رسالة مفتوحة - أومبرتو إيكو 1/2

نورالدين علاك الاسفي

الحوار المتمدن-العدد: 7533 - 2023 / 2 / 25 - 18:53
المحور: سيرة ذاتية
    

رسالة مفتوحة - أومبرتو إيكو 1/2
أومبرتو إيكو
Umberto Eco
ترجمة: نورالدين علاك الأسفي. [1]
[email protected]

حفيدي العزيز، رسالة عيد الميلاد هذه؛ لا أريدها أن تبدو حكيمة للغاية؛ تشبه أسلوب دي أميسيس/ [2]De Amicis، و تمحض النصح لأمثلانا من البشر، للوطن، وللعالم و أشياء أخرى. ما كنت لتحفل بها، وعندما يحين الوقت لوضعها موضع التنفيذ (أنت الشاب، وأنا المسن جدا) فإن نظام القيم سوف يكون قد تغير إلى حد؛ نصيحتي ربما ستبدو قد عفا عليها الزمن.
لذا أود التريث عند توصية واحدة؛ بمقدورك الآن العمل بها، ففي ذات اللحظة التي تتصفح فيها جهازك اللوحي: لن أرتكب خطأ منعك من الخيار الأخير، ليس بدافع خوف جد بات مهذارا، و لكن لأنني أنا أيضا أستخدمه.
على الأكثر، بإمكاني نصحك بشيء واحد: إذا صادفت مئات المواقع الإباحية التي تعرض الجنس بين البالغين، قبل كل شيء، لا تعتقد أن الجنس قد اختصر في هذه الأفعال الرتيبة جدا. هذه المشاهد تم تصميمها فقط لتظل في المنزل ولا تقابل فتيات حقيقيات. أعتقد أنك من جنسين مختلفين، وإلا فستكيف توصياتي مع حالتك. نصيحة: شاهد الفتيات في المدرسة، في الحديقة، و أينما تواجدت، لأن الفتيات الحقيقيات أفضل من كل اللواتي نشاهدهن على التلفزيون، و ذات يوم، سيمنحنك مزيدا من الرضا بدل نساء " الإنترنت". ثق بواحد لديه خبرة أكثر منك، لو كنت مارست الجنس فقط من خلال جهاز الكمبيوتر، لم يكن والدك ليولد أبدا، ولا أنت كذلك.
ومع ذلك، فليس في هذا أردت محادثك، ولكن على المرض الذي طال جيلك؛ و الناس الأكبر منك بقليل حتى، و أولئك الذين سبق و أن ارتادوا الجامعة. أنا أتحدث عن فقدان الذاكرة.
صحيح أنك إذا رغبت في معرفة من هو شارلمان/ Charlemagne أو أين تقع كوالالمبور/ Kuala Lumpur، ما عليك إلا النقر فقط على الزر و الإنترنت ستمنحك على الفور الإجابة. افعل ذلك عندما يكون مفيدا، بالطبع، ولكن حاول أن تتذكر بعد ذلك ما قرأته، حتى لا تضطر إلى البحث عنه مرة أخرى في نطاق واجب مدرسي على سبيل المثال. و الواقع، فمن خلال التفكير في أن جهاز الكمبيوتر الخاص بك يمكنه تزويدك بالمعلومات في أي حين فإنك تخاطر بفقدان الرغبة في حفظ المعلومات، وهذا ليس جيدا. كما لو كنا نعلم أن للانتقال من شارع إلى آخر، هناك الحافلة أو مترو الأنفاق - وهو أمر عملي للغاية إذا كنت في عجلة من أمرك - فتبدأ التفكير في أنك لست مضطرا للمشي على الإطلاق. ومع ذلك، إذا كنت لا تمشي كفاية، فإنك تغدو شخصا يعاني من ضعف في الحركة، مثل أولئك الذين يتعين عليهم اعتماد كرسي متحرك. أنا أعلم أنك تمارس الرياضة و تعرف كيف تحرك جسمك، لكن دعنا نعود إلى عقلك.
الذاكرة عضلة كالأخريات، إذا لم تشغلها، فإنها تصاب بالضمور وتصبح غبية. وبما أننا جميعا معرضون لخطر الإصابة بمرض الزهايمر عندما يتقدم بنا العمر، فإن إحدى الطرق لتجنب هذا الحادث غير السار هي تمرين ذاكرتنا باستمرار .
لذا؛ هاك وصفتي السحرية: كل صباح تعلم عن ظهر قلب قصيدة قصيرة، مثل ما أجبرنا على فعله في الطفولة. يمكنك تنظيم مسابقة مع أصدقائك لمعرفة من لديه أفضل ذاكرة. إذا كنت لا تحب الشعر، يمكنك أن تعرف تشكيلات فرق كرة القدم، ولكن ليس فقط لاعبي فريق روما اليوم، ولكن تلك الخاصة بالأندية الأخرى أيضا ؛ بما في ذلك فرق الفرق السابقة (تخيل فقط أنني أعرف أسماء جميع لاعبي فريق تورينو الذين تحطمت بهم الطائرة في سوبرجا / Superga: باسيغالوبو/ Bacigalupo، بالارين/ Ballarin، ماروسو Maroso، إلخ.). قم بإجراء مسابقات للذاكرة مع أصدقائك حول الكتب التي قرأتها: هل يتذكر أصدقاؤك من هم خدم الفرسان الثلاثة / Les Trois Mousquetaires و ارتاجنان/ Artagnan (غريمو/ Grimaud، بازين/ Bazin، موسكيتون /Mousqueton و بلانشيت/ Planchet)..؟ وإذا كنت لا ترغب في قراءة رواية الفرسان الثلاثة (حتى لو كنت لا تعرف ما الذي تخسره)، فاختلق لعبة أخرى مماثلة مع قصص أخرى قرأتها.
إنه لأمر ممتع للغاية؛ وسترى كيف سيمتلئ رأسك بالشخصيات والقصص والذكريات من جميع الأصناف. قد تتساءل لماذا كانت أجهزة الكمبيوتر تسمى "العقول الإلكترونية". لأن تصميمها تم على غرار أدمغتنا. إلا أن دماغنا لديه ارتباطات أكثر بكثير من أجهزتنا الإلكترونية . هذا لأنها كانت مصممة على نموذج من الدماغ. عدا أن دماغنا لديه اتصالات أكثر بكثير من أجهزتنا الإلكترونية.
-------------------
[1] في البال: المقالة مناط الترجمة رهن بالإحاطة علما؛ لا بقصد تبني فحواها جملة أو تفصيلا. المترجم.
[2] إدموندو دي أميسيس/Edmondo De Amicis، المولود في أونيليا في 21 أكتوبر 1846 وتوفي في بورديغيرا في 11 مارس 1908، كان كاتبا وصحفيا ومعلما إيطاليا. اشتهر بأنه مؤلف كتاب القلب (Cuore في النسخة الأصلية)، وهو كتاب للأطفال تم تقديمه كمذكرات لطالب إيطالي شاب.

#نورالدين_علاك_الاسفي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل