لخطوط حمر كانت قديما محل تجنب وأحترام حفاظا على ما سمي في حينه الهدف الأبعد، فمنذ أن بدأت الحركة المطلبية الشعبية يعلو صوتها وتتخذ أشكال حادة تتعدى المطالب المؤقته إلى ضرب مرتكزات مهمة في المشروع الطائفي، وهو الولاء الذي تعتمد عليه القوى الحاكمة في ضمان بقائها، وأظن أن سكوت قوى كبيرة كان يفترض بها أن تتحرك وتطالب بالتغيير أحجمت عن بيان موقفها لحسابات خاصة، شجع الشارع العراقي أن يعيد الكرة لملعبة وأن يبادر إلى الفعل التغييري وبقوة، وهذا الأحتمال لا بد له من مساندة وتشجيع ودعم من كل القوى المؤمنة بالعراق ومستقبله، وأن لا تتكرر تجربة سرقة الشارع من قبل قوى متورطة بالفساد والطائفية والفئوية لتفرغه من مضمونه الفاعل وتجير الحراك لحسابها وحساب قادتها.
المرحلة الراهنة التي يمر بها العراق والمنطقة مع التبدلات الجيوسياسية التي لها مردود سياسي عكسي وإيجابي على أطراف الصراع في العراق، من الحساب الواقعي هي مرحلة الجذوة أي مرحلة أتقاد جمرة النار التي تحت الرماد التي ستحرق كامل المنظومة العبثية التي مزقت العراق وتمزقت هي به، فبعد أن كانت الطائفية تجمع قواها تحت مشروع جزئي أصبحت هذه القوى هي من تعاني من التجزئة والتشرذم ولم تعد قادرة أن تتوحد بفعل صراعاتها الذاتية من أجل الزعامة والمغانم والبقاء فاعلة في وسطها الخصب وحاضنتها الطبيعية، هذا المؤشر ليس عبثيا وليس خياليا بل هو الواقع بعينه، فتمزق دعاة الطائفية وإنشغالهم في حروب وصراعات بينية هو من يتيح لقوى التغير أن تستعيد زمام المبادرة بيدها وأن تطرح نفسها على أنها الخلاص المؤكد من فساد المنظومة السياسية وتشرذمها ووجودها السيء، الكل اليوم يعي حقيقة أننا أمام بداية مرحلة التحول الجذري الذي لا بد أن يحدث وسيحدث، ومن خلال تفاعل الناس مع ما يطرح من نقد موضوعي وعقلاني عنوانه مصلحة العراق أولا وقبل كل شيء، والسؤال المتداول بين الناس اليوم ليس ما هو البديل، بل متى نبدأ في مشروع التجديد والأنطلاق من عالم التنظير إلى واقع الفعل وتحقيق مشروع العراق الجديد.
هذه الحقيقية يجب أن تدركها قوى التغيير والشارع العراقي بكل ما فيه من مكونات حريصة على أن تتخلص من هذا الوضع الشاذ والأستثنائي، وأن تعمل جاهدة ليس فقط بالتصدي للمشروع السياسي الراهن وما سيتركه من أثار مؤلمة وقاسية، بل بطرح البديل الحقيقي والجاد والمستمد أصلا من حقيقة أن العراق عبر كل أزماته التاريخية لم يتعرض لمثل هذه المحاولة الخبيثة في تخريب نسيجه وتفاعله الداخلي، ولم تفلح أيضا كل ما مر به من حروب وصراعات وتناقض في أن ينزع ثوبه الرافداني لمصلحة هوية وأنتماء أخر، وبالرغم هذه الحقيقة وبمرارتها فأنا متفائل جدا في أن المرحلة الراهنة مجرد ريح صفراء ستذهب بما جاءت به، وما حملته مما علق بها من أفكار وقوى ولا يبقى منها غير التأريخ السيء والذكرى الأليمة لشخوصها ومفاعيلها بشرط أن نعمل جميعا على حفظ ما تبقى فينا من روح وأنتماء وهوية.
لا يختلف إثنان من العراقيين أنه خلال السنوات العشرون التي مضت من عمر العراقيين فيما يسمى بعصر التحول أو عصر ما بعد الديكتاتورية لم تكن سنوات بناء، ولا فترة أنتقالية حقيقية بقدر ما هي فترة الفرص الضائعة وهدر الثروة المادية والبشرية وتفكيك في البنية الأساسية للمجتمع العراقي وقيمه، وصولا إلى تبديل ملامح الكيان العراقي ذاته بملامح مشوهة ينقصها الوحدة الموضوعية بإبدال وأستبدال مقومات وركائز هذه الشخصية التاريخية عبر إثارة الشكوك وعوامل الفرقة والتناحر، وتحت مسميات وعناوين فرعية قادتها قوى هامشية غير قادرة على الأنتماء لعصرها وضائعة أصلا في سراديب التاريخ وصراعات الماضي، لذا فلا يمكن أن تؤسس هذه القوى وأفكارها لمجتمع يمكن أن يعيد نظامه الأساس ويستجيب لعصره ومتطلبات وجوده الأساسية.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حرزف.... وأزرار
- أنا والطريق
- خرافات
- من إشكاليات المعرفة في عالم يركض سريعا.
- موازنة السنوات الثلاث المقترحة حلم أقتصادي فاشل أم فشل أحلام ...
- مخاوف مشروعة
- ليس بالعقل وحده يدرك الدين، بل أيضا بالغباء.
- ق ق ج
- هلوسات السؤال المحير في الوجود
- العلامة الجنجلوتي وأفكاره في المنقذ ونظرية العدل المطلق. ح2
- العلامة الجنجلوتي وأفكاره في المنقذ ونظرية العدل المطلق. ح1
- المنقذ الكوني ..... من قضايا الوهم والتوهم....
- حكاية العم عبد عنيد مطرود
- حلم مطرود القديم
- الممكن العقلي الكائن بين الطبيعي أصلا الواقعي فعلا.
- (وما على الرسول إلا البلاغ المبين)
- الموتى.... لا يعرفون الزمن...
- رصيف مقهى رضا علوان
- بعض الإشكاليات الساخرة في منطق العقل المسلم..
- رسائل وسؤلات لأبونا الذي كان في الفلك المشحون


المزيد.....




- رغم الهدنة.. الحوثيون يهددون باستهداف بوارج وسفن أمريكا في ه ...
- الحرب بين إيران وإسرائيل.. هجمات جديدة وتداعيات وردود فعل
- غزة: 12 قتيلا بنيران إسرائيلية معظمهم قرب مراكز توزيع مساعدا ...
- صور للجزيرة تظهر تمركز قاذفات بي-52 في قاعدة دييغو غارسيا
- مختص بالشأن الإسرائيلي: تذمر من الحرب وبوادر مساءلة يتوقع ات ...
- مدير مكتب الجزيرة بطهران: حراك إسطنبول مهم لإيران ويؤسس لمظل ...
- عاجل| المتحدث باسم أنصار الله: في حال تورط أميركا في العدوان ...
- الاحتلال يهدم عشرات المباني بمخيم جنين وتصاعد اعتداءات المست ...
- رئيس وزراء قطر يبحث مع عراقجي العدوان الإسرائيلي ويشدد على ا ...
- زيلينسكي يتهم موسكو بتسليم جثامين 20 جنديا روسيا بدلا من الأ ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - قراءة في المتغيرات العراقية القادمة