أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - هيثم بن محمد شطورو - جمالية القوة السياسية















المزيد.....

جمالية القوة السياسية


هيثم بن محمد شطورو

الحوار المتمدن-العدد: 7536 - 2023 / 2 / 28 - 20:48
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


هل من الممكن النظر إلى السياسة كمعطى فني؟
إن العلاقة التي يفرضها العمل الفني أليست علاقة حب بين المتمتع بالمشاهدة الحرة وبين مبدعه اللاعب بحرية؟ أليس العمل الفني بقدر ما يثيره من إحساس بالجمال هو بقدر ما جاهد مبدعه لخلق عمل جميل، هو في النهاية انبثاق روحي للانهائي وشاهده أو مشاهده أو متذوقه يتمتع بقدر إحساسه باللانهائي المطلق في عين العمل الفني، ومن هنا تكون علاقة الحب بما هي تحرر من النهائي الواقعي المحدود نحو الامحدود ألانهائي أي المطلق، وبالتالي ينبثق الحب بما هو حب في الله؟ علاقة حب بين المبدع في تعيينه للجمال بما هو روحي مطلق وبين من يعاين الجمال بما يغذي شوقه للحرية المطلقة. علاقة حب مضمونها الرغبة من الانعتاق من إسار سجون الواقع.
من هنا، هل من الممكن أن يكون عمق العمل السياسي الفعال في كونه يحقق تلك الرابطة من المحبة بين الفاعل السياسي والشعب، والتي من خلال تلك الرابطة تتعين مقولة التحرر في بؤرة توهج فكرة الحرية بما هي انعتاق من حالة واقعية سجنية تحكم ببؤس الروح وشبه مواتها بكمونها في ثلجية الواقع المادي البائس ومتطلباته اليومية المرهقة نحو حالة شعورية حارة حماسية مشتعلة من الهيمان في الروح المطلق بما هو حرية مطلقة وحب مطلق وحميمية تتجلى في رغبة جارفة في انصهار الأفراد من قبلهم في منهج ثوري واحد صميمي لا يقبل الالتفات يمنة ويسرى. منهج ثوري يحقق الإعتاق ولو بشكل وهمي، ولكنه الوهم الجميل الذي لا يرضى بأي تشكيك في أحقية وجوده وشروط وجوده في حركة تغذي باستمرار انتفاضها ورفضها للماضي بما هو واقع حاصل محدد ومحدود والاتجاه باندفاع صاروخي في النفس نحو الامحدود والروح تـتـثاقـل فيه خطى الواقع بالضرورة، ولكن تتموقع مقولة الصبر الجماعي لأجل المستقبل الأفضل الذي نسير إليه برؤوسنا أكثر من دبيب خطوات أرجلنا، وهنا تتبدى مقولة الوهم كحلم وشعب بزعيمه ينحت الصخر يوما فيوما لأجل تحقيق الفكرة التي لازالت في الرؤوس وما النصر إلا صبر ساعة وهكذا يندفع الوجود البشري نحو التقدم التاريخي نحو الأرقى روحيا وواقعيا خالقا تاريخا جديدا..
وبالتالي أليست جمالية السياسة تتمثل في كونها تعبير فني عن جمالية الثورة، وبالتالي فخطوط هذه السياسة تحاول محاكاة خطوط أوراق الشجر وليس رسم الخطوط المستقيمة الدقيقة على الورق، و محاكاة أجنحة العصافير وسيقان المرأة الجميلة. تلك المحاكاة الجمالية التي يحكم عليها أغلب السياسيين التقنويون المحترفون للسياسة كحرفة أو كصنعة يحذقـونها بالتجربة الأليمة ولكنهم في النهاية ليسوا مبدعين وإنما مجرد تقنيين مقلدين يصنعون وفق النماذج الموجودة سلفا، ولذلك هم بقدر ما يتموقعون خارج اللحظة الثورية الشعبية برغم حذق البعض نظريا لنماذج الثورة ولكنهم غير خلاقين ولا يمكن أن يكونوا مجددين والثورة ولادة جديدة وتجديد للحياة، فلا علاقة لهم بالثورة إلا كضلال باهتة سرعان ما يتبين خفوتها وهزالها وابتذالها وتصنعها لأنهم حرفيون. هؤلاء لا يفهمون معنى الجمالية في السياسة بما هي إبداع فيصفونها بالجهالة السياسية وبلحظة العماء الكلي للشعب والشعبوية، لأنهم حذقوا السياسة من التنظير العلموي وليس من الانصهار الفعلي مع الشعب وروحية الشعب ولحظته الثورية التاريخية بما هي فكرة تلح أن تتموقع لأحقيتها التاريخية..
من هنا، فالجمالية في السياسة بما هي قائمة على روح تحررية من الواقع نحو الفكرة المطلقة التي تحرر الواقع. هي خروج من الواقع تعبيره السياسي في الثورة وتدمير الواقع القديم والغرق في التأمل والتذوق الممتع للأثر الفني وسياسيا هو الغرق في اليوطوبيا، ومن ثم العودة إلى الواقع بنظرة جديدة مفعمة بالجمالية والخيرية والحق وسياسيا العودة الواقع لتغييره وفق اليوطوبيا المطلقة وواقعيا تكون عملية التجسيد للتصور الجديد وفق الإمكانات والإرادة السياسية والروحية العامة التي تحاول تشكيل الواقع وفق فكرتها التاريخية الجديدة..لكن يبقى الفارق بين الحضور الفني البحت في كونه لذوي اغتباطي داخلي من شأنه يفعل في الواقع جزئيا وبهمس مع بقية العوامل، بينما في السياسة فالحضور الجمالي مفعم بانفعالات الغضب والاحتقان والتي لا يمكن للشعب أن يتداوى من أمراضه ومكبوتاته السامة إلا بفسح المجال لتصريف انفعالات الغضب والاحتقان لكي يتسنى له التجاوز لمرحلة عقلانية حضارية جديدة.. وهكذا فالتاريخ الواقعي لا يسير على الدروب المعبدة المكتظة بعلامات الإرشاد شأن ما يبتغيه تقنيو السياسة الجاهلين بكيف يُصنع التاريخ.. فالجمالية السياسية بقدر ما هي قائمة على روح تحررية من الواقع نحو الفكرة المطلقة بقدر ما هي علاقة حب تولد الطاقة لإمكانية تغيير الواقع. من خلال هذه الزاوية نفهم القولة الشهيرة للزعيم النقابي والوطني الكبير فرحات حشاد " أحبك يا شعب"، والذي بفضل اغتياله من سلطات الاستعمار الفرنسي لتونس ترسخ فعل السياسة الشعبية الوطنية كروحية لامتناهية تحقق علاقة حب بين الزعيم والشعب وتخلق رابطة الحب عند الشعب بعضه ببعض فتتولد طاقة بناء وطن جديد. فالثورة حب وجماليتها في كونها حب، ولأجل ذلك فالثوار بقدر ملائكيتهم في اليوطوبيا التي يحملونها وفي حبهم الكبير للرفاق والشعب بقدر توحشهم وقسوتهم تجاه الخونة من الرفاق او الشعب، لأن الخيانة جرمها الكبير أنها تنتهك روحية الحب وخطرها الكبير في تبديد نسمات الحب العليلة فتـتـفرق الجماعة ويضيع حلم التغيير للواقع وتتبدد الطاقة لأجل تجسيد الفكرة الجميلة الحاقة الخيرة، ولأجل ذلك تكون القسوة في قتل الخونة أكبر عمل رحيم بالجماعة المؤمنة الصابرة المتحابة..
من هنا نفهم "أحبك يا شعب"، ونفهم ملائكية تشي غيفارا ووحشيته مع الخونة، ونتلمس مكنون جمالية السياسي.. إنها جمالية القوة التي تتلخص في قوة الشعب بالزعيم وقوة الزعيم بالشعب. هي القوة القائمة على الإيمان الحي الواقعي المتبادل والتي يتم التعبير عنها بالثقة المتبادلة الناتجة عن عاطفة الحب المتبادل. "أحبك يا شعب"، والشعب يحبه ويحب نفسه بحبه باعتبار الزعيم تجسيد حي لفكرة الشعب، فيكون شعبا بما أن الشعب هو في النهاية رابطة روحية والتي بدونها يكون قبائل متناحرة وفئات متناحرة وطبقات متـناحرة، وجمالية السياسي إذن في خلق واقع حب الشعب لنفسه بإزالة عوامل تفرقته طبقيا وثقافيا وعرقيا، وجمالية السياسي تتجسد في الواقع بخلق واقع جميل، واقع الحب والحق والخير.
ومن هنا فالجمالي لا يكون مجرد تمتع ذوقي للنفس وارتفاع عن المباشرتية نحو التعالي روحيا داخليا في النفس فقط، بل هو الشرط الجوهري بما هو الطاقة المتولدة لأجل الولادة الجديدة. فالعمل الفني الحقيقي يحقق المتعة ويحقق ذاك الارتقاء الروحي ويحقق في نفس الوقت تغييرا في الرؤيا وبالتالي تغييرا في العمل الواقعي نحو الجمالية بما هي خير وحق نظرا لارتباط الحقيقة والخير والجمال بمثل ما أوضحه العظيم افلاطون. لا حضارة بلا فن راقي.
والتمتع أو المتعة هي ليست مجرد لعب واشتهاء بل هي الإحساس ذو الدلالة الكونية للطاقة المتولدة منه للحياة، فلا حياة بدون متعة واستمتاع فهي وهج النور المنبثق وهي البهجة المتألقة للاندفاع الحر، وهي بما أنها تعبير عن تذوق الجمالي والجمالي بما هو خير وحق، فجمالية السياسي تكون متعته في القوة التي هي وهجه الحار المندفع ومن هنا طاقـته لتغيـير الواقع، وبذلك يكون الإرتـقاء من المباشرتية نحو التعالي إلى الأفق الأعلى الأرحب هو التعبير الجماعي عن التحرر والحرية، فتكون جمالية السياسي هي جمالية القوة المتجسدة في الزعيم..



