أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد زكريا توفيق - تاريخ فرنسا 17 – لويس الحادي عشر















المزيد.....

تاريخ فرنسا 17 – لويس الحادي عشر


محمد زكريا توفيق

الحوار المتمدن-العدد: 7547 - 2023 / 3 / 11 - 11:47
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


الفصل الرابع والعشرون.

لويس الحادي عشر، 1461-1483.

كان لويس الحادي عشر واحدا من أذكى الرجال، لكنه كان أيضا أكثرهم مكرا وقسوة. اسمه، هو الأكثر كراهية في التاريخ المدون.

لم يكن يبغي سوى شيء واحد، هو بقاءه في السلطة قويا. لا يهمه الحق أو الواجب، ولا يعرف الشفقة. لا شيء يمنعه من تحقيق هدفه، حتى وإن تعارض مع القيم الإنسانية أو جلال الحكم.

كان يرتدي الملابس الرثة والأكثر بؤسا، وقبعة قديمة، يلتصق بها من الخارج أيقونات معدنية صغيرة للقديسين. يستخدمها للدعاء عند الحاجة.

لابد أنه كان يعلم، مثل باقي رواد الكنيسة، أن القديسين، ما هم إلا وسطاء. لكن، تدينه لم يكن جادا، ولم يمنعه من ارتكاب كل أنواع الجرائم. لقد كان مؤمنا بالخرافات بشكل فظيع.

سمعه أحمق بلاطه ذات مرة وهو يدعو أثناء صلاته، فوجد أن كلماته سخيفة حمقاء، فلم يستطع كتمانها. وكانت الحقيقة هي أن لويس الحادي عشر، لم يكن لديه حب لله أو للإنسان.

لكن، كان لديه خوف من العقاب الرباني. لذلك، حاول رشوة القديسين بالهدايا والنذور، للتوسط في تخفيف أو منع العقوبات التي كان يعرف أنه يستحقها.

خوفه من العقاب، جعله يغلق نفسه داخل جدران قلعة قاتمة في بليسيس ليه تور، محاطة بالخنادق، وحرس من الرماة من اسكتلندا، يقبعون في أقفاص حديدية مثبتة على الأسوار، لإطلاق النار على أي شخص يشك في أمره ولا يؤتمن جانبه.

لم تكن تعجبه صحبة النبلاء أو الفرسان، وكان يفضل عليها صداقة الحلاق، أوليفر لو دايم، وجلاده الرئيسي، تريستان إيهيرميت.

كان يقتل من يسيء إليه، أو يلقيه في غيابة الجب في قلعة لوتشيه. يضعه في قفص حديدي صغير جدا، يستحيل عليه الوقوف منتصبا أو الاستلقاء بكامل طوله.

كان لديه شقيق واحد، هو دوق بري، الذي كان يخافه ويكرهه. اضطهده إلى الدرجة التي جعلت دوق بورجوندي يرأف بحاله، ويأخذه عنده. لكن لويس، قد تحايل وفك هذا الرباط، وأجبر شقيقه على العودة والوقوع بين يديه. ثم قام بعد ذلك بدس السم له.

توفي الدوق العجوز، فيليب الطيب، بعد مجيء لويس إلى العرش مباشرة. ابن الدوق، شارل الجريء، كان أميرا شجاعا عالي الهمة، نبيلا جادا طموحا. وكان أكثر عزما وإصرارا من والده على جعل دوقيته مملكة، تصل من المحيط الألماني إلى جبال الألب.

لكن، كان لويس معارضا لهذا الهدف. ولكي يفسد هذه الخطة، بدأ في إثارة مدن فلاندرز المضطربة، لكي تخرج ضد شارل. وفي نفس الوقت، ذهب لزيارته في بلدته بيرون، للتحدث معه بتملق وكلام معسول.

