أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلبير الأشقر - بين الرعونة الروسية والعجرفة الأمريكية














المزيد.....

بين الرعونة الروسية والعجرفة الأمريكية


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 7530 - 2023 / 2 / 22 - 16:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يوجد في الأساس وصفان متضاربان لسلسلة الأحداث التي أدّت إلى الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير/ شباط 2022. أحد الوصفين ـ وهو الرواية الموالية لروسيا ـ يصف هذا الغزو كردّ فعل من طرف موسكو على ثلاثة عقود من الزحف الغربي بقيادة الولايات المتحدة داخل مجال الهيمنة الروسية السابق، وذلك في سياق المساعي التي تبذلها الولايات المتحدة لتوطيد هيمنة عالمية أحادية القطب. وقد رأت روسيا في الجولتين الرئيسيتين لتوسيع حلف الناتو شرقا إجراءات معادية واستفزازية، خاصة وأن روسيا نفسها لم تُدعَ أبدا للانضمام إلى الحلف الذي كان سبب وجوده الأصلي مواجهتها بعد الحرب العالمية الثانية. فقد تمّ تكريس بولندا والمجر والجمهورية التشيكية دولا أعضاء في الناتو في عام 1999 على خلفية أول حرب قادتها الولايات المتحدة بعد نهاية الحرب الباردة متجاوزة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ومنتهكة بذلك القانون الدولي، ألا وهي حرب كوسوفو.
ثم في عام 2004، جرى دمج ست دول أخرى في الناتو من تلك التي كانت روسيا تسيطر عليها سابقا (إلى جانب دولة سابعة كانت بالأصل جزءا من يوغوسلافيا). بل وشملت دول البلطيق الثلاث، وهي من جمهوريات الاتحاد السوفييتي الدفين. أما الخلفية هذه المرة، فكانت غزو العراق بقيادة الولايات المتحدة، الذي كان قد بدأ في العام السابق متجاوزا مجلس الأمن الدولي مرة أخرى في انتهاك جديد للقانون الدولي. هذا وكان جورج دبليو بوش قد ألغى في العام السابق، ومن طرف واحد، معاهدة الصواريخ المضادة للباليستية بما أثار استياء موسكو الشديد. لذا، عندما أصرّ الرئيس الأمريكي على ضمّ جورجيا وأوكرانيا إلى الناتو في قمة الحلف المنعقدة في بوخارست في عام 2008، شعر فلاديمير بوتين في حاجة إلى التحرك قبل أن تجد روسيا نفسها متاخِمة لدول منتمية إلى الناتو المعادي لها على خط حدودي بالغ الطول. وكانت النتيجة ما حصل في جورجيا في عام 2008 وفي أوكرانيا في عام 2014. ثم أمر بوتين بغزو أوكرانيا في محاولة (فاشلة) لتحقيق «تغيير النظام» فيها مثلما سعت وراءه الولايات المتحدة في العراق وأخفقت.
أما الوصف المعاكس ـ وهو رواية أنصار الناتو ـ فهو يصوّر الغزو الروسي لأوكرانيا على أنه وليد أوهام العظمة لدى بوتين وطموحه لإعادة تشكيل المجال الإمبراطوري لروسيا القيصرية والاتحاد السوفييتي. والحال أن بوتين، منذ أن أصبح رئيسا لروسيا في مطلع القرن، زاد تدريجيا من تركيز السلطة بين يديه وأصبح أكثر فأكثر سلطوية. وقد تسارعت هذه العملية إثر عودته إلى الرئاسة في عام 2012، بعد فترة انتقالية جرى خلالها استبداله رسميا في هذا المنصب بدميتري ميدفيديف، مع استمراره في إدارة الأمور من مقعد رئيس الوزراء. وإذ واجه معارضة كبيرة لعودته إلى الرئاسة، شعر بوتين أنه مهدّد بحدوث «ثورة ملوّنة» ضد حكمه بحفز من الغرب.


فغزا شبه جزيرة القرم وضمّها من أجل تعزيز شعبيته، مدركا أن هذا الضمّ سوف يحظى بتأييد شعبي واسع في روسيا. وقد أدّى نجاحه في هذا المسعى والاعتدال النسبي لرد الفعل الغربي، فضلا عن تأثير عزلته الذاتية التي طال أمدها خوفا من الإصابة بكوفيد-19، أدّت هذه الأمور إلى توخّيه دغدغة جديدة للمشاعر القومية الروسية من خلال إخضاع أوكرانيا برمّتها. فحاول تحقيق ذلك بغزوها، وفشل فشلا ذريعا بسبب مقاومة الأوكرانيين التي فاقت كل التوقعات.
أي من هاتين الروايتين صحيح؟ الجواب الموضوعي عن هذا السؤال هو: كلاهما. كلاهما صحيح ولا تناقض بينهما بتاتا، بل تكامل تام. ويرجع الأمر إلى أن سلوك واشنطن بعد انتهاء الحرب الباردة وفّر أقوى تحريض على نمو النزعة الانتقامية الروسية التي جاء فلاديمير بوتين إلى الحكم يجسّدها. والحال أنه هو نفسه نتاج مباشر لما سمّي «العلاج بالصدمة» أي السياسة الاقتصادية الكارثية التي رعتها الولايات المتحدة في روسيا في تسعينيات القرن المنصرم، ولا بدّ من أن يبقى في البال أن تعيينه رئيسا لروسيا تمّ بقرار من الرجل ذاته الذي دعمته واشنطن في تقويضه للديمقراطية في موسكو في عام 1993، ألا وهو بوريس يلتسين.
أين يتركنا الإقرار بالمجموعتين السابقتين من الحقائق فيما يتعلق بالحرب الجارية؟ لا شك في أن المسؤولية الرئيسية في المأساة الحالية تقع على عاتق روسيا: فقد كان غزوها لأوكرانيا بلا سبب مباشر ومتعمّدا بشكل علني. وحتى لو افترضنا أن بوتين كان يعتقد أن قسما كبيرا من الأوكرانيين سيرحّب بما أصرّ على تسميته «العملية الخاصة» كان عليه أن يلغيها ويسحب قواته حالما اتضح أنه كان مخطئا، بدلا من الغرق في مستنقع دموي وحرب مدمّرة في شرق أوكرانيا. لذا ينبغي أن تسحب روسيا كافة قواتها إلى حيث كانت قبل 24 فبراير/ شباط 2022. أما بالنسبة لشبه جزيرة القرم وتلك الأجزاء من شرق أوكرانيا التي كانت تسيطر عليها منذ عام 2014 القوات المناهضة لكييف والمدعومة من موسكو، فيجب تسوية وضعها بالوسائل السلمية والديمقراطية، أي من خلال استفتاءات لتقرير المصير تنظّمها هيئة مفوضة من الأمم المتحدة، مع نشر قوات دولية في الأراضي المتنازع عليها.
أما واشنطن فلا بدّ من أن تكف عن تأجيج النار في العلاقات الدولية بسلوكها المتغطرس والمتسلّط. بل عليها أن تكون أول دولة تلتزم بميثاق الأمم المتحدة ـ وهو مجموعة القواعد التي تمّت صياغتها في عام 1945 على أراضيها، في مدينة سان فرانسيسكو تحديدا، وتحت إشرافها. فلا يستطيع العالم أن يتحمل حربا عالمية جديدة من أجل إعادة الالتزام بهذه القواعد. ولا بدّ من إنهاء الحرب الباردة الجديدة، التي أطلقتها واشنطن بعد مرور أقل من عقد على نهاية الحرب الباردة الأولى، قبل أن تؤدي إلى فناء البشرية.



#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاشتراكية والاستعمار والاستشراق
- أطلال مصر ازدادت في عهد السيسي
- سوريا والكارثة المستمرّة
- الصهيونية والفاشية ومستقبل فلسطين
- تحية إجلال ثانية لرئيسة وزراء نيوزيلندا السابقة
- العراق ولعبة إلهاء الجماهير
- سنة جديدة في منطقة على كفّ عفريت!
- حان لذلك «الغضب الساطع» أن يصل!
- حكومة نتنياهو الجديدة وحقيقة الصهيونية
- تونس: «الشعب لا يريد تأييد النظام!»
- عندما يُرفع الرأس بكرة القدم…
- السودان: الطغمة العسكرية تتعلّق بخشبة خلاص
- «هبّات عا مدّ النظر»…
- في التفجيرات والمؤامرات والمناورات
- الفاشية الصهيونية وزملاؤها العرب
- مصر: تغيير المناخ السياسي أولاً!
- إيران ومعضلة إسقاط الأنظمة الاستبدادية
- السودان: الطغمة العسكرية سنة بعد الانقلاب
- من الأشبال إلى الأسود: نحو انتفاضة فلسطينية جديدة
- ما مغزى القرار النفطي السعودي؟


المزيد.....




- مصر.. حركة من السيسي وعباس كامل في القمة العربية تثير تفاعلا ...
- تفاعل على تقدّم محمد بن سلمان والسيسي للقادة العرب بالممر ال ...
- -ربما يستعد لوظيفة جديدة-.. ضابط استخبارات أمريكي يسخر من حف ...
- قراء -لوفيغارو- يقدرون عاليا التزام روسيا والصين بحل الأزمة ...
- الجزائر.. تحرك جديد من القضاء في قضية الرجل العائد من الموت ...
- الكشف عن موعد إطلاق سيارة كروس روسية جديدة
- -خطوة نحو العيش إلى الأبد-.. علماء صينيون ينجحون في إعادة دم ...
- الجيش الروسي يستخدم روبوتات -العقرب- لتدمير مخابئ القوات الأ ...
- خبيرة تغذية توضح لماذا لا يمكن تجنب تناول السكر بشكل كامل
- الخارجية الصينية: بكين ستواصل الترويج للحل السياسي للأزمة ال ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلبير الأشقر - بين الرعونة الروسية والعجرفة الأمريكية