#هيثم_بن_محمد_شطورو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا خُـلق الإنـسـان في القرآن؟
- الإنسان المتحول صرصارا
- في الثورة الإيرانية
- مشروع دسترة الثورة التونسية
- في تهنئة رئيس الجمهورية - قيس سعيد- بعيد الفطر
- في تأصيل فكرة الإشتراكية
- أي اشتراكية نريد؟
- الشمس
- البوط
- الصورة
- الفراشة
- آه يا عراق
- الإنهيار
- -يوم النفير- الغنوشي في تونس
- جانب من حقيقة الوضع السياسي الحالي في تونس
- ما وراء صخب الديمقراطوية في تونس اليوم
- إنتصار الرئيس قيس سعيد
- هل هو إنقلاب على الديمقراطية في تونس؟
- ساكن القبر 5
- ساكن القبر 4


المزيد.....




- نقل الغنائم العسكرية الغربية إلى موسكو لإظهارها أثناء المعرض ...
- أمنستي: إسرائيل تنتهك القانون الدولي
- الضفة الغربية.. مزيد من القتل والاقتحام
- غالانت يتحدث عن نجاحات -مثيرة- للجيش الإسرائيلي في مواجهة حز ...
- -حزب الله- يعلن تنفيذ 5 عمليات نوعية ضد الجيش الإسرائيلي
- قطاع غزة.. مئات الجثث تحت الأنقاض
- ألاسكا.. طيار يبلغ عن حريق على متن طائرة كانت تحمل وقودا قب ...
- حزب الله: قصفنا مواقع بالمنطقة الحدودية
- إعلام كرواتي: يجب على أوكرانيا أن تستعد للأسوأ
- سوريا.. مرسوم بإحداث وزارة إعلام جديدة


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - هيثم بن محمد شطورو - جمالية القوة السياسية