لكن حدث الزيارة، ما لم يكن يتوقعه الملك لويس. فقد اندلعت الثورة في مدينة لييج فجأة. وقتل ضباط الدوق أثناء الاضطرابات، وأغلقت البوابات.

غضب شارل غضبا عظيما. بعد انكشاف أمر لويس، الذي وضع نفسه في فخ. ووجد شارل أنه من العدل إغلاق الباب عليه.

ابقاه هناك رهينة حتى تم استدعاء الجيش الفرنسي، لكي يساعد في إخماد الثورة في لييج. وأقسم لويس بأغلظ الأيمان، حتى يبرئ نفسه، وهي أيمان لم يقصد بالطبع الاحتفاظ بها.

الملك لويس، والدوق شارل، كان يكره بعضهما البعض أكثر من أي وقت مضي. شارل، الذي تزوج أخت الإنجليزي إدوارد الرابع، وعد بمساعدة الإنجليز إذا جاءوا لغزو فرنسا.

وقد جاء إدوارد بالفعل، مع واحد من أفضل الجيوش التي أبحرت في أي وقت مضى من إنجلترا. لكن دوقية بورجندي كانت مشتبكة في حرب مع الإمبراطور الألماني، ولم تتمكن من الانضمام إليه.

فأرسل لويس رسائل ماكرة ورشاوى لإدوارد وأصدقائه لإقناعه بالعودة دون قتال. وقد التقى الملكان على جسر بيكويجي، عبر السوم، مع حاجز خشبي كبير أقيم بينهما، خوفا من أن يقوم أحدهما بقتل الآخر غيلة.

وكان الملكان يتبادلان القبلات من خلال القضبان، تحت سمع وبصر الجيشين. الإنجليز كانوا يشعرون بالخجل، أما الفرنسيون فكانوا مسرورين جدا، بالرغم من أنهم كانوا مثارا للسخرية، لعودتهم بهذه الطريقة المشينة.

كان يمكن لشارل الجريء الاستمرار في الحرب، لولا إثارة لويس لأعداء جدد له في سويسرا. فقد بعث الملك الفرنسي رسلا سريين في المدن والكانتونات السويسرية، لتحريضهم ضد الدوق.

فنهضت مدينة بازل، وقامت بقتل الحاكم المعين من شارل، ثم انضمت إلى دوق لورين الشاب، عدو شارل اللدود، في الحرب عليه.

تعرض شارل للهزيمة في معركتي مورات وجرانسون. وعندما كان يحاصر عاصمة لورين، قام قائد قواته الإيطالية بخيانته. في ليلة عيد الغطاس، وفتح أبواب المخيم، وانضم إلى قوات العدو.

فحدثت هناك مذبحة كبيرة للبورجنديين. بعدها، وجد جسد الدوق شارل الشجاع، عاريا ومغمورا نصفه في بركة ماء مجمدة، ونصفه الآخر خارجها.

لم يترك شارل سوى ابنة واحدة، اسمها ماري. دوقيته، دوقية بورجندي، لا يمكن أن تذهب إلى امرأة. لذلك، عادت إلى فرنسا. لكن، كان لدى ماري كل مقاطعة فلاندرز، وهولندا.

كان والدها شارل، قد وافق على خطبتها من ماكسيميليان، حاكم النمسا وابن الإمبراطور الألماني. وعندما كان لويس يحرض المدن للتمرد عليها، أرسلت إلى خطيبها خاتما، كرمز تتوسل به لكي يأتي لنجدتها.

لقد لبى ماكسيميليان النداء، وجاء في الحال. ثم تزوجا وكانا أكثر سعادة وازدهارا لمدة خمس سنوات. إلى أن قتلت ماري في حادث سقوطها من فوق حصانها، وكان ابنها الرضيع فيليب هو وريثها.

أما لويس، فقد حصل على الجزء الفرنسي من دوقية بورجوندي. أمه، كانت أخت دوق أنجو. الذي كان يعيش حياة سلام، وسط مجموعة من الفنانين والشعراء والموسيقيين، وكان أحد الرجال العظماء القلائل في عصره.

كان لدى لويس ثلاثة أطفال:

- شارل الطفل ووريث العرش.
- آن، التي تزوجت شقيق دوق بوربون، ولورد بوجو، وكانت تحبه.
- جين، الفتاة المسكينة المريضة، التي كان يعاملها لويس بقسوة، والتي كانت تختبئ وراء أختها للهروب من عينه. أرادت أن تذهب إلى الدير، لكنه أجبرها على الزواج من ابن عمها لويس، دوق أورليانز، والذي لم يخف أنه كان يكره رؤيتها، بالرغم من أنها كانت طيبة ووديعة.

كان شارل الدوفين ووريث العرش، مريضا. الملك لويس نفسه فقد صحته. كان في رهبة كبيرة من الموت. أرسل يطلب الصلاة من أجله، من ناسك إيطاليا، فرانسيس دي باولا، وتعهد بالتبرع بلوحات وصور وشمعدانات فضية وذهبية وأضرحة للقديسين، إذا قاموا بإنقاذ روحه.

لكن، أدركه هادم اللذات ومفرق الجماعات، ومات عام 1483، في نفس الوقت الذي تم فيه تتويج الملك الشرير ريتشارد الثالث على عرش إنجلترا.



#محمد_زكريا_توفيق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تاريخ فرنسا 16 – جان دارك
- تاريخ فرنسا 15 – الحرب الأهلية
- تاريخ فرنسا 14 – شارل السادس، المجنون
- الأزهر والإصلاح الديني
- تاريخ فرنسا 13 – شارل الخامس، الحكيم
- تاريخ فرنسا 12 – الملك الأسير جان
- تاريخ فرنسا 11 – فيليب السادس
- تاريخ فرنسا 10 – فيليب الرابع، الأشد بغضا
- الشعراوي في الميزان
- تاريخ فرنسا 09 – لويس التاسع، أسير المنصورة
- تاريخ فرنسا 08 – محاكم التفتيش
- تاريخ فرنسا 07 – لويس السابع وفيليب الثاني
- يا شيخنا الكبير، رفقا بالقوارير
- وليكن لنا في قناة بنما عبرة
- تاريخ فرنسا 06 – بداية الحروب الصليبية
- تاريخ فرنسا 05 – كونتات باريس
- تاريخ فرنسا 04 – شارلمان
- إزدراء الأديان، أم ازدراء الإنسان؟
- تاريخ فرنسا 03 – وقف المد الإسلامي
- تاريخ فرنسا 02 - تحول بلاد الغال إلى المسيحية


المزيد.....




- لماذا لجأت الولايات المتحدة أخيرا إلى تعليق شحنات الأسلحة لإ ...
- كيف تؤثر سيطرة إسرائيل على معبر رفح على المواطنين وسير مفاوض ...
- الشرطة الأمريكية تزيل مخيما مؤيدا لفلسطين في جامعة جورج واشن ...
- تقارير: بيرنز ونتنياهو بحثا وقف هجوم رفح مقابل إطلاق سراح ره ...
- -أسترازينيكا- تسحب لقاحها المضاد لفيروس -كوفيد - 19- من الأس ...
- قديروف يجر سيارة -تويوتا لاند كروزر- بيديه (فيديو)
- ما علاقة قوة الرضوان؟.. قناة عبرية تكشف رفض حزب الله مبادرة ...
- مصر.. مدرسة تشوه وجه طالبتها بمياه مغلية داخل الصف وزارة الت ...
- مدفيديف بعد لقائه برئيسي كوبا ولاوس.. لامكان في العالم للاست ...
- السفارة الروسية لدى لندن: الإجراءات البريطانية لن تمر دون رد ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد زكريا توفيق - تاريخ فرنسا 17 – لويس الحادي عشر