|
أَحزان الشّاب - فارتر- .. ل غوته
زكريا كردي
باحث في الفلسفة
(Zakaria Kurdi)
الحوار المتمدن-العدد: 7544 - 2023 / 3 / 8 - 17:00
المحور:
الادب والفن
تَلخِيصٌ مُقتضب لِأَهم أَفكَار اَلكُتب المشْهورة والْمؤثِّرة فِي الفكْر الإنْسانيِّ 5- أحزان الشاب "فارتر the sorrows of young werther ------------------- هيَ روايةٌ عالميةٌ مُميّزةٌ ، خُطَتْ بقلمِ الأديبِ الشاعرِ الألمانيِ المعروفِ " يوهانْ غوتهُ " Johann Wolfgang Goethe ، ونشرتْ لأولِ مرةِ عامِ 1774 . ولها أكثرُ منْ ترجمةٍ إلى اللغةِ العربيةِ . تحكي هذهِ الروايةِ البديعةِ ، الطافحةَ بالمشاعرِ الإنسانيةِ ، قصةُ فنانِ شابٍ يدعى فارترْ Werther ، ( بالألمانيةِ تنطقُ " فيرترْ " وتشرح قصةُ وقوعهِ في حبِ امرأةٍ جميلةٍ جدا ، تدعى " لووتْ " . لكنْ على الرغمِ منْ معرفتهِ بارتباطها برجلِ آخرَ ، لمْ يستطعْ " فارترْ " إلا أنْ يهيم بها ، ويُحبها حباً جمّاً ، يُشعل وجدانهُ بها شوقاً وشغفاً ، ليصبح بعدَ حينِ إنسانا يائسا ، وبشكلً متزايدٍ ، لأنَ حبهُ الكبيرَ لها ، الذي وصل إلى درجة الهوى ، يبقى بلا أيّة تجاوب أوْ شعورٍ مقابلٍ . . الروايةُ تبينَ لنا ، كيفَ كافحَ " فارترْ Werther معَ عواطفهِ الجياشةِ ، وكيفَ حاولَ جاهدا ، أنْ يجدَ العزاءُ لقلبهِ المُنكسرِ ، تارةً في أحضانِ الطبيعةِ ، وتارةً في ترانيمِ الفنِ . لكنْ للأسفِ ، رغمَ كلِ محاولاتهِ تلكَ ، فإنَ ألمهُ ويأسهُ قاداهُ في النهايةِ ، إلى طريقِ تدميرِ الذاتِ ، والوصولُ إلى قرارٍ قاسٍ ، في أنْ ينهيَ حياتهُ . تعتبر هذهِ الروايةِ منْ روائعِ الأدبِ الألمانيِ ، التي ركزتْ على تصويرِ العاطفةِ الشديدةِ والصراعاتِ النفسيةِ الفرديةِ . واستكشفتُ بعمق موضوعاتٍ إنسانيةٍ خالدةٍ ومعقدةٍ ، كـ الحبُ غيرُ المتبادلِ ، والقلقُ الوجوديُ، وسؤالَ الهويةِ في خضمِ الصراعِ، بينَ التوقعاتِ المجتمعيةِ والرغباتِ الشخصيةِ . . . ولعلَّ هذا الاستكشافِ الرهيفْ للرواية - في تقديري - كانَ السببُ الأهمُ، وراءَ منحها جوازَ العبورِ إلى الشهرةِ الكبيرة، لدى كثيرٍ منْ الثقافاتِ المختلفةِ، وازدياد شعبيتها الهائلة، في قلوبِ القراءِ ، على اختلافِ ثقافاتهمْ . إلى درجةٍ يُقال أنَّ شعبيتها العارمةَ آنذاك ، أدتْ في القرنِ الثامنِ عشر ، إلى ارتفاعِ معدلاتِ الانتحارِ بينَ الشبابِ ، ممّا دفعَ بعضُ النقادِ حينها ، إلى إلقاءِ اللومِ على المؤلفِ ، واتهامهُ بالترويجِ لسلوكِ التدميرِ الذاتيِ . . وبالفعل ، فقدُ تركِ تصويرِ الروايةِ الفريدِ والممتعِ ، للحبِ الشديدِ غيرَ المتبادلِ ، وعواقبهُ المأساويةُ ، صدى كبيراً لدى القراءِ ، الذينَ أصيبوا بخيبةِ أملِ منْ نهجِ العقلانيةِ الشديدةِ ، ونظامَ التنويرِ الصارمِ آنذاكَ . وأصبحَ بطلُ الروايةِ فارترْ Werther رمزاً ثقافياً للحركةِ الرومانسيةِ عالميا، كما ألهَمتْ شخصيتهُ عدداً لا يُحصى منَ المُبدعينَ، منْ التقليدِ والمحاكاةِ، في الأدبِ والموسيقى والفَنِ. علاوةٌ على ذلكَ ، فإنَ روايةَ " أحزانِ الشابِ " فارترْ " شكلتْ علامةً فارقةً في نمطِ الكتابةِ الأدبيةِ الذي تنتمي إليهِ ، واعتبرتْ جديرةً بالملاحظةِ أيضا بسببِ هيكلها السرديّ المبتكرِ . الذي يتألفُ منْ سلسلةٍ منْ الرسائلِ ، التي كتبها الشابُ " فارترْ " إلى صديقهِ " فيلهلمْ " ، بأسلوبِ فياضْ في خيالهِ ، ولهجةُ حميمةٌ في تعابيرها ، ودافئةٌ في تصويرِ مشاعرها ، حيث اعتمدَ فيها الشاعرُ غوتهُ على نمطٍ سرديٍ متدفقٍ ، وسلسٌ للغايةِ ، جعلها قريبةً جدا منْ عميقٍ وجدانِ القارئِ ، على اختلافِ منابتهِ . الأمرُ الذي رآهُ كثير من المتخصصين، نهجا رائدا في ذلكَ الوقتِ ، تركَ بالفعلِ أثرا لاحقاً، في تطورِ كتابةِ الروايةِ الرسائلية والسيرُ الذاتيةِ، في كلِ أنحاءِ العالمِ تقريبا . قصارى القولِ : أنَ روايةً آلام أو أحزان الشاب "فارتر" the sorrows of young werther تُعتبر واحدةً منْ أكثرِ الأعمالِ الأدبيةِ تأثيراً في عَصرها . وقد تمّتْ قراءتها ومناقشتها على نطاقٍ واسعٍ ، في جميعِ أنحاءِ أوروبا ، وكانَ لها تأثيرٌ كبيرٌ على الحركةِ الرومانسيةِ اللاحقةِ ، وكذلكَ على التاريخِ الأدبيِ والثقافةِ العالميةِ . وإلى الآنِ، يتمُ دراستها في أروقةِ الإبداعِ الإنسانيِ ، كأنموذجٍ أدبيٍ رفيعٍ ، ما زالَ يحظى بتقديرٍ كبيرٍ ، منْ قبلُ القراءُ في جميعِ أنحاءِ العالمِ .
#زكريا_كردي (هاشتاغ)
Zakaria_Kurdi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حَدِيثُ اَلدِّيمُقْرَاطِيَّةِ . . ( 2 )
-
دِينُ اَلطَّبِيعَةِ عِنْد - جَانْ جَاكْ رُوسُّو -
-
سؤالٌ أكْبر مِنْ إجابَتهِ ..
-
كتاب - هَكذَا تَكلَّم زرادشْتْ -
-
كِتَاب - تَطوُّر مَفهُوم الإله -
-
لَسنَا وحْدنَا فِي هذَا الكوْن 2
-
لسنا وحدنا في هذا الكون ..!!
-
حَدِيثُ اَلدِّيمُقْرَاطِيَّةِ .
-
رسالةٌ إفتراضية..
-
أفكارٌ حول أهمية الإنسان -جبران خليل جبران-
-
رسالة حول التسامح ..
-
لإرهاب عدو الانسانية جمعاء..
-
هلْ يوجد لدى الإنسان إرادة حرّة أمْ أنّها مُجرد وهم.؟
-
الفرق بين التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي
-
نبذة بسيطة حول فلسفة إسبينوزا
-
أفكار أولية حول مفهوم الدّينْ..
-
آراءٌ بسيطٌة غير مُلزمٍة لأحد.. (17)
-
مداخلة حول -معنى وأهمية التفلسف-
-
آراءٌ بسيطٌة غير مُلزمٍة لأحد.. (16)
-
أفكارٌ عامةٌ حول الأصولية والفكر الأصولي (2)
المزيد.....
-
تحديات المسرح العربي في زمن الذكاء الصناعي
-
بورتريه دموي لـ تشارلز الثالث يثير جدلا عاما
-
-الحرب أولها الكلام-.. اللغة السودانية في ظلامية الخطاب الشع
...
-
الجائزة الكبرى في مهرجان كان السينمائي.. ما حكايتها؟
-
-موسكو الشرقية-.. كيف أصبحت هاربن الروسية صينية؟
-
-جَنين جِنين- يفتتح فعاليات -النكبة سرديةٌ سينمائية-
-
السفارة الروسية في بكين تشهد إزاحة الستار عن تمثالي الكاتبين
...
-
الخارجية الروسية: القوات المسلحة الأوكرانية تستخدم المنشآت ا
...
-
تولى التأليف والإخراج والإنتاج والتصوير.. هل نجح زاك سنايدر
...
-
كيف تحمي أعمالك الفنية من الذكاء الاصطناعي
المزيد.....
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
المزيد.....